عندما تتمكن بشكل ما من مواكبة جزء لابأس فية من الخوض في غمار تجربة سينمائية لحقبة أو موجة سينمائية والولوج الى التنقل بين ما أنجزه صناعها فَتلك مُتعة لامثيل لها وتشكل لديك كَهاوي سينمائي خبرة لابأس فيها في العثور على خطوط عريضة ترتسم حول تلك الفترة الزمنية او الموجة الفنية السينمائية ,, ولعل السينما الفرنسية والتطرق لها وخصيصاً لما يسمى الموجة الفرنسية الجديدة كانت أحد أكثر اهتماماتي في الفترة السابقة وأجزم ان ألابحار في تلك الموجة جعل عندي رغبة شخصية في البحث في السينما الكلاسيكية الفرنسية عامة والغوص في محيطها وليس مجرد موجة قُدمت في تلك الفتره ,,
في الحقيقة أود ان أرتكز في حديثي على مجموعة من النقاط التي أستطعت ان اصل اليها بعد بحثي ومشاهدتي المستمرة لتلك النوعية السينمائية ومنها محاولة الصناعة الفرنسية السينمائية من خلال مجموعة من صناعها العظماء التطرق الى مايسمى فن المؤامرة وتغليف أعمالهم برمزياته والبحث عن السرد المثير الذي يجعل المشاهد ينسجم طيلة فترات العمل ومزج تلك اللغة ِبوابل من الأفكار الهامة ان كانت ذو منحنيات فكرية أو ثقافيه اوحتى أنسانية والتي تصل في بعض ألاحيان الى تلميحات سياسية بحته , أسنطيع الجزم من تجربتي البسيطة حول كوكبة من الصناع الفرنسيين الهاممين والذي أستطاعو أن يوفرو لصنف الاثارة والجريمة حزمة لابأس فيها من الافكار والأساليب السردية المثيرة والتي تلون من خلالها عدة من صناع السينما الفرنسيين منهم جان لوك غوادر , جان بيري ميليف , لويس مالي , كلود شاربول , روبرت بريسون , اّلان رينية , فرانسو ترافو .. وغيرهم , كانت تجربتي الاخيرة مع اسم جديد بنسبه لي وهو المخرج (جاكيه بيكر) والذي كانت تجربتي مع فلمه (الحفرة) بمنتهى ألامتيازية والجمال , جاكية بيكر خاض عمله وأسس نصه بشكل يجعل المشاهد شريك في كافة الاحداث التي تم سردها في العمل , فيَحسب لبيكر قدرته على جعلنا شاهدين على أصغر التفاصيل الحدثية لتلك المجموعة من السجناء لمحاولتهم حفر حُفرة في أحد السجون والفرار والحصول على حريتهم , جاكيه بيكر وكأنهم حاول ان ينقلنا لنا عن كثب تلك الحالة من الأولفة والتعاون والوحدة بين اولائك السجناء وتغليف علاقتهم بشكل مثير وجميل وهنا عند دخول سجين جديد الى زنزانتهم واضطرارهم مشاركته خطة الهرب ومااتبعها من احداث كانت توفر جزء كبير من الاثاره المنقطعة النظير والمتعة الا محدودة .
الشيء الهام والذي تبادر في ذهني اثناء المشاهدة هو تركيز بيكر على العلاقة بين السجناء الخمسة وتشاطرهم كافة الاشياء وكنت تشعر في لحظة ما انهم عائلة تعيش في منزلها وتحاول ان تتأقلم مع صعوبة العيش فيه ومن منطلق اخر كنت تشعر ان الوافد الجديد لزنزانة مع اندماجة السريع مع المجموعة الا انه هناك شعور اننا امام شخص يعيش غربته لوحده والتي تطغى عليها مخاوفة ومصالحة الشخصية والتي تلعب دورها في كسر تلك الأولفة بين المجموعة , ايضاً بيكر حاول ان يُقدم مجموعة من المشاهد التصويرية الجذابة والتي تلاعب فيها بزوايا الصور والمشاهد الجانبية والتي كان لها اثر مميز في اضفاء شيء من الجمالية على اللغة التقنية للعمل .
الحقيقة ارى ان ماقدم بالحفرة وبعيداً عن تلك الوجبة المثيرة من المؤامره وفن الجريمة ومحاولة هرب السجناء كانت وصفة ذات معالم ابتعد فيها بيكر الى صياغة تتعدى جدران السجن الى مفاهيم تبرز قدرتنا على كسر الأغلال التي تكبل فيها يدينا السلطات الحاكمة وكانت فيها الحفرة عباره عن فكرة وحلم وأيمان مجموعة من الشبان حاولو ان يتقاسمو مجد نيل الحرية التي لطالما انتظُرها وهنا تظهر الفئة المتخاذله التي يملؤها الشك والخوف والتي تؤدي بنهاية الى خذل تلك المجهودات والتضحيات التي قدمت من أجل الحرية , شيء مثير ماأستحضرة بيكر من خلال عمله هذا والجدية في جعل المشاهد شريك في حفر تلك الحفرة وكأن جاكية يراهن على اثارة تلك النزعة من المشاهدين في كل حفنة من التراب التي كانت يخرجها أولائك السجناء من الحفرة والتي كانت تعبر عن نافذه الى ألامل وكسر تلك الحواجز التي تحتجز ارواحنا وافكارنا واجسادنا بين اسوارها ,,
الحفرة عمل يستحق ان يكون من ضمن اهم الكلاسيكيات الفرنسية على الاطلاق وتبرز تلك الاهمية لقدرة العمل على حمل سيل من الافكار الانسانية والسياسية بين طياته في قالب من الاثارة والفن الجرمي بشكل مبهر ومتميز بحق ..
عبدالرحمن الخوالدة ..