احصائيات المدونة

cenima world

السبت، 30 يونيو 2012

Failan - 2001


عندما تُنتهك الانسانية فلا معنى من وجود البشرية ...!

الايمان تلك الكلمة والمعنى الحقيقي لوجوديتها في قاموس البشرية وألى أي مدى يمكن لهذا المفهوم ان يطلق العنان للعديد من الايدلوجيات الانسانية والفكرية لدى المجتمع البشري ’’؟ 


لو نظرنا بصورة عميقة الى العديد من المصطلحات التي تحيط بنا فسنجدها تعود الى ماهية الايمان لدينا فأن حياتنا تدور حولها وقدرتنا على التعامل معها والتفاعل مع معانيها ,, المخرج الجنوبي (هاي سينغ سونغ ) حاول في عملة (فيلان) ان يقدم لنا كمشاهدين تجربة مليئة بتأثير العاطفي والميلودرامية التي ترثى لحال  البشرية مع انعدام انسانيتها وقدم تلك الحالة بالعديد من المشاهد والطرق التي أدت فيها نهاية الى اندثار وموت البشرية مع استنزاف معاني الانسانية فيها ,,
هاي سينغ سونغ قد فلمه بقالب الدراما الرومانسية بشكل جد متميز وبنص فريد من نوعه بِتَطرقة لقصة فتاه صينية تهاجر الى كوريا طلباً للعمل ولكنها تفاجىء برحيل اقرباءها وهنا تضطر الى الزواج بأحد الرجال الكوريين بقصد الحصول على الجنسية الكورية وهنا يختار مخرج العمل ان يطرح فلمه من خلال استخدام الفلاش باك وعبر طرحة لقصة زوج الفتاه رجل عصابات فاشل لاوجود لشيء هام في حياته ويعتاش على أرهاب سكان المنطقة ,, المثير حقاً انه طيلة فترات العمل تشعر بذالك الحنين والشغف من قبل فيلان لزوجها جاي كانغ مع انها لم تلتقي به ابداً , تلك الحاله الفريدة من نوعها يضعنَ أمامها مخرج العمل لينثر فكرة الشوق لوجودية انسان اخر في عالمك نعم تلك اجمل مفاهيم العشق والحب الانساني فبوجودية جاي كانغ كانت تعطي لزوجة فيلان الامل بالحياه دون ان يعلم بذالك والشيء البارز تلك الحلقة التي تربط كل منهما بِ الاخر والتي قدمت بطابع هادىء رتيب جذاب يصبغ حالة من الهيام والوله لتلك الاقصوصة الرومانسية بين فيلان وزوجها ..
المخرج هاي سونغ ركز في معظم مشاهد العمل على اظهار مجموعة من المقتطفات التي تظهر مدى السوداوية البشرية وانعدام الانسانية لديها وبرزت تلك المفاهيم من خلال كافة الشخصيات بالعمل والتي أدت الى تلك الحالة من الرثاء للأفراد في العمل والعجز عن اي اتصال بين الشخصيات فكنُت تشهد ان  الاتصال الوحيد في العلاقات في العمل كانت من خلال المصلحة الشخصية المادية ولاغير والتي تجعل المشاهد يعيش حالة من القشعريرة اثناء المتابعة لأحداث العمل ,,


العمل يحمل كوكبة من المشاهد التي تستحق الذكر ولكني أجد ان الخاتمة كانت الاكثر جمالية وأبهاراً على الصعيدين التقني والفني فداعب هاي سونغ الألوان وقام بِأزالتها في النهاية والتي تحولت الى اللونين الابيض والاسود والتي تبيح بفكرة ان البشر دون معالم انسانية يصبح عالمهم دون لون وبتالي يلقي بفكرة انعدام البشرية دون معاني الانسانية وأستكمل تلك الفكرة من خلال نثر رماد جسد فيلان على الارض ليظهر المعنى من العمل وهو ان البشرية مجرد رماد محترق لاتستحق العيش دون تلك الاخلاقيات والافكار والاحاسيس والمشاعر الانسانية التي تحملها ,,
عمل جميل ومؤثر ويحمل باقة من المشاهد التي تستحق المتابعة , ناهيك عن تلك العلاقة الفريدة من النوع التي قدمت بشكل يثير سلسلة من المشاعر الانسانية لدى المشاهدين ..
4/5
عبدالرحمن الخوالدة .

الجمعة، 29 يونيو 2012

Le trou - 1960


عندما تتمكن بشكل ما من مواكبة جزء لابأس فية من الخوض في غمار تجربة سينمائية لحقبة أو موجة سينمائية والولوج الى التنقل بين ما أنجزه صناعها فَتلك مُتعة لامثيل لها وتشكل لديك كَهاوي سينمائي خبرة لابأس فيها في العثور على خطوط عريضة ترتسم حول تلك الفترة الزمنية او الموجة الفنية السينمائية ,, ولعل السينما الفرنسية والتطرق لها وخصيصاً لما يسمى الموجة الفرنسية الجديدة كانت أحد أكثر اهتماماتي في الفترة السابقة وأجزم ان ألابحار في تلك الموجة جعل عندي رغبة شخصية في البحث في السينما الكلاسيكية الفرنسية عامة والغوص في محيطها وليس مجرد موجة قُدمت في تلك الفتره ,,


في الحقيقة أود ان أرتكز في حديثي على مجموعة من النقاط التي أستطعت ان اصل اليها بعد بحثي ومشاهدتي المستمرة لتلك النوعية السينمائية ومنها محاولة الصناعة الفرنسية السينمائية من خلال مجموعة من صناعها العظماء التطرق الى مايسمى فن المؤامرة وتغليف أعمالهم برمزياته والبحث عن السرد المثير الذي يجعل المشاهد ينسجم طيلة فترات العمل ومزج تلك اللغة ِبوابل من الأفكار الهامة ان كانت ذو منحنيات فكرية أو ثقافيه اوحتى أنسانية والتي تصل في بعض ألاحيان الى تلميحات سياسية بحته , أسنطيع الجزم من تجربتي البسيطة حول كوكبة من الصناع الفرنسيين الهاممين والذي أستطاعو أن يوفرو لصنف الاثارة والجريمة حزمة لابأس فيها من الافكار والأساليب السردية المثيرة والتي تلون من خلالها عدة من صناع السينما الفرنسيين منهم جان لوك غوادر , جان بيري ميليف , لويس مالي , كلود شاربول , روبرت بريسون , اّلان رينية ,  فرانسو ترافو ..  وغيرهم , كانت تجربتي الاخيرة مع اسم جديد بنسبه لي وهو المخرج (جاكيه بيكر) والذي كانت تجربتي مع فلمه (الحفرة) بمنتهى ألامتيازية والجمال , جاكية بيكر خاض عمله وأسس نصه بشكل يجعل المشاهد شريك في كافة الاحداث التي تم سردها في العمل , فيَحسب لبيكر قدرته على جعلنا شاهدين على أصغر التفاصيل الحدثية لتلك المجموعة من السجناء لمحاولتهم حفر حُفرة في أحد السجون والفرار والحصول على حريتهم , جاكيه بيكر وكأنهم حاول ان ينقلنا لنا عن كثب تلك الحالة من الأولفة والتعاون والوحدة بين اولائك السجناء وتغليف علاقتهم بشكل مثير وجميل وهنا عند دخول سجين جديد الى زنزانتهم واضطرارهم مشاركته خطة الهرب ومااتبعها من احداث كانت توفر جزء كبير من الاثاره المنقطعة النظير والمتعة الا محدودة .
الشيء الهام والذي تبادر في ذهني اثناء المشاهدة هو تركيز بيكر على العلاقة بين السجناء الخمسة وتشاطرهم كافة الاشياء وكنت تشعر في لحظة ما انهم عائلة تعيش في منزلها وتحاول ان تتأقلم مع صعوبة العيش فيه ومن منطلق اخر كنت تشعر ان الوافد الجديد لزنزانة مع اندماجة السريع مع المجموعة الا انه هناك شعور اننا امام شخص يعيش غربته لوحده والتي تطغى عليها مخاوفة ومصالحة الشخصية والتي تلعب دورها في كسر تلك الأولفة بين المجموعة , ايضاً بيكر حاول ان يُقدم مجموعة من المشاهد التصويرية الجذابة والتي تلاعب فيها بزوايا الصور والمشاهد الجانبية والتي كان لها اثر مميز في اضفاء شيء من الجمالية على اللغة التقنية للعمل .


الحقيقة ارى ان ماقدم بالحفرة وبعيداً عن تلك الوجبة المثيرة من المؤامره وفن الجريمة ومحاولة هرب السجناء كانت وصفة ذات معالم ابتعد فيها بيكر الى صياغة تتعدى جدران السجن الى مفاهيم تبرز قدرتنا على كسر الأغلال التي تكبل فيها يدينا السلطات الحاكمة وكانت فيها الحفرة عباره عن فكرة وحلم وأيمان مجموعة من الشبان حاولو ان يتقاسمو مجد نيل الحرية التي لطالما انتظُرها وهنا تظهر الفئة المتخاذله التي يملؤها الشك والخوف والتي تؤدي بنهاية الى خذل تلك المجهودات والتضحيات التي قدمت من أجل الحرية , شيء مثير ماأستحضرة بيكر من خلال عمله هذا والجدية في جعل المشاهد شريك في حفر تلك الحفرة وكأن جاكية يراهن على اثارة تلك النزعة من المشاهدين في كل حفنة من التراب التي كانت يخرجها أولائك السجناء من الحفرة والتي كانت تعبر عن نافذه الى ألامل وكسر تلك الحواجز التي تحتجز ارواحنا وافكارنا واجسادنا بين اسوارها ,,
الحفرة عمل يستحق ان يكون من ضمن اهم الكلاسيكيات الفرنسية على الاطلاق وتبرز تلك الاهمية لقدرة العمل على حمل سيل من الافكار الانسانية والسياسية بين طياته في قالب من الاثارة والفن الجرمي بشكل مبهر ومتميز بحق ..

عبدالرحمن الخوالدة ..

الاثنين، 18 يونيو 2012

Last Year at Marienbad 1961 - الحياه عبارة عن لعبة لاتستطيع الفوز بها على الدوام ..

 
الحياه عبارة عن لعبة لاتستطيع الفوز بها على الدوام ..


كما لو أن الارض ما زالت من رمل وحصى, او كتلة من الصخر ...
والتي خطيت فوقها مرة اخرى..
عبر الممرات والصالونات ومعارض . . .
نمط بناء هذا القصر الحزين من عصر آخر
هذا القصرِ الضخم والفاخر . . .
الغرف الصامتة حيث الخطوات المكتومة
بالسجاد الثقيل جدا ، والسميك جداً . . .
لدرجة يختفي معها اصوات الخطوات ..
كما لو ان صاحب الاذنان الذي يتقدم نحو الامام ...
عبر الممرات العريضة وصولا إلى الصالون المهجور .. ..
المغطى باكسسوارت من عصور اخرى ..
الغرف الصامتة حيث الخطوات المكتومة
بالسجاد الثقيل جداً ، والسميك جداً . . .
حيث لا يمكن سماع صوت الخطوات
قطع الحجارة الواحا فوق بعضها, حيث تقدمت مرة اخرى
عبر الممرات.... ....
الصالونات ، المعارض . . .
نمط بناء هذا القصر الحزين يعود إلى عصور سابقة
هذا القصر الضخم والفاخر . . .
حيث ممراتها بلا نهاية تتبع ممراتها بعضها بعضا
الصمت, الهجران .... .....
المسكونة بالبرودة والزخارف الثقيلة
ألواح زينة متصلبة ، جصّ
حلي معمارية ، رخام . . .
المرايا السوداء،
الصور الغامضة، الأعمدة . . .
. . . البوابات ذوات الزخارف المنحوتة ،
المعارض الفنية ..
الممرات العريضة المؤدية نحو الصالون المهجور
المزينة بأكسسوارات من ازمنة اخرى
الغرف الصامتة حيث الخطوات المكتومة
بالسجاد الثقيل جداً، والسميك جداً . . .
حيث لا تسمع اصوات الاقدام
حيث لا يستطيع احد سماعها من بعد
بعيدا عن هذا الديكور
وبعيداً عن هذا النسيج الصوفي السميك تحت تلك الزوايا
بفروعه وأكاليله . . .
كأوراق الشجر الميتة . . .
كما لو الان الأرض ما زالت رملا وحصى او كتلا حجرية
عليها تقدمت مرة اخرى...
لألقاك ...
بين الالواح الجدارية الثمينة ...
الجصّ , والحلي المعمارية ، واللوحات . . .
وبراويز اللوحات الثمينة, تقدمت ..
حتى وجدت نفسي ..
انتظرك ..
بعيدا جدا عن ذلك المكان اقف الآن ..
أمامك , انتظر مجددا ..
ذلك الذي لن ياتي ابدا ..
ذلك الذي فرقنا ..
ابعدك عني ..

(الفيلم رشح لجائزة أفضل نص اوسكاري وحصد أسد فنيسيا الذهبي .. )

اّلان رينية أحد رواد السينما الفرنسية ويعد من مؤسسي الموجة الفرنسية الجديدة والذي قدم مجموعة من الأعمال الهامة والبارزة منها ( هيروشيما محبوبتي , الحب حتى الموت , ميلو , موريل , الحياة على سرير من الزهور ) وغيرها من الروائع التي جعلت اّلان رينية كواحد من أهم صناع السينما الفرنسية والعالمية إلى يومنا هذا ,, تجربتي مع رينية تقتصر على الرائعة الإنسانية الرومانسية الشعرية (هيروشيما محبوبتي ) التي استطاع فيها اّلان رينية ان يجعلني مفتوناً بتلك الصبغة المليئة بالغزلية والحوارات العظيمة والشاعرية الأخاذة ..

أستطيع القول إنني وبعد مشاهدتي لهيرةشيما محبوبتي وتقديري الشديد لماقدمه اّلان في تلك اللوحة كنت أعجز عن التفكير أنني سَألقى عملاً يدغدغ أفكاري ومشاعري بذات القيمة من عمله هذا ,, ولكني من فترة قصيرة وجدت نفسي مذهولاً وفي حالة هستيرية لم أشهد لها من قبل في أثناء مشاهداتي لعمله (العام الماضي في مارينباد ) الذي استطاع من خلاله رينية أن يكتسح كافة التوقعات وأساليب الطرح التي شهدتُها سابقاً , فالعمل كان عبارة عن حالة خاصة جداً ومُربكة للمشاهد ودقيقة الصنعة التقنية وتجعل من السينما توصف بالأدبية اكثر من الفنية , اّلان رينية وبمشاركة من الكاتب اّلان روبي غريليت جسدا حالة سينمائية مذهلة بحق تمزج كلاً من الموجة الجديدة الفرنسية والسينما السيريالية بِ القالب الرومنسي الشاعري , العام الماضي في مارينباد من الأعمال التي لو أحببت أن ترتكز على النص الحدثي لها ستجد القصة قد استهلكت في العديد من الأعمال السابقة لهذا العمل وهو يسرد قصة علاقة بين رجل (Giorgio Albertazz) وامرأة متزوجة (Delphine Seyrig) يتفقان على الالتقاء بعد عام ليقررا أن يرحلا معاً ,, اّلان رينيه تفوق في هذا العمل على المحتوى النصي للفيلم وركز على عدة أسس جعلت من فلمه هذا ظاهرة ثورية بعالم السينما بحق ,,


العام الماضي في مارينباد كان عبارة عن واحدة من الإعجاز التقني المبهر الخلاب فداعب رينية كافة زوايا وممرات وغرف الفندق الواقع في إحدى المدن الألمانية بشكل يجعل المشاهد يشعر بقشعريرة تمزجها شعور بالافتتان بالمناظر المعمارية والفنية والزخرفات الأخاذة، وكأن رينية في افتتاحية العمل يجسد شخوصه نفسها من الخارج فكنت تلحظ أن السيدة المتزوجة A كانت تظهر في كافة المشاهد بأبهى حلة وكذلك زوجها وعشيقها السيد X , والمثير تعمد مخرج العمل عدم إطلاق أي تسميات على شخوصة الرئيسية فاكتفى بإلقاء المشاهد في منتصف معركة ميلودرامية شديدة التعقيد بين ثالوث درامي يقوده العاشق من جهة والمرأة المتزوجة وزوجها من جهة أخرى.. اّلان رينية بالتأكيد لم يجسد المؤامرة بقالبها الاعتيادي المعروف لنا سابقاً وهذا ما يجعل المشاهد يسير نحو مسرب واحد لأحداث العمل , فكُنت أُرهق بين تلك المشاهد التي جعلتني عاجزاً عن تفهم أبسط جزيئات العمل وترتيب معالمه في مخيلتي بل إنني كنت في صراع ذهني من جراء الاحترافية العالية في تقديم النص من قبل اّلان رينية وضياع أي سبيل لإيجاد ممر واضح في العمل فتقلب الاستعراض في أحداث العمل مابين الماضي والذي كان يسرده الرجل العاشق X ليقنع المرأة A انه قد قابلها في العام الماضي في ذات الفندق وقررا أن يرحلا بعد مرور عام ويطالبها أن تفي بعهدها وهنا ترى المرأة A تنكر أية معرفة بهذا الرجل بل تنكر كافة الأحداث التي يرويها لنا الرجل X بدقة متناهية والتي تطرح أمامك بشكل يجعلك تعجز عن التقدير هل العلاقة بين هذا الرجل والمرأة كانت حقيقة ملموسة وتنكرها المرأة المتزوجة أم إن هذا الرجل يدعي ويكذب حول تلك العلاقة , وهنا تبدأ شبكة من المشاهد التي تحبس المشاهد في عقدها بين عالم من الحلم داخل حلم لتعجز عن إدراك ماهية الحقيقة وأي تلك المشاهد المذكورة من قبل X و A أيها الصادق فكنت تشهد نفس المشهد لعدة مرات من عدة زوايا ولعدة رؤى وصور ومن تلك المشاهد مشهد التقاء الزوجة برجل X في فراش الزوج M فلكل منهم رواية وصورة ولعلي أجد أن الأهمية في تلك المشاهد تطرح فلسفة تلون المشاعر لدى الشخوص الثلاث ففي ذات المشهد الذي يتكرر مراراً كنت تشهد العديد من المفارقات في ذات الشخصية ( الرغبه والخوف , العاطفة والبرود , البراءة والمكر ),, وذلك بحد ذاته يحسب لرينيه ويجعلني أستذكر ما قدمه انغمار بيرغمان في رائعته (بيرسونا) وعدم قدرة المشاهد التعرف على الشكل الحقيقي لنفوس شخوصه ,, رينية لم يتوقف إلى هنا بل عصف في لغة المؤامرة وجعل الصراع كلعبة بين الزوج والعشيق في الخيال والواقع فكنت تشهد أن الصراع قائم لإِيحاءات أيهما سيستطيع الاحتفاظ بسيدة A والتلميح بذلك من خلال لعبة من سحب أوراق اللعب التي كانت في كافة مشاهد الفيلم تنتهي بفوز الزوج فيها مع ذلك الإصرار من العشيق باستمرار اللعب ومحاولة كافة الطرق والسبل لكشف سر اللعبة ,, رينية وعلى ما أعتقد حاول بلوغ ثورة الأحداث في النصف الأخير فتحولت العلاقة بين المرأة A والرجل X من علاقة نكران إلى علاقة يحدها الخوف والانجذاب ومحاولة التهرب بعد خروج العديد من الملابسات التي وضحت جزءاً من تلك العلاقة التي حدثت بين الرجل والمرأة في العام الماضي في ذات الفندق ,, والعلاقة بين الزوج والعاشق معركة ذكاء ودهاء لفوز أحدهما على الآخر ..!
الاّن رينية حاول بقدر الامكان أن يجهد المشاهد من خلال الانبهار في اللغة التصويرية العظيمة للعمل وانتقاء الزوايا والمواقع ذات الشكل البديع ومزج تلك اللوحة الصورية بسيل من الحوارات المكتوبة بشكل رائع للغاية وجعل المشاهد يخوض تجربة من الإثارة والولوج في رمزيات العمل لمحاولة إدراك القراءة الصحيحة لمجريات الأحداث بين شخوصة الثلاث ,, ..
(من منطلق شخصي استوحيت مايلي) : لو ارتكزنا ان اّلان قد اخفى تسمية شخوصه واستعاض عنها برجل وامرأة كونية فإنه حاول أن يجعل العمل يَتسم بالعمومية أكثر من خصوصية شخوصه في العمل فلو افترضنا إن العلاقة بين أي رجل وامرأة ذات تعقيد، وتحدها عوالم عديدة منها الرغبات الشخصية والعواطف والمسؤوليات والمخاوف من المستقبل والاستعاضة عن دهاليز النفس بتلك الممرات في ذلك الفندق وجعل الأماكن والزوايا تمثل الذكريات للنفس البشرية، والزوج يمثل نوعاً من المسؤوليات والواقع، والعاشق يُمثل الحلم ومخاوف النفس من ضياعها في الرغبات والعواطف لانطلقنا ان العمل هو عبارة عن فلسفة من البحث في النفس البشرية والتوغل في مفارقاتها وتلك الصورة تجعل من العمل عبارة عن كوكبة من الأحلام المتداخلة ضمن مفارقات النفس البشرية بين عواطفها ومسؤلياتها .. (من منطلق المصداقية فإن الجزء الاخير مستوحى مني بالكامل ويكاد أن يكون رأياً شخصياً بحتاً .. )
أود أن أصل إلى خاتمة العمل التي أوحت بأن تلك المرأة رضخت لِألحاح ذلك الرجل والرحيل معه ولكن لو قمنا بترتيب الاحداث لوجدنا أن هناك إيحاءات بأن المشهد كان أيضاً جزءاً من حلم الزوج أو ذكرياته أو تخيلاته لما حدث لزوجته التي غادرت دون سابق انذار , فلو افترضنا أن العمل مجرد تخيلات الزوج عن ماهية معالم رحيل الزوجة فمن هذا المنطلق لسرت العديد من التناقضات لشخصية المرأة A , فالزوج حاول في حلمه الذاتي أن يدفع الزوجة لعدم الرضوخ لرغباتهَ ومشاعرهَ الكامنة ومن منطلق آخر يمكننا أن ننجر إلى تحليل الأحداث من منطلق أن يكون حلم الزوجة أو العاشق والتي تجعله يربح اللعبة في النهاية ويحصل على الزوجة ,, بالتأكيد كل تلك الآراء مجرد تحليلات شخصية مستوحاة من مخيلتي والأمر الذي أدركه أن اّلان جعل من المشاهد مرآة لشخوص عمله والذي يرى كل منهم العمل برؤيته الخاصة ..
العام الماضي في مارينباد : عبارة عن رائعة جدلية فلسفية جعلت من الميلودرامية الشاعرية وفن المؤامرة عملاً أدبياً يجعل المشاهد شريكاً في تركيب صورة وإيجاد اللغة المستوحاه منه , وبالتأكيد يحسب لرينيه استخدامه للغة التصويرية الخلابة والموسيقى الممتازة واستخدام الفوضوية في الأحداث بقالب أسطوري لم أعهد له مثيلاً , وأخيراً جعل المكان والزمان والأشخاص عبارة عن وحدة واحدة تسير في نفس الاتجاه نحو الغوص في الذات الانسانية ومخاوفها , وتجميد شخصيات العمل في عدة مشاهد لتفعيل انه العام الماضي في مارينبياد هو فعلاً حلم داخل كوكبة من الأحلام والذكريات والتي تجعل الشخوص التي تحيط بالزوجة والزوج والعشيق مجرد ديكورات في مخيلة الحالم في الفندق ..

الجمعة، 15 يونيو 2012

Ali Fear Eats the Soul 1974



 لطالما أستحثني البحث عن الغوص في الفلسفية التي تستحضرها العلاقة بين الافراد وخصوصاً الحالة التي تكمن في قدرتهم على الاتصال مع الاخرين وتشكيل تلك العلاقة تحت العديد من المفاهيم ومنها مفهوم (الحب) وشخصياً تستحضرني كلمة واحدة لوصف الحب بشكل الكامل وهيا (الحاجة) . صدقاً أجد ان الحب هو أحد الحاجات الفطرية الانسانية الأساسية والتي تجعلنا نتقرب من الاخرين لعلنا نجد فيهم تلك الجزيئة من النقص والفراغ الذي نأمل ان تملئه علاقاتنا بالاخرين ,,
المخرج الالماني راينير فيرنير فاسبيندر أحد اهم المخرجين الالمان الذي يجعلون من السينما حالة مرهقة للمشاهد ومربكة في بعض الاحيان فلمخرج فاسبيندر دوماً ماتجد ان تركيزة على التغلغل في ذات شخصياته وعكس مدى السخرية التي تلوح بأفقهم ومدى الغباء الشديد الذي يَكمن في عقليتهم والذي بِ ألاساس يعكس مدى جهالة وسخافة المجتمع ككل , فاسبيندر يراهن في فلمه ( الخوف يأكل الروح) على جعل المشاهد يضيع في رحاب تلك التجربة الفريدة من نوعها , فلو أخذنا القصة من عدة وجهات لخرجنا بالعديد من التأويل حول ماارد ان يطرحه مخرج العمل من خلال فلمه هذا وهو أمر يحسب للمخرج راينير فاسبيندر ...
فاسبيندر يطرح في فلمه قصة حول أمراه في الخمسينات من عمرها تعيش وحيدة وتعمل كعاملة تنظيف تربطها علاقة حب وزواج بشاب مغربي يكاد ان يكون في نصف عمرها وهنا تبدأ حالة المقاطعة لتلك السيدة من قبل ابناءها وزميلاتها وحتى جيرانها وجميع افراد المجتمع الذين يقابلوهم ,, لعلى الامر المثير ان مخرج العمل فاسبيندر جعلنا نشعر بكم كبير من السخرية الفجه المقتية ومدى سوء الفهم والتفهم والغباء الذي تعاثة شخوص عمله التي كانت تعبر بشكل او اخر عن السادية البشرية والعنصرية الجلفة والمقت للأخرين دون أي سبب تستطيع ان تستشفه في التسلسل الحدثي , والامر المثير انك تلحظ تلك الصومعة التي تغلف علاقة تلك السيدة بِـ علي الشاب المغربي ,, الشيء المبهر حقاً ان فاسبيندر راهن على خلق تلك الحالة من البرود والواقعية حتى من خلال ديكورات واثاث المنازل والشوارع وستشعر انك تتعايش في منطقة رثه يملئه الخمول العاطفي وعدم وجودية الاتصال الحقيقي بين افراد المجتمع بل هيا مجرد حالات من الاتصال المادي والمصلحي ولاغير ..


من خلال مشاهداتي السابقة لمخرج العمل اجد انه دوماً ماترتكز سينماه على نوع من السخرية على المجتمع الالماني ومدى الجهل والحنق والانعزالية التي يغدق نفسه بها قبل الوباء النازي وبعده والامر كان ظاهر للعيان في الرائعه (زواج ماريا بروان ) والتي حاول فاسبيندر ان يجعل علاقة حب بين ماريا وزوجها شرارة لثورة في تغيير تلك المراه وأنسلاخها عن ذاتها واجد انه في الخوف يأكل الروح هو ثوره على المجتمع الالماني ومدى العقم الذي ينتهك حرماته والتي ستجدي تلك الفكرة من خلال محاولة تلك الافراد اشباع حاجاته من خلال الاخرين فلو توغلنا في شخصية علي من هذا المنطلق لوجدناه حاول ان يشبع رغباته بي الانتماء الى بني قومه والخوف والعزلة من خلال اقامة علاقة جنسية مع صديقته القديمة ولوجودنا الزوجة أيمي وجدت في علي الشاب وجوديتهَ في الحياه وبصيص لنور انه تحيا لشخص اخر والامر ذاته ستجده في معظم شخوص العمل ,, الامر الاخير الذي أود استحضاره هنا هو ان مجريات الاحداث والتي تؤدي جعل المشاهد يرى ان علاقة أيمي وعلي فاشلة وتسير نحو طريق مسدود كما يراه مجتمعها سارت في صوب اخر والذي يصب في الفكرة التي تجعل من العاطفة احد اكثر الفلسفيات التي يحتاجها بني البشر لربطهم في عالمهم ووجوديتهم في الحياة ...

عبدالرحمن الخوالدة

الخميس، 14 يونيو 2012

Wings of Desire 1987


Longing. Longing for a wave of love that would stir in me. That's what makes me clumsy
.... The absence of pleasure. Desire for love. Desire to love
(الاشتياق... الاشتياق
أحتاج فقط أن أصبح جاهزة .. .شوقٌ لموجة حب , هذا الشعور سيحرك ما بداخلي ..
ذلك ما سيجعلني غير رشيقة ,, انعدام الرغبة ... الرغبة بالحب ,,, الرغبة بالحب.. )
الشوق , الحب , الرغبة , الإنسانية , الحياة , الموت , الخلود , والجنوح ..!
لطالما استنزفت تلك الكلمات الحبر من مخيلتي وجعلتني خاوياً مثل خرقة تتطاير دون هُدى لاتعلم إلى أين تسيرها الرياح العاتية بتلك الافكار التي تتهاطل زخاتها على أفق عقلي جاعلة تلك المفاهيم تدق باب مجهولية اللامنطق في عالم البشر ..!


ماريون تتأرجح على أرجوحتها ذهاباً وإياباً ولاتستطيع أن تكسر الدائرة الكئيبة التي تجعلها ترى نفسها من طير حر أو ملاك إلى دجاجة خائفة من المستقبل الذي ينتظرها بعد إغلاق السيرك لأبوابه وعودتها إلى الحياة التي تمقتها وتوقف الشعور الوحيد الذي ترغب به وهو الطيران في الهواء كاسِرة حدود واقعها ووحدتها الذاتية والغربة التي تجعلها تغوص في ظلمة نفسها والعيش من جديد ضمن أسوار واقعها ..
في هذا المشهد الذي ارتسم في التحفة الالمانية ( أجنحة الرغبة ) للمخرج فيم فيندرز وجدت نفسي أستلقي في غياهب تفكيري , أضيع في عوالم ماريون وعبثية أفكارها الداخلية ومخاوفها من مستقبلها الكئيب فمثلت الأرجوحة والطيران في الهواء الرغبة الكامنة في ماريون لعيش حلمها وكسر واقعها والأطر التي تحدد نفسها وشخصيتها , وحين تقوم بالنزول إلى الأرض تجد أن تُطَطىء رأسها لواقعها الذي أرجعها إلى الأرض، فترى تلك الفتاة التي أخفقت في الاتصال مع ذاتها إلا عند الانطلاق على أرجوحتها مخترقة لعوالمها وضاربة بتعاستها , ولكن تلك اللحظات القصيرة في عالم ماريون ذهبت الى الأبد مع إعلان أن السيرك سيغلق أبوابه وأن ماريون ستعود إلى رتم حياتها. تلك الحياة التي تجعل منها مُجردة الشعور في الشوق إلى الرغبة التي تملأ روحها ..


المخرج الالماني فيم فيندرز جعلنا شاهدين على سيل من الانجراف الإنساني نحو عواطفه وسامية انسانيته وبحثه المستمر عن الشعور بوجوديته من خلال الاخر، فجسدت تلك الوجودية شخصية الملاك داميل (برونو غانز) الذي وجد في ماريون مرآة لوجوديته في الحياة وقدرتها على الاتصال معه دون أن تراه. ففي أحد المشاهد التي اختطفها فيندرز من مشاهديه ذلك المشهد في الكبينة التي تسكن ماريون فيها عندما تبدأ في مخاطبة نفسها وكأنها تخاطب الملاك داميل دون أن تشاهده فتشهد تلك الحرارة من السقوط والصعود في عالم نفس ماريون فكأنك تشهد أن الرغبة لدى ماريون بالاتصال مع الاخرين كأرجوحتها في الهواء وعالمها الخاص وأن انعدام تلك القدرة على الاتصال تكمن فور نزولها إلى واقعها كفتاة وحيدة إلى الأرض..
السينما شكل من أشكال الاستعراض للفكرة التي صيغ من خلالها العمل فلو واكبت على التغلغل في شخصية ماريون ستجدها تمثل من جهة الرغبة الانسانية بالعيش والشوق لمبادلة الآخرين العواطف والحب والاشتياق لتلك الصفات أما من منطلق آخر تجد أن شخصية الملاك داميان والذي كما شاهدنا من التسلسل الحدثي أنه عاش لمئات السنين وهو يحاط بالبشر ليقرأ أفكارهم، والغاية التي تكمن في أنفسهم والرغبة التي تحركهم.. داميان عندما التقى في أحد المشاهد بأحد الملائكة الاخرين كان جم رغباته أن يدخن سيجارة وأن يشرب فنجاناً من القهوة، وتلك الصفة التي وضعنا من خلالها فيم فيندرز تؤدي إلى الثورة الإنسانية والرغبة في تذوق ولو جزء بسيط من معالم الحياة, وإذا عدنا إلى مشهد الكبينة فنشهد ماريون تجلس أمام مرآتها يحدها الخوف والقلق والجمود والحزن على ضياع أرجوحتها التي تشكل حبل صلة مع عالمها الخيالي والطيران وجموح نفسها ..


لعل الكثيرين وصفوا أجنحة الرغبة (سماء برلين ) بالفيلم الذي وحد الشعب الألماني لما قد أثاره هذه العمل في فتره نزوله من ضجة عارمة في نفوس الشعب الالماني في فترة هدم سور برلين. وكنت تشعر أن فيندرز كان قد شبه الشعب الالماني من شرقه وغربه وانعدام اتصاله باتصال ملاك خالد ببشرية فانية. ويؤدي الحب والمشاعر والحاجة للآخر ولوجوديته إلى تخلي ذلك الملاك عن خلوده وكسر الحاجز الذي يحجزه عن ماريون من أجل الاتصال والتوصل معها في النهاية ,, وهذا يصدح بفكرة سامية حول الاتصال بين الشعب الألماني بجزئيه الشرقي والغربي من خلال هدم الحائط العازل بينهما ..
لعلي لن أركز على تلك الثيمة الهامة القابعة في العمل وقد أحببت أن أشير لها حتى أستطيع أن اشرح للقراء مدى الأهمية التي استطاع أن يصبغها العمل للشعب الالماني خاصة , ولكني أجد أن فيندرز بذكاء شديد حاول أن يرغم كافة المشاهدين على التأرجح مع الأفكار السامية التي تذوب في أسرودة العمل والتي تجعله عملاً يقوض الاتصال بين كافة البشر وهدم تلك الأسوار التي تجعلنا في غربة نعيشها بشكل منفرد مع شخوصنا ,, فيندرز استطاع أن يستخدم كماً هائلاً من الحوارات ذات الصبغة ألاخاذة والتي تأخذك إلى عالم مليء بالافكار الهامة. واستطاع أن يستخدم اللغة التصويرية بشكل عظيم، فكنت تشهد تلك المشاهد المصبوغة باللونين الأبيض والأسود والتي قدمت بشكل مبهر للغاية لوصف تلك الحالة التي يشهد من خلالها الملاك داميان الحياة دون الألوان والتي تستنتج من خلالها ما أراد ان يصفه فيندرز والذي يوحي بأن الإنسانية إن كانت صفة دون مشاعر وعواطف تربطها وتصل بينها فستكون دون لون أو طعم أو رغبة للعيش والاستمرار على هذه الارض ..


(سيعمل الزمان على حل كل شيء , ولكن ماذا لوكان الزمان هو العلة ) ..
فيم فيندرز والذي قدم قبل فلمه هذا رائعته الاخرى باريس تكساس والتي وصفت البرود الذي يعصف بالاتصال البشري بِصحرائه القاحلة والصمت الإنساني يعود هنا ليضرب على نفس الوتر محاولاً أن يُشعر المشاهد بتلك الأزمة التي يعتاشها الأفراد في مجتمعهم. فحاول بقدر الإمكان أن ينقل لنا مجموعة من المشاهد العلوية لبرلين لترمز للدمار الذي خلفته الحرب النازية والغوص في روح وتفكير سلسلة من الأفراد والضياع والانكسار الذي يطغى عليهم، ومحاولته الولوج الى استنطاق العقل والمشاعر البشرية نحو أولئك الأفراد والبحث عن السلام الفعلي لهم بعد الحرب التي نهشت كل مايمتلكون ,, فيندرز عندما جعل من شخصية ماريون تمثل العديد من الاتجاهات فهي تمثل الرغبة البشرية في العيش، وتبادلها المشاعر مع الآخرين، ومثل فيها شخصية الملاك عودة الروح والسلام بعد سنون من الحرب والدمار والعجز في الاتصال وإني لأجد أن المشهد الحواري (سيعمل الزمان على حل كل شيء , ولكن ماذا لوكان الزمان هو العلة ) .. يقصد به أن البشر قادرون برغبتهم بالعيش والاتصال بالآخرين على أن يجدوا تلك الروح والسلام والبراءة التي افتقدوها يوماً ..
أخيراً لعلي لم أدخل بشكل تسلسلي في أحداث العمل لأني شخصياً أجد أن الحالة التي يسردها "أجنحة الرغبة" تمثل الحلم البشري السامي بالقدرة على تبادل العواطف والاتصال مع الاخرين من خلال الحب وصهر اللون الأبيض والأسود أمام الألوان. والتي تظهر في النهاية بشكل مشرق ويدل على التفائل بالإنسانية وقدرتها على الاتصال من جديد ...
تم عمل ريميك هوليودي للعمل بعام 1997 باسم (ملاك المدينة ) وللأسف تحول العمل من واحدة من اللوحات الإنسانية العاطفية إلى فيلم بصبغة للتأثير على المشاهدين عاطفياً ...

تورنت

ترجمة

السبت، 2 يونيو 2012

Blow-Up 1966


إذا كان لدي هدف فهو الهروب من الحرفية أو الموضوعية
وردت هذه الجملة في محضر حديث المخرج البولندي الراحل كريستوف كيسلوفيسكي عن سينماه ,, ولكن حديثه هذا ,, بدا لي فيه من سينما المخرج الايطالي مايكل انجلو انتونيوني الكثير ,, وخصوصا عند الحديث عن فلمه هذا الذي منحه السعفة عام 66 ,, العام الذي كان بمثابة تكليل نجاح وراء نجاح للايطالي المبدع والذي أفضى عن ما سمي حينها ( بفلم النقاد ) أو افضل فلم لعام 66 .. ما جعل هذه الجملة ,, افتتاحية مراجعة عن فلم انتونيوني هذا ,, هي لعبة الوهم التي اخترقها انتونيوني والتي اعطت في ختام الفلم ,, قوة الواقع ,, وقوة موضوعيته ,, رغم ان نقطة انطلاقتها كانت الوهم ,, ونقطة تأثيرها الوهم ,, وطريقة طرحها واسلوبها اعتمد على الايحاء ,
تحرير : فراس محمد
.
الرجل اراد ان يصنع فلمه هذا بقوانينه الخاصة ,, دون أن يكسر أو يهمش ما ساد حينها ,, أو ما يُعتبر اليوم كلاسيكيا ,, وهي الحالة التي يتلقى بها الجمهور الفلم ,, بالطريقة التي يتقبل فيها الجمهور هذه القوانين ,, كان انتونيوني يهمس في صوامعه صوتا آخر ,, يروي حكاية اخرى ,, فأعطى للفلم لون الواقع ,, وكساه بلغة الوهم ,, مع كثير من المشاهد التي تبدو خارج نطاق الفلم أو غير متفرعة عنه ,, هناك مجموعة من الحمقى أو المجانين ,, يهرعون جيئة وذهابا في شوارع لندن ,, يتقبلهم الناس دون استغراب وكأنهم جزء من هذه المدينة ,, وجزء من ما تحمله من التناقضات التي سيبرزها انتونيوني في ما يتبع من مشاهد ولقطات ,, هناك سيارة فارهة ,, وبها جهاز راديو أو باعث اشارة ,, يتصل بها شاب وسيم ( اصبح فيما بعد ثيمة وجزء من الثقافة الشعبية – شبيه بالحالة التي صنعها الفيس بريسلي في اميريكا او جون لينين في انكلترا ) ,, هناك مروحة خشبية عملاقة اثرية اشتراها هذا الشاب كديكور في قاعة التصوير ,, هناك ألبوم للصور يبرز كل فترة ,, يظهر به لقطات لم تعهدها مدينة لندن ,, في ازقتها ,, في شوارعها الخلفية ,, وكأنهم عمال مناجم ,, وكأنهم اسرى حرب ,, لماذا هم في البوم صور هذا الرجل ,, ولماذا هو ابدى هذا الاهتمام بهم
هذا ما يرينا اياه انتونيوني ,, ولكن في مكان آخر ,, يروي حكاية اخرى ,, حكاية الرجل الذي اكتشف جريمة قتل ,, في أحدى المنتزهات ,, جريمة غامضة التفاصيل ,, تفاصيلها كما تبدو غير مكتملة ,, كادت ان تمنح الفلم عنوان ( فلم اثارة أو فلم جريمة ) ,, ولكن في كل زاوية من زوايا هذه الحكاية ,, هناك حكاية اخرى ,, انتونيوني يحرض مشاهديه ,, يدفعهم لتحقيق هذه الرواية ,, للبحث عنها كما بحث هذا المصور عن الجريمة المخفية في زوايا النيكاتيف ,, في زوايا الصور الخضراء ذات المساحات العريضة ,, ذات المساحات الفارغة ,, .
انتونيوني يعود ليؤكد كرهه ,, للحرفية ,, السينما بالنسبة له ليست حرفة ,, هناك شيء ما يُظهر ندم انتونيوني او حسرته على الطريقة التي تتطور فيها الفنون ,, تتطور فيها المجتمعات ,, هناك شوارع خلفية تحوي اسرى حرب ,, تحوي عمال مناجم ,, اضطر ذلك المصور للتخفي كي يجدها ,, كي يعيشها ,, اضطر لدفع رشوة لاحد الحراس كي يدخل لها ,, ولكنه في خارج هذا المكان ,, يستقل سيارته الفارهة ,, والتي يجوب بها ارجاء لندن الساحرة ,, بمبانيها الحمراء والزرقاء ,, بكل ذلك الاختلاف عن ذلك المكان البائس المخفي في مجاهل لندن ,, انتونيوني صنع تلك النوعية من الافلام التي يحللها النقاد مشهدا بمشهد ,, كالمواطن كين وراشمون وأوردت .. ألوان الأبنية ,, طريقة تثبيت الكاميرا على حافة السيارة السوداء ,, التي اظهرت ذلك الجانب المتلألأ من ابنية لندن ,, ومن خلفها المقصد ,, هناك شيء ما في تلك المدينة ,, اشبه ما يكون بمنديل حرير يغطي الشوك ,, هناك في لندن ( تلك المدينة الكونية ) ,, تسير الامور باتجاه غير عادل ,, نرى ذلك المصور المحترف ,, يدخل الاستديو الخاص به ,, ويتقابل بتلك الحسناء ( الموديل ) ,, التي انتظرته لساعات كي يأخذ لها بضعة صور ,, هذا المصور المحترف الذي يمثل ذلك الاتجاه الذي يتجه به تطور المدينة ,, التي تظهر ما لا تكمن ,, تظهر ما لا تحوي ,, هناك جمال ,, جمال غير عادي ,, جمال في مظهر المدينة اثناء قيادة المصور المحترف لسيارته الغالية الثمن  ,, هناك جمال غير عادي في مظهر تلك الفتيات اللواتي يتوسلن العمل كموديل ,, هناك جمال غير عادي في تلك الحسناء التي انتظرت المصور لساعات كي يأخذ لها بعض الصور ,, هذا الجمال المزيف ,, جمال للبيع ,, للعرض لا أكثر ,, فتلك الابنية الحمراء ,, تعطي وراءها ازقة مكتظة بعمال مناجم واسرى حرب ,, تلك الحسناوات ,, لا يملكن أكثر من جمالهن لابرازه ,, هذا المصور ليس إلا تاجر جمال ,, تاجر سلعة ,, محترف ,, وهذا ما يمقته انتونيوني ,,
تبدأ جلسة التصوير ,, ليبدأ انتونيوني في صياغة فكرته عن الاحتراف في هذه المهنة التي تظهر مدى التناقض التي تعيشه هذه المدينة ,, ويأخذنا انتونيوني في هذا المشهد لابعد ما يمكن تصوره ,, وهو ان يُظهر جلسة التصور اشبه ما تكون بعملية ممارسة جنسية ,, بدت فيها العارضة اشبه بدمية ,, أو بعجينة ,, بين يدي هذا المصور الذي يحرضها لاظهار ابرز مافي مفاتنها من جمال ,, كي يتمكن من تجميده على ورق ,, في صورته لهذه الموديل ,, ولكن في الليل ,,سنرى تلك الموديل ,, بتلك الحقيقة التي تحاول لندن بكل ألوانها أن تخفيه ,, ( حياة الليل ) التي تمكنت لندن من بيعه ,, من استغلال مافيه من جمال ,, لبيعه ,, ,,  لذلك المصور الذي لا يتوانى عن توجيه كافة اشكال الاهانة لعارضاته كي يتمكن من التقاط صور لهن ,, وهذا ما اعطاه مطلق الصلاحية لأن يفعل بهن ما يرغب ,, يطردهن ,, يصرخ في وجوههم ,, يمارس معهن العاب التعري ,, فلندن الجديدة ,, لندن الملونة ,, تحتاج لتضحيات جديدة ,, شيء اشبه ما يكون بشرعنة الدعارة ( بتلوينها ) ,, وهذا ما حاول انتونيوني ان يقوله حينما قام المصور بطرد الفتاتان ولكنهما بقيتا ملتصقتين به مستجديتان ,, هذا ما جعله يستلقي بعد جلسة التصوير متعبا وكأنه وصل لنشوته مع تلك الموديل ,,, هذه هي لندن الجديدة ,, وهؤلاء هم وجوهها اليوم ,, تلك هي طموحات شاباتها ,, تلك هي المهن التي تمنح الشاب القدرة على ممارسة الدعارة بشرعية تامة  ولكن بتسميات اخرى وبسلع اخرى وبضاعة اخرى , وهذا ما جعل تحفة اثرية كتلك التي اشتراها من أحد محال التحف والإغراض التي تحمل قيمة تاريخية ,, تتحول من شيء ذو قيمة أثرية هامة إلى مجرد ديكور في الصور التي تبرز الجمال ,, هذا ما اراد انتونيوني ان يوضحه من كل ما نراه في هذا الفلم ,, وهي التغير الذي يطرأ على قيمة الأشياء مع هذا التغير الحاصل ,, ما القيمة التي يمثلها ذلك المصور المحترف بالمقارنة مع عمال المناجم ,, ما القيمة التي كانت عليها تلك المروحة الخشبية في مخزن التحف وكيف صارت في استديو التصوير ,,  فلتلك المروحة حكاية اخرى ,,
.
.
انتونيوني يروي الكثير من وجهات نظره دون ان ندري ,, أو دون ان يكون لها ( نظريا ) تلك القيمة في الفلم ,, ولكنها تبدو مع النظر للفلم كقطعة واحدة أو ككيان واحد ,, تبدو وكأنها فرع يرفد النهر الأساسي ,, فأذا انتبهتم ,, فأن المصور يدخل لمحل التحف مرتين ,, مرة قبل ان يذهب للحديقة للتصوير ,, ومرة حينما عاد منها ,, في المرة الأولى وجدنا عجوزا جلفا قاسي الملامح والطباع ,, لم يكترث بزبونه وبدا أنه لا يملك الرغبة لبيعه من الأساس ,, بدا عليه الغضب ,, وبدت عليه رغبات التخلص من زبونه هذا ,, ولكن في المرة الثانية التي اتى بها استقبلته أمرأة شابة بدت وكأنها تريد بيع أي شيء وبأي ثمن ,, وهذا ما حصل ,, هناك جيلان ,, مر عليهما هذا الزبون ,, وهناك نوعية معاملة مختلفة حصل عليها المصور جراء عملية المساومة على شراء القطعة ,, وهذا ما يؤكد وجهة نظر انتونيوني فيما يسمى بعرفه ( قيمة الأشياء ,, وطريقة تقديرها )
وهذا ما سيتكرس في اواخر الجزء الأول من الفلم ,, في مشهد المنعطف ,, المشهد الذي يدخل فيه هذا المصور إلى أحد المقاهي ويُبرز ألبوم صوره لأحد معارفه ويقول له ,, ما رايك ,, يجاوبه أنها رائعة ,, نلقي بنظرة على تلك الصور فإذا بها صور عمال المنجم ,, بكل ما تحمله من بؤس وخراب وضياع وتشرد ,, ولكنه يقول في ختام حواره ,, جملة برأيي أنها ( تحمل الفلم على عاتقها ) ,,, وهي ( هذه الصور ستكون لألبومي ,, ولكني سأختمها بصورة هادئة وثابتة ,, اريد نهاية الالبوم أن تكون هادئة ,, بينما بقية الصور فأريدها عنيفة ,, ولكن عن أي صورة هادئة يتحدث ,, أنها لتلك الصورة التي التقطها في أحدى المنتزهات المسالمة ,, الهادئة الخضراء الواسعة التي تحمل من الجمال الكثير ( لدرجة تشك انها تخفي من وراء هذا الجمال شيئا ) ,,
يعود المصور لأستديو الخاص به فتتبعه صاحبة الصور وبدا الحاحها على استعادة فلم التصوير غير بريئا ,, وهذا ما أثار فضول المصور فسايرها ليصل لنقطة التقاء ,, وفي مشهد يعتبر واحدا من اجمل مشاهد الفلم نرى كم هي عظيمة هوامش الحرية التي صنعها هذا المجتمع ( لجزء ) من سكانه ,, ربما للوسماء فقط ,, أو للأغنياء فقط ,, فالمصور في هذا المشهد نتعرف على جزء كبير من شخصيته , هذا الرجل الذي يعيش حالة طيران ,, حالة انعدام وزن ,, يعيشها من خلال مهنته التي بدا مخلصا لها بجد وموهوبا بها فعلا ,, فاستملكته ,, تلك المهنة التي يلف انتونيوني حولها طيلة احداث الفلم ,, بدت وكأنها سيطرت على هذا الشاب ,, فبدا اسيرها ,, وهذه فكرة اخرى احسن انتونيوني تقديمها ,, فأي نوع من التغييرات قد حصلت ,, أهي تلك النوعية التي تجعل الحمقى يدورون الشوارع مطالبين بتوقف الحرب وسفك الدماء ,, أهي تلك النوعية التي تجعل الشابات على استعداد لفعل أي شيء في سبيل العمل كعارضة ازياء ,, أهي تلك النوعية التي تجعل الدخول لاحد المناجم يحتاج لدفع رشوة ,, أهي تلك النوعية التي تجعل أهدء الصور ,, وأكثرها سلاما ,, وأكثرها تعبيرا عن وجه لندن الجديد ,, مسرحا لجريمة قتل غامضة ,,
هنا انتونيوني يصل للقمة ,, هنا انتونيوني يقول لمشاهديه شاهدوا كم أنا عظيم ,, كم أنا جارح وقاسي ,, شاهدوا كيف عريت لكم مجتمعكم ,, شاهدوا ذلك المصور كيف يبحث في أكثر الزوايا ظلمة في أكثر الصور هدوءا وسلاما عن الجريمة ,, شاهدوا كيف اكتشفها ,, وكأنه اكتشف اللغز ,, شاهدوا كيف ان ذلك الالبوم المليء بالبؤس والقهر والذل ,, والعنف ,, انتهى بصورة هادئة ,, تحمل في خفاياها جريمة قتل ,, تحمل في زواياها سلاما خادع وهدوءا كاذب ,, شاهدوا كيف تحول مجتمعكم ,,
ومع هذا الوجه الجديد ,, لوجه لندن الجديد ,, سنعرف لماذا ,, لماذا يسيطر الوهم على المظهر ,, والواقع تحت ذلك المنديل الحريري ,, وجمال العارضات الأخاذ ,, والأبينة الملونة الرائعة الجمال ,, ليست سوى ,, عنف ,, عمال مناجم قبيحين ,, مع ذلك الوجه ,, وفي هذه المفارقة التي جعلت المصور ,, يبحث عن جريمة غامضة ومختبئة في الصورة الاكثر سلاما وهدوءا ,, وينسى الجرائم المعلنة في صور العنف في مقدمة ألبومه ,, يتناساها ,, بل لا ينظر لها على أنها جرائم ,, لا يراها سوى من ناحية جمالية بحتة ,, لا يرى ما فيها من وجه قبيح لذات المدينة التي ظهرت في صورة الجريمة هادئة مسالمة ,,  هكذا ظهر العنف في صور عمال المنجم انعكاسا في الصورة الهادئة المسالمة ,, انعكاسا للوجه الآخر ,, طرف خيط غير مقطوع ,, واجهة انزاحت عن حيزها الوهمي ,, وهنا نرى كيف انتونيوني يلعب بالوهم ,, نرى المصور في حالة الصدمة ,, في حالة الخيبة ,, ليس في تلك الصورة الختامية السلام الذي ينشده ,, ليس فيها ذلك الهدوء ,, بل فيها من البشاعة ما لا يحتمله عقل ,, فيها من الكآبة والعنف ما يزيد عن صور عمال المنجم ,, لأنها غير ظاهرة , و غير واضحة ,, تجري كالظلال من تحت هدوء المدينة ,, من تحت ابنتيها الحمراء والسيارات السوداء والاستديو الفاره الكبير الذي اصبح ملجأ للجميلات ,, هذا هو الوهم الذي تحدث عنه كيسلوفيسكي ,, الذي يكون أكثر قوة من الواقع ,, أكثر قدرة على كشف الحقائق ,, حتى من الحقائق ذات نفسها من الصور البيضاء والسوداء ,, من الوجوه القبيحة العارية المشردة ,, من عمال المناجم ذات نفسهم ,, وهم الجريمة أقوى من الجريمة ,,
ما يثبت قوة انتونيوني في الاخراج , وما يعنيه انتونيوني كمخرج ,, عظيم ,, يظهر في المشهد الاخير من رائعته هذه ,, فمع توالي احداث الفلم ,, ظل الوهم حبيس مخيلة المشاهدين ومخيلة انتونيوني ,, حتى اراد الختام ,, المشهد الختامي يتجسد الوهم بطلا ,,, ليظهر في كم من الوهم يعيش البشر ,, يُظهر ,, أن التغيير في كثير من الاحيان ,, ليس سوى وهم ,, لكن الواقع مازال مختبئا حتى لو امتنعنا عن مشاهدته ,, حتى لو ظل حبيس الظلمة وراء الجدران ,, حتى ولو أغلقنا عينيا عنه ,, ليس كل التغيير تغييرا ,, الوهم ,, يمنح شعور التغيير , يعطي لمصور محترف قيمة قد لا يستحقها ,, يعطي لعارضة الازياء حياة غير سوية ,, ولكن بالمطلق ,, هذا التغيير منحها الشرعية ,,   ينزع عن تلك القطعة الأثرية قيمتها ,, ويمنحها لفستان ترتديه عارضة أو موديل ,, أولائك الحمقى ,, استقلوا سيارتهم وارتادوا ملعب التنس ,, وأخذوا يلعبون دون كرة ,, دون مضرب ,, ويتقاذفون الكرة ,, ويتبعونها بعينيهم ,, تنتقل الكاميرا  لعيني المصور ,, فنراه يتبع الكرة الوهمية ,, يتبع الوهم ,, ولا يراه ,, كما ألوان الابنية ,, كما اجساد العارضات ,, الحمقى يتقاذفون الهواء ,, الوهم ,, فتعلو كرة الوهم ,, عاليا خارج الملعب ,, المصور يسايرهم في جنونهم ,, يتبع الكرة , يحملها ,, يرميها ,, وتبقى الكاميرا عالقة على وجهه ,, وصوت خافت يظهر ,, يعلو ,, ويعلو ,, يعلو أكثر ,, أنه صوت الكرة ,, صوت الكرة يظهر ويعلو ,, هناك من يتقاذف الكرة ,, الوهم يصدر صوتا حقيقيا ,, الوهم ليس وهما ,, أنه حقيقة ,, الكرة حقيقية ,, صوت أوقف شعر بدني ,, كم أنت عظيم يا انتونيوني ,, كم أنت عظيم ,, صنعت فلما بطله الوهم ,,  صنعت فلما بدا وكأنه فلم اثارة ,, اردت لجميع المشاهدين ان يتفاعلو مع الجريمة الغامضة ,, لتصفعهم في ختام الفلم بحقيقة الوهم ,,
سعفة اخرى ,, وترشيح آخر لأوسكار افضل مخرج ,, وقوة الوهم كافية لتضعك في مصافي ما انجب التاريخ من مخرجين ,,
هذه المراجعة ,, بقيت حبيسة الوهم ,, لأكثر من ستة اشهر ,, من تاريخ مشاهدتي لهذا الفلم ,, وهذه الكلمات هي صدى هذا الوهم ,, الذي صنع فلما عظيما ,, ارجو أن تتم مشاهدة هذا الفلم بكثير من الحذر ,, فأنتونيوني يقول الكثير ,, ومن المحزن ان نمر على ما يقوله من خلال هذه الصور التي تبدو أقرب لأن لا تحمل تلك الكلمات ,, دون أن نشعر بها ,, انتونيوني مدرسة في الحياة قبل ان يكون مدرسة سينمائية ,, ولا اكذب إن قلت ان بمشاهدتي لهذا الفلم زاد تقديري لأنتونيوني كثيرا ,, واصبح بالنسبة لي ,, اكثر من مجرد مخرج عظيم ,,

The French Lieutenant's Woman... ثائرة على عصرها.. ولو بقلبها...

 
(اللامنتمي هو الإنسان الذي يدرك ما تنهض عليه الحياة الإنسانية من أساس واهٍ، وهو الذي يشعر بان الاضطراب والفوضوية أكثر عمقاً وتجذراً من النظام الذي يؤمن بهِ قومه. إنه ليس مجنوناً, هو فقط أكثر حساسية من الأشخاص المتفائلين صحيحي العقول. مشكلته في الأساس هي مشكلة الحرية. هو يريد أن يكون حراً ويرى أن صحيح العقل ليس حراً) كولن ويلسون
(لن تسبق أحداً لا زلت تتبع خطاه) فرانسوا تروفو
She was lost from the moment she saw him - The Movie Tagline

تحرير : نزار عزالدين ...  

   هل يمكن أن أدعو حالتي بـ Meryl Streep Fever؟ لا أعلم.. وإجمالاً ما أعلمه أن هذه الحالة لا تراودني فقط أنا وحدي :-) وثمة ما يدفعني للبحث في أعمال هذه العملاقة عن سر تألقها المستديم, فتستوقفني على الدوام محطات تستحق تناولها بشيء من التمعّن, منها فيلم (امرأة الملازم الفرنسي) ليس فقط لأنه واقع بين أوسكاريتي (كرامر ضد كرامر) و(اختيار صوفي) فحسب.. بل لأنه لفتني أنه ثمة مواصفات لـ(الموجة الجديدة) -التي أعمل على دراستها منذ حين- يمكن قراءتها في هذا العمل كذلك.. وشخصياً فإنني أرى دور ميريل في هذا الفيلم أكثر جمالاً من دورها في (اختيار صوفي) الحائز على الأوسكار, ولربما كان ذلك الأوسكار متصلاً بتفوق مخيف لميريل في نطق اللغات الأجنبية بتعدد لغاتها الأوروبية فيه في دور "صوفي", أو ربما بسبب الحكاية الألمانية النازية فيه.. وأدرك أن الواقع والمنطق يخبرنا ألاّ نقارن أوسكارياً بين الأدوار الحاصلة على الجوائز فيما بين سنين مختلفة. وهذا ليس على أي حال محلّ بحثي الحالي وهو يستحق استطلاعات مطوّلة سأحاول "حركشة" أحد المشرفين (أو ربما المشرفة) في هذا تحقيق هذا الاستطلاع الذي أود أن يكون كذلك -وللأمانة- إحدى "قضاياي السينمائية".. وبما أن قراءتي ستكون مطولة نسبياً فسأقسم مطالعتي للعمل إلى جزأين مستقلين.. الأول هو البناء الشخصي والارتكازي للعمل الذي أحببت تناوله كذلك... والثاني هو البناء الفني النقدي التفصيلي..
  
The French Lieutenant's Woman - 1981

Karel Reisz
   لا يبدو اسم Karel Reisz كمخرج اسماً مشهوراً أو كبيراً في الحجم الرقمي للأعمال التي أخرجها.. ولكنه واحد من بين رواد الواقعية الجديدة في سينما الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.. ولد في تشيكوسلوفاكيا عام 1926 لمحامٍ يهودي هرب من المحرقة إلى بريطانيا. وبقي هناك في بريطانيا إلى أن توفي بعد معاناة مع الاضطراب الدموي عام 2002. له كتاب شهير اسمه (تقنية تحرير الفيلم) طبع أول مرة عام 1953 كتبه قبل الخوض في صناعة الأفلام بشكل احترافي, أي قبل أن يظهر فيلمه الأول (ليلة سبت وصباح أحد: Saturday Night And Sunday Morning) عام 1960 الذي اقتبسه من رواية واقعية اجتماعية وكان أشبه بوثائقي نظراً لاهتمامات مخرجه السابقة في الوثائقيات والمونتاج.. وربما كان فيلم (امرأة الملازم الفرنسي: The French Lieutenant's Woman) أهم أعماله. والجدير بالذكر أنه قاد 3 نجمات ليترشحن إلى أوسكار أفضل ممثلة.. هم Vanessa Redgrave عن فيلمي (مورغان - حالة مناسبة للعلاج : Morgan - A Suitable Case for Treatment) عام 1966 و(إيزادورا: Isadora) عام 1968 - ثم Meryl Streep عن الفيلم موضوع المطالعة.. وJessica Lange عن فيلم (أحلام حلوة: Sweet Dreams) للعام 1985. كما أنه كان عضواً في محكّمي مهرجان كان للعامين 1970 و1983. 
بطاقة تعريف فيلم (امرأة الملازم الفرنسي):
إخراج: Karel Reisz
كتابة: Harold Pinter (النص) - John Fowles (الرواية)
بطولة: Meryl Streep - Jeremy Irons - David Warner
تاريخ الصدور: 18 سبتمبر 1981
المدة: 127 دقيقة
البلد: بريطانيا
الميزانية: 9 مليون
الإيرادات: 26890068 دولاراً
أهم الترشيحات:للأوسكار: خمسة ترشيحات خسرها جميعاً: أفضل ممثلة دور رئيسي: Meryl Streep - أفضل إخراج فني - أفضل تصميم أزياء - أفضل صياغة فيلمية - أفضل نص مقتبس.
للبافتا: حصد الفيلم جوائز أفضل ممثلة وأفضل موسيقى وأفضل صوت.. وكان له ترشيحات لأفضل فيلم, وأفضل ممثل (Jeremy Irons), وأفضل صناعة سينمائية, وأفضل أزياء وأفضل صياغة فيلمية, وأفضل إخراج فني, وأفضل سيناريو.
للكرة الذهبية: حصدت ستريب جائزة أفضل ممثلة. وكان للفيلم ترشيحان إضافيان لأفضل فيلم درامي وأفضل سيناريو.
   يُذكر أن الفيلم كان يتم إعداده ليكون تلفزيونياً, لكن منتج الفيلم اختار له الشاشة الكبيرة. كما أن مشروع الفيلم ارتبط به العديد من المخرجين Sidney Lumet وRobert Bolt وFred Zinnemann وMilos Forman مواطن Reisz اليهودي التشيكوسلوفاكي أيضاً صاحب الرائعتين الخالدتين (أحد ما طار فوق عش الوقواق) و(أماديوس)..
أما الممثلين المرشحين للأدوار فلدور Charles Smithson/Mike تم اقتراح Robert Redford وRichard Chamberlain قبل أن يستقر الدور على Jeremy Irons في حين أنه لدور Sarah/Anna كانت المرشحات Francesca Annis وGemma Jones وHelen Mirren لتحصل Streep أخيراً على الدور الذي ذُكر أنها حصلت منه على مليون دولار في ذلك الحين.
  
اللا انتماء.. وثورة العيش في كذبة ....
   دونما شك فإن منظر المرأة الوحيدة التي تتمشى على كاسر الأمواج رغم وجود نوًّ بحري هائج, هو أحد وأجمل الصور التي تتبقى في مخيلتنا من فيلم يبدو فيه المونتاج أحد نجومه دون شك على أثر تأثر مخرجه بشكل واضح بالموجة الفرنسية الجديدة حتى تم اعتباره أحد أفرادها من غير الفرنسيين.
يبدأ العمل موحياً جداً.. فمنذ المشهد الأول نرى إيحاءً هاماً أننا نشاهد فيلماً يتم تصويره.. ثم نكتشف تدريجياً أن الفيلم يدور في اتجاهين: الفيلم الذي يتم تصويره, واتجاه آخر يوصّف الحياة التي يعيشها الممثلون أنفسهم.
   لنبسط الحديث أكثر يجب أن نعلم أن هناك حكاية ضمن حكاية.. ويمكن دونما أي إرهاق في التفكير أن نفصل بين قصة الممثلين وقصة الفيلم الذي يصورونه من خلال الأزياء والماكياجات.. فالحكاية التي يتم تصويرها هي حكاية تجري في بريطانيا القرن التاسع عشر حيث العربات التي تجرها الأحصنة, والأسواق القديمة. والملابس الطويلة الملتزمة. في حين نشاهد عند النفاذ إلى زمن الممثلين السيارات ووسائل الاتصال والتطور. يبقى فقط أن ما قد يثير الارتباك أننا نشاهد الشخصيات في دورين لكل منها: واحد يخص الزمان الحاضر.. وآخر للشخصية التي يعمل على تصويرها. ولكن Harold Pinter كاتب السيناريو يصمم على أن يظهر لنا براعةَ وحرفيةً في الصياغة حين يلجأ إلى جعل الشخصيات التمثلية تنعكس على ممثليها, بل إنها توحي لها بما يتوجب عليها فعله في حياتها.

ففي الزمان الحاضر للفيلم نتعرف إلى Anna, تلك الممثلة التي تؤدي دور Sarah Woodrough وهي الفتاة سيئة السمعة, التي طالما تحدثت الشائعات عنها كامرأة خاطئة مع ضابط فرنسي متزوج.. شخصية معقدة مضاعفة أجادت Meryl Streep في تأديتها, مستخدمة ذكاء حاداً في عمل فضفاض أتاح للمثلين الكثير من إظهار خبراتهم وأدواتهم وهذا بحد ذاته أحد أهم الأسباب التي تجعل منه في نظري يستحق التوقف عنده..
أما الممثل الذي يرافق Anna فهو Mike ودوره هو لعالم جيولوجيا وباحث في شؤون المستحاثات يدعى Charles Smithson, دور يظهر منذ البداية شخصية عميقة غير كلاسيكية في عصرها. ولا شك أن Jeremy Irons قد قدم دوراً كبيراً هنا, ويبدو ترشحه للبافتا عن هذا الدور أمراً منطقياً بل ضرورياً, لكن طبيعة الأداء الساحر لـStreep كان قادراً على جعل الفيلم كلها له وحرف الأضواء عن أي شيء آخر!
 
   لكي لا أجعل قارئي يتوه؛ فمن الواجب علي أن أفصل بين القصتين الحادثتين في العمل, مع مطلق تأكيدي على أن عسر الفهم لهذه المطالعة ليس بمشكلة, فهذه النوعية من السينما ليست للكتابة! فالسينما في هذه الحالة هي فن تأليفي لا يقل أهمية عن الرواية, وإذا كانت الرواية غالباً ما تلجأ إلى السرد, فالسرد المونتاجي هنا من يروي الأحداث وهذا التكتيك في البناء الدرامي العضوي للأحداث ولا سيما زمانياً ومكانياً هو نتاج انعكاس الموجة الجديدة على الكاتب (المسرحي أساساً) والمخرج على حد سواء, وما سأذكره في التالي ليس حالة تقريرية بل إيجازاً لأحداث تفوق ما سأرويه:

- في القرن التاسع عشر: Charles عالم المستحاثات الذي يقدم من لندن إلى بلدة بريطانية صغيرة تعتمد على التجارة في حياتها, يجد لنفسه فتاة ميسورة الحال وابنة تاجر معروف تدعي Ernestina, يقنع Charles نفسه بحب هذه الفتاة ويعرض عليها الزواج. وخلال فترة تعارف Charles وErnestina, يبدأ Charles بالانجذاب إلى تلك الفتاة "المأساة" التي تذهب يومياً إلى البحر وتقف أمامه رغم احتجاجات سيدتها المتدينة, لتراقب حنانه وهيجانه غير آبهة بالعواصف. الانجذاب إلى (Sarah) يبدو أولاً بدافع الفضول. حتى ليسوقه فضوله إلى اللحاق بها إلى الغابة على أطراف الشاطئ, ليكتشف بعد ذلك أن لدى تلك الفتاة الكثير من الحزن العميق, فهي تعترف له أنها هامت في عشق ملازم فرنسي مثّل أنه أحبها, فسلمت له جسدها وروحها, ثم تركها وغاب, واكتشفت أنه متزوج تاركاً بها روحاً مجروحة لا تندمل جروحها ولا تُشفى.. عند ذلك تنتقل مرحلة الفضول في العلاقة إلى الإشفاق! ويبدأ Charles في البحث عن أسلوب لعلاج الفتاة "المأساة" إلى أن يجد نفسه يتبعها حيثما تذهب, ويشعر بأنه قد تعلق بها, ووجد فيها شيئاً مبالغاً فيه من الحس والثقافة.. وحين يجتمع بها يكتشف أنها كانت قد خدعته في كل ما روته عن وجود إنسان قبله في حياتها.. ويدرك أن كره هذه الفتاة الرقيقة لمجتمعها وأفكاره وضيق أفقه, جعلها تنفي نفسها عنه بوصم نفسها بأقبح التهم وأشنعها -في ذلك الزمان- لتصنع عالمها الخاص الذي تعيش فيه ضمن الكذبة, عالم تشعر هي فيه بأهميتها وتعاقب نفسها على عدم قدرتها على الإندماج في طقوس حياة لا تحبها.. وبعد أن يفتضح أمر Charles وSarah يخسر Charles حياته النبيلة وخطيبته, ليعيش هو الآخر تحت نظرات مجتمع لا يرحم.. وتختفي Sarah عنه لتتركه وحيداً سنوات عديدة يعاني مما جرى ومن نفي المجتمع.. ويوماً ما ترسل سارة له فيبدأ العتاب بينهما عنيفاً أولاً, وإذا كان ريح العتاب عنيفة فقد استطاعت بعنفها أن تبعد الغبار الذي يعتري العلاقة وتكشف الخامة الهيامية في قلبي العاشقين اللذين عاد حماسهما لبعضهما بعد طول السنين.. ليقررا مرة أخرى عيش حياتهما على هواهما..

- القصة الثانية هي التي تجري بين الممثلين Anna وMike: إذا يبدو أن الممثل يتعلق بالممثلة خلال التصوير. ويبدو أن إبداع Anna في تجسيد شخص Sara جعل Mike مفتوناً بها. لا سيما أن الممثلين معاً يبحثان عن التفاصيل الدقيقة وحتى التاريخية التي تجعل من عملهما ناجحاً إلى درجة توحّدهما مع الدورين فيما نسيمه عادة بـ(تقمّص) الشخصية.. ويبدأ Mike رحلة التودد إلى Anna التي لا تظهر له الكثير من المشاعر رغم أننا كمشاهدين سنشعر في المقابل وجود مشاعر لديها تجاهه, لكنها حين تأخذ في اعتبارها أنه رجل متزوج ولديه أطفال وتتحدث إلى زوجته, تقرر فجأة أن تنهي حكايتها معه بشكل مغاير للفيلم الذي كانت تمثله معه.. إذ تقرر الرحيل من الحفلة التي أقامها المنتج على هامش إنهاء الفيلم, وبعد أن كان من المقرر -على الأغلب- أن يجتمع Mike وAnna ويقررا القرارات الصعبة في حياتهما.. ترحل Anna وحدها تاركة Mike يراقبها مغادرة بسيارتها, منادياً لها بـSarah وليس Anna في لقطة تؤكد أن العلاقة الناشئة بنيت على أساس العمل المشترك.
 
   على صعيد الأفكار تبدو شخصية Sarah الإنسانة الحالمة التي عاقبت نفسها على عدم القدرة على الانسجام مع مجتمعها, محوراً مهماً جداً في العمل ينطلق من الرغبة في أسلوب حياة جديدة مفتقرٍ إلى الجرأة الكفيلة بالثورة على المجتمع, وكأنها نواة صراع بين الماضي والحاضر, والالتزام والانفتاح, ويبدو Charles هو الشخص الذي يؤمن بأهمية أن نعيش حسبما نرغب نحن لا حسب الضوابط المرسومة لنا, ويبدو هذا واضحاً في أن Sarah ذاتها تعتبر أن تدخل Charles في حياتها قد أعطاها سبباً للعيش ومنحها قسطاً كبيراً من الحرية.. وهي لا تبدو حرية بالمعنى الحرفي فهما يعرفان أم المجتمع لم يتغير, لكنهما يؤمنان أن الحرية الحقيقة تبدأ حين ننطلق للحياة دون أي خوف. أما في الزمن الآخر للرواية فالإسقاطات التي لمّح الفيلم لها لا تتعلق فقط بأن الممثلين قد انجرفا في الحالة التي مثلاها, بل إن الغاية الأوضح هي أن الإنسان يتأثر بالتجارب التي يعرفها, فإذا كان الممثلان قد تأثرا بالفيلم فلطالما قرأنا نحن كتباً غيرت من مفاهيم حياتنا وكثيراً ما شاهدنا لقطات فيلمية أخرجت من ذواتنا صفات لا نعرفها, وهذا التأثير الذي أظهراه كان مقصوداً من الكاتب والمخرج ليوجها أنظارنا إلى أهمية السينما كأداة معرفية وتثقيفية وروائية.. وإذا كان السيناريو يحمل طابعاً بسيطاً فإن بناؤه معقد بشكل حاذق واضح لكل من يقرأه.

فنياً.. أجاد المخرج استخدام الطبيعة كأستوديو كبير عملاق يزخر بالمؤثرات الطبيعية.. وتنقل الكاميرا المحمولة جعلنا أقرب من الأحداث, واحتراف المخرج لفن المونتاج والروائية جعلت من المونتاج -كما سبق وذكرت- نجماً من نجوم العمل. ثم توجد الموسيقى بعالمها الآخر, ورغم بساطتها كانت أحد العوامل الهامة لنقلنا بين الزمانين ومدخلاً هاماً لفهم الأمور, أما Meryl Streep وJeremy Irons فقد قدما بكل ثقة الدور ببراعة, مخرجين إحساسات كبيرة تتجاوز جمال الممثلة الشابة ووسامة الممثل الشاب إلى التعبير الأخاذ بالنظرات والهمس.. متسابقين على اللعب بالدور المعقد المضاعف على خير وجه مستخدمين مهارتيهما وأريحية النص, ليبقى هذا العمل أخيراً عملاً محفوراً في الأذهان.

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا

تابعني على تويتر