احصائيات المدونة

cenima world

الجمعة، 27 يوليو 2012

brazil 1985



الخيال العلمي أحد أهم الاصناف السينمائية واكثرها رواجاً جماهيراً , فهذا الصنف الذي لطالما أغدق الصناعة السينمائية بالعديد من الروائع من خلال كوكبة من اهم الصناع السينمائيين في كافة الحقب من بداية الفن السينمائي .. شخصياً لست من معجبي هذا الصنف ومن النادر ان تروقني الاعمال التي تخوض نصوصها من خلاله والتي اجدها تخفق في المحاكاة بشكل فني عميق وذو ايقونات بارزة  تهم كوكبة المشاهدين وتلامس مشاعرهم وعقولهم بشكل اللازم .

ومع ذكري انني لست من عشاق سينما الخيال العلمي الا انني كنت حريص على مشاهدة مجموعة من أهم الاعمال التي ولدت من رحم هذه الفئة وكانت المصادفة لتجمعني مع فيلم المخرج الامريكي البارز تيري غيليام وأهم الاعمال في مسيرته الفنية بأسم (برازيل) , العمل يدخلك في مزيج متقن عبر طرح سينما الخيال العلمي والفنتازيا والكوميديا السوداء بقالب لايخلو من الرومانسية الهادئة والفكرة الدرامية الهامة ,, تيري غيليام راهن على دفع بكرة عمله بشكل ممتاز والتي قدمة للمشاهد بفكر عالي نادراً مايمر عليَ مثيل له , فلو بحثنا في دولة برازيل كما أضفاها لنا تيري فهيا دولة تنشأ في المستقبل البعيد وتنطلق من تطور الحضارة البشرية والتي بذات الوقت تراهن على استنزاف كل مايحمل الفرد من انسانية او حريات او حتى ادنى المعتقدات , في برازيل تخلق تلك العلاقة بين الافراد والسلطة والتي تختنق بها الافكار وتهمش الحريات وتنبذ الاخلاقيات وتندس الأحاسيس وكأنها شيءلايذكر ,, تيري يقدم لنا شخصيته الرئيسية سام لاوري (Jonathan Pryce) والذي هو شخص يعمل في سلك الحكومة ويرضى بذالك الروتين الرتيب في حياته ولكن بذات الوقت يخالج لاري أحلام اليقضة بانه فارس اسطوري في عالم خيال ينقذ محبوبته الملائكية من يد الشيطان .. المخرج تيري غيليام تعمد ان يجرنا الى منطلق مسمى الحلم ومدة تأثيرة على الفرد في المجتمع الانساني فلولا وجودية ذالك المصطلح فلا مكان لوجودية الانسانية من هدف في هذه الحياة , تنطلق احداث العمل بفكر سياسي محنك على الاستعبادية التي تقيمها السلطات على الافراد والطبقية التي تتبعها والعبثية في بسط سيطرتها عن طريق سلوكها الاستخبارتية والتي تجرد الفرد من اقل حرياته الشخصية بل انها تدفن احلام شعبها في مقبرة المادة والعمل , والامر المثير تلك الفجوة التي احدتثتها ذبابة عندما تسقط في الة كتابية لدى الحكومة مغيرة احد الاحرف في اسم احد الارهابيين المطلوبين مما يصنع خطأ فاذح في القبض على انسان بريء والتسبب في وفاته وبذات الوقت يصادف سام لارى فتاة احلامه من خلال زيارة منزل العائلة التي تسببت الحكومة في موت رجلها خطأً فيبدأ الحلم وسلسلة من الاختراقات التي تجهض تلك الاسوار والحدود التي خلقتها الدولة في نفس سام ويتنقل من فارس ذو اجنحة في حلم الى فارس حقيقي يدوس كل من يحاول ان يقترب من فتاة احلامة ,,


المخرج تيري غيليام جعل من سام لاري من شخصية غير موجودة في المجتمع الى ارهابي وشخص مطلوب في الحكومة وذالك لان سام حاول ان يجهض احلام اليقضة وان يمارسها في الواقع وهيا مجرد تبادل علاقة حقيقة مع تلك الفتاه موجودة في الواقع, برازيل عمل تحدى ماصنعته الانسانية في زمن الاصطناعية حتى في اقرب العلاقات واجهاضه لكافة الأسس البشرية والانسانية في زمن السرعة والحداثة واجبر المشاهد الى الدخول في عالم تشهد ان شخوصة ممتلئة بالفراغ الفكري والعاطفي والتي تلاشت فيها اي عنصر يجعلها تتسم  بالبشرية .
في البرازيل هشم تيري غيليام صورة شخوصة لترى الرثاء والسطحية وحتى القبح الذي تشهده وجوههم قبل قلوبهم بشكل يدعي الى السخرية من الحال التي وصلت الية , وجعل مفهوم الارهابيين التي تعتقلهم السلطات وتحاربهم فئة لاتستطيع ان تشاهدها في العمل بل تشاهد اعمالهم التفجيرية فقط وكانهم مجرد افكار وايدلوجيات تحاول ان تكسر تلك القيود التي تشهدها في البرازيل ,
أخيراً في نهاية العمل يصل فينا تيري الى ضفة الامان او يوصل سام الى تلك الضفة في جعله قابع في احلامه بعدما رفضه واقعة وسلبة جٌل اهتماماته وأفكارة وحرياته فلم يعد له الا جزء من احلامه وشذرات من اوهامة ..


برازيل عمل قٌدم بشكل ممتاز وبفكر عالي عن الحضارة الانسانية في المستقبل البعيد وتهشم اي علاقات صادقة او حقيقة ,,  وضياع اي أخلاقيات او مشاعر انسانية وقمع اي حريات في وجود دكتاتورية السلطات , ليصبح كل انسان يمتلك ولو جزء بسيط من الحلم هو علامة للأرهاب .!
 5/5
عبدالرحمن الخوالدة

الاثنين، 23 يوليو 2012

السبت، 14 يوليو 2012

In The MoOd FoR CinemA ~ | P2 ~ |


, في مزاج رائق لسينما , الجزء الثاني ..
تجربة هاوي سينمائي يجد في مطارحته لسينما ,,, شغفة الحقيقي ....!
السلام عليكم ..
الجزء الثاني من قصاصات شخصية بشكل بحت عن تجربتي السينمائية الخاصة والتي ارجو ان تصل الى مستوى القراءة , القصاصات تمثل كوكبة من الافكار عن السينما والتي قمت بأقتصارها على العدد الحالي نظراً لطول الموضوع والتي سيؤدي الى أغفال العديد من الجزيئات الهامه من الموضوع وأعدكم بأكمال باقي الأيقونات في الاجزاء القادمة ,,
الموضوع مكتوب بقلمي ولم يتم اقتباص او ترجمة اي من الافكار المطروحة ماعدا المعلومات العامه عن بعض المخرجين ,,
أرجو لكم قراءة ممتعة ..
ثلاثية (الساموراي ) الياباني يوجي يامادا ,,

 

المخرج الياباني يوجي يامادا والذي يعتبر أمتداد لأعظم المخرجين الذين قدمو لسينما اليابانية ورمزية الساموراي (كوروساوا, أوزو , شاندو ,  كوبايشي وغيرهم ) والذي حاول ان يقدم صورة اخرى لمصطلح الساموراي عالمياً وان يخلق حاله من منظورة الشخصي لدلالة على رجل الساموراي بعيداً عن القدرات الجسدية والذهنية الخارجه عن حدود المنطق كما صورها أقرنائه من المخرجين بل حاول ان يقدم لنا الساموري بصورة أكثر درامية وعاطفة مليئة بالاحاسيس والمشاعر والاخلاق النبيلة والشرف والعطاء دون أي مقابل  ,, يوجي في محاولته لرقي بعالم شخصية الساموري وبعث روح جديده وفكره مثيره للمشاهد المتتبع والذي خطف الانظار بثلاثة اعمال حاولت ان تحقق تلك الصوره وهيا : ( Tasogare Seibei) الساموري الشفق عام 2002 (Kakushi ken oni no tsume ) النصل الخفي عام 2004 واخيرا (Bushi no ichibun) الحب والشرف في عام 2006 ,وتتسم الثلاثية بقالب تصويري مبهر يتخلله مشاهد تعكس جمال البيئة المحيطة بشخوص العمل والتركيز على أدق الجزيئات من التقاليد اليابانية بتلك الحقبة وأظهار مدى ماتحملة تلك الجزيئات البسيطة من قيمة أخلاقية عالية , يوجي يامادا لم يكتفي بتقديم الصورة الأخاذة في أعمالة الثلاث بل حاول بقدر الامكان ان يصبغ ثلاثيته بشاعرية واحاسيس فجة والتي تم القاءها في مساحات العمل وانسلالها بكل رتابة وهدوء في التسلسل الحدثي لمجرياته , ولو تم جمع جزيئات الأفكار المطروحة من خلال تلك الافلام الثلاث لوجدنا ان مخرج العمل يوجي يامادا وأضب على سحر المشاهد بشخصية الساموراي في كل منها والتدقيق على الجانب الانساني من تلك الشخصية والبحث عن أيدلوجيات قد أثرت فيها منها السلطة والعائلة والعلاقات الأنسانية والشاعرية والانطلاق لبعث العديد من الايقونات التي ترسم جمالية تلك الرمزية والتي تعتبر جزء هام من تاريخ الحضارة اليابانية وان يرمز للعديد من المفاهيم منها الطبقية  والقمع الحاصل من السلطة وأنتقاد البرجوازية في الطبقة الحاكمة هناك ..

Tasogare Seibei 2002
في الساموراي الشفق والذي يسرد قصة ساموراي في القرن التاسع عشر يعمل كمحاسب في احد المحال التجارية والذي لقبه زملائة بالعمل بساموراي الغروب وذالك لانه ماأن تغرب الشمس وينهي عمله يعود مسرعا للمنزل للأعتناء بطفلتيه وامه المصابه بالمرض , يوجي يامادا حاول ان يركز في بداية عمله على شخصيته الرئيسية سيبيل لوشي والذي قدمها الممثل المعروف (هيكيرا ساندا) بكل أمتياز, شخصية سيبيل الساموراي الذي كان في حال رديئه للغايه لانه لم يكن يهتم اطلاقا بي أراء من حوله فهمه الاول والاخير توفير الطعام لعائلته والتي كانت تأخذ جم تفكيره ووقته لحد انه لايغتسل او يقوم بتبديل ملابسه الرثه الممزقه والتي كانت تُظهر بساطته من جهة ورغم أستهزاء زملائة منه فكان لايكترث لهم ويحاول قدر ألامكان التغاضي عن كلماتهم وتلك الصفة تعبرعن نبل اخلاقة وصدقه أمام الجميع ومعاملته لهم بكل رقي وتواضع , وهنا يبدأ يوجي يامادا بخلق تلك الاهزوجة الدرامية المليئه بالمشاعر الانسانية لمدى تعلق ذالك الرجل بطفلتيه ورفضه لزواج وتضحيته المنقطعه النظير لتربيتهما وبث تلك الروح الانسانية والايقونات السامية في عبير اطروحته ولم يتوقف هنا بل اغدق عمله بمشاهد تعبر عن ماتمتلكة شخصية (سيبيل) الساموراي من علاقته بطفليته بأجمل الصور الملئه بأرق المشاعر وأعمقها وأكثرها تأثيرها على المشاهد ورسم حالة للأنسان الراعي الذي يجد من وجوديته هدف لمساعدة الاخرين ومنهم صديقة طفولته تومي لينوما (ريا ميزاوا) التي كانت تواجه مشكله مع زوجها السكير الذي يضطهدها ويقوم بضربها فتدخل سيبيل وطلب مبارزه الزوج والامر المثير عند حضور المبارزه كان قد جلب عصا من الخيزران بدل السيف ليقارع ذالك المتكبر والمغتر بنسله وانه احد السامورايات  وتخليص تلك السيدة من الظلم الذي تمثلة سلطة زوجها.. , بتأكيد يوجي يامادا حاول ان يجعل تصرف سيبيل هذا لتأثير على المشاهد وتسطير عمله لتكريم اسم الساموراي وبث تلك النبذه عن المفهوم ومايحمله من نبل للاخلاق والتواضع وتركيزه بذالك عن طريق المشاعر المشحونه والعاطفه الذي كان سيبيل يغرق من يحيط به . , وأما في الجزء الاخير من العمل  فحاول يوجي يامادا ان يرسي اخر علامات او أسس تاريخ معنى اسم الساموراي وهو الشرف والواجب فرغم ان النظام الحاكم في اليابان كان متجبر ظالم الا ان سيبيل يبقى يحمل لقب ساموراي ويجب عليه ان يلبي نداء الواجب وهو مبارزه احد اعداء النظام وهنا سيبيل ورغم انه يعلم ان عائلته لن تستطيع ان تستكمل او ان تعتاش من بعده الا ان الشرف والواجب يعلو على اي مسؤوليات اخرى , كم هيا جميله تلك المفرادات التي سردها يوجي يامادا وخلق فيها عالم مبهر جميل خلاب عن الانسان الساموراي وليس الساموراي الانسان  ..
واخيرا الساموراي الشفق او ساموراي الغروب هيا لغه أبدع فيها مخرجها وسطر نصها الكاتب شوهي فوجسوا واداءها هيكيرا ساندا بشكل مثالي لتكون واحدة من افضل ألاعمال في الالفية الأخيره وتخطف أنظار النقاد الذين رشحوها في أهم الجوائز النقدية ومنها جائزة ألاوسكار كأفضل فيلم اجنبي في عام 2003 .
 Kakushi ken oni no tsume 2004
يستمر يوجي يامادا في العمل الثاني من ثلاثيته (النصل الخفي ) في رصد تلك الرمزية والغوص في مفهوم الساموراي وهنا يحاول مخرج العمل عن كثب الولوج الى الفتره الزمنية الفاصلة في تغيير التقاليد اليابانية وأنفتاحيته على الغرب وأستبدال العديد من المفاهيم من حضارتهم وأوجز تلك الفكرة من خلال أستبدال سيف الساموراي والذي يعبر عن العديد من الأمور الى البندقية وأظهار أبعاد عن محاولة السلطة أخفاء تدهور حالها من خلال الولوج الى أفقاد الافراد العديد من الخصال الأخلاقية التي نشأُ عليها ,,
مينزو ناتيغيرا (ناساتشو ناغاسا ) والذي يعد أحد الساموريات الذين يعانون من النفي بسبب انتحار والده نظراً لفشلة في أحد المهمات التي أوكلت اليه وهنا يتم أرضاخ مينزو من قبل عشيرته الى مقاتلة أحد الاصدقاء القدامى لأعتبارة احد أعداء السلطة ,, يوجي يامادا في النصل الخفي يركز على الناحية الاجتماعية لحياة الساموراي ومدى تأثير المعتقدات السلبية السائدة عليه فمع انسلاخ العديد من المفاهيم الايجابية التي عرفها الساموريات على مر العصور الا ان هناك تمسك بعدد من المفاهيم الاخرى ومنها الطبقية بين ارتباط افراد الساموراي بشخص من افراد العامه وهذا ماجعل مينزو يكبت مشاعره تجاه خادمتهم القديمة كي (تاكاكو ماتسو) ويجعلة يخوض غمار مبارزة مكرهاً لأحد اصدقائة بداعي الشرف وحماية سمعة العشيرة وتقديم البرهان للعائلة المالكة انه لاتربطة أي صلات بشخص المنقلب على السلطة .
يوجي يامادا اثار قضية أجتماعية وطرح الحقبة التي توئجج انتهاء حقبة الساموراي ضمن التاريخ الياباني والانحدار في عالم الاخلاقيات فيها ومحاول رصد تلك الأنغلاقية التي يعاتشوها مابقي منهم , وأستطاع ان يقدم عمله الثاني بذات القالب ومزج تلك الرتابة والهدوء في التسلسل مع تكثيف المشاهد التصويرية الخلابة ومنح العمل كوكبة من المشاهد الشاعرية التي كان لها ألاثر بأضفاء جمالية خاصة ..
النصل الخفي والذي يعني أحد أساليب القتال التي قام مينزو بتمرن عليها ليستطيع هزيمة صديقة القديم كانت بمثابة المسمار الاخيره في نعش المُثل وتاريخ الساموراي في اليابان والذي أدى الى تخلي مينزو في النهاية عن لقبة والرحيل بعيداً حامل تلك الأخلاقيات وكاسراً لتلك الطبقية والطوائف من خلال اقترانه بـ (كي) وأعترافة بحبه لها ..

 
Bushi no ichibun 2006
الحب والشرف
في هذا الجزء تعمد يوجي يامادا ان يرتكز على الرثائية في الأستعراض وجعل المشاهد يلحظ مدى التدني في المستوى الذي وصل اليه مفهوم الساموراي فجعل من شخصيته الرئيسية  شينجو ميمورى (تاكيو كيمورا) يعمل كمتذوق لسم خوفاً على الامبرطور الياباني وهنا تلحظ مدى المهانة التي باتت عليها مفهوم الرجل الساموراي الذي لم يبقى يمتلك أي من الأسس التي عايشها سابقاً ليقدم يوجي يمادا نص هذا العمل (الحب والشرف ) بطريقة مرثية لحال الساموراي وتفجر العاطفة لدى المشاهدين من خلال أصابة شينجو بالعمى من خلال تسممه بأحد الاطعمة وأستغلال زوجته واغتصابها من قبل أحد رجال السلطة وعدم قدرته على تحمل اخفاقة في المحافظة على شرفة وخسارته حبه لأنفصاله عن زوجة بعد معرفته تلك الحادثة واعتبارها خيانه له ,, يوجي يامادا في عمله هذا القى بكل ثقلة على الجانب العاطفي والرومانسي وعلاقة الزوج وزوجته وكيفية ضياع اي من المبادىء التي اطلقها في عملية السابقين وبات فيها مفهوم الساموراي مجرد لقب يعتاش منه الرجال في تلك الحقبة ..
الحب والشرف كانت بمثابة الهروب للجانب العاطفي مع انحدار الجانب الاخلاقي فيوجي يامادا تعمد ان يطلق العنان لجعل المُشاهد يشهد تلك الانسانية التي طفت والشاعرية بين الزوج والزوجة وكيفية تلك النفوس الصافية ان تعتش في مجتمع أباد أي قيم بل أصبحت فيه السلطة مجرد رمزية لايهمها سوى أشباع غرائزها من خلال أغتصاب أخر مابقي تمتلكة مفهوم حضارة الساموراي وهو الشرف والحب ..
التصوير السينمائي فن قائم بحد ذاته ...!
التصوير السينمائي (Cinematographic) يعتبر من اهم الاسس التي ترتكز عليها الصناعة السينمائية أن لم تكن ألاهم على الاطلاق فأستطاع العديد من المخرجين عبر قدرتهم أستغلال ذالك الجانب من اضفاء انفرادية وأمتازية وخصوصية لسينماهم والتي جعلت أعمالهم تتصف بالجانب الأبهاري التصويري بـِ ألاضافة لأهميتها فنياً .. التصوير السينمائي يعمتد بشكل أساسي على العديد من ألامور منها العدسة المستخدمة وحجمها ومدى صفاء الصورة والزاوية المأخوذة والانحرافات لصورة والتي تؤثر بشكل في كيفية نقل الصورة للمشاهدين في نهاية ألامر , أيضاً التصوير السينمائي يتضمن أستخدام عدة مؤثرات منها التدرج باللونية وأستخدم الظلال والاضاءة والضبابية والصفاء في الصورة وأن الحديث عن فئة من الفئات المذكورة يحتاج الى موضوع بحد ذاته ..
حديثي عن هذا الفن التصويري لسينما هو مجرد مساحة تعريفية لجزء من تجربتي من خلال مشاهداتي للعديد من الاعمال السينمائية التي تعتبر ذات اهمية في عالم الصورة السينمائية والتي أرست العديد من الاسماء التي تُعد في يوماً هذا ضمن كوكبة صناع التصوير السينمائي في الصناعة السينمائية , ويمكن تجزيىء الفن التصويري الى ماقبل التصوير الملون (الابيض والاسود ) والتصوير الملون  ( غريغ تولند " المواطن كين , لمسة الشيطان ) (أرثر اديسون " الدار البيضاء ) (جوزيف روتنبيرغ " السيدة منيفر , جسر واترلو , والتز العظيم , جيجي ) ( شارلي لانغ , جورج فوسلي , جورج ديكنز ) والعديد من الاسماء التي كانت علامة فارقة في الصناعة السينمائية ..
التصوير السينمائي لايعتمد بـِ الاساس على المصور السينمائي ولاغير بل يعتبر المخرج هو المحرك الرئيسي لعدسة المصور السينمائي ومدى قدرة المخرج على توظيف جمالية التصوير في أضفاء الانبهار الصوري على عمله ويجدر الذكر ان العديد من المخرجين كان التصوير السينمائي يؤخذ حيز كبير من اهمية مايقدموه منهم أوسن ويلز وكوبريك وهيتشكوك ومايكل انجلو انتونونى وغوادرو تراكفوسكي وحديثاً كيسلوفسكي وسكورسيزي الاخوة كوينز, النولان, مايكل هانكة , نوري بيلجي كيلان , عباس كورستامي , المودفار وغيرهم ,, .
ويمكننا ان نقوم بتقسيم التصوير الى العديد من الأفسام منها التصوير الواقعي الجلف والمستخدم في السينما الشرق اوروبية والذي يجعل المشاهد يعيش في لحظات البرود والقمع والجلافة من خلال الجفاف في الالونية من خلال الصورة أو الاستخدام الفائض للألوان وخاصة الفاقعة منها وجعل العمل يطغى علية طابع اللوحات الزيتية ويطغى هذا اللون التصويري على السينما اللاتينية والاسبانية خصيصاً والذي أشتهر فيه المخرج الاسباني بيدرو المودفار ,, ولن انتاسى الاستخدام للكاميرا المتحركة في فن التصوير والمتخذ في العديد من المدارس الاوروبية وذالك لأضفاء رمزية الواقعية على المشاهد ,, ويوجد العديد من طرق التصوير منها الجانبية للكاميرا الثابتة والولوج الى اهتزاز وارتجاج الكاميرا وتلوين الشاشة واستخدام الاضاءة والظلال والتي اشتهر بتلك العناصر العديد من المخرجين منهم كوبريك تراكفوسكي وكيسلوفسكي  ,, ويمكن أيضاً استخدم لغة الطبيعة في الابهار التصوير والذي طفى على العديد من السينمات الاسيوية والاوروبية في الالفية من خلال عدة اسماء منها ترانيس ماليك وكي كيم دوك وزانغ ييمو , نوري بيلجي كيلان ..
أخيراً التصوير السينمائي استخدم من قبل العديد من الصناع السينمائيين لكي يضفي جزئية التأمل على اللغة السينمائية مما يجعل سينماه بمثابة لوحات صامته لجعل المشاهد يتفاعل من خلال الصورة التي تحفر عميقاً في مخيلته ..
التصوير السينمائي فن قائم بحد ذاته ويكمن في جنباته العديد من الجوانب والتي تستحق ان يطلع عليها المُتتبع السينمائي ..
ملاحظة / ماخضته عن التصوير السينمائي هو مجرد منظور بسيط من خلال متابعتي ولم يتم الخوض في معترك هذا الفن بشكل حثيث والولوج للحديث عن عدد من مفصلياته التقنية ..
السينما مراّة واقع الصانع , رومان بولانسكي .
 
رومان بولانسكي مع زوجته شارون تيت ..
للحديث عن الصناعة السينمائية يجب البحث في أحد اهم مبادئها وأسسها واقصد هنا الصانع السينمائي او بي ألأحرى المخرج والذي لطالما تطرقت لتأثر أهم المخرجين العالميين بسيرتهم الذاتية والصعوبات التي أعتاشوها في ماضيهم والذكريات التي باتت جزء من حياتهم والتي بتأكيد كان لها ألاثر الرئيسي في المسرب الذي يتخذة الصانع السينمائي في مسيرته الفنية وأستذكر المخرج السويدي أنغمار بيرغمان ومعاناته في طفولته مع زوج امه الذي كان قس وأدى بتالي لجعل بيرغمان واحد من اهم من صنع السينما الباحثة في قلق الوجودية وعلاقة الدين بالافراد وايضاً يستذكرني احد أهم صناع السينما الايطالية فريدريكو فيلليني الذي عاش طفولته في السيرك وذالك الامر كانت يتضح بشكل جلي في رائعتِه الطريق وثمانية ونصف وأيضاً المخرج اليوناني ثيو انجلوبوليس الذي عانى اشد أساليب القمع والاغتصاب الفكري والثقافي من قبل السلطة اليونانية والذي جعل يصبغ العديد من ثميات اعمالة بضبابية شديدة والغوص في عوالم الافراد بعد اغتصاب احلامهم وسرد ذالك بأجواء مليئة بالحزن والكأبة ..
مشهد من فيلم النفور لرومان بولانسكي ..
حديثي سينصب على واحد من اهم الاسماء السينمائية المتواجده حالياً وهو المخرج البولندي الفرنسي رومان بولانسكي والذي أعُد تجربته الشخصية ذات معالم تستحق ان تقدم في عمل سينمائي للفوضوية والصدمات والصعوبات التي واجهة هذا الصانع طيلة فترة حياته , بولانسكي في طفولته عاني الامرين كيهودي في بولندا وشهد مقتل والدته واعتقال والدة وسجنه في احد المنافي اليهودية من قبل القوات النازية الالمانية ,, وفي شبابة تم قتل زوجتة شارون تيت ذات الـ 26 عام والتي كانت تحمل بطفلته في رحمها بعمر 8شهور وأربع من اصدقائة من قبل عصابة السفاح الشهير تشارلز مانسون واتهامة من قبل الصحافة الامريكية اّن ذاك انه السبب في ذالك لانه يقدم سينما تستحضر الشيطان , واخيراً قضية علاقته مع طفلة بـ 13 عشر عام من عمرها وأعتبراها قضية اغتصاب واغواء لطفلة قاصر وهربه بعد ذالك من الولايات المتحدة الأمريكية والتي لم يعد لها الى يوماً هذا ,, الحقيقة أن طرحي للمقالة ليس لنثر سيرة البولندي رومان بولانسكي بتأكيد ولكني طرحت تلك القصاصة من سيرة حياة هذا المخرج لكي أوضح مدى تأثير المخرج بواقع حياته فلو اطلعنا على مجمل او أهم اعمال رومان بولانسكي فكنت سأصفها بالاعمال الرثائية التي تبين مدى سوداوية المجتمع وصعوبة العيش فيه والبحث في مايسمى سينما المؤامرة والخواتم الكئيبة ذات المعالم شديدة الحزن واستذكر منها فلمه النواري (الحي الصيني ) الذي انتهى بمأساوية وبجملة (أنه الحي الصيني .. ! ) والذي تعكس مدى قذارة المجتمع وشذوذ الافراد وسادية المشاعر والتي ظهرت بشكل جلي في عمله هذا أما في رائعته السبعينية (تيس) فأقدم رومان على طرح مباشر لما صنعت يداه فقصة الفيلم مقتصة من رواية ادبية بذات الاسم عن فتاه يغويها أحد الرجال والذي تؤدي الى فقدانها عذريتها وحياتها بتالي والامر الذي يصب في تاريخ بولانسكي مع الفتاه القاصر التي اغتصبها واما أعماله الاخرى منها طفل روزماري والنفور جعل في الاول الشيطان يتحكم في مصير البشر على الارض وتعرض روزماري لمشهد اغتصاب يُعد ثوري ليوماً هذا وعن النفور جعل شخصيته الرئيسية تعتاش هلوساتها الذاتية وعقدتها من الضياع وفقدان الثقة برجال وذالك لفقدان عذريتها بوقت مبكر واخيراً عمله (ماكبث ) المأخوذ من احد الروايات الشكسبيرية والذي لايقل قسوة وجلافة وحنقاً وسوداوية عن اعماله السابقة , الامر الذي اود ان القيه هو تلك المعالم التي ارست وأسست سينما بولانسكي وهيا فن المؤامرة والجريمة والبحث في الفطرة الغريزية والرغبة الشهوانية وفقدان تلك الانسانية والبراءة التي تحمل النفوس البشرية وأستحضار بدل عنها الوحشية والسادية التي باتت عليه النفوس والتي تُمثل بسينما واقعة المرير من معناته مع اليهود وخوضه تجربة مع رائعته عازف البيانو وانتقاد اللبرالية والرأسمالية الامريكية في الكاتب الشبح والحي الصيني وذالك للحكم الصادر فيه من قبلهم والكيل بمكاليين لكونه شخص اجنبي وأخيراً القاء الضوء على دموية وسادية الافراد في افلامة ماكبث والحي الصيني وطفل روزماري وتيس لتاريخ زوجته وحالة الاغتصاب في شبابة ,, وهنا نصل الى النقطة التي اردت التوصل اليها من خلال مقالتي وهو ان السينما مراّة لواقع البشرية وقصاصات الحياة وتعكس تاريخ صناعها بشكل او اخر لذا اي سينما لاتستمد ايدلوجياتها ومعالمها من تاريخ الصانع او احلامه اوحتى مجتمعة وواقعة وأفكارة فهي سينما لاتستحق المرور عليها ,,
السادية أيقونة ألالفية لسينما الكورية .. !
السينما الكورية في السنوات القليلة السابقة صنعت لنفسها مكان هام ضمن اهم السينمات العالمية والتي سطرت من خلال العديد من الصناع البارزين جزء لابأس به من الاهتمام النقدي والجماهيري والذي جعل أعمالها وعدد من صناعها منتظرين على الساحة السينمائية ,, السينما الكورية لاتختلف بشكل كبير عن السينما الشرق الاسيوية المحيطة بها بجزئية الابهار اللوني المكثف للمشاهد ولغة التصوير الأخاذ ولكن الانفرادية التي أرتسمت على هذه السينمائية هيا العوالم السوداوية والطرح السادي الذي يبلغ الشذوذ في كثير من الاحيان بين ايقوناتها , فمسيرة تلك السينما في العشر سنون الماضية واهم ماقدمت كانت تواضب على فتح باب الدموية والغوص في شذوذ الذات الانسانية والانسلاخ عن الاخلاقيات والعقد النفسية واخيراً سادية الافراد , وألامر المثير تقديم تلك الصفة في قالب الاثارة والغموض بشكل ممتاز وبجعل من الاطروحة لغة بحد ذاتها ذات خصوصية أنفردت بها السينما الكورية ولعل الحديث عن تلك الصفة يبادر لأذهان الجميع سلسلة ألانتقام الشهيرة للمخرج الكوري بارك وك شان الذي قدم واحدة من اعظم اللوحات السينمائية في الالفية (Oldeuboi) أطفال عجائز والذي قاد الثورة السينمائية الكورية والتي تلاه الجزئين المميزين لنفس المخرج (Chinjeolhan geumjassi) , (Boksuneun naui geot)ولم يكتفي بارك في تقدم سينما الأثارة في قالب سوداوي سادي بل اعقب تلك الاعمال بعمل رعب دموي درامي مميز بأسم الظمأ (Bakjwi ) والذي ايقض العديد من الثيمات في رمزية تلك السينما والتي أججت الكوريين لتقديم عدد من الاعمال في ذات النوع والولوج الى مايسمى سينما الانتقام والجريمة والدموية في عدد من الروائع ومنها (Akmareul boatda) (Salinui chueok ) (Chugyeogja) وهذا ماجعل لتلك السينما وصف سينما العالم السادي للغريزة الفطرية الانسانية فلو بحثاً في تلك الاعمال لوجدنا انها مع أتخاذها قالب الاثارة في الطرح والمتعه في المشاهدة الا انها تثقل على المُشاهد بالعديد من المشاهد التي ترهق المُشاهدين وتصدمهم بأقسى مشاهد الدماء واعتى لقطات الشذوذ الفكري الانساني مما يجعل نسيان تلك المشاهد أمر صعب ومن هنا تأتي الثورية في الصناعة الكورية وأتخاذها منهج تحريض المشاهد وصدمة بتلك السادية والسوداوية التي تعاث النفوس البشرية وخلق مايسمى بحالة من الرثاء لتحول المجتمع من العقلانية الى الغرائزية التي اصبحت المحرك لعلاقاته فأن كانت السينمات الاخرى وصفت البرود وأتسام العلاقات البشرية بصفة الغرائزية والابتعاد عن الشاعرية والحس بالمسؤولية فقد أستطاع الكوريين من خلال سينماهم القائمة ان يحفرو تلك الفكرة في أذهان المشاهدين جاعلين من سينماهم ذات قيمة عالية في يوماً هذا ..

الأربعاء، 4 يوليو 2012

Je Vais Bien, Ne T'en Fais Pas - 2006



Lili, take another walk out of your fake world
Please put all the drugs out of your hand
You'll see that you can breathe with no back up
So much stuff you've got to understand
For every step in any walk
any town of any thought
I'll be your guide
For every street of any scene
Any place you've never been
I'll be your guide



قليلة هي الحالات التي أحتار فيها في اختيار عبارة أعنون بها قراءتي, فثمة ثقة دائمة لدي بقدرتي على صناعة "المانشيتات" الملفتة. ولكن هذه المرة يبدو أن مقدرتي قد خانتني..! حقاً لا أدري !.. فكل الأفكار التي وجدتُها كانت تبدو غير كافية.. أنا أمام حالة لا تناسب الوصف بكلمات مفتاحية.. مستوى الصعوبة هنا لم يكن من منطلق ضعف التعبير, ولكنه كان بسبب حكاية يصعب اختصارها بحكمة أو "مانشيت". أخرجُ من الفيلم باكياً مع أغنية النهاية, رغم أن النهاية لا تبدو كئيبة إلى الحد الكافي, متلعثماً في التوصيف, أحس بضعفي وتسرعي في الحكم على الشخصيات كثيراً قبل الدقائق الأخيرة التي صعّدت كثيراً من قيمة عمل بدأ هادئاً جداً أولاً إلى درجة البرود, ويبدو أن هذا إجمالاً من سمات العديد من الأفلام الأوروبية -قديمة كانت أم جديدة- في الخروج الملفت من فكرة كانت تظهر لنا على أنها محور العمل إلى جوانب أخرى, على شكل دراما متعددة الطبقات, الأمر الذي تتعثر هوليوود كثيراً في تناوله, وهذا حال هذا الفيلم الذي لا أستطيع إلا أن أجد فيه من الجودة الكثير من المواضع التي تستحق برأيي الترشح إلى (السيزارات) الخمس التي ترشح لها بالفعل.
ظل الأخوان التوأمان مادة دسمة على الدوام في الدراما كما هي في التشريح والتشخيص وعلم الفلسفة على حد سواء, ولا أدري إلى أي درجة من المصداقية تناولت الدراما إجمالاً الحكايات "التوأمية". حتى في الفيلم الذي أتناوله اليوم إحدى المسائل التي لطالما أحسستُ أن الفن أعطاها الكثير من التهويل. عموماً في البدء كنتُ أرى أن في الفيلم هنا تطويلاً غير مبرر بشكل خاص للحالة المرضية التي عانتها Lili على إثر غياب أخيها Loïc.. ولكن في النهاية وجدتُ أن ما كان من تكثيف في القضية كان ملزماً نسبياً, وعليه فلن أنتقد القصة التي سطّرها Olivier Adam ولعله قام بالبحث والتمحيص الكافيين لذلك. لكن إجمالاً ولكي أبني أحكامي على تجربة, فلقد كان -وما زال- عندي صديقان توأمان "حقيقيان متشابهان تماماً"عايشتهما خلال الدراسة, وليس من الصدفة أن كان مجموعاهما متقاربين في الشهادة الثانوية فدخلا معي معاً ذات التخصص في الجامعة كذلك, وكان لديهما ارتباط نفسي غريب يشبه التخاطر (telepathy) ولا شك أن هذا بالذات هو أحد الأمور التي حاول الأبوان في فيلم (أنا بخير, لا تقلقي) أن يضللاها في ابنتهما Lili التي كان ينتابها شعور غير جيد على الإطلاق عن أخيها الغائب Loïc.

Je Vais Bien, Ne T'en Fais Pas - 2006



دعوني لا أنكر أن Mélanie Laurent ذلك الوجه الساحر الذي طالما شدني هو وراء بحثي عن الفيلم, فالمؤشرات تؤكد أن هذا الفيلم كان بوابتها إلى النجومية الكبيرة النابعة من عشقها التمثيلي الذي بدأ مع طفولتها. إضافة إلى وجود Philippe Lioret المخرج الذي يؤكد سجله الفني أنه يقدم أعمالاً كبيرة أثيرة بمشاهدتها والتوقف عندها لا سيما مع قصص Olivier Adam.. لذا فلا أعتبر أنني غامرتُ بالمشاهدة, فكل المعطيات التي توفرت لدي كانت تنبئ أنني سأشاهد فيلماً جميلاً, رغم أنني آثرت أن لا أقرأ أو أعرف أي شيء عن ذات الفيلم وقصته إلا بعد أن أشاهده...







أنا بخير.. ولو كذباً..!!



== تحذير: نهاية الفيلم مذكورة في المراجعة.



  عادت Lili الابنة ذات التسعة عشر ربيعاً من عطلتها الترفيهية في إسبانيا إلى منزل أهلها الباريسي, توقعت أن ترى أبويها وأخاها في استقبالها بعد شهرين من الغياب, فكان أن وجدتهما هما فقط. ولا شك أنه كان من المنطقي أن تسأل الفتاة عن Loïc أخيها التوأم الغائب عن استقبالها, فتم إخبارها أنه غادر المنزل وأن أبويها لا يعرفان مكانه. أما سبب رحيله فكان خلافاً شابه بعض العنف مع والدها في ذات الأمور الروتينية الحاصلة من قبل بينهما. بدت Lili مذهولة نسبياً وغير قادرة على تصديق تلك الحجة, فهي حالة متكررة كثيراً لم تتسبب من قبل ببلوغ هذه الدرجة من الخصام. على كل حال فتحت Lili هاتفها واتصلت فوراً بـLoïc فسجلت له رسالة في بريده الصوتي مفادها أنها تطالبه بأن يتصل بها بما أنها عادت للبحث عن تسوية أو على الأقل سماع أخباره وكيف يتدبر أموره. وزارت أحد أصدقائه الذي ما كان يعرف معلومات عنه مؤخراً, وقال لها أن كل ما يعرفه عنه أنه حمل غيتاره وسجل لها أغنية باسمها فضلاً عن هوسه برياضة تسلق المرتفعات...
ثم مرت الأيام دون أدنى اتصال من الأخ الغائب.. إلى أن امتلأ بريده الصوتي دون أن يرد إلى توأمه الكئيبة أي رد منه, فبات هاجسها الوحيد أن أخاها قد حدث له شيء, كانت تشعر أن السبب الحقيقي لرحيل أخيها ليس ما قيل لها, وسيطرت عليها مطولاً فكرة أن أخاها قد مات فمن المستحيل لـLoïc أن يتجاهل كل هذه الاتصالات والرسائل منها هي بالذات.. لامت أباها على عدم البحث عنه حتى في المستشفيات والفنادق, ولم تكن لتقتنع أن Loïc سيرفض أن يرى أباه أو سيهرب منه مهما حصل فيما لو بحث الوالد عنه. ثم أصيبت Lili باكتئاب حاد, وفقدت شهيتها كلياً إلى أن سقطت صريعة النحول والضعف في الجامعة, ثم نُقلت إلى المستشفى, هناك حيث قرر الأطباء أن مشكلتها نفسية مطالبين أهلها وأصدقاءها بعدم زيارتها مطلقاً ما لم تأكل, سالبين منها هاتفها المحمول ومشغل أسطواناتها الموسيقية وكل أشيائها.. على أن هذه الضوابط هي جزء من العلاج. ومر الزمن والفتاة تعتاش على المحلول الطبي الذي كان الوسيلة الوحيدة لمنع جسدها المتناحل ووجهها المصفرّ من الدخول في غيبوبة.. ثم قامت بمغامرة ساذجة حينما غافلت الطبيبة المناوبة فاتصلت بصديقتها Léa التي شاركتها من قبل رحلة إسبانيا وصديقها Thomas, فاقتحم الصديقان المستشفى محاولين أخذ Lili واستعادتها لهاتفها المحمول الذي كانت تتوقع أن تجد عليه أي رد أو مكالمة فائتة من الأخ.. لكن المغامرة لم تكتمل, وتم اكتشافها فأوقفها الأطباء المناوبون وعادت Lili إلى عزلتها وسجنها الطبي.. إلى حين حصلت المفاجئة.. ووصلتها رسالة من أخيها إلى منزلها يبلغها فيها أنه "بخير" يجوب البلاد مع غيتاره ويشق طريق حياته بنفسه, رسالة نقلها الأبوان إلى الفتاة وهما في غاية السعادة, فاستعادت تدريجياً ألقها ورغبتها بالعيش, واستأنفت حياتها التي أصبح محورها البحث عن أخيها الغالي البعيد.


   * بعد ذلك توافدت الرسائل من الأخ من عدة مدن, كانت جميعها تشير إلى أنه يستمتع بحياته, وفي كل الرسائل كانت عبارات القدح والإساءة للوالد حاضرة, تلك العبارات التي دارتها Lili من أن تصل إلى أسماع والدها أولاً رغم قراءتها لها أمام أمها, ثم أصبح الوالد يصر على سماعها.. ثم بدأت الفتاة بالبحث عن أخيها في المدن القريبة دون أن تنجح في التوصل إلى نتيجة. ومع انتهاء الموسم الدراسي وبعد أشهر عديدة, فوجئت Lili بانفصال صديفتها Léa عن Thomas فأصبح الأخير الرجل الوحيد في حياتها, وتطورت علاقتها به شيئاً فشيئاً إلى أن أصبحت حباً. أما Thomas فقد حرضّ Lili على ضرورة الانفصال عن والديها والبحث عن حياتها الخاصة وبيتها المستقل, لاسيما أن رسائل Loïc كانت تدعم هذا الجانب, فكثيراً ما طالبها فيها بعدم الانصياع لرغبة أبيها وشق حياتها.. ومع انتهاء الدراسة بدأ الطلاب يفكّرون في قضاء عطلاتهم في مدن عدة فاختارت Lili مدينة ما, لكنها غيرت رأيها دون أن تخبر أبواها أو حتى صديقها بوجهتها.. وشاءت الأقدار أن تجد Thomas هناك.. ثم كانت الصدمة الحقيقية حين شاهدا والدها يرسل رسالة من تلك المدينة -دون أن يراهما- ثم حين عادت للمنزل بعد أيام تم إبلاغها أن رسالة قد وصلتها من أخيها من تلك المدينة بالذات لكنها هذه المرة تضمنت أنه سيسافر إلى خارج البلاد كلياً, فأيقنت أن كل الرسائل لم تكن من Loïc بل من الوالد الذي ظل طويلاً يقلّد خط ابنه ليبث الأمل والرغبة في الحياة في ابنته.. تقبلت الابنة الأمر وفهمت أن ما قام بها أبوها ليس إلا حفاظاً على حياتها من أن يفقدها أيضاً بعدما رحل ابنه, حتى أنها صارحت أبوها وأمها بالأمر.

   * وفي أحد الأيام قررت Lili أن تدخل صديقها إلى منزلها ليتعرف على أهلها, لاسيما أنهما بدأا يبحثان الانتقال من المدينة, فحددت لـThomas موعداً وذهبت تشتري هدية تليق بالمناسبة.. إلا أن Thomas في صبيحة ذلك اليوم كان مع والديه في مقاطعة مجاورة فاصطحباه في زيارة لقبر جدته.. ولشد ما كانت صدمته كبيرة حين قرأ في المقبرة اسم Loïc Tellier على إحدى شواهد المقبرة متوفىً منذ عام مضى.. فعاد الصديق مسرعاً إلى منزل والدي Lili قبل أن تحضر هي من منزلها.. فسألهما عن الحقيقة بعدما رأى من اسم على ذلك القبر, ليكتشف أن Loïc قد توفي خلال زيارة Lili إلى اسبانيا جرّاء سقوطه من منحدر كان يتسلقه,و ثم اعترف له الأبوان بأنهما كانا يخشيان على ابنتهما هول الخبر فكذبا عليها بتلك الكذبة, ثم أصبح من العسير بعدما جرى كشف الحقيقة لها, وطالباه أن لا يخبرها شيئاً. أما هي, فعادت حاملة هديتها, ورغبةً منها في إخفائها دخلت إلى مرآب سيارة والدها لتخبّئها, وكانت الصدمة أنها وجدت ضمن السيارة غيتار أخيها.. فأدركت تمام الإدراك أن أخاها لم يعد له وجود.. رغم ذلك دخلت Lili وشاهدت أجواء مشحونة داخل المنزل مع أبويها وصديقها.. ثم خرجوا كلها, في حين كانت وصديقها يلمحان لبعضهما بالحقيقة كشيء خفي حين قال كل منهما للآخر أن لديه شيئاً ليقوله.. ثم بعنفوان كان هذا الشيء ليس الحقيقة الخفية.. بل كلمة "أحبك".....


  أكثر ما يلفت في القصة هو الدراما المتعددة الطبقات التي تتطور وقائعها وشخصياتها كثيراً من البدء إلى النهاية, حتى أن القصة ذاتها تنقلب كلياً من مسألة اختفاء ابن تخاصم مع أبوه كحكاية مألوفة جداً, ليندرج فجأة ضمنها علاقة التوأمان ببعضهما البعض وإحساسهما الكبير بالآخر, فلشد ما كانت Lili تستشعر المأساة مسبقاً قبل أن توصلت بنفسها إليها. الأمر الآخر الذي يمكن لمسه بوضوح هو مقدار الحب الشديد الذي صبّه الأبوان في الرواية, فالكذبة التي يبدو أنه كان مقدراً لها أن تكون مرحلية أصبحت سبيلاً للحفاظ على حياة ابنتهما الوحيدة الباقية, نعم هي كذبة, وصحيح أنه ليس للكذب ألوان إلا أنها كذبة بيضاء ملائكية,  تعبر بوضوح عن طيبة الأبوين وحرصها ورغبتهم الجارفة في الحفاظ على الأسرة من هول فاجعة جديدة, وكم هو من العظمة ما قام به الوالد خصوصاً, الذي آلى على نفسه أن يظهر بمظهر المخطئ الذي تسبب برحيل ابنه, وأرسل لابنته عشرات الرسائل على أنها من أخيها متضمنة الشتم له شخصياً, رغم إدراكه الكبير أن الكذبة لا يمكن أن تستمر للأبد. إذاً فالنص قد تعامل مع تطورات الموقف بذكاء واضح مدروس جعل منه نصاً غير اعتيادي يصعب وصفه قادراً على فلسفة خبايا النفس ورغباتها, وذا مناخ متوازن خصب ليعكس أفكاراً عديدة ويطورّها.. وكوني لا أدري حقيقة العلاقات الاجتماعية في فرنسا, فربما لا يحق لي توجيه انتقاد هنا؛ حيث أنني توقعت أن ينكشف الأمر من الجيران أو أصدقاء العائلة في مثل هذه الحالات, فالعمل قد صوّر لنا تلك الأسرة على أنها شبه معزولة عن الناس وقلل الشخصيات الهامشية إلى أقل الحدود.
فنياً.. قدمت Mélanie Laurent أداء رفيعاً متطوراً بما يتوافق مع القصة المتصاعدة, وأظهر Kad Merad الوالد بصورة إبداعية كبيرة أثيرة بالاحترام والتقدير, فكانت هاتان الشخصيتان المفعمتان بالمشاعر قادرتان على إغناء العمل بالإمتاع, ولا شك أن Julien Boisselier كصديق وIsabelle Renauld كأم كانا اختياراً موفقاً للأدوار الداعمة التي تجعل من الشخصيات شخصيات تذكارية لا تُنسى. أما من ناحية المونتاج فتقسيم العمل زمانياً وإظهار التاريخ رقمياً كان أمراً ضرورياً لإكمال القصة وتوضيحها في ذهن المشاهد. أما الصورة فبين العواصف والأمطار والشمس والألوان تنوع خصب تماشى مع المشاعر والانطباعات فزين الفيلم, في حين كانت الموسيقى بسيطة تكاد تكون تكرارية مع أزمنة وآلات متعددة... لكن بقيت تدور حول أغنية Aaron التي استهللتُ بها مراجعتي والتي كانت -وفق رواية العمل- مهداه من الأخ الغائب إلى أخته, والتي حين تتدفق في آخر العمل ستحمل لنا نوبة حادة من الشعور الغريب بألم الوداع والغياب الذي لم أستطع شخصياً مقاومته, فبكيت..

 


 IMDB

بقلم : نزار عز الدين .. 

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا