احصائيات المدونة

cenima world

الأحد، 26 أغسطس 2012

interiors 1978 - انا محتاجة جداً لميناء سلام ..!

  

 

interiors 1978
Woody Allen - about love, life and death
 
انا محتاجة جداً لميناء سلام ,, وانا متعبتاً  .. أنا متعبتاً ,, فتكلم , تكلم  - ماجدة الرومي (كن صديقي)

.. أن تسير في المجهول وأن تحاول ان تجد السبيل لتلك الكأبة واليأس التي تهنش روحك وتعاث نفسك ,, ليغريك الموت وتنبذك الحياة وتنصهر بين الجدليات التي تجهضك من الداخل ,,
 ,,, في لحظة تصبح العزلة وينسك والغربة موطنك والصمت دليلك .. .. !!!

 من الداخل كانت أحد تلك اللمسات السينمائية التي تمرجحت في مخيلتي طويلاً قبل ان اسهب في الكتابة عنها والحديث المطول في نجاعة سينما الامريكي وودي الن ليس من خلال النص فقط بل من خلال الصورة والصوت والاخراج الفني المتقن والتمكن من أستحضار لغة ادائية عالية المستوى , وودي الن في سينماه يضيق الخناق على اي متبع سينمائي خبير في الولوج الى مسار واحد نحو التطرق الى مايقدمة فتكمن عظمة سينماه في تلك المفارقات التي تضج فيها نوعية اعمالة فيغلب على بعضها الانسياق الى الكوميديا السوداء او كوميديا الرومانس والميلودرامية السوداوية في اخرى ناهيك عن حرصة على غدق اعمالة بكم من التدوينات الادبية لذا في بعض الاحيان لتتمكن من الاستمتاع حقاً في سينماه يجب ان تكون ذو مرجعية ولو بشكل بسيط حول الثقافة الفكرية والادبية العالمية ..


أعود الى الحديث عن اول مراجعاتي عن احد اعمال وودي الن وهو فلمة من الداخل الذي يظهر فيه تأثر هذا الصانع بسينما السويدي العظيم انغمار بيرجمان والبحث في جدليات الموت والحياة وفقدان الهوية والغوص في مفارقات النفس الانسانية وسوداوية الافكار وفقدان المشاعر والخواء العاطفي ناهيك عن لمسة من الرثاء لحال المجتمع الانساني وماتوصلت اليه في وقتنا الحالي ,, وودي الن في من الداخل اعاد لي تلك الحالة التي غلفتها اعمال السويدي بيرغمان في نفسي واستذكر منها الختم السابع وهمسات وصرهات وسأبتعد في تأويلاتي لفرض حبل اتصال والحديث عن ثلاثية الايمان البرغمانية وصياغة تلك الجدليات التي استحضرها بيرجمان في الصمت من تصعيد معنى الفراغ العاطفي بشذوذ الجنسي والخوض في ذات الفكرة في عملة من خلال زجاج معتم من خلال غرفة فارغة في احد الجزء النائية , من هنا سوف انطلق في تحليلي الشخصي عن ماقدمة الن في عمله هذا حقيقة , فوودي ارتكز على عدة ركائز لأيجاز المعنى الفكري لمسمى الفراغ المشاعري للبشرية فلو ركزنا على اسم العمل من الداخل وخضنا تجربة مع الصور الداخلية لمشاهد العمل لظهرت امامك غرف ذات تناسق مهيب والاثاث الذي يكتنف في زواياه بترتيب ملحوظ للغايه فكنت ترى خارجياً سيطرة تلك الكوكبة من البشر على المظاهر وبعكسها تشعر كمشاهد ببرود وجلافة التي اغدقها الن من خلال استعمال الظلال والاضاءه على الزوايا الفارغة في غرف المنزل واستخدام الالوان الباهته باستمرار وايضاً انعدام استخدام الموسيقى في معظم مشاهد العمل لنثر تلك الكأبة والياس في سراديب عمله والتركيز على الصوت الذي تصدرة الريح وتنفس الشخصيات وحفيف الاشجار لي أستحضار الفراغ الذي تقبع فيه تلك الاجساد ليكون خاوي لضريات الرياح في عرينه .
 وودي الن وضعنا ضمن عائلة تتألف من ثلاث اخوات يصارعنا حال والدتهن التي أصابها أنهيار نفسي مما ادى الى ادخالها في احد المصحات لفتره من الزمن وهنا تحدث عدة انكسرات في برجوازية تلك العائلة التي كانت في يوم ما مثال يحتذى فيه في المجتمع وهنا سيأخذنا الن الى تجربة ليس في قصاصات تلك العائلة بل الى نفوسهم والبحث في تلك الانكسارات التي تنهش ارواحههم ... لو تسمحو لي ان اخوض تجربة التحليل لتلك النثريات النصية الرائعة التي اغدق وودي الن عملة فيها وجعل من كل شخصية من شخصياته تعيش حالة من ازواجية المشاعر ومفارقات الاختيارات وطمثها بسخرية رثاية مؤلمة ..


الاخوات الثلاث الكبرى ريناتا (Diane Keaton) الوسطى فالين (Kristin Griffith) والصغرى جوى (Mary Beth Hurt) تعيش كل منهن حياتها الخاصة فريناتا كاتبة ناجحة ولكنك ترى في ذات الوقت ان ماتعتاشه مع زوجها هيا حالة من المسؤولية اكثر من الحب فترى ان علاقاتها مع اخواتها ووالدها ووالدتها تكاد ان تكون مرسومة ضمن حدود من النفاق او عدم المصارحة بما تعاث نفسها فيه , اما الاخت الوسطى فالين فهيا ممثلة كثيرة الترحال تعيش وفق ماتبيحه لها افكارها السطحية وطبيعتها المرحة الجريئة والبسيطة واخيراً جوي التي كانت المركز لعمليات الن في سرده عمله هذا والتي كنت ترى الثورة التي تنهش نفسها والصراع القائم بفقدانها هويتها الحقيقة ومحاولتها المستمر البحث عنها والتي تشهد انها الصورة الاكثر اشراقاً في العمل رغم الفشل الذي يرتسم على حياتها فجوي فتاه ترى الامور من منطلق منطقي صريح بحت تكاد لمسة الكأبة تزج من خلال مفرادتها والتي استحضرها الن من خلالها والتي ترى انها تحاول يقدر الامكان ان تكون حلقة اتصال بين افراد عائلتها والامر المثير للجدل يقبع في تلك الغوغائية والتلاشي التي تعيش تلك النفوس لملىء الحاجة من الحب أو الحب الذي يؤدي للحاجة لشخص ما في عالمك فكنت ترى ان ازواجية مشاعر تلك العائلة امر يظهر عشوائية ألانا الانساني فتصدم بتلك المفارقات في لوحة تلك العائلة لتظهر تلك المساحة من الانكسارات في نفس كل شخصية وعلاقتها بألاخرى فالاخت الكبرى ريناتا تظهر مدى تعلقها بوالدها والتي تحاول جادة ان تكون مراه لوالدتها سابقاً امراه مستقلة ناجحة تحافظ على منزلها متزنه وصاحبة نجاحات تظهر للجميع والمفارقة ان الوالد تظهر عليه مدى استئثارة لطفلته الصغرى جوي وانه يرى فيها الطفلة المقربة اليه من بناته الاربع لنرى في نفس المسرب تعلق جوي بوالدتها واللمسة التي تستفيض من الحنان ونكران الذات لتوفير العيش الرغيد لها , فتصمت للحظات وتضج بك الافكار التي تستويحها من سخرية تلك المشاعر الانسانية فتلك الحاجة في وجودية كل شخص في حياة الاخر والعشوائية التي تمكن في رمزية كل البشر فرغم تلك السيطرة والعنجهية البرجوازية ومحاولتنا السيطرة على مايحيطنا خارجياً من ديكورات واثاث وصور الا اننا في عملية المشاعر والاحاسيس لن نستطيع ان نسطير علىها ,, وودي راهن على لغة النفس والسواد الاعظم لعشوائية المشاعر الانسانية فنحن مهما قدمنا للاخرين حتى يروننا بشكل المثالي لن نستطيع ان نتحكم بمشاعر الاخر وتلك احد اكبر المجاهيل التي تعاثها النفس البشرية .

المشهد من فيلم المغامرة لمايكل انجلو انتونونى ..

أسمحو لي ان استذكر ماقدمه احد اهم الرموز السينمائية الايطالي مايكل انجلو انتونى في رائعة الخالدة المغامرة والمشهد الختامي العظيم عندما تقف الشخصيتان الرئيسيتان والصمت يطغى على اجواء المشهد وترى ذالك الفراغ المميت في الأجواء, وودي الن نقلنا لتلك الحالة من الاجواء الخارجية الى داخل غرف منزل العائلة في فكرة تؤدي الى ان يقول لتلقو النظر الى دواخلنا نحن نعيش حالة من الفراغ والكأبة والغربة التي تنهش انفسنا حتى لو كنا واقعياً نعيش تحت سقف واحد ..!
ايضاً اسم الوالدة (أيفا) والتي تعني باللغة العربية حواء والتي مثلت الانهيار او الصدمة في المنهج الانساني فلو افترضنا ان الانثى في المجتمع الانساني تمثل اسمى معاني العاطفة والاحاسيس فستظهر تلك السمة لرمزية النساء في العمل واللواتي ظهرنا بشكل أكثر سطوة وسيطرة من الرجال لاننا وودي كمن يرى في الانثى مساحة العواطف وتم تهميش الرجل لانه بمثل الجزء الفطري والغريزي في الانسان ولذا استحضر المشهد لمحاولة اغتصاب زوج ريناتا لأختها فالين التي لم يرى فيها الا جسد لأغواء واشباع غرائزة الشخصية ولا اعلم ان كنت قد أبتعدت في الافكار المطروحة في العمل من هذه الناحية لكن الامر يلاحظ ان الوالد قد ارتبط بأمراه تشبع رغباته الشهوانية وتيقض المشاعر في نفسه لذا قلت من البداية ان المراه في العمل كانت تمثل العاطفة والرجل يمثل صورة من المجون والشوق لتلك العواطف التي ترتمز في كونية المراه ..
أخيراً اعود الى اقتباصي لأحد اغاني المطربة ماجدة الرومي (انا محتاجة جداً لميناء سلام ,, ) فوودي كماً استحضر الموت ليس بمعناه المعروف بل كمعنى لفقدان الانسانية لمشاعرها واحاسيسها والغرق في محيط من غوغائية النفس وسواد الروح وانعدام الاتصال ففي مشهد انتحار الام في المحيط والتي تعني العواطف والتي سئمت من السيطرة التي كانت تكتنف حياتها وغرقها في مشهد رثائي لتظهر فيها مياه المحيط بلون اسود معتم ليعبر عن سوداوية الذات الانسانية وغرق سامية المشاعر فيها والتي بتالي تحضر الى فكرة محاولة الن ليقول انه علينا ان نكسر حدود الصمت وان نتكلم مع الاخر لمحاولة في اعادة حبل الاتصال ,, واما مشهد انقاذ جوي من الموت عندما لحقت والدتها الى مياه المحيط في مساحة تبيح لبصيص من الامل في العمل ..


 لأنهي مقالتي هذه في مساحه مقتبصة من الخاتمة الحوارية للعمل في علامه استفهام من وودي الن عن المَخرج من تلك الرثائة والكأبة واليأس والغربة والفقدان والضياع الذي يلوح في أجواء الذات الانسانية .. فألن كمن يقول ان ماعلينا الا ان نطلق العنان لأفكارنا ومشاعرنا الداخلية صوب الاخرين لفتح ابواب الاتصال ...


كيف أُخرج هذه المشاعر؟
أشعر بغضب عارم تجاهك
اوه يا أُمّى
لم يكن بوسعى إلّا الشعور بالحنين إلى بعض الذكريات
تلك المُتعلّقة بأُمّى بالطبع
وباللحظات الدافئة القليلة التى عرفناها معها
أتذكّر كم كانت جميلة وهى ترتدى ملابسها
للخروج فى المساء مع أبى ..
وكيف كانت (ريناتا) مُعجبة بها وبارائها فى الفن
وكم كانت (فلين) منبهرة وهى طفلة صغيرة
عندما زيّنت أُمى شجرة عيد الميلاد
أشعر بأنى مدفوعة لكتابة هذه الخواطر
بدت لى مُثيرة للشجن
البحر ساكن جدا
نعم
كلُّ شىء هادىء تماما

,,,,
عبدالرحمن الخوالدة ...


الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

andrei rublev 1969




andrei rublev 1969

من تلك المقولة للمخرج الروسي أندريه تاركوفسكي ستكون أنطلاقتي في الحديث عن أحد أبرز ايقونات هذا المخرج وهو أندري ريبلوف رسام الايقونات الشهير الذي عاش في القرن الخامس عشر والتي تحد سيرته الذاتية العديد من المفارقات ,, حقيقة ترددت كثيراً قبل ان اقوم بوضع أي مقاله تخص هذا العمل أو أي من اعمال الروسي أندريه تاركوفسكي خوفاً من أن أضيع العظمة التي تغلفها سينماه في وضاعة مراجعاتي الشخصية ولكني وبعد قراءتي تلك الاقصوصة من كلمات هذا المخرج أنتابني شعور بالمسؤولية بانني قادر على ألافصاح عما جال في خاطري اثناء مشاهدة عمله هذه وليس عليا فعلياً أن ارسم حدود لتحليل أدق تفصيلات سينماه لانه مثلما قال : سينما ترسو جماليتها من خلال مشاعر المشاهد وتنثرها غزلية الصورة .
قبل ان أخوض في بعض الجزيئات التي سارت في نفسي اثناء المشاهدة لابد لي من التوغل في سينما تاركوفسكي الملقب بشاعر السينما والعثور على تلك الرمزية المجهولة التي تغلف سينماه , فأي متتبع سينمائي لسينما هذا الفنان قادر على ان يلتمس تلك الفجوة التي يحاول تاركوفسكي ان يملئها بي ألانا الانسانية فسينما تاركوفسكي تمثل سيل سرمدي من العاطفة لترقد في صفيح المشاهد وتتوغل في الذكريات الشخصية وتشعل حالة من الولع الذاتي وترسم شفافية الحلم وتخلد معاني الحياة , فلو اردت ان أصفها لقلت أنها صورة لما فقدته البشرية من انسانيتها في هذه الحياة ..
أندري ريبلوف وهو كما ذكرت في بداية المراجعة رسام للأيقونات الزخرفية في الكنائس وتعتبر مجموعة اعمالة : المسيح المتوج , الرسل ألاثني عشر , البشارة , دخول يسوع المقدس , ميلاد المسيح , تجلي المسيح , الثالوث , الملاك ميخائيل , اربعة خيول في النهر , وغيرها من الايقونات التي تعتبر احد أبرز اللوحات الجدارية بالغة الروعة والجمال , لعل كل من لايعلم مدى قدرة تاركوفسكي على تحوير اي موضوع والتوغل فيها لأستعراض ايدلوجيات هامه في الذات الانسانية سوف ينظر الى العمل قبل المشاهدة بانها مجرد أحد تلك الاعمال التي تستفيض في أبراز قصاصات من حياة هذا الرسام وتغليفها بشيء من البهارات السينمائية ولكن كما أعتدنا على سينما اندرية جعل من مركزية شخصية اندري ريبلوف التي في زمن وجوده كانت هناك غوغائية تعيشها روسي من الحروب الاهلية بين الامراء وهجمات التتار والجهل والمعاناة التي كانت تطغى على معالم الشعب , تاركوفسكي رسم ايقونة اندري ريبلوف بتجلي مأخوذ من لوحات الرسام نفسه فكأن تاركوفسكي في عمله حاول ان يعبر عن الامور التي احاطت بشخص اندري ريبلوف وتدرجات معاناته واخفقاته الذاتيه لوصوله الى الحالة التي جعلت يرسم تلك الايقونات العظيمة .

تاركوفسكي قام بتجزءة عملة الى سبعة فصول كان يعبر كل فصل عن مرحلة في حياة اندري ريبلوف ولو انني شخصياً ارى ان عظمة العمل قدرة تاركوفسكي تهميش الشخصية الرئيسية في عدة فصول وكانه يجعلنا نستوحي ان ريبلوف مجرد شاهد او دليل على تلك الحقبة الرثائية والمأسوية في حياة تلك الكوكبة من البشرية , الامر المثير حقاً انك أثناء المشاهد تغلفك العديد من الافكار حول تلك الفصول هل هيا حقاً مجرد سرد لأهم ماعاثت حياة ريبلوف ام هيا قصاصة تاريخية حول ضياع الانسانية ومفارقة الدين والفن والعلم ام هيا سحابة تلج الى البحث في الهوية الانسانية ومدى الرمزيات التي تتشابك معاً وتنشاً معنى الانسان .. من الصعب ادراك اي من تلك الحدود نقف عليها لانها كما اثير من تاركوفسكي نفسة في اعمالة انها وحدة واحدة ولبلوغ جماليتها يجب ان نستمتع بصورة بشكلها وقالبها كما هو ..
أصدقكم القول انني أثناء المشاهد لاحت في نفسي في ربط تلك الفصول السبع ويضاف اليها الافتتاحية والخاتمة بكونية البشر فلو أوجزنا اننا كبشر ترسو جزيئات انفسنا العديد من الاسس منها ( الحلم والواقع , الرغبة والشهوة والبرود  , الحب والحقد , الايمان والألحاد , العلم والجهل , وأخيراً رسم معنى ايقونة الفن فسوف نرى بفول اندرية ريبلوف ورحلته انها رحلة في باطن ألانا الانسانية لأكتشاف تلك السيريالية والمفارقات التي تعاث فيها ومدى تراقصها في نفس البشرية ..
 كما أثرت سابقاً أنني لا أود ان اطيل في مراجعتي وأستغرق في تحليلاتي الشخصية لفصول العمل السبعة ولكن أسمحو لي بالمرور على جزء من الحديث عن كل جزء بشكل بسيط ..

-الحلم ...

تاركوفسكي افتتح عمله بأحد الرجال الذي يحاول بجانب احد الكنائس ان يقوم بطيران من خلال منطاد قام بصناعته مع مجموعة من الرجال والذي يتلقى هجوم من مجموعة ضخمة من الجهلاء ليفشلو التجربة لكنه ينجح في اطلاق المنطاد ويطير مطلقاً جملة (أنا .. أطير .. )  والطيران ماهو سوى الحالة التي تقبع فيها النفس البشرية أثناء الاحلام وتلك الكوكبة من البشر الجهلاء التي تحاول ان تدنس وتفشل الحلم الانساني واختتام الفصل في المشهد الشهير للحصان الذي يقف على ظهره في صورةعن الحلم وانعدام الواقع ..

*مهرج  ... الجهل . (الصيف ) .

في رحلة اندرية ريبلوف وصديقية دانييل وكيريل وقبل وصولهم الى موسكو يواجهون مجموعة من البشر ومعهم مهرج شخص يقوم بي أللاعيب ويطلق النكات الساخرة من الكنيسة والسلطات على حد سواء فيجلس ريبلوف غير راضياً عن وضاعة تلك الافراد ومدى الجهل والسخرية التي تعاث نفوسهم من جهة ومن جهة اخرى قيام بعض الفرسان بمعاقبة ذالك المهرج لسخريته من السلطات في محاولة لاظهار القمع الذي يعيشة الفرد ..

* ثيوفانيس اليوناني، العلم ,  العاطفة ,, ( الصيف والشتاء )


 يقوم كيريل بمغادرة المجموعة ليدخل احد الكنائس ليلتقي باحد اهم الشخصيات البارزة الفنان ثيوفانيس اليوناني الذي في جدال بينه وبين كيريل تلحظ مدى الفراغ الذي يعتاشة وانه تجربته مع الحياة جعلت منه شخص يفقتد الى احاسيسة ويفقد ايمانه ويلجىء للعلم في اختياراته وهنا يبروز أحد اجمل الحوارات في مفارقات بين العلم والعاطفة , ليقوم ثيوفانتس بعد اعجابة بكيريل بطلب مساعدته في رسم احد ايقونات الكنائس فيوافق كيريل بشرط ان يكون بطلب امام جميع اصدقائه في الكنيسة وامام اندري ريبلوف ؟؟ ولكن ثيوفانيس يقوم  بدعوة اندري ريبلوف بدل كيريل  للقيام برسم ايقونات الكنيسة فيقوم كيريل بترك اصدقائه وتثيرة غيرته من موهبة اندري ريبلوف , فيقوم ريبلوف بسفر مع خادمة وهنا تحدث جدال بين الخادم واندرية الذي جزع من اخطاء خادمة وخصيصاً الكذب الذي يتجلى ويظهر في كافة اقولة ,  أيضاً جدال بين اندرية ريبلوف والفنان ثيوفانيس العلماني ليدرك ان مايقدمة هذا الرجل يفتقد الى هوية الفن بل اقرب الى الصناعة والحرفية والاحترافية في الرسم ومن خلال تلك الصورة يعبر تاركوفسكي عن ان افتقاد الفنان الى رمزية الايمان والصدق والعاطفة والخصوصية فيما يقدمة يجعل عملة مجرد حرفة باهته وليس فن بديع .
العيد .... الرغبة والشهوات ..

يلتقي اندرية ريبلوف في مجموعة الوثنين  يحتفلون عراة ويمارسون الملذات والرقص والجماع في الغابة فيقومون بالقبض عليه وصلبة لتقترب منه احد تلك الفتايات وتقوم بتقبيلة فيطلب منها ان تفك وثاقة وبعد هربة يرى ان تلك المجموعة قد تم التنكيل بهم وسفك دماءهم من قبل الفرسان المسيحين فتقوم ذات الفتاه في الهرب والسباحة عارية في النهر ذاته اللي كان يمر فيه اندرية ريبلوف بقاربه لتصل الى الجهة الثانية سالمة في ظاهرى تسترعي الانتباه جالة في ذهني جعلتني انظر الى تلك الفتاه كالجزء الشهواني والغريزي للبشر والتي تحددها كل من العقيدة والعلم ولكن رغم قوة تلك الصفتان تبقى سمة متمردة وقابلة للأستمرار والوصول الى الضيفة الاخرى بأمان ..

يوم القيامة : الصيف

في هذا الجزء يفقد ريبلوف شغف بالرسم ورغم محاولات صديقة دانييل على استمرارة في رسم ايقونات كنسية فلاديمير الى انه يصل الى حالة بالملل من رسم تلك الصور ذاتها والافكار التي ترمز الى عذاب يوم القيامة فلما دوماً على البشر ان يرو في العقيدة الجزء المتعلق بالعقاب ولاغير ..!

الغارة .. الخريف  

يقوم مجموعة من التتار واخ الامير الكبير صاحب كنيسة فلاديمير بمهاجمة الكنيسة طمعاً بأملاك اخية وهنا يقوم الراهب اندري ريبلوف بقتل احد التتار وذالك دفاعاً عن احد الفتيات من الاغتصاب ,  نشعر فقدان اندري لايمانه بأهمية مايصنعه بعد ماشاهده من القذارة والكرهه والجشع الانساني ..


الصمت .. الشتاء \

تلك الفترة في حياة اندرية ريبلوف تعتبر جوهرية ففيها تعهد على الصمت وعدم الرسم وذالك تكفيراً عن قتله ذالك الرجل وان يقوم برعاية تلك الفتاه المجدوبة والتي لسخرية القدر تقوم بتركه لترحل مع احد رجالات التتار بعدها بفتره من الزمن ..
جرس  .. ربيع وصيف وشتاء وربيع .. /
 في هذه المرحلة واثناء حالة الصمت التي تعهدها ريبلوف يقوم احد الشبان بتعهد ان يصنع احد الأجراس الضخمة للأمير الاكبر مدعياً ان ابيه الذي مات قد اعطاه سر صنع الاجراس , في هذا المراحلة تكاد تبرز معنى الجراءة الانسانية ورفضها لواقعها وحاله تجمع مابين الحلم والطموح والجنون بذات الوقت فتحدي ذالك الفتى نفسة ورغم فقدانه في المشاهد الاخير لأيمانه برنين هذا الجرس وخوفة من عقاب الامير , كعادة ريبلوف يكون الشاهد الصامت لهذا الفتى وينظر الية بحزن شديد الا ان يتم رفع الجرس ويصدر صوت رنينه في الارجاء ليسقط الفتى باكياً شاكراً الرب فيقوم اندرية ريبلوف بأحتضانة وليكسر صمته ويعاهده بان يكونا شريكين في العمل احدهما يصنع الاجراس والاخر يرسم الايقونات ,,


قمت في استعراض مجازي للفصول السبعة دون تحميلها جزء من تحيلاتي الخاصة حتى لا افقد العمل مصداقيته ولكن اسمحو لي ان أستعرض جزء من الافكار التي اتخمت مخيلتي اثناء المشاهدة ..
-لو جمعنا تلك الاجزاء السبعة لظهرة الايقونة الرئيسية للفرد والذات الانسانية والمؤثرات التي تحيط فية وعكسها على شخصيته , فركز تاركوفسكي على جعل كل مرحلة اساس في الانا البشري والتغييرات التي تطفو عليها واخيراً قدرتها على صناعة فن اندري ريبلوف .
-المشهد الختامي ظهرت فية مجموعة من شخصيات الفصول السابقة ومنها الفتاه المجدوبة بالثوب الابيض ومعها فتاه صغيرة (طفلتها) , وظهور المهرج في سابقة ليهاجم اندري ريبلوف متهمه بتبيلغ عنه , وتوبة كيريل وخدمته لريبلوف , وبكاء الشاب صانع الجرس وانزياح الضباب وكسر عهد الصمت ورنين الجرس ماهي الا جدلية ذات افق تصدح بجمالية البشرية رغم كوكبة المشاعر والغرائز السلبية التي تعاث فيها ..
-الحب والايمان ..
اندريه تاركوفسكي في عمله هذا رسم 3 امور ببياض ناصع وهيا الايمان والحب واخيراً الفن العظيم الذي يبرز جمال تلك الايقونتان , ومنها يعبر تاركوفسكي عن البراءة الانسانية بلون الابيض وبتراتيل رائعة المعاني :


أذا ما أتكلم باللغتين ألانسانية والملائكية ,
ولايعيش الحب بداخلي , فلست الا نحاس مجلجل ,
وأذا ماأمتلكت هبة النبوة ..
وأجدت المعارف المختلفة , ولي ألايمان المطلق .
لوكان بأستطاعتي تحريك الجبال , ولا أستطيع أن احب فأنني لاشيء .
وأذا ماضحيت بممتلكاتي وقدمت جسمي لأحتراقه ,
ولا أستطيع أن أحب ,, فليس بذالك أي نفع بنسبة لي ..
أن الحب يصبر طويلاً ويرحم ...
أنه لايحسد ولايتعاظم ,, لايتشامخ ولايعيث ..
لايجد طمعاً ,ولايضجر ولايتخيل شراً ..
لا يتغبط بظلم بل يفرح للحقيقة ..
أنه يحمي الكل ويصدق كل شيء ,
ويأمل في كل شيء ويتحمل كل شيء ,
أن الحب لن يُزيل ...
رغم أن النبوأت ستتوقف ,, وتختفي لغات وتختفي معارف ,
لاننا على العلم تارة ...

- لو لاحظنا ان تاركوفسكي قد جعل كل جزء من اجزاء العمل السبع في فصل من فصول السنه وارى ان تلك المفارقة تؤدي الى اظهار دائرة الحياه البشرية ..

في ختام مراجعتي هذه اجد ان ماطرحته ماهو الا محاولة لتعريف بأهمية ماتقدمه سينما اندريه تاركوفسكي كمتابع وهاوي سينمائي وارى ان مراجعتي ماهي الا صورة عن مراّة افكاري الشخصية التي تناثرت امامي اثناء المشاهدة ولاغير ولاتعد مراجعة تخوض في التعمق في تحليل وتحديد مفصليات العمل وتحمل تلك الاهمية والمصداقية للمراجع لها .

بقلم : عبدالرحمن الخوالدة .. 




الجمعة، 10 أغسطس 2012

Banshun / Late Spring 1949

  

السعادة ليست شيئاً ننتظر مجيئها .. أنها شيئاً نصنعة بأنفسنا ,,

من فتره بسيطة بدأت مسيرتي في خوض تجربة سينمائية كانت فريدة وهامة للغاية لي شخصياً مع اهم صناع السينما اليابانية الكلاسيكية ( كوبايشي , ميزغوشي , كوروساوا , شيندو , ياسيجيرو أوزو وغيرهم ) ومن خلال مراجعتي هذة سأقف على الاسم الاخير وأقصد المخرج الياباني البارز ياسيجيرو أوزو وعن عملة (أواخر الربيع ) الذي يعتبر جزء ضمن ثلاثية المخرج الشهيرة بأسم نوريكو والتي تتكون من 3 اعمال وهيا أوائل الصيف وقصة طوكيو وبتأكيد فلمنا هذا والتي تعد من اهم الثلاثيات السينمائية على الاطلاق في تاريخ السينما العالمية من خلال العديد من الاستفتاءات النقادية الهامة ..


أوزو وعملة أواخر الربيع يمثل حالة سينمائية خاصة حقيقة فمتلك العمل عدة أسس جعلته يٌصف بتلك الخصوصية فلو تعمقنا في النص المطروح من خلال العمل فلا انفك عن طرحة في عدة كلمات من خلال سرد قصة فتاه(نوريكو) في الـ 27 ربيعاً  تعيش مع والدها والتي ترفض الزواج وذالك للأعتناء بوالدها وتلبية حاجاته الاساسية والقيام على خدمته وهنا تتعاضد العائلة وحتى صديقة نوريكو على دفعها الى الزواج في نهاية ألامر .. تلك الاسرودة كانت ثمرة عمل ينتقل بالاحداث لمدة لاتتجاوز الساعتين ,, تلك كانت احد خصوصيات سينما اورزو وهيا عدم ارتكزها على ذالك النص المبهر والذي يحمل تلك العقد المتشابكة في ثناياه أما الخاصية الثانية كانت من خلال طريقة المعالجة الدرامية للمشاهد بسرد للمشاهد المطولة واستخدام الكاميرا الثابتة في اروقة المنزل في زوايا محددة واستخدام الكاميرا المحمولة بشكل محدود ناهيك عن خاصية التقطيع لبعض المشاهد والامر المثير والبارز ولوج ياسيجرو اوزو لتهمش القصة الاساسية والتي يرتكز عليها العمل من خلال جعلها قصاصات ضمن القالب الطرحي لنص والذي جاء واقعي بحت او الاجدر القول انها لاتكاد تكون سوى سرد ليوميات احد الاسر اليابانية المتوسطة في المجتمع وهنا تظهر مدى الاهمية والأنفرادية التي تحققها سينما الياباني اورزو .. أذكر ان المخرج الامريكي كوبريك وصف كل من بيرغمان وفيلليني بانهم اكثر المخرجين قدرة على تحويل اي نص الى عمل سينمائي هام وضخم واستذكر مقولة لألفريد هيتشكوك بان السينما هيا مجرد مراه للحياة اليومية مع اضافة بعض التوابل والاثارة لها ولكن اوزو اخترق تلك المقولة وتحدى توابل المتعة الهوليودية واستثنى اهمية النص من خلال صنعة لامثيل لها ..
أستطيع القول ان ثورية اواخر الربيع تكمن في قدرة المشاهد من التفاعل مع تلك الشخصيات التي حاول تقديمها والافكار التي اثيرت ماوراء ستارة الحياة اليومية لعائلة نوريكو , اوزو تعمد الى غمر عملة بالحياة التقليدية للمجتمع الياباني وارتكز على المشاهد الطويلة مثل مشهد حفل الشاي في البداية ومشهد عمل الاب على احد المخطوطات مع مساعدة ثم على اغداق العمل بمشاهد خدمة نوريكو لأبيها ومدى الطاعة التي تظهر فيها لدرجة انها تقدم له يد المساعدة في أبسط الامور ..


في بداية تحليلي للعمل أود الانطلاق من تسميته العمل اواخر الربيع , والمقصود فيها بطبع الفتاه نوريكو فربيع لقب يطلق على الشباب وبما انا نوريكو اتمت السابعة والعشرين من عمرها فهيا ضمنياً تعتبر في أواخر ريعان شبابها او ربيع سنونها وعلى تلك الفكرة توقفت تحليلاتي على العمل ,, أوزو تعمد ان يقدم مشاهد رتيبة وبطيئة للواقع الاجتماعي الياباني التقليدي من جهة ومن اخرى قدم مايسمى اليابان الحديثة او الجديدة بعدة مشاهد منها مشاهد القطار السريع وخصيصاً مشهد وقوف المسافرين وجلوس الاخرين وطلب والد نوريكو منها الجلوس مكانه في فكرة تعود بتزحزح بعد التقاليد اليابانية وتفكك ولو جزيئة من المٌثل التي يقوم عليها الروابط العائلية في المجتمع الياباني وايضاً نزهة نوريكو مع مساعد والدها ومرورهم باحد الشوارع التي ترتفع لائحة اعلانية لاحد اشهر المنتجات الغربية للمشربات الغازية (كوكا كولا) وعمل صديقة نوريكو في الطباعة وهذا امر ينذر ببعض التحرر ولو كان مجازياً لأضطرارها على العمل بعد طلاقها من زوجها واخيرة دخول لعبة البسيبول الاجنبية الموطن لتأخذني تلك الفكرة حول الهدف من نقلنا من تقليدية المجتمع الياباني ودخول تلك الذرات التي تنذر بمتغيرات هامه لتفتح باب النقاش حول اليابان الحديثة وخصيصاً بعد خسراتها في الحرب العالمية الثانية وتأثرها في الدول الغريبة ,,
اوزو تعمد ان يتحدث عن الحرب العالمية الثانية بشكل بسيط للغاية ولكنه بذات الوقت  ركز على مرض نوريكو بعد الحرب الطاحنه واعتناء والدها بها من منطلق ولو اخذت على عاتقي ان نوريكو تمثل اليابان المريضة بعد الحرب في تلك الفترة وشفاءها بعدها بفتره من خلال والدها الذي مثل التقاليد والقيم القديمة ومثلة نوريكو ذات السبع وعشرين عام الشابة التي ترفض الزواج وترضى بسعادتها بسكناها مع والدها الطاعن في السن  , ولو مثلة نوريكو اواخر الربيع او اواخر تغييرات اليابان التقليدية الى اليابان الحديثة والتي تبشر بكسر تلك الجدران التقليدية والانفتاحية وظهور الحريات الشخصية من قيود المجتمع والعائلة ..

الشيء المبهر حقيقة ان في مخيلتي العديد من التاؤيل حول عدة مشاهد ومنها أطلاق نوريكو على عمها بالقذر وذالك لانه قام بزواج بعد وفاة زوجته واحضار امراه اخرى الى منزلة تلك المفارقات التي تبطن في نفس وذات نوريكو فرغم اننا في صدد ابراز فكرة ان نوريكو تلك الشابة التي تبحث عن حريتها وسعادتها دون قيود التقليدية مازالت تتسم بجزيئات بارزة من المثل والقيم التي تَربة عليها وكاننا في جدال يثير صراع مابين الأفكار التي أدخلت الى مجتمع ما وبين الاسس والتقاليد التي ولدت معه ,وتتضح تلك الافكار الجدلية حول تلك المراسم التقليدية عند رضوخ نرويكو في نهاية الامر ولباس الزفاف التقليدي وجلوس والدها امامها في مشهد تشعر انا نوريكو تكاد ترثى لحالها رغم ان مخرج العمل تعمد ان لايشعرنا بغصة تلك الفتاه او سلبية الزواج ,,الامر الذي اثارني هو ذكاء اوزو في جعل والد وعمة الفتاه يخططون لمؤامرة لجعل نوريكو ترضى بزواج من خلال اقناعها ان والدها يود الزواج وان هناك من سيعتني به واستطيع القول ان تلك الفكرة حول الاحتيال والكذب من المجتمع الياباني والذي مثلته عائلته نوريكو لأيقاف ثورة نوريكو ومطالبها بعدم الزواج وحجز حريتها الشخصية ,, لعلي وانا اصف تلك الافكار جعلت المشاهد ينظر من منطلق ان نوريكو سلبت حقوقها في واقع مأسوي بحت وادرك ان اوزو تعمد ان يجعلنا حائرين صامتين بين الوقوف في اتجاة والدها الذي بتأكيد يرغب في حفظ مستقبل ابنته من بعده او رضوخنا لمطالب نوريكو وبتلك الضحكات والابتسامات التي ظهرت في بداية العمل قبل ظهور الزواج التقليدي الذي جعل نوريكو تغص في ابتسامتها الكاذبة لارضاء والدها , لا اود حقيقة ان أضيع رونق العمل في التحليل لحقيقة نوريكو وعائلتها واغض النظر عن القالب العاطفي المتين والواقعي فأعجز عن وصف الترابط بين الوالد والابنة لانه تشعر بالحنين والدفء والعاطفة تنسل بين المشاهد بينهما وخصيصاً في المشهد الحواري الرائع الذي اقتبست منه جملة (السعادة ليست شيئاً ننتظر مجيئها .. أنها شيئاً نصنعة بأنفسنا ,, ) ونقل تلك الومضة من العنفوان والسامية في مشاعر تلك الابنه لوالدها دون حتى مشهد احتضان بسيط ليظهر اوزو انه قادر على اغراق الشاشة السينمائية بالمشاعر دون اي توابل او تجميل للعلاقة بينهما , اسمحو لي ان اعود تلك الجملة والتي تصف حال المجتمع الياباني والذي يستحق ان يوصف بالمجتمع الذي صنع السعادة صناعة واستطاع عقب المرض بعد الحرب ان يصبح احد اكثر المجتمع تقدماً ورقي في يوماً هذا ..


أخيراً .. في المشهد الختامي يظهر منزل نوريكو معتم وفارغ فيجلس الاب ليقوم بتناول احد حبات التفاح ليقوم بتقشيرها,, فهل تقشير البرتقالة يعني انسلاخ الفتاه عن والدها اي القشرة عن اللب او انسلاخ اليابان عن تقاليدها وقيمها القديمة؟ صدقوني لا اعلم فهو مشهد يبتعد من منطلق التحليل الى جزئية الرثاء لتلك الحالة في النهاية ..


ملاحظة هامه : جميع ماطرح في المقالة هو من تحليلي الشخصي لذا بتأكيد ان تحليلي يحتمل الصواب والخطأ ولكني الامر الذي أؤكدة ان ماقدم في أواخر الربيع يعتبر ايقونة سينمائية بالغة الروعة والاهمية ...

عبدالرحمن الخوالدة .

الأربعاء، 8 أغسطس 2012

7 وصايا على خطى السينما الإيرانية ....



7 وصايا على خطى السينما الإيرانية ,, بقلم : محمد المصري ..

في البدءِ كانت الثّورة، ملايين الناسِ في الشارع يَبعثون الرُّوح في المَدينة الرَّاكِدة ويَجعلون كُل الأحلامِ مُحتملة، قبل أن يَتكفَّل الوقت بإخفات الجُذوة المُشتعلة للأشياء، فيكون الواقِع أكثر قُبحاً من خيالاتنا المثالية عن الوَطِن ولا يتبقى بعد كل هذا سوى مَرارة في الحَلق: مرارة إحباطات الآمال العَظيمة ومرارة الفارق بين ما تَمَنَّيناه وما صِرنا عَليه.
تِلكَ هي حِكاية الثورات! فالجمل السابقة يُمكن أن تَنْطَبق سواءً بسواء على الثورتين، المصرية التي تُوج اعتصامها الأكبر بخلع رأس النظام السابق في 11 فبراير 2011، والإيرانيّة التي انتهت انتفاضتها المبهرة بهروب الشاة إلى الخارج في 16 يناير 1979. ثم اكتمل الأمر بصورة مشابهه أيضًا: صعد إلى الحكم نِظام إسلامي أكثر جاهزية من التيارات الأخرى التي شاركته الثورة وَسط مخاوف جَمَّة حول الحريَّات بشكلٍ عام والتضييق على الفن والثقافة بشكلٍ خاص.
الدَّرس التاريخي المُستفاد هو أن «الثورة مُستمرة» بطريقتها، كَحتميَّة تغيير في الواقع القبيح، وككِفاح مُتتال لانتزاع الحقوق. هذا تمَثَّله جيدًا فناني إيران في العقودِ الأخيرة، حين انتصروا تمامًا على واقعهم.
بدأت السينما الإيرانيّة رحلة بحث حقيقية عن هويّتها منذ ما يزيد عن الأربعة عقود. واستمر البحث رغم التضييقات المجتمعيَّة الضخمة التي تَلَت الثورة، حتى وصل إلى ذَروة نَجاح في العام الماضي حين صَعد المُخرج الإيراني «أصغر فرهادي» ليتسلم جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عن «انفصال – A Separation»، جامعًا بينه وبين الدب الذهبي لمهرجان «برلين».
في المُقابل، لم تَكُن مشكلة السينما المصرية يومًا في الحريَّات. المشكلة كانت في فَساد الذَّوق المصري العام نتيجة لفسادٍ أكبر يَطال كل شيء آخر. الثورة قامت ضِد كل هذا. والفن الثوري في وَطنٍ يُولَد من جديد هو ما يؤثر في وِجدان الناس ويَجْعل مَيلهم للحَسَن في مُقابل القبيح.
نحن لا نعلم ما الذي سيتغيَّر في المجتمع بعد صعود رئيس إسلامي إلى قمة الحُكم. لدينا مَخاوف على الحريَّات. ولكن في المُقابل، لا شيء سيوقفنا عن الحُلم بوطنٍ أفضل نَرسمه بالخيال.. لا شيء سيوقفنا عن تَقديم فَن جيَّد يُبرز هَويتنا الخاصة في حال حاولنا ذلك.
تِلك هي «الوصايا السَّبع» التي نَسجها فنانو إيران بأفلامهم خلال العقود السابقة وسط ظرف سياسي واجتماعي مُشابه لما يحدث في مصر. مبدعو إيران خلقوا هويّتهم وأجبروا العالم على تقديرها، بينما لازلنا نتعثَّر في خطواتنا.

الوصيّة الأولى: «لا تحيا على الأرضِ كمستأجرِ بيت أو زائر ريف»

بدأت السينما في إيران في وقتٍ مقارب لبقيَّة العالم خلال مطلع الثلاثينيات. ولكن البحث عن هويتها الحقيقية لم يبدأ سوى عام 1969، قبل عشر سنوات من الثورة.السينما الإيرانية في عقودها الأولى كانت استنساخًا لحكايات هوليوود من ناحية وللسينما الهنديَّة من ناحيةٍ أخرى، خصوصاً مع رغبة النظام الحاكم في إظهار إيران كدولة أقرب إلى الغرب، لتبدو الصورة التي تَعكسها الأفلام منافية للواقع بشكلٍ كُلي.ظهور مخرج شاب في الخامسة والعشرين من عمره يُدعى «داريوش مهرجويي» كان البذرة الأولى التي أنبتت بعد ذلك كُل شيء، تحديدًا حين أخرج عام 1969 فيلمه «البقرة» ليحدث انقلابًا استثنائيًا في عقلية الإيرانيين الذين رأوا أنفسهم لأولِ مرة على الشاشة. كانت تلك هي المرة الأولى التي يدركوا فيها «هويَّتهم السينمائية».الفيلم الذي أظهر فيه «مهرجويي» تأثرًا بالواقعية الإيطالية – تحديدًا بأفلام المُعلم «فيتوريو دي سيكا» – كان في المقابل مشبعًا بالرُّوح الإيرانيّة المحليَّة انطلاقًا من قصته التي تدور حول رجل يملك البقرة الوحيدة في القرية التي يعتمد عليها في كافة تفاصيل حياته. وأثناء سفر الرجل إلى المدينة تَموت البقرة ويحار أهل البلدة كلهم في كيفية إخباره بهذا النبأ الذي قد يقضي على حياته. لم يكن «مهرجويي» يعلم في الحقيقة عظمة ما يفعله. ولكن ما حدث في النهاية هو أن تِلك كانت «السينما الإيرانية»: حِكاية بَسيطة وهَمّ من الممكن أن يبدو تافهًا، ولكنه بالنسبة لعالم الفيلم الحياة كلها.
«مهرجويي» أيضًا صَنع الفيلم بالكثير من السماتِ التي ستصبح فيما بعد أسس «الهوية» السينمائية لإيران: التصوير في قرية حقيقية للمرة الأولى، الاعتماد على أهالي القرية كممثلين لأدوارٍ مُساعدة، الإغراق في التفاصيل المحليَّة، الاعتماد على الموسيقى الفارسية والتراث الثقافي الذي يعود لآلاف السنين، وفي النهاية: الإيمان بكونِ فيلمَك ليسَ عابرًا فوق تِلك الأرض، ولكنه جزء منها ومُعبر عنها. حيث قضى «مهرجويي» وطاقم فيلمه ثلاثة أشهر في القرية قبل بدء تصوير الفيلم من أجلِ التآلف مع أهلها.كان فيلمًا فائق الجودة، كُرّم بجائزةٍ خاصة في مهرجان «برلين» كتحيَّة لسينما مُختلفة تَحبو في خطواتها الأولى. ولذلك فإن حتى منع الفيلم أثناء حُكم الشاه بسبب تأثيره على «الصورة الخارجية لإيران» لم يمنع خلقه لجيلٍ جديد من السينمائيين يتعامل مع تفاصيل الحياة اليوميَّة باعتبارها حكايات مُدهشة يجب أن تُروى. وكان على رأس هذا الجيل الأب الروحي والرمز الأول لسينما إيران بعد ذلك: المُعَلّم «عباس كياروستامي»

الوصيّة الثانية: «الشجرة المُثمرة لا تُزرع خارج الديار»

لماذا نَحنُ هُنا؟ لماذا لا نذهب إلى أرضٍ أخرى تَطُل على شطآنٍ بعيدة ؟ الإجابة يُجملها «كياروستامي» حين رَفض السَّفر إلى خارج إيران بعد الثورة الإسلاميَّة وقال بيقين مُدهش: «حينما تأخذ شجرة مُثمرة من مكانِها وتزرعها في مكانٍ آخر، فهي ببساطة لَن تُثمر»
الصورة كانت سوداويَّة بشدّة في هذا الوقت: وصول «الخميني» إلى السلطة وتقييد الحكومة للحريَّات العامة تزامن مع رؤية شعبويَّة للسينما وصناعها باعتبارهم من مُخلَّفات نظام الشاه، مما أدَّى لحرق ما يقارب مائتي دار عرض سينمائي كجزءٍ من «الثورة»، وجَعل نضال الفنانين على جبهتين: مع الرّقابة من ناحية، ومع النّاس أنفسهم وتَطوير وَعيهم ورؤيتهم للسينما من ناحيةٍ أخرى.
القرار الأهم لسينمائيي إيران الكبار كان أن «تِلكَ هي أرضنا». صحيح أن هُناك الكثير من الفنانين الإيرانيين تركوا البلاد في هذا الوقت، لأسباب منطقيَّة لا يجوز معها اللومِ أو العَتَب، ولكن الاحترام والخلود والمَجد الحقيقي كان لهؤلاء الذين بَقوا وأسَّسوا لسينما إيرانية على مدار عقود وسط ظروف شديدة الصعوبة.
عَبَّاس كان يتحدَّث عَن الجميع حين تحدث عن نفسه قائلا: «حتى لو أثمرت، فلن تَكون ثَمرتها كمثلِ ما كانت عليه زَرعة أصيلة في أرضها، تِلك هي الطّبيعة، وسأصبح مِثل تِلك الشجرة لو غادرت».ويُمكن القول أن هذا الخيار كان بداية الطريق

الوصيّة الثالثة: «وانظر إلى الجبلِ الراسي على جبلٍ»

«كياروستامي» – الذي كان قد قدَّم حتى ذلك الحين فيلمًا واحدًا طويلا يحمل اسم «مُسافر» وعدّة أفلام قصيرة أولها هو أهمها ويحمل اسم «الخبر والممر» –  كان أكثر من مُخرج هام يُكمل رحلة البحث والتأسيس لهوية إيران السينمائية. كياروستامي كان مُلهمًا وقائدًا لجيلٍ «الموجة الإيرانية الجديدة».
أدرك السينمائيون الإيرانيون آنذاك أنه لا يمكن مواجهه المُجتمع والنّظام إلا بأن يكونوا كُتلة واحدة، جيل يتحقَّق سويًا. ومن حسن الحظ أنهم حملوا أفكارًا متشابهة حول السينما.
ولذلك فإن تلك المرحلة شهدت إخراج «مجيد مجيدي» و«محسن مخملباف» لأولِ أفلامهم، ثم لاحقًا انضم إليهم «جعفر بناهي». أما «عباس كياروستامي»، فقد كان هُناكَ دائمًا.. يكتب أحد أفلام هذا، ويصنع فيلماً كاملا عن ذاك، ويشارك في الإنتاج أو يساعد في الإخراج مع آخر. كان «المُعلم والقائد» بكل ما تَحمله الكلمة من معانٍ، إلى جانب تقديمه لأفلامه الخاصة التي كان يصل بها كل بضع سنوات إلى ذروة جديدة في السرد
هؤلاء الأربعة – تحديدًا – كانوا رموز السينما الإيرانية؛ الحدود بين أعمالهم لا يمكن تمييزها، ونضالهم مع الناس وضد النظام واحد
وربما لا يُمكن تجاوز تِلك النُّقطة دون الإشارة إلى السينما المصرية. ففي الثمانينيات أيضًا، كانت السينما المصرية تعيش واحدة من أهم ذرواتها وموجاتها، بنفسِ السمات التي تأسست بها نظيرتها الإيرانية. فقط بدلا من الثورة كانت هناك تغيُّرات مجتمعية ضخمة بعد الإنفتاح. والنتاج: جيل واحد خرج سويًا.. قوامه الأساسي محمد خان وخيري بشارة وعاطف الطيب ثم داوود عبدالسيد. جيل أراد أن يقدم سينما مُختلفة تحمل هوية خاصة، وتمثلت ذروة تواصله وتَدعيمه لبعضه، كجبلٍ فوق جَبَل، في تأسيس خان والطيب وبشير الديك والمونتيرة نادية شكري شركة «الصحبة للإنتاج السينمائي» التي أنتجت فيلمًا واحدًا هو «الحريف» الذي يعد من أعظم الأفلام المصريَّة وأكثرها حِملا للهويَّة، وذلك قبل أن تقهرها المشاكل الماليَّة كما قهرت جيل الثمانينيات كله مع مطلع التسعينات بعد أن صارت الضغوطات أكبر من القدرة على إكمالِ الطريق
وبالعودة إلى السينما الإيرانيّة، فإن هذا لم يحدث هُناك. فقد استمر الجيل في تأسيس هويّته، وانضم إليه آخرون، وبدأ العالم يَستمع إلى الصوت القادم من الشرق معبرًا عن سينما مُختلفة

الوصيَّة الرابعة: «تحسب أنَّك جرمٌ صغير وفيكَ انطوى العالم الأكبر»

لماذا استمع العالم؟ لأن الصوت كان مُختلفًا عن السائِد. شيء غير الذي اعتادوا رؤيته. إنها ذاتها.. تِلكَ الحكايات البسيطة عن الهموم اليومية التافهة التي تَحمل في طيَّاتها الحَياة كُلها.
الإيرانيون آمنوا حتى بالفُتاتِ في بلادِهم.. تعاملوا مع كل التفاصيل المُعتادَة بدَهشةٍ ومحبَّةٍ وعِشق، فبدت ذات مَعنى وروح مُختلفة، تُعبّر عنهم، عنهم وحدهم.
لماذا دارت أغلب الأفلام الإيرانية في القرى البسيطة؟ لأن «هؤلاء هم أهلنا» كما أجابَ «محسن مخملباف» يومًا. لهذا يُمكن أن تَجوب الطرق عدَّة أشهر كي تَستمع لهم، تتعامل مع كل موقف عابر باعتباره حَدثًا يجَب أن ترويه، تُراقب النَّبت لأسابيع وهو يُولَد كي تَزداد صِلتك بتلك المَدينة. العالم بالنسبة لَك هو هؤلاء، حتى وإن كَرهوك، لأنهم «مَلح الأرض وإن كانوا لا يعلمون»
وفي نُقطة أقرب، وأكثر تفصيلا، هناك «الأطفال»، الكثير من الأطفال في الأفلام الإيرانية، لأن «العالم عندهم أصغر وأكثر صِدقًا» بحسب ما يرى «مجيد مجيدي»، ولأن «تعبيراتهم وهمومهم المُستقلة أكثر إثارة للاهتمام أحيانًا من شيء يقدمه مارلون براندو» كما يعتقد «كياروستامي»
ومن المُدهش والمُوحِي حقًا أن أغلب الأفلام التي عَرَّفت العالم على السينما الإيرانية وجيلها هذا كانت من بطولة أطفال. «كياروستامي» كان المُلهم الأول كالعادة حين تَناول في «أين يقع منزل صديقي؟» هاجسنا الطفولي الأكبر في أن يسأل المُدرّس عن كراسة الواجب التي نسيناها في المَنزل. «أحمد»، بطل الفيلم، يحاول البحث عن بيت زميله في المدرسة «محمد رضا» ليأخذ منه الكراسة التي نسيها معه لأن المدرس سيعاقبه غدًا لو لم يقم بواجبه. وفي تِلك الرحلة التي تدور في القرية الكثير من إيران، الكثير من الأرضِ والنَّاس، يُمكنك أن تتنفس هواءً فارسياً وأنتَ تُشاهد هذا الفيلم
الطفل في «سائق الدراجة» لـ«مخملباف» رُكن أصيل في حكاية عن الأب الذي يُحاول إنقاذ الأم المريضة، وهو الحكاية كلها في فيلمِ «جعفر بناهي» الأول «البالون الأبيض» الذي كتبه «كياروستامي» عن طِفلة في السادسة تُقنع والدتها بإعطائها مالا لشراءِ «سمكة زينة ذهبية» احتفالا بالعيد، وحين يسقط منها المال في «بالوعة» نجلس معها قرابة الساعة – زمن الأحداث هو زمن الفيلم الحقيقي – في مُحاولة لاستعادته. الطّفل هو الحِكايات كلها في أفلام «مَجيد مجيدي».. هو الذي يكبر قبل الأوان مُتحملا مسؤولية العائلة في «الأب»، وهو الفقير الذي يفقد حذاء أخته الجديد  ويحاول البحث عن حَل يجعلها تذهب إلى المدرسة في «أطفال الجنة»، وهو أعمى في الثامنة من عمره يحاول إدراك الطَّبيعة والحياة بحواسه الأخرى ليرى «لون الجنَّة».. الأطفال والقرى كانوا العالم الأكبر في إيران
الكُلفة كانت لا شيء، والإيمان بالأرضِ وناسها كان كل شيء، والحَصاد كان تواجد السينما الإيرانية على الخريطة العالمية باحترامٍ بالغ، قبل أن تصل عام 1997 إلى ما هو أبعد

الوصيَّة الخامسة: «اذهب بصدقِ الخيال ومُعجزة العُشب»

السينما وُلِدَت بالخيال: خيال الأفكار وخيال الفيلم الروائي الذي جعل الناس يقبلون على مشاهدة الحكايات. ورغم ذلك فإن سؤالاً مؤرقًا، لكل سينمائي ربما، يدور حول النقطة التي ينتهي عندها الواقع كي يبدأ الخيال. لماذا نصنع سينما «وثائقية»؟ وهل الحقيقة في تلك السينما أكثر حقيقية منها في قصة مُتخيَّلة؟ وكيف يحدث تآلف بين السينما الروائية والتسجيلية؟ هل هذا مُمكن أصلا؟
«كياروستامي» فقط امتلك الإجابة، ثم تبعته السينما الإيرانية في إحدى النَّقلات الكبرى التي جعلتها تمتلك صوتًا مختلفًا عن العالم. الإجابة كانت «تفكيك السرد السينمائي» ورواية الحكايات بطريقة مُختلفة تجعل التماهى مُدهشًا وفي ذروة مراحله يمتزج الواقع والخيال.
البداية إذن كانت، وكما كانت دائمًا، مع «كياروستامي» حين قدم عام 1990 فيلمًا استثنائيًا يحمل اسم «كلوز أب».. ذلك هو العمل الإيراني الذي يجب على الجميعِ مُشاهدته قبل الموت!
الأمر بسيط : كان «كياروستامي» يجهّز لأحد أفلامه حين قرأ في إحدى المجلات الإيرانية خبرًا عن شخص سيقدم للمحاكمة لأنه انتحل شخصية المخرج «محسن مخملباف». تقصّى كياروستامي الأمر، ثم قرر أن يُؤجل الفيلم الذي يعمل به ليصنع فيلمًا عن تلك الحادثة؛ قرر أن يصور المُحاكمة ويجري لقاء مصورًا مع المُنتحل.. فامتلك مادة وثائقية لم يُدرك في البداية ماذا يمكن أن يفعل بها، ولكنه في النهاية خَلَق ذروة من ذروات الفن: قصة شغف عن السينما وعن إيران
«حسين سابزيان»، بطل الفيلم، ينتحل شخصية «مخملباف» لأن حلمه الأكبر هو أن يصبح مخرجًا وصانعًا للأفلام. «كياروستامي» رأى أن كل مخرجي جيله هم «سابزيان».. الفارق فقط هو الفرصة التي مُنِحَت لهم. وحين يُنهي المخرج الفيلم بلقاء «سابزيان» و«مخملباف»، في واحد من أكثر المشاهد السينمائية «طيبة» في التاريخ، تتجلَّى عظمة العمل الحقيقية: «كياروستامي» حقق حُلم وشغف «سابزيان» السينمائي بصناعة فيلم عنه وجعل الواقع يَخلق السينما والسينما تُغيّر في الواقع وتجعل كُل الأحلام مُمكنة.
المُعَلّم الإيراني كان دقيقًا حين قال «لا يمكن أن نقترب من الحقيقة إلا عبر الخيال». وقد صار هذا أسلوبًا سينمائيًا مميزًا له فيما بعد. إذ تكرر بعد عامين في فيلمه «الحياة تستمر»، حين ذهب بالكاميرا ليبحث عن «أحمد» بطل فيلم «أين يقع منزل صديقي؟» بعد حدوث زلزال مُدمّر في بلدة «كوكر»، ليصنع من رحلته الوثائقية فيلمًا روائيًا عن غريزة البقاء والاستمرار، أو كما قال هو: «الزلزال وقع في الخامسة صباحًا. أي شخص من هؤلاء الأحياء الذين قابلتهم كان يمكن أن يكون نائمًا ويموت أيضًا. كان هناك امتنان عند كل منهم لبقائه حيًا»
«مخملباف» يلتقط خَيط التفكيك السردي من «كياروستامي» فيقدّم ثلاثية تدمج بين الواقع والخيال والشغف بالفن وهي: «حدث ذات مرة في السينما» و«الممثل» وأخيرًا «سلام سينما»، قبل أن يُكمِل المَسيرة المُدهشة عام 1996 بفيلمه الأعظم «لحظة براءة».. فيلم داخل فيلم عن «المخرج مخملباف» الذي يُعيد رواية جانبًا من سيرته وهو شاب أثناء الثورة الإيرانية وقيامه بطعن ضابط شرطة في أحد الاحتجاجات.. الفيلم يكشف كيف يُمكن تغيير الذكريات بإعادة سردها سينمائيًا؟ والنتيجة كانت ذروة أخرى من ذروات السينما الإيرانية التي أصبحت في هذا الوقت في واجهة العالم
بعدها بعامٍ واحد، 1997، كان التكريم والانحناء الأكبر حين رُشّح «مجيد مجيدي» لأوسكار أفضل فيلم أجنبي عن «أطفال الجنّة». والأهم: «كياروستامي» يفوز بالسعفة الذهبية لمهرجان «كان» السينمائي عن رائعته «طَعم الَكَرْز»، التي يقدّم فيها سردًا وحَكِيًا مُختلف عن الحياة والمَوت
في هذا الوقت أيضًا، وبعد أقل من أسبوعين من انتصار «السعفة الذهبية»، فاز «محمد خاتمي»، المُتفتّح والمُشجّع على إنتاج الأفلام، برئاسة الجمهورية الإيرانية باكتساح. ودارت التحليلات السياسية وقتها حول تأثير فوز «كياروستامي» في «كان»، وفخر الإيرانيين برمزهم السينمائي الأول، في ترجيح كافة «خاتمي» كانتصار للفن والحريَّات
بدا حينه أن لكل شيء مَعنى: الرهان على الأرضِ والنَّاس والسينما، والبقاء في إيران رغم كل الظروف العَصيبة. فالشجرة أنتجت أول الثّمار المُجتمعيَّة لنضالٍ طويل بالأفلام ضد الكبت وتضييق الحريَّات. وكانت تلك لحظة مثاليَّة لانتصار الخيال على الواقع.. انتصار «الثورة» الحقيقية التي ظَلَّت مُستمرّة لسنواتٍ طويلة

الوصيّة السادسة: «الأرض لَكُم وأنتم الطّريق»

لَم تَستمر الصورة بنفس المثاليَّة، وكان ذلك أمرًا محزنًا. فترة رئاسة «خاتمي» كانت إحباطًا جديدًا للآمال التي عُلّقِت عليه في البداية، رغم فتحه الباب لبعض الأفلام التي تنتقد السياسة الإيرانيَّة، مثل «الدائرة» لـ«جعفر بناهي» الذي فاز بالأسد الذهبي لمهرجان «البندقيّة»، أو «قندهار» إحدى ذروات «محسن محملباف»، أو «التفاحة» لابنته «سميرة مخملباف»، وغيرها من الأعمال التي لم يكن من الممكن خروجها للنور إلا بمساحة من الحرية أتاحها
ومع انتهاء فترة خاتمي الثانية عام 2005 كان على السينمائيين مواجهة حقيقة أن التيار الإسلامي المُتشدّد المتمثّل في «محمود أحمدي نجاد» وصل إلى السلطة من جديد، وأن نضالا، أصعب ربما من كُل ما مَر، سيواجههم
لكن النَّتيجة على الأرض كانت مُفزعة «مجيد مجيدي» لم يستطع أن ينتج إلا فيلمًا واحدًا؛ «مخملباف» هَرب إلى الخارج وأخرج عملا كارثيًا يحمل اسم «الجنس والفلسفة» بدا فيه بعيدًا عن كُل ما مَيَّزه  حتى «كياروستامي» نفسه لَم يَحتمل لأن «الهواء لم يعد كافياً للتنفّس» بحسبِ تعبيره، وأخرج فيلمين في فرنسا واليابان تم عرضهم في «كان» ولكن بعد أن فقد الكثير من السّحرِ القديم، تمامًا كالأشجار التي تُقتلع من أرضها
الأسوأ من كُل شيء كان الحُكم بسجنِ «جعفر بناهي» لمدة ستة أعوام ومنعه من الإخراج أو التأليف أو العمل بالسينما لعشرين عامٍ. السبب غير المُعلن كان مُناصرته للمعارض الإيراني «مير حسين موسوي» في الانتخابات الرئاسية عام 2009  أما السبب المعلن، والكارثي، فقد كان «تقديمه لأعمال ضد الحكومة الإيرانية تسيء لصورة البلاد في الخارج»
الصورة بدت قاتمة.. لم تعد هناك نقطة نور واحدة.. لم يعد هناك معنى أن تنظر إلى السماء.. إذ لا سماء هُناك
لكن وسطَ كل هذا القبح، ويا للعجب، كان هناك جيلا إيرانيًا جديداً يُولَد حاملا الرّاية من أسلافه.. جيل مَثَّلته عدّة أسماء على رأسها «رافي بيتس» بأفلامٍ ذات روح مُختلفة كـ«هذا الشتاء» أو «الصيَّاد»، و«بهمان غوبادي» الذي وصل لإحدى الذروات مع «السلاحف أيضًا تَطير» و«وقت الخيول المخمورة» وفيلمه الجرئ جدًا الذي يتناول الموسيقى غير الرسميَّة في إيران «لا أحد يعرف شيئاً عن القطط الفارسية»، وهو الفيلم الذي كان مُلهمًا مباشراً للفيلمِ المصري «ميكروفون»، ثم.. جاء النابغة «أصغر فرهادي» الذي أخرج عملا سينمائيًا عظيمًا – «عن إيلي» – فاز به بالدب الفضي لمهرجان «برلين» عام 2009، قبل أن يَصل بعدها بعامين إلى أبعد مما حققه أو وَصل إليه حتى أسلافه العِظام حين جمع بين الدب الذهبي وأوسكار أفضل فيلم أجنبي جاعلا العالم كله يَقف احترامًا لتحفته «انفصال نادر وسيمين»
والأهم أن فرهادي كان يَذكر «جعفر بناهي» في كُل مَوْضِع مُتاح ليُذكّر العالم أن مُخرجًا في هذا العالم قد يتعرَّض للحبس بسبب فَنه. أما «جعفر» نفسه، فهو لم يَتوقف أو يصمت كما أرادت حكومة «نجاد». حيث أنه أخرج أثناء إقامته الإجبارية عملا وثائقيًا عن تجربته يحمل اسم «هذا ليس فيلمًا» ليؤكد فقط أن ما من أحد يمكن أن يُجبرنا على السكوت
في النهاية، ستذهب حكومة «نجاد»، أو أي طَاغية آخر يَلهو بحريَّة الناس، وستبقى الثورة وشرائط الأفلام وأفكاركم حيَّة بداخلها.. ستبقى الأرض لَكم إن أحببتموها، وستذكركم وقت أن يُنسى الجَميع

الوصيَّة الأخيرة: «ستصل على الدوام إلى هذه المَدينة/لا تأمل في بقاعٍ أخرى/ما من ب سُفنٍ لأجلك وما من سبيل»


الجمعة، 3 أغسطس 2012

La vie rêvée des anges - 1998




السينما الفرنسية احد السينمات التي تحافظ على مستواها في مختلف الحقب الزمنية والتي دوماً تؤمن بتجديد وصبغة صنعتهم بشتى أساليب الطرح وتغدقها بالقالب العاطفي الانساني المثير للمشاهد , في سلسلة بحثي مررت في تجربة ألاولى من نوعها مع المخرج أيرك زونكا في عمله المرشح لسعفة كان الذهبية (حلم الحياة من الملائكة ) والذي أصدقكم القول كان بمثابة التجربة المثيرة والمميزة والتي تستحق الحديث في جزيئات منها ..
حلم الحياة من الملائكة والذي عجزت عن تفهم معنى الفيلم حقيقة حتى توغلت في الاطروحة التي قدمها أيرك زونكا وسردة لقصة علاقة بين فتاتان تلتقيان مصادفة في احد المصانع لتقرران العيش معاً في منزل احداهما والتي تقطنة بشكل غير شرعي لعائلة تتكون من ام وابنتها أصيبا في حادث مروري ادى الى وفاة الام ودخول الابنه في غيبوبة , واسمحو لي اني طرحت مسألة المنزل والعائلة التي كانت تقطنة لانها تدخل بشكل او اخر في تحليلي لمجريات العمل ..


أيزابيل (Élodie Bouchez) وماريا (Natacha Régnier) والتي تشعر انهما فتاتان يعيشان في واقع مرير من عدم قدرتهما تلبية اي من احتياجاتهما الاساسية والتي تجعلهما يخوضان تجارب فاشلة في العثور على عمل يلبي تلك الاحتياجات وهنا تظهر شخصية ماكس شاب غني يستغل ماريا في علاقة تشعر انها تحمل الكثير من الذلال لها وذالك يبدو واضح للمشاهد من خلال مشاهد الجماع بينهما فكنت تلحظ ان العلاقة الجنسية بينهما تكاد ان تكون ماسوشية بشكل يطبع في مخيلتك ان لذة تلك العلاقة تكمن في اذلال ماريا لنفسها لوصولها ولو لجزء صغير من احلامها والخروج من واقعها التعيس ,, والتي تظهر بعكسها ايزابيل والتي تستمر في زيارة  صاحبة المنزل في المشفى وتقوم علاقة ملئة بالاحاسيس والروابط الانسانية والنقاء نظراً لأصرار ايزابيل على الاعتناء بتلك الفتاه الغائبة عن الحياة , لو لاحظتم ان شخصية ايزابيل وماريا شحصيتان متناقضتان بشكل جوهري فماريا فتاه مستفزة وغارقة في احلامها وتحاول ان تصبو الى شهواتها ورغباتها الشخصية بكافة السبل بعكسها ايزابيل التي تشهد النقاوة والسعادة والصفاء على ملامحها وهنا ارى اننا لو كونا صورة عن تلك الشخصيتان ستكون تلك المفارقة التي تغوص في النفس الانسانية بين المشاعر والاحاسيس السلبية والايجابية الغريزية لأتوقف لحال تلك الفتاه المصابة بالغيبوبة والتي ارى شخصياً انها تُمثل الجسد لتلك الاحلام التي تمثلاها هاتان الفتاتان فلو جزمنا ان جسد الانسان يقبع في غيبوبة في صراع نفسي بين غريزته ومشاعره البريئة وان انتصرت غرائزة فقد ماتت تلك الجزيئة الانسانية لدية ولذا اجد ان مخرج العمل ربط بين انتحار ماريا وأستيقاظ تلك الفتاه من الغيبوبة لجعلنا نصل الى ان النزعة الحسية والمشاعر الانسانية هيا من انتصرت من خلال ايزابيل التي مالبثت الا ان تصارع وتستكمل حياتها لتكون تلك الفتاه التي عبرت عن الملائكة بطابع الانسان وأستيقاظها من الموت من خلال أستمرار حلم البراءة الانسانية وطمث النزعة الفطرية ,, العمل استطيع ان اقول انه قدم بشكل بسيط ويحمل جزء كبير من الواقعية والرثائية على صعوبة الاستمرار في العيش والتي استطاعتا كل من يلودي وناتاشا ان يقدم دورين رائعيين حصدا من خلالها جائزة افضل ممثلة .. ,,
أخيراً (حلم الحياة من الملائكة ) هيا مساحة تلقى فيها الضوء على الفرد وقدرته على الاستمرار مع صعوبات الحياة ومفارقة الحلم الانساني او الانحراف الى الغريزية الفطرية السادية للعيش والبقاء . ..

4/5

الخميس، 2 أغسطس 2012

Padre padrone 1977


 

أبي سيدي الفيلم الايطالي الحاصل على سعفة كان الذهبية لعام 1977 والذي كان يصدف ان رئيس لجنة التحكيم في ذالك العام المخرج الايطالي المعروف روبرتو روسيلليني أحد مؤسسي الموجة المعروفة بالواقعية ألايطالية والتي شخصياً أجد ان عمل الاخوين الايطاليين تيفاني هو امتداد لتلك الموجة , أبي سيدي وهيا سيرة ذاتية والمأخوذ من كتاب لجافينو ليدا ومعاناته من أضطهاد والدة له في سيردينا والصعوبات التي تلقاها منه حتى استطاع التحرر من جبروته واكمال دراساته العليى في النهاية .
تمكن الاخوين تيفاني من حمل العمل بقالب واقعي مؤثر ومثير حول سرد حياة جافينو من بداية مرحلة الطفولة وانتهاء بمرحلة الشباب وأخضاع المشاهد لمجموعة من المشاهد الرثائية لحال تلك الفئة من الاطفال لأضطهاد اهاليهم لهم وأخراجهم من المدراس واستخدامهم كاداة لجمع المال , الاخوين تيفاني في مراحل من العمل حاولو بقدر الامكان أن يظهرو مدى المعاناة والحنق الذي أصاب جافينو الراعي في سيردينا ومدى الحقد الذي قبع في نفسة حتى أصبحت بلدته تثير في نفس الرعب والخوف الشديد والذي تذكرة بسوط والدة والذي خلق حالة من العزلة والوحدة في نفسة حتى وان كان محاط بعائلته .
العمل أرتكز على السرد البيوغرافي في مفصليات والحوارات المكتوبة واستخدام الموسيقى والاغاني في مجموعة من المشاهد لتقافز بين الفترات الزمنية في حياة الشخصية الرئيسية ولو اني شعرت في فجوات في المعالجة الدرامية لنص ومراحل حياة جافينو الا انها لم تكن بتلك السلبية المؤثرة على قيمة العمل ككل , فَمتلك العمل ذالك الحنين والعاطفة الرائجة في الصنعة الايطالية وتوغل بشكل او اخر بعلاقة جافينو بمن حولة ولو كانت بشكل سطحي ماعدا والدة الذي كان مركز الأهتمام في العمل , الاخوين تيفاني حاول استحضار مفهوم الحرية الانسانية لتلك الفئة من البشر من قمع السلطة الابوية الجاهلة والمتعالية والتي تظن ان تمتلك اطفالها وانهم مجرد عبيد يلبون احتاجاتهم الاساسية وكنت تشهد تلك العلاقة الجلفة والصلبة بين كافة شخصيات العمل لحد انك تشعر ان العمل مفرغ تماماً من القدرة على الترابط الانساني بين شخوصة واصبح ترابط اقرب الى التعايش ولغة البقاء لتشعر انك امام مجتمع اقرب الى الحيوانات القوي يأكل الضعيف فيها حتى ان كان طفلة ..!


في مجموعة من المشاهد لجافينو في مرحلة الطفولة والمراهقة ثم الشباب تعمد الاخوين تيفاني على عزل جافينو واظهار مدى الرعب والخوف الذي بات في نفسة من خلال التعذيب الذي تلقاه على يد والده والذي كان خلفية للقمع الفكري والجهل الذي يكتنف في نفوس تلك القرية والبيئة التي لاتعطي ولو جزء بسيط من الرغبات والشهوات والحريات الفكرية , فحاول مخرجي العمل ان يسردَ انغلاقية والقمع الذي تعتاشة شخوص العمل وعدم قدرتها على ابداء الرأي من خلال رفعه لأصوات الحوارات من داخلهم والتي ترسم تلك الافكار في روحهم .
استطيع القول ان العمل قدم بشكل ممتاز خصيصاً في الجزء الثاني ومرحلة شباب جافينو التي أسهبت في طرح الصراع بين جافينو ووالدة والخلاص من تلك الاسوار التي تحجز جافينو عن العالم والتي رسم حدودها والده وايضاً ولوج مخرجي العمل الى مجموعة من المشاهد ذات المعالم الهامة حول فرض فكرة الحرية وكسر تلك الاغلال التي قيد فيها الاباء الابناء وجعل مسرب العمل يسير من قصة عن شخصية عانت من اضطهاد ابيها الى مرثية تقص معاناة الاطفال الرعاة في سرديينا وتلك العجرفة والسلطة القمعية من قبل الاهالي , والتي جعلت مخرجي العمل في مجموعة من المشاهد منها رفع العلم الايطالي واظهار جافينو مع السلاح بغية جعل الصراع بين الاباء والابناء بمثابة حرب لنيل حريتهم والتي جعلت مخرجي العمل يختتمان الفيلم بمقطع من موسيقى النشيد الوطني الايطالي كنوع من التحرر من القمعية والدكتاتورية التي فرضها الجهل والفقر والبئة الصعبة على تلك البشر ...
 شكر خاص لصديق الأخ جعفر أبوشيخة لترجمة العمل ,,
4.5/5

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

The Wind That Shakes the Barley - 2006



كثير من الاعمال تلتمس اهميتها بنسبة لفئة من المشاهدين من خلال ارتباطها بشكل أو أخر بالواقع الذي يحوم حولة , وأعترف ان هذا ماحدث لي حين مشاهدتي فيلم كين لواتش (الريح التي تهز الشعير) والحاصل على سعفة كان الذهبية لعام 2006 , لا اعلم لما وجدت نفسي اثناء المشاهدة اخوض تجربة داخلية مع مفارقات لتفكيري واضيع بين رماد أيدلوجياتي الشخصية والامر المثير انني لمسة في هذا العمل اتجاة لعله يكون ذو منطلق انفرادي لم يراوندي من قبل وهو ضياعي في عدم قدرتي على تفهم التاريخ الانساني التي تتجلى فيه مصطلحات ذات افق عديدة منها الحرية والاستقلال والأنتماء ومفارقة الانسانية والبراءة البشرية ,,


من منطلق أخر لو عدنا لما حاول خوضه المخرج كين لواتش في عمله هذا من خلال تقديم نص عن اخوين تيدي وداميان الذان ينضمان ويقودان احد الفصائل القتالية للجيش الحر الايرلندي في عام 1920 للحصول على الحرية والاستقلال الكامل من قبضة وسادية بريطانيا العظمى أن ذاك , كين حاول ان يختطف منا لحظات مبهره من المشاهدة من خلال تلك المشاهد الشاسعة من الخضرة وجمال التضاريس الطبيعية ومن منطلق اخر حاول ان ينقل مدى الحنق والغضب الشعبي على الطغيان البريطاني والتعذيب التي تلقاه تلك العائلات مما أشعل شرارت الانتفاضة في نفوسهم , داميان (Cillian Murphy) والذي ترك دراسته لطب في لندن للأنضمام لاخية في تلك الالوية يشعرنا كين لواتش بانه كلما استمر في الأنغماص في هذا الصراع يحدث تغيير في نفسة ومدى تأثير العاطفة والأنسانية فيه ,, لعلي اثناء مشاهدتي لريح التي تهز الشعير شعرت انني لست في عمل يخوض تجربة بيوغرافية حربية للحصول على الحرية بل هيا نقطة ضوء على النفس البشرية ومفارقة القيم والاخلاقيات والافكار مع المشاعر والاحاسيس الانسانية والتتغيير الحاصل في نفوس اي فئة تعايش تلك الحالة من الغوغائية التي تنهش اي قيم انسانية في تلك الشخوص ,, لذا اثناء المشاهدة والتي لابد ان امتدح تلك المشاعر الانسانية التي غلفها كين لواتش عمله فيها ممااثارت في نفسي الفكرة القائلة لارابح ولاخاسر في زمن سفك الدماء حتى ان كان احد الاطراف يتحلى ولو بجزء من القيم الفكرية والشريعة لقيامه بذالك والامر الواضح ان كين نقلنا من مرحلة النصال ضد المحتل الى حرب اهلية تقتص من كل من يقف في وجة طموحات ورغبات الانسان للوصول لسلطة , في احد المشاهد يدخلنا كين احد المفارقات بالغةً الاهمية من خلال اعادة مشهد خبر تلقي موت احد الاشخاص الذي قتلهم داميان بداعي الخيانه للجيش الحر وطردة من خلال امه بخاتمة العمل وبقيام زوجة داميان بطرد اخوه تيدي بعدما اعدمه نظراً لانه يحول بينه وبين وصولة الى سدات السلطة تلك المفارقة وتلك الغصة في نفس زوجة داميان والصراخ ومشهد الوحدة وكانها في لحظة أخيرة يطلق كين لواتش رصاصة الرحمة ليلقي على نفسي فكرة وهيا ان مهما تفننَ بسرد الاعذار لما تسفكة يدانا من الدماء وخسرانه لما تبقى من بصيص الانسانية فأنه القتل هيا شذوذ البشرية عن انسانيتها ولن نستطيع ان نبيحة لأنفسنا بكافة السبل والافكار , فرياح الدماء والاحزان والقهر تهز كافة الارجاء الانساتنية بكافة اطرافها ومعتقداتها وصلاتها ولاشيء يعلو على ايقونة الانسانية فيها , ..
4.5/5
عبدالرحمن الخوالدة

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا

تابعني على تويتر