احصائيات المدونة

cenima world

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

Cloud Atlas -2012



حياتنا لا تنتمي لنا ,.من الرحم إلى القبر نحن متصلين بالآخرين , في الماضي والحاضر ., وكل جريمة أو كرم تُشكل مستقبلنا ..

تلك الخفية التي تسري فيها دقائق العمل والتي تطفو كسحابة تتلاعب فيها النسمات العاتية , لتسحبك بين صريرها إلى عوالم عديدة ومِلل لم تسمع بيه قبلاً , وأجناس تكاد أن تجزم أنها مخلوقات غير بشرية ,, تلك السحب التي كانت تسحبك تارة إلى الثقب الأسود الكائن في المجتمع الإنساني وفي أخرى تصعد بك إلى أن ترتقي إلى عنان السماء لتشهد مدى تَحمل تلك ألإنسانية  من سامية .

عند اجتماع المخرج الألماني توم تويكر _صاحب الرائعة اركضي لولا _ والمخرجين الأمريكيان اندي ولانا واشوسكي_صناع ظاهرة الخيال العلمي ماتريكس_ في تحرير احد النصوص التي تجمع مابين الخيال العلمي والدراما الإنسانية وجعل عملهم بمثابة الأحجية التي يتم تشكيل جُزيئاتها المترامية الأطراف في محاولة للوصول إلى هدف وحيد أوحد وهو , الترابط بين تلك العوالم  , بين تلك الشخصيات , بين تلك ألأجناس , واختراق ما هو ملموس في ظاهرة لاندثار الأجساد , واندماج الأرواح في نهاية ألأمر ,, ..
سحابة ألأطلس هو شبيه بفقاعة الهواء التي تجمع ذرات المياه بين جزيئاتها والتي في نهاية ألعمل تنفجر ناشره تلك القطرات على مخيلة المشاهد باعثه فيها النشوة والحرية وأجمل العبر والمعاني التي تسحره بلغة النقاء , لا أود الخوض في تلك القصاصات أو العوالم المنتشرة من مختلف الحقب والإرجاء , وادخل القارئ في سلسلة من السطور التي لا نهاية لحروفها , وبتأكيد تلك السمة تحسب لمحرري النص المتماسك والمصاغ بشكل متميز والذي يجعلك تمسك بطرف الذروة السردية منذ البداية و حتى يزفر العمل أخر أنفاسه في النهاية ..


 ما يجعل سحابة ألأطلس عمل يستحق الحديث عنه والمشاهدة هي تلك السيطرة المهيبة على النص الملقى لنا ومع تعدد الشخصيات والأطاريح وحتى اختلاف طرق السرد , فأحداث العمل تنتقل من الدراما الإنسانية السوداوية إلى بركانية الإثارة ومنها إلى لمسة طفيفة من الكوميديا التي تبحث عن ملامسة شفتي المتلقي بكل رقَء ..

في بداية مراجعتي وضعت أحد الحوارات المقتبسة من العمل , والتي شخصياً أجد أنها حاولت إن تصف تلك الأفكار التي حاول صناع العمل إن يقدموها , العمل يسرد قصة مجموعة من البشر الذين يختارون مساراتهم الخاصة وفي نقطة ما يكون عليهم الاختيار مابين اختيار سلبي لمصالحهم الخاصة أو اختيار ايجابي أنساني قد يؤدي بحياته ,, نلاحظ أن حياة شخوص العمل على المحك , بل هيا عاجزة عن الاتصال الحقيقي بما يحيطونه أيضاً, ومن هنا حاول صناع العمل إضفاء تلك المشاهد المقربة على وجوه شخصيات العمل وخصوصاُ (العيون) في رمزية تبيح في الاتصال الحسي والإنساني والذي يتفوق على لغة الجسد والكلمات ..
في العمل تكاد تجزم إن كل شخصية هيا محور للأحداث , ثم تنكمش تلك الشخصية لتصبح ذرة في مدار أضخم وأكثر اتساعاً , باعثة إننا مجرد قطرات صغيرة ينشأ من خلالها المحيط الإنساني , ومع تلك الأيقونة ستوقن إن المحيطات الهائلة الاتساع تتكون بـِ الأصل من قطرات واقصد الإفراد .. فكل قطره _فرد_ يمكن إن يؤثر في مسيرة شخص أخر سلباً أو إيجابا فكل خطيئة أو حسنة نقدمه لشخص أخر ستأتي لحظة في الحياة لترد لك  بشكل أو أخر , والتي يقدمها العمل بسلسلة من المشاهد المميزة والتي تخطف الأنفاس وتحرك المشاعر والأحاسيس ..


للحظة لم أصل أو أتوصل إلى الإيقونة الرئيسية والتي تشكلها مفرداتها الاسم الذي اختير للعمل , _فسحابة الأطلس _عمل يخوض بأكثر الجدليات البشرية وهي مصطلح _الحرية _ فيرتقي العمل بهذا المفهوم لكي يشبهَ بسحابة التي تتطاير في الأجواء والتي لا منزل ولا وطن تسكن بين أسواره , تلك السحابة التي لم تمل شخصيات العمل من الارتقاء بنظرة إلى السماء ومشاهدة تلك السحب لأنه الجزئية الحقيقية والملموسة في تلك العوالم الخيالية ,, السحب كونت معنى الحرية والأطلس كان يعبر عن تلك الشبكة من الخطوط التي تترابط فيها الإنسانية وتلك العلاقات التي في لحظة يمكنها إن تؤدي بحياة إلى القبر أو تنجب حياه من أعماق رحم القهر ..
_لسحابة ألأطلس _ خفية جذابة ومتعه مترامية الإطراف تتسع فيها كافة المشاعر الإنسانية ففي لحظة تنطلق إلى رؤية البشرية في كل الأزمنة كحيوانات مفترسة تنهش لحم الضعيف منها وتقوم بـِ التهامه , وفي لحظة أخرى تشهد تلك الشفافية والبراءة وسمو الأحاسيس البشرية ومدى عظمة خلقتها ..


_سحابة الأطلس _,, هو عمل يتحدث عن الحرية بِكل حرية وشفافية ومتعه لا مثيل لهَ ,, والبحث في تلك العلاقات التي تربط الفرد بالفرد , والولوج إلى إن كل لحظة نعيشها يمكنها إن تغير في مسارب حياتنا وحياة من يتصلون بنا ,
في خاتمة المراجعة ,, أرى انه العمل قدم بشكل ممتاز ويستحق المديح بداية من مخرجيه ومحرريه والطاقم التمثيلي بقيادة الإيقونة السينمائية (توم هانكس ) والجميلة السمراء ( هالي بيري ) والتي قدموا مجموعة من الشخصيات التي كانت جد جميلة وتحمل بين طياتها العديد من الرسائل ألإنسانية ..

4.5/5

السبت، 15 ديسمبر 2012

Holy Motors 2012 - تحية لشيــــاطيــــــــن الــــسيــنمــا ..


المخرج المثير للجدل لويس كاركس يعود الى تقديم احد الإعمال الطويلة بعد أخر أعماله طوكيو في عام 2008 ,, كاركس جال وصال في عقل المشاهد وتلاعب فيه وداعب من خلال عمله العشق السرمدي لسينما من خلال تلك المجموعة من المشاهد المبعثرة ذات القالب السريالي العبثي التي تصب في النهاية لمنحنين الأول هو تكريم صناع السينما وكوادرها والثاني الولوج إلى جعل المشاهد يختنق في تأمل معاني لوحاته وتعتصر مشاعره بين الآم في لحظة وفي أخرى تتراقص على الحان الأكورديون ..



لويس كاركس حاول ان يقدم ما يقارب العشر مشاهد منفصلة من خلال (سوق السيارات المقدس ) أو بالأحرى هيا رحلة يقوم بيه شخص مجهول الهوية باسم الأستاذ اوسكار (دينيس لايفينت) في احد السيارات اليموزين الضخمة ليقوم بمجموعة من الاستعراضات والمواعيد مع مجموعة من الفئات والأمر البارز هو الازدواجية التي عاثت تلك الشخوص فتارة كنا نرى أنفسنا في احد القوالب الأكثر شهوانية ومقتاً ودموية وفي أخرى نسرح في عالم من الميلودرامية الإنسانية القاسية وفور انتهائنا يأخذانا العمل إلى الصراع السرمدي في الدراما الرومانسية .. كاركس تعمد إن يصبغ لوحاته بشتى أصناف السينما فلو لاحظنا انه من خلال لوحاته انه قدم سينما النوار وأفلام العصابات والجريمة الدموية وانتقل إلى الرعب النفسي والدموي وحاول بقدر الإمكان الولوج إلى السينما الاجتماعية وخطف أجمل وأعمق المشاهد الرومانسية وانتهى بتكريم السينما الغنائية وكل تلك المشاهد قدمت بقالب السينما السريالية وهذا لوحده يحسب لكاركس كمخرج متفرد وذو رؤية متميزة للغاية ..
في افتتاحية العمل يظهر مسرح في احد السينما وتظهر فيه الجماهير كأنها في سبات عميق أو أنها توحي لك أنها مفارقة للحياة وينطلق مع الكاميرا إلى ما وراء الكواليس , ليظهر شخص يستيقظ من النوم , ليصل إلى حائط في وسطه ثقب لمفتاح يحمله في يده , ليقوم ذلك الرجل بفتح ذلك الحائط ويدخل من خلاله إلى دار السينما التي ظهرت في المشهد الأول .. شخصياً أرى إن المشهد يعبر عن تلك الحالة التي ترمز لها السينما فهي مفتاح الحياة وكسر جدران الجمود الإنساني ومحاولة للبحث عن ما يسمى بالحلم ولهذا ظهرت الجماهير في المسرح بسبات عميق تلقاء انتقال كل مشاهد من خلال الصورة إلى عالم الأحلام الخاص فيه ومع تلك الشخصيات المعروضة على الشاشة ..


في المشهد الذي يليه تظهر الشخصية الرئيسية السيد اوسكار هذا الرجل مجهول الهوية بنسبه لنا كمشاهدين فلو افترضنا ان اوسكار يعبر عن الممثل او الكوادر التمثيلية وأن تلك المواعيد مجرد مشاهد يقوم بِ أداءها لوصلنا إلى فكره انه نحن غير قادرين على معرفة الشخصية الحقيقية خلف تلك الأقنعة والأدوات التي يقوم أوسكار بوضعها على وجهه لكي يتقمص الشخصية والتي تؤدي بنا لرؤية شخصيته كما نراها إمام الشاشة من خلال الشخصية في العمل السينمائي ومن هنا تأتي محاولة كاركس إطفاء تلك الجدران حول الشخصية الحقيقية لأوسكار وأي منها واقعي وأي منها مزيف ,, هنا تبدأ تلك القصاصات الصورية في الظهور على الشاشة بداية من الشحاذ ومشهد التقني لشخص يدخل في عالم وهمي الكتروني في حالة من ألذه الشهوانية والغريزة السادية والدموية الجانحة ومنها إلى مشهد المتشرد القبيح الهمجي و اختطافه لأحد فتيات الإعلان إلى والولد الذي يقوم بتأنيب أبنته المراهقة والوصول إلى مشهد عزف الأكورديون ومشهد العصابات وقتل احد الأشخاص وأخيرا مشهد العجوز الثري الذي يعيش أخر لحظات حياته ..

تلك المشاهد التي جعلت المشاهد في حيرة كبيره من أمره وأدخلته في عالم من تضارب مشاعره الداخلية , الذي كان بحد ذاته يرسم مدى تأثير السينما في الحالة الحسية للمشاهد ومن خلالها استذكر مشهد الرجل الذي يصعد السيارة مع اوسكار وفي حوار جذاب يقوم بتشبيه الممثل او (اوسكار) باللص الذي يحاول أن يسرق ولو لحظة من الآم أو ابتسامه بسيطة من شفتي المشاهد وهنا سر الجمال الحقيقي لسينما كما قال عنه اوسكار ..
من طرف أخر كاركس خاض في سلسلة من الأفكار الإنسانية في لوحاته وسأحول قدر الإمكان أن أضع جزء من التأويل الشخصية لتلك القصاصات ..

 

- مشهد المتشرد ..

في هذا المشهد حاول كاركس إن يوضح مدى الجمال القابع في الحياة ولو لاحظنا وجود مجموعة من الإزهار في المقابر والتي يقوم ذلك المتشرد القبيح بـِ التهام وعند وصوله إلى احد الحسناوات العارضات (ايفا منديز ) يقوم ذلك المتشرد باختطافه ومحاولة التهامه حتى خصلات شعرها والتهام كل ما تحمله , ثم يقوم بتمزيق أجزاء من ملابسها ليغطي أجزاء جسدها حتى لا تظهر سوى عينيها في النهاية وتلك الحالة جعلتني انظر إلى تلك الغريزة الإنسانية في القمع والأنانية التي تقبع في أنفسنا في امتلاك كل شيء جميل وحبسه بين جدراننا الخاصة كاركس كمن يرى ان الفطرة البشرية هيا كذلك المتشرد قبيح مُقرف ولا يمكن إشباعها ..



- مشهد الدخول الى أحد الشركات الرقمية ..


في هذا المشهد لاحظت مدى الحنق الذي يحمله مخرج العمل على طرق الاتصال والتواصل الحديثة والالكترونية في بناء صراع شهواني بين احد الفتيات واوسكار تلك اللحظات التي كانت تعبر عن المقت الشديد لثورة الرغبة البشرية في القتال والدماء والجنس دون اتصال حقيقي فالشخصيتان كانتا مجرد جسد دون روح والتي في نهاية المشهد حاول إن يصفها كاركس بِ ممسوخ الرغبة القبيحة ..

 


- مشهد رجل العصابة ..

في هذا المشهد وجدت إن كاركس حاول بقدر الإمكان أن يثير جدلية الرغبة الإنسانية في القتل ففي احد الحوارات يطلق اوسكار قوله .. ارغب في القتل .. في لحظة كان حالة القتل لشخص أخر ولكن مع تبدل الوجوه ظهر أن القتيل هو صوره طبق الأصل لـِ اوسكار القاتل وبتالي أن شخصية العمل الرئيسية تقتل نفسها بنفسها والذي يعبر عن موت الروح أكثر من موت الجسد في تلك اللحظة ..

في عدد من المشاهد حاول أن يلوح في افقها مدى قدرة السينما على خلق سلسلة من ازدواجية المشاعر الإنسانية ففي لحظة شاهدت واحد من أكثر المشاهد قسوة من خلال أب يقوم بتأنيب ابنته المراهقة بشكل مزري للناظر وملاحقتنا لنظرات والدموع المنهمرة من عيني تلك الشابة ليقفز كاركس إلى احد المشاهد الموسيقية الكوميدية لمجموعة من عازفي الأكورديون ليثير البهجة من جديد في نفس المشاهد .. تلك اللحظة تلك القفزة كانت بمثابة الطيران من الكابوس الإنساني إلى مصافي الحلم الجنوني في معتقل البشرية من خلال القالب السينمائي الفني العظيم ..


كاركس في عمله يصور السينما كمراه للواقع الإنساني وهنا يفرض علينا أن نلتقط شيء من العالم المجهول لـِ اوسكار والتقاءه بعشيقته السابقة, والتي تعمل في ذات مجاله إيفا غريس (كيلي مينوغوي) , في احد ألذ واكثر مشاهد العمل جمالاً وثورة عاطفية , والحنين إلى الأخر , والتي تخللها أغنية جد رائعة والتي قدمتها المغنية والممثلة كيلي بشكل يأسر الناظر ,, لينتهي المشهد بانتحار جين (ايفا) ,, نحن لا نعلم ولن نعلم إن موت (ايفا) هو حقيقة أم مجرد مشهد تمثيلي أخر ,, لكننا نلتفت إلى موقف اوسكار المثير للجدل بصراخ والفرار إلى سيارته والذي عبر من خلاله عن حالة الفقدان لتلك العلاقة والعواطف الحقيقية من ايفا والتي أوضح إن اسمها يعبر عن المرأة والتي تعبر عن العواطف الإنسانية فالموت هنا يعبر عن موت الإنسانية والأحاسيس في المجتمع البشري .

أصل إلى مشهد الختام وفيه تقوم الفتاه التي تقوم كسائقة لـِ أوسكار سيلين (أديث سكوب),, والتي لاحظنا معالم الهدوء والجمود الباردة في ملامحها في معظم مشاهد العمل ’, والتي اختتم فيها كاركس مشاهد عمله بحملها لأحد الأقنعة وارتداءه,, والتي أرى إن المشهد يعبر عن فقدان الهوية الشخصية للفرد في هذا المجتمع بعد فقدانه لكافة معالمه الإنسانية أو هيا محاولة لمحو تلك الهوية التي تعبر عن واقع رثائي مرير رخيص يسمى المجتمع البشري البائس والانغلاق على النفس في النهاية ..
تحية لشياطين السينما ..

كاركس كما افتتحت مقالتي جال وصال في السينما وصناعها وتكريم كوادرها فلو لاحظنا ان العمل مال إلى قالب الفرنسي جان لوك غوادر في التقطيع والمشاهد التصويرية المنفصلة ومحاولة إعادة جزء من السينمات المنسية مثل السينما الغنائية في مشهد كيلي الغنائية وسينما النوار في مشهد انتحار ايفا واستحضار بعض الإعمال الهامة منها رائعة كارول ريد النوارية من خلال خروج ذلك المتشرد القبيح من المجار ير بما يذكرنا في المشهد الشهير لتحفة الرجل الثالث وأيضا محاولة الولوج إلى تكريم السينما الفرنسية من خلال إطلاق مشهد الجميلة والوحش والتي يعبر عن تحفة كوكتو الكلاسيكية الجميلة والوحش وإما القناع الذي ظهر على وجه سيلين فهو ذاته القناع الذي عرض في الرائعة الكلاسيكية الرعبية الفرنسية عيون دون وجه .


لويس كاركس في عمله (سوق السيارات المقدس ) قدم مفهوم السينما على انه رحلة تطوف في المجتمع الإنساني وتسرق الصور الجميلة والبشعة من ازقته ,  تلك الصور التي تعبر في لحظة عن الحلم والكابوس البشري والتي قام بنحت أيقوناتها شياطين السينما أو كما يطلق عليهم صناع السينما , فهم اوجدُ عالم أخر يصل مابين عدسة الكاميرا وعين المشاهد ليشعرُ جماهيرها بتلك الباقة من المشاعر التي ظنٌ أنهم فقدوها في واقعهم ..
من أمتع وأكثر إعمال العام جمالاً ..  

الجمعة، 14 ديسمبر 2012



جيوب مثقلة بالحجارة ..

إلى أي مدى يستطيع الماضي الغابر أن يدحر كافة الآمال في الحاضر والتي تختنق أنفاسك كلما انتشيه من ذكرياتها والتقطه مخيلتك من معالمها وأرتعش قلبك في استذكار شخوصها .. ذلك الماضي الذي أصبح بمثابة الحجارة التي تملئ جيوب الروح وتغرقها في بحيرة من ظلمات النفس والفقدان والعذاب ألأليم والذي يهلكك في نهاية الأمر ..
أندرس والذي يقدم شخصيته الممثل الشاب أندرس دانيلسين والذي يقدمه المخرج النرويجي جوشام تيري كشخصيه فقدت هويتها بين الضياع مابين الإدمان والجنس والذي على ما يبدو قد زلزل أركان حياة اندرس وجعل كافة الأشخاص الذين يحيطون بيه ينفصلون عن عالمه ويتمنون بشكل أو أخر زواله .. اندرس وبعد مضي 9شهور في احد المصحات للإقلاع عن الإدمان يعود لـِ أوسلو في مقابلة للعمل في أحد المجلات النرويجية الهامة وهناك يقضي يوم واحد يجعل منه يوم من الصمت في ذكرى ذلك الشاب .. ترير حاول بِقدر الإمكان أن يشبع شخصيته الرئيسية بالعمق والتركيبة المعقدة التي تتقمص تلك الكاريزما من ملامح وجه ذلك الشاب الذي يحاول أن يبدأ من جديد في حياته ولكن باءت العودة إلى عوالم كل من يحيطون بيه أمر شبه مستحيل نظراً لتلك الذكريات الأليمة التي تعث أنفسهم من خلال ما صنعة يدي اندرس في الماضي ..


جوشام ترير يراهن في عمله على الصمت والصورة الضبابية ورسم لنا أوسلو كأنها عالم جديد على اندرس رغم أن غيابه لـِ تسع شهور لا يعتبر بتلك ألمده الزمنية الطويلة , أندرس يجوب الشوارع والأزقة في أوسلو ونظراته المليئة بالحنين والتعب والشفقة على نفسه والتي تلحظ انه غاص في سواد أعماله السابقة والتي جعلته ينتظر ولو بصيص من النور يعيد الروح الى جسده من خلال ترابطه مع عشيقته السابقة أو صديقة أو أخته لكن على ما يبدو أن تلك الشخصيات لم تستطيع أن تغفر لأندرس تلك الآم التي باتت كجدار يصده عن الآخرين والتي جعلت منه شخص وحيد منعزل غير مرغوب فيه ..
الأمر المثير في العمل أن مخرج العمل جوشام حاول أن يرسم لنا تلك العوالم من خلال يوم واحد يمضيه اندرس في أوسلو بشكل واقعي وحاول بقدر الإمكان استخدام الزوايا والتقاطعات من خلف تلك الصورة الضبابية لوجه اندرس تعبر عن الخذلان والإذلال والضياع وبنهاية محاولة الفرار ومحو تلك الشخصية والإنسان .. \


في أحد المشاهد البارزة يدخل اندرس إلى احد المقاهي ويقوم بإلقاء نظره إلى من يحيطون بيه في المقهى وخارجة من خلال الزجاج , تلك النظرات عبرت عن دواخل ومخارج نفس اندرس وتلك الأصوات والحوارات التي كان يستمع إليها عبرت عن مَفقده هو كانسان جراء الإدمان فكانت تشعر بارتعاش الكاميرا وصمت ينخر اذنيه تلقاء سماعه احد الجالسات في المقهى تتحدث عن طموحاتها في الحياة وجزء من الأحلام التي تتضارب في مخيلتها وفي طرف أخر ينظر اندرس من خلال زجاج المقهى ليشاهد رجل عجوز وطفله صغيره واللذان يبرزان الشرخ الهائل يعبر عن ماضي فقده اندرس إنسانيته فيه ومستقبل مشوهه الهوية , المخرج جوشام حاول أن يبرز مدى الاختناق والغوغائية التي ترتسم في روح اندرس وتلك الأصوات التي تطرح في عقله والتي توصله إلى حافة الهاوية في مسرب حياته الشخصية .


انتقل المخرج من المشاهد النهارية إلى المشاهد الليلية مع الأخذ في الحسبان انسدال شعاع الشمس الذي كان يعبر في لحظة على بصيص الأمل في نفس اندرس بالعودة إلى حياته ولكن مع انسدال الأنوار ومع انعدام إي اتصال حقيقي بين اندرس واقرب الناس إليه عادت تلك الأفكار لشخصية العمل بالعودة إلى جنونه وضياعه في عالمه القذر السابق ,, جوشام قدم هنا مشهد رائع من خلال الجنون وضحكات اندرس المصطنعة في احد الملاهي الليلة ومحاولة عبثاً انتشاء الحياة من خلال الجنس والمخدرات ولكن كنت تشعر أن تلك المشاهد واستخدام الضجيج وموسيقى الروك أند رول كأنه بمثابة ناقوس الخطر في حياه اندرس .. أعجبني استخدام الأغاني في العمل والانتقاء فيه بشكل يعبر عن تضارب مشاعر الشخصية والتي لاحت في منتصف الجزء الثاني ةمن العمل احد الأغاني المثيرة (Dying Hipste) والتي تلتها مجموعة للمشاهد الجميلة لاندرس مع احد الفتيات والتي خلقت انطباع بعودة اندرس الى الحياة من جديد والتي عبر عنها جوشام باحتضان اندرس بتلك الفتاه من الخلف والتمسك فيها إثناء صعودهم إلى احد الدرجات الهوائية والطيران في عالم من الحلم الجميل وعلى ما يبدو أن في هذه اللحظة وصل الى اندرس تلك الفكرة التي توصله بأنه يسيء إلى كل من يقترب منه والتي أدت إلى رحيله عن تلك ألمجموعه وعن تلك الفتاه منسحب وحيداً والعودة إلى منزل والديه في النهاية لإنهاء حياته ..!

أوسلو 31 أغسطس عبرت عن مرثية إنسان أضاع ماضيه في غوغائية شهواته والتي أثرت في حياته ومن يحيطون فيه والتي جعلته ضحية لاختياراته السابقة وماضية السيئ والتي جعلت ذكرياته حجارة تسكن في جيوبه تجره إلى قاع الظلمات والفرار من كل الإفراد الذين أساء لهم يوماً واختيار الموت كنوع من إراحة روحه في النهاية ..


العمل يعتبر من الإعمال التي يتوقع ترشيحها لجوائز الأوسكار لهذا العام وشخصياً أرى أن العمل قُدم بشكل بسيط وواقعي جميل ناهيك عن الأداء الممتاز من قبل الممثل اندرس دانيلسين والصورة الجميلة للغاية والمونتاج الممتاز ودمج لغة الموسيقى والأغاني بشكل احترافي والتي عبرت عن تلك التضاربات في روح الشخصية .. 


تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا