احصائيات المدونة

cenima world

الأربعاء، 31 أغسطس 2011

A short film about love 1988

ساكبه الحليب ,,, تنتظر عودة الروح






تحرير : همام فاروق


خلال مشاهدتى الكثيرة للافلام من كافه انحاء العالم لا اعرف ان كان هناك فيلما ترك فى هذا الاثر مثل فيلم كيسلوفسكى فيلم قصير عن الحب ربما لا يقف معه الا كازابلانكا وصرخات وهمسات وحقا انها رائعه لكابرا وسارق الدراجه لدى سيكا ورجل وأمراة لالوش وأضواء المدينه لشابلن والسموارى لملفيل وعربه تدعى الرغبه لكازان وليالى كابريا لفللينى والليالى البيضاء لفسكونتى والليله لانتونيونى ومذكر ومؤنث لجودار وجولى وجيم لترافو فى الافلام التى تركت اثر عميق فى شخصيا و اذا حللناه كفيلم فهو اقل افلام المخرج البولندى كيسلوفسكى فنيا حتى انه ياتى بعد الفيلم الشبيه له فيلم قصير عن القتل وانا اقصد بالشبه هنا انه مأخوذ من مسلسل الوصايا العشرة التى قدمها كيسلوفسكى للتلفزيون البولندى فى اواخر الثمانيات ولكن اعجابى بهذا الفيلم لعدة اسباب سوف احاول القاء الضوء عليها فى الموضوع فى البدايه كيسلوفسكى صنع فيلم فريدا من نوعه تاتى من القصه المقدمه فنحن دائما ما نرى فى الافلام العالميه الاوربيه والامريكيه أو الاسيويه بل حتى الافلام العربيه ربط بين مفهوم الحب والجنس وهذا شىء اعتادت السينما فى العالم تقديمه فأذا تقابل حبيبين وبدأت بينهم قصه حب فأول شىء يفكرون فيه هو الذهاب الى الفراش وأن لم يحدث فمقدمات الجنس والى ما ذلك حتى اصبح هذا الامر احد قواعد السينما فى العالم تلك النظرة الشهوانيه للحب وتضيقه وحصره على انه مجرد رغبه وغريزة فقط وهذا للاسف مفهوم ضيق عن الحب وما يعنيه رغم ان غريزة الانسان شىء موجود فى كل البشر وهذا الاحتياج الانسانى شىء اساسى لاستمرار الكون والخليقه ولكن الامر ليس كله كذلك .

كيسلوفسكى هنا يقدم رؤيه مغايرة لتلك الرؤيه المعهودة فى السينما يقدم وجه نظره فى الحب ضمن الوصايا العشرة المعروفه وهذه احد وصياها وحتى تتضح وجه النظر تماما كيسلوفسكى لا يتبنى وجه النظر بل فى بعض افلامه هناك ربط بين الامرين ( الحب والجنس ) ولكن ما يعنينى هو ما يقدم فى فيلمه البديع ( فيلم قصير عن الحب ) كيسلوفسكى قدم فيلم يظل يحمل رؤيه وفلسفه انسانيه كبيرة قلما نراها فى فيلم سينمائى أخر ,,, من الممكن ان يخرج فيلما عاديا لولا ذكاء كيسلوفسكى فى اختيار ابطاله وظروفهم وما يمثله كلاً منه لعالم خاص به حيث انه اختار البطله اكبر من البطل وهذا امر يعطى مدلول كبير عن حجم الحب وصدقه حيث لو كان الاختيار بين فتاة صغيرة وشاب صغير ايضا فهذا امر اعتيادى ويوجد بكثرة فى كل الدول وحتى لو كان الاختيار بين فتاة صغيرة ورجل كبير كان سوف يصبح الامر معتاد ايضا بسبب ان الكثير من الفتيات يرتبطن أو يقعن فى قصص عاطفيه مع الرجل الكبير وايضا من ناحيه الرجل سوف يصبح الامر صعب لانه بالتاكيد مر بالكثير من التجارب مما يجعله حبه حتى وان وجد حبا ليس كاملا حتى لا اصفه بالشهوانى وثانى الامور ان البطله ذات تجارب عديدة بحيث لو كانت فتاة عاديه بدون تجارب  فان ذلك ايضا موجود وبكثرة ولم يكن سيخرج بالشكل الذى خرج عليه الفيلم .



من اول ثانيه يدخل بنا كيسلوفسكى فى صلب الموضوع شاب صغير يقوم بسرقه احد مناظر ليراقب احد السيدات الساكنه امامه وهو يعمل  فى احد مكاتب البريد الشاب اصبح اثيرا لهذا العالم التى تعيشه هذه المرأة التى يحبها أصبح التلصص عليها جزء لا يتجزء من حياته يعرف كل شىء عنها مواعيد رجوعها الى المنزل مواعيد اكلها ,, شربها حتى مواعيد زيارة اصدقائها,, كل شىء أصبح يعرفه عنها يزيد كيسلوفسكى فى الامر وقد يتهمه البعض بالمبالغه فى أظهار مدى حب الشاب لتلك المرأة نراه يعمل فى توصيل اللبن الى المنازل حتى يقترب منها لا يهمه الاستيقاظ فجرا لبدء عمله فى هذه المهنه الى جانب عمله فى البريد العالم أصبح عنده هى فقط  ,, توبيك بطلنا الشاب يعيش مع والده صديقه الذى سافر ,,, له عالمان يعيش فيهم ,, العالم الطبيعى الذى يتمثل فى عمله ووالده صديقه وعالم ماجدة المرأة التى يحب ويهوى ,,, نراه عندما يراه يبكى يسأل والده صديقه لماذا يبكى الناس ؟؟ نراه وهو يجرح نفسه لكى يشعر بالآلم مثل حبيبته ,,, أما هى أمراة فنانه غريزيه لها علاقات متعددة ,, وحيدة تعيش بمفردها ,, يستمر كيلسوفسكى فى التقديم للموضوع الى أن يعترف الشاب للمراة أنه يراقبها ,, وأنه رأها تبكى من منظاره ,,, عندها يتصاعد الفيلم ووتيرته ,ربما أراد كيسلوفسكى أن يقدم خلاصه فكره فى الفيلم بمشهد ماجدة وتوميك عندما يعترف لها انه يحبها ,, أمراة تعيش فى عالمها هذا لا تعرف ما هو !! ولذلك نرى اجابتها تتلخص فى قبله وفراش ورحله الى بودابست ,, وتصعق عندما يقول لها توميك أنه لا يريد اياً منهم وأنه يحبها ولا يعرف ماذا يريد من هذا الحب ,,, لا تقتنع المراة وتريد أثبات أن الحب والجنس شيئاً واحداً وانهم مرتبطون بل ان الحب نوع من أنواع العجز ,, الجزء الاخير فى الفيلم يحمل كل انواع التراجديا فى العالم عندما ينقلب الحال ونرى ماجدة أخرى عاشقه ومحبه تفعل مثل ما كان يفعله توميك ,,, تجلس تراقبه تنظر له بمنظارها ,, تجلس امام شباكها لعله يطل منه ,, تقضى ليالها فى التفكير بحزن على ما ضيعته من يديها ,, تجلس وهى لا تدرى كيف اضاعت الحب من بين يديها ,, تشتاق الى توميك ومنظاره ,, تجلس لعله يرجع يراقبها ويحميها كما كان يفعل ,, تغيرت حياة ماجدة من خلال هذا المنظار ,, الجسد نفسه ولكن الحياة أختلفت ,, توميك بهذا المنظار رأى العالم من خلال هذه المراة وهى رأت العالم من خلال أعين توميك ,, قصه لا تشبه باقى القصص ,,

كيسلوفسكى قدم رائعه من روائع السينما ربما يكون المشهد الاخير هو أروعها والذى لا يكفى عشرات المواضيع فى وصفه من شعور المراة بالقلق والخوف والعجز والحرمان والندم والآلم ,,, والفارس القادم بهذا الحنو الابوى ويضع يديه على رأسها ليباركها كقديسه يمسح عنها كل احزانها والآمها عندما يضع يديه على رأسها ,, ونقرات البيانو الموجعه التى تسير فى الروح وتجعلها تشعر بما تشعر به بطلتنا وفارسها القادم من بعيد ,,, شاهدت المشهد الالاف المرات ولم أملء منه ,, أنه يجرى داخل الروح ,, يحلق وينطلق بى الى هناك بعيداً ,, كل من يراه لابد ان يشعر بالآلم تلك المراة وبراءة هذا الشاب ,,

 ساكبه الحليب تنتظر عودة الروح ,, تنتظر وتترقب لعله يرجع يوماً لها ,, هذا الثلج الذى يجرى فى جسدها الى داخل الروح بكل الوجع ,, بكل الآلم ,, مع أنشودة الحب الضائع ,, وهى تلامس أنماله بهذه الرقه والعذوبه المتناهيه العشق ,, ورعشه الجسد ,, والرجفه كأنها الاولى والاخيرة فى الحياة ,, ودموع تمل العيون بالحب والهيام ,, ولمسه وجه أحنياجاً له ,, أبتسامه الامل فى الختام أملاً فى رجوعه يوماً ليربت عليها بيده ,, لينظر ويراقب كما كان يفعل دوماً ,, فيلم قصير عن الحب ,, عن العشق ,, والحياة ,, والامل ,, ماجدة نموذج خاص من النساء التى ربما يمرون فى حياتنا ,, نموذج يحتاج الى الحب والعطف والحنان حتى لا يفقدون الامل فى الحياة ويضيعون ,, توميك نموذج للبراءة فى هذا العالم الغريب الذى لا تحترم وتقدر فيه المشاعر والعواطف وكما قالت والده صديقه لماجدة الحب ما فعل به هذا ,, ماجدة عرفت ,, فهمت ,, أردات التغير ,, أردات حياة أفضل بريئه ونقيه ,, فيلم يعاش كل يوم وكل لحظه فى العالم ,, عن رحله البحث عن الحب والحياة ,,,


 فيلم قصير عن الحب ,,, فيلم لا يرى بعين الوجه أنما بعين القلب ,, فيلم يقدم درساً بليغاً فى كيفيه الحب وكيفيه المحافظه عليه قبل فوات الاوان وضياعه ,, كيسلوفسكى نجح بأمتياز فى تقديم فكرته وأجبار المشاهد على التعاطف مع شخوصه ,, مع نهايه الفيلم لا تملك الا أن تحب ماجدة رغم كل ما فعلته وأن تتعاطف مع الآمها وكل عجزها ,, وتشفق على توميك وما فعله الحب به  موسيقى الفيلم من أروع مايكون والتى نستمع الى مقطوعات غايه فى الروعه الى ان تتجلى الخاتمه ونسمع المقطوعه كامله ,, الاداء التمثيلى ربما لا أرى بطلً وبطله مناسبين للدور افضل من بطلينا ,,, لم أهتم بتحليل الفيلم فنياً بقدر تحليل أبطاله كقصه واقعيه ,, لو جلست أكتب لن تكفى المساحه لما أريد قوله ,, يكفى أنه فيلم عن الحب .

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا

تابعني على تويتر