(الاعــــتراف بالحـــق فضـــيله )
مايكل هينكه احد اهم المخرجين فى السينما العالميه وصاحب مدرسه سينمائيه خاصه جدا قدم روائع كثيرة بدايه من فيلمه السينمائى الاول القارة السابعه وان كان سبقه بعض الافلام التلفزيونيه مرورا بباقى افلامه الرائعه فيديو بينى و 71 جزء لتسلسل الفرصه والفلمين بالاضافه الى فلمه الاول القارة السابعه ثلاثيه تعرف باسم ثلاثيه الجليد وفيلمه الذى قدمه مرتين العاب مرحه حيث قدمه فى النمسا لاول مرة ثم اعادة مرة اخرى فى امريكا ثم فيلمه الرائع مدرسه البيانو وفيلمه الاخير التحفه الفنيه الشريط الابيض وهو الفيلم الذى اشتهر به فى الوطن العربى خصوصا نظرا للمستوى الرائع الذى قدمه واستحق عنه السعفه الذهبيه فى كان والجلودن جلوب لافضل فيلم اجنبى وان كانت ضاعت من جائزة الاوسكار بغرابه وهذا شرف كان سيمنح للجائزة وليس له فى خلال ذلك قدم هينكه فيلمه الذى نتانوله اليوم وهو فيلم المخفى تكمن روعه وعبقريه هذا الفيلم لما يتضمنه من افكار قليلا ما تطرقت اليها السينما العالميه الفيلم ينتمى الى افلام الغموض والاثارة ولكن بشكل يختلف على ما قدمه هتشكوك وسبيلبرج فى افلامهما وبكل تاكيد تفوق هينكه عليهما معا بسبب ان هينكه استغل ذلك الغموض والاثارة فى ايصال افكاره ونقطه اخرى تحتاج الى توضيح اعتادنا فى افلام هتشكوك ان هناك لغز عبارة عن جريمه أو سر أو مشكله حدثت طوال الفيلم فى اجواء من الاثارة ننتظر التعرف على حل هذا اللغز وما الشخص الذى يقف وراه هينكه هنا ياخذنا فى هذا الطريق ولكن بعد اقل من ساعه نترك هذا اللغز لامر اشد اهميه ونتناسى هذا اللغز ولاشك ان تلك عبقريه من هينكه
الفيلم يدور حول موضوعين الاول عن حياة احد الاسر وما تعانيه من اعتاديه وروتينيه فى حياتها اليوميه وهى مساله قدمها هينكه فى فيلمه السينمائى الاول البديع القارة السابعه عندما نرى اسرة عاديه تقرر ان تقوم بانتحار جماعى رغم انهم لا يعننون من مشاكل واضحه حيث ان الاسرة فى فيلمنا اليوم مكونه من أب ناجح يقدم احد البرامج فى التلفاز وام تعمل فى احد دور النشر الكبيرة والابن مراهق وبطل فى السباحه هذا هى التفاصيل العامه للاسرة ولك اذا نظرا الى الداخل نرى ان هناك تباعد واضح بين الوج والزوجه يتضح ذلك من ان الزوج يخفى الكثير عن زوجته ولا نرى اى مشاعر حب بينهم واضحه والابن يشك فى ان امه على علاقه برئيسها فى العمل وهو فى نفس الوقت صديق للاسرة الموضوع الثانى فى الفيلم هو ماضى (جورجى ) وما يحمله من اشياء يحاول ان يخفيها
رغم انها تتطارده حتى فى احلامه نظرا لما قام به وهو صغير وان ظل مؤمنا به الى الان
هينكه استمرار لتجديد الذى يقدمه فى الفيلم اختار افتتاحيه جديدة بعض الشىء وهو ادخال المشاهد فى الفيلم من اول ثانيه فيه ولا ابلغ ان قلت انه يدخل المشاهد حتى قبل البدايه اول مشاهد عبارة عن عرض لاحد المنازل من كاميرا من الواضح انها ثابته ولمدة دقيقتين نشاهد الكاميرا وهى تعرض المنزل والاجواء الحيطه به من سيارات تمر امام المنزل ومارة عاديون وفجاة نكتشف اننا كنا امام شريط فيديو تشاهده احد الاسرة قام احد المجهولين بارساله اليها مع صورة كاريكاتيريه لشخص مقتول نفهم ان الاسرة تتعرض للتهديد من احد الاشخاص يستمر هذا
المجهول بمراقبه الاسرة وارسال الاشرطه والصور لها باستمرار مما يضع الاسرة تحت ضغط كبير يبدوأ فى التفكير من الذى يفعل ذلك هل هى مزحه عاديه ام انه تهديد تتعرض له الاسرة يشكون فى الكثيرين حتى فى اصدقاء ولدهم بل يشكون فى ولدهم نفسه الى ان يأخذ الفيلم منحنى اخر عندما يقوم جورجى بزيارة والداته عندما يشاهد احد الاشرطه التى تعرض المنزل الذى تربى فيه وهو صغير وبعد حوار له مع امه سوف نعرف الشخصيه التى سوف تغير مجريات الفيلم وهى شخصيه ماجد ذو الاصول الجزائريه والذى كان يعمل والدايه لدى عائله جورجى فنتقل الشك كله اتجاه لتبرير افعال واعمال جورجى فى الصغر هنا وجد الصيد الثمين الذى يصب اتجاه كل شكوكه الخافيه بدون اى ادله او براهين يتم اللقاء الاول بينهم ماجد يتذكر الايام السابقه ببعض الحنين وجورجى كل همه هو الصاق التهمه بماجد حتى ولو كان برىء منها .
بين الشقين السابقين تدور احداث الفيلم وسوف ابدأ من منتصف احداث الفيلم من الكابوس الذى ياتى الى جورجى بعد ظهور اسم ماجد فى الاحداث اعتقد انه الكابوس الذى يؤرق الكثيرين لما فعلوه فى الماضى ببعض الابرياء من الاعراق حتى فى حوار جورجى وزوجته عندما تريد ان تعرف منه لماذا يشك فيه ولماذا يفعل ذلك ضده تكون اجابته انه يحمل الضغينه والكره له وحتى انه ينكر انه يتذكر ما حدث اثناء الطفوله وهو فى اعماقه يتذكر ذلك التى عانت من العنصريه والمتمثله هنا فى الجزائرين وشخصيه ماجد هى التى تعبر عن ذلك الامر العنصريه التى تعامل بها الجزائرين من الفرنسين طوال اكثر من مائه وثلاثون عاما وهنا هينكه لا يتعامل مع قضيه سياسيه بين ما حدث فى احداث اكتوبر 1961 التى استشهد فيها اكثر من 200 عربى فيما سمى مذبحه الشرطه والتى قتل فيها ابوين ماجد هنا القضيه اكبر بكثير فبعد احداث 11 ستمبر حدثت اعمال عنف وعنصريه ضد الاقليات فى الدول الاوربيه وخصوصا للمسلمين والعرب هينكه فى مشهد عبقرى اثناء مشاهدة جورجى للتلفاز ونشرة الاخبار نرى الجنود الايطاليين فى العراق وما تحمله تلك من دلالات كبيرة لما سوف يحدث .
ثم مشهد اخر للفسلطنين وسقوط الكثير من الجرحى والشهداء ثم مشهد ل احمد قريع ( رئيس الوزاء الفلسطينى السابق والقيادى فى حركه فتح ) اثناء احد المؤتمرات الصحفيه هنا التعامل مع الشعوب التى تتهم بالارهاب والعنف اذا انها مجرد رد فعل على ما يحدث معها من عنف وعنصريه وسلب للحقوق وفى احد المشاهد نرى احد الزنوج
وحديثه مع جورجى بشىء من العنف .
جورجى فى اعماقه يشعر بتأنيب الضمير لما اقدم عليه فى حق ماجد وفى مشهد لهما معا نرى ماجد وهو يقول له اعرف انك لا تصدقنى عندما ينكر اى معرفه له بالشريط والرسومات ويقول رغم ذلك ان اصدقك وحتى عندما يحدث اختفاء لابن جورجى اول من يلقى عليه الاتهام هو ماجد وعندما يعرف انه غير برىء من ذلك لا يعتذر له كانه لا يستحق ذلك الاعتذار أو بمعنى اخر انه ان تلك النوعيه من البشر لا تستحق حتى مجرد رد الاعتبار
مشهد النهايه للفيلم عبقرى نشاهد حوار لابن جورجى وابن ماجد امام مدرسته كان الامل فى الجيل القادم لمحو اثار الماضى البغيض الذى يحمله الاباء داخل صدروهم هينكه كان ذكيا فى جعل المشهد اقرب الى الصامت فنحن لا نسمع ما يقولوه لبعضهم البعض ونرى مجموعه من السباب الصغار من اعراق مختلفه .
هناك الكثير من المشاهد البديعه فى الفيلم منها مشهد الكابوس للطفلين وقتل الدجاجه ومشهد انتحار ماجد رغم بشاعته الواضحه وبالطبع مشهد النهايه والجميل فى الفيلم ان هينكه لم يظل يحتفظ باسلوبه السينمائى اللقطات الطويله والمشاهد الحواريه الطويله ايضا فترات الصمت كثيرة جدا ويمكن ان اوصف كاميرا هينكه انها ( اثقل كاميرا لمخرج ) الكاميرا لا تلتفت كثيرا هادئه وثابته .
هينكه لم يستخدم الموسيقى اطلاقا فى الفيلم نظرا للموضوع المتناول حتى انه فى مشاهد الغموض والاثارة لم يستخد موسيقى تواكب الحدث الجارى انه اراد ان يقدم فيلمه فى اطار واقعى جدا ولذلك لم يستخدم الموسيقى وهذا من خلال مشاهدتى للافلامه حتى الان لم اراه يستخدم الموسيقى الا نادرا جدا .
مايكل هينكه لا أضيف على ما اقالوه عن هذا المبدع فبعد اربع مشاهدات للافلامه اقتنعت اننى امام احد اكبر المخرجين فى الفترة الحاليه ( القارة السابعه - العاب مرحه -المختبى – الشريط الابيض ) ولى بالطبع مشاهدات اخرى لافلامه وكما قلت مسبقا لقد اصبحت عندى قناعه ان هينكه مع جوزيبى تورناتورى وبدرو المدوفار وانجلوبوليس يحتلون قمه الصدارة فى الاخارج السينمائى الان حول العالم شاهدتى لهم بعد مشاهده اعمال عديدة لهم تنم عن اسلوب متفرد فى الاسلوب السينمائى لاشك عندى انهم امتداد لجيل المخرجين الكبار الذين اثروا فى السينما العالميه :
(بيرجمان و فيللينى واكيرا وانتونيونى و تاركوفسكى وكيسلوفسكى وبونويل وبيرسون و كوبريك ايليا كازان ).
الاداء المثيلى كان بديعا من دانيال واتيل اجاد فى شخصيه مقدم البرامج والزوج ذو العلاقه الغير مستقرة مع اسرته و جوليت بيونش احد افضل الممثلات فى العالم فى العشرين عاما السابقه ان لم تكن افضلهم على الاطلاق اداء مميز كما تعودنا منها دائما للزوجه الخائفه على اسرتها والقلقه لما يحدث لهم واداء مميز من مارسيه بوينش لاداء شخصيه ماجد كان فى القمه افضل ادوار الفيلم مشاهده مع جورجى رائعه جدا خصوصا مشهد الانتحار .
الفيلم حائز على 21 جائزة و 22 ترشيح من اهم الجوائز التى حصل عليها الفيلم جائزة الاخراج وجائزة خاصه من لجنه الحكام من مهرجان كان وجائزة افضل مخرج وافضل ممثل وافضل فيلم من جوائز الفيلم الاوربيه واختاره نقاد التايمز اهم فيلم فى الشرة سنوات السابقه على راس قائمه تضم مائه فيلم انتجت حول العالم الفيلم يستحق ان يكون كذلك احد روائع الفن السابع فيلم له رساله مهمه جدا للمهمشين فى العالم وما احتملوه من ظلم وعنف من الذين يدعون الحريه والعدل والمساواة .
( اذا ظللت تبحث عن من يقوم بتصوير العائله فأعد مشاهدة الفيلم لانك لم تفهمه )