في مزاج السينما ,,, خواطر سينمائية "
"الإخراج لا يبدأ بعد مناقشة السيناريو مع الكاتب، أو أثناء العمل مع الممثل أو المؤلف الموسيقي، بل في الوقت الذي (أمام التحديقة الباطنية للشخص الذي يحقق الفيلم ويسمى المخرج) تنبثق فكرة الفيلم أو صورة الفيلم: قد يكون هذا عبارة عن سلسلة من الأجزاء المرسومة بالتفصيل، أو ربما الوعي بالنسج الجمالي والمناخ العاطفي، والذي ينبغي أن يتجسد على الشاشة. يجب على المخرج أن يمتلك فكرة واضحة عن غاياته، وأن يعمل من البداية إلى النهاية مع فريقه لتحقيق هدفهم الكامل المحدد. لكن كل هذا ليس أكثر من خبرة تقنية. ومع أن ذلك يتضمن العديد من الشروط الضرورية للفن، إلا أن الخبرة بذاتها، وبمعزل عن الأشياء الأخرى، ليست كافية لأن تجعل المخرج يستحق لقب الفنان، فالمخرج لا يكون فنانا إلا في اللحظة التي يبدأ نظامه المميز الخاص بالصور في التشكل، ويكون الجمهور مدعواً ليحكم عليه وليشارك في أحلامه الأكثر خصوصية وسرية. فقط حين يدلي بوجهة نظره الخاصة، وحين يصبح فيلسوفاً، فإنه يظهر كفنان، وينظر إلى السينما بوصفها فناً..." أندرية ترافوسكي
عندما يصل الصانع السينمائي الى مرتبة الفنان وترصد سينماه الحلم الذي يكتنز في نفسة وتحاول ريشة ذالك الفنان ان تخترق العوالم وألازمان حتى يوقض تلك الحالة التي تنسل في أزواجية تفكيرة من جُل أفكاره وأحاسيسة وخوض تجربة لاحدود لنرجسيتها في عالم يجمع مابين ذكريات الطفولة وطموحات الشباب وعجز الشيخوخة وأتصال تلك الاّهات التي تبعثها الحياة والبحث عن المجانات في ينبوع العذروات والغوص في جدليات تتغزل ألاوهام أبوابها وتوصد الجدران أفاقها وتجعل الصورة مجرد حالة تعكس مراّه جموح وجنون صانعها ..
العمل السينمائي ليس مجرد مجموعة من المشاهد التي تؤدي الى فكره هامه وعاطفة ومجرد خنفشاريات , العمل السينمائي هي حالة تذهب بلمشاهدين الى البعيد من الوعي الى اللاوعي في لوحة تسكنها أشباح الماضي التي أرقت الصناع ,,, وتنطق من خلالها عالم ألاحلام التي جارت عليه الحقب والايام واندثرت أمام جبروة الواقع ليصبغها في عالم الصورة وعذوبة ألالحان ورقصات الحياة وأطلاق العنان لمخيلة المشاهد التي تلمس ذالك الخيط الذي يفصل بين الجنون والعقلانية ,, الحياه والموت,, العشق والرغبة,, الخوف والشجاعة ,, الوجودية والعشوائية,, الحب والحقد ,, الحلم والواقع .. فكل تلك المفاهيم يعكس احدها الاخر فُعين الفنان تجعل خيال الحلم صورة لمرثية الواقع,, وتغوص في شهوانية الرغبة لترسم مدى جمالية الحب ,,وتوجز أدق معالم الخوف الانساني للولوج الى تقديس شجاعة البشرية في مواجهتها ,.. السينما عدسة كاميرا تلتقط صورها لمشهد من الواقع المحض ليبرز الفنان مدى الاعجاز الجنوني الذي يختنق في أطار مخيلته وينقله بكل شفافية الى تلك الصوره جاعلن أياها ذات معاني ومفاهيم وأفق تكسر كافة الجدران الفكرية للمشاهدين ,
السينما بكل بساطة هيا لغة الفنان السينمائي (المخرج) والتي توجز الكثير من عالمه الخاصة التي ترتسم بلونية ذكرياته وتوجز مراحل حياته بقساوتها وحلواتها وسخرية قدريتها والولوج الى تصعيد مسيرته الشخصية لتنقل اعتاب سادية وسامية المجتمع الانساني بقالب وأسلوب يخلق لكل صانع انفرادية وجمالية خاصة تجعل من السينما صورة ذاتية عن هوية الصانع ,, ومجرد الولوج التي صفحات صورية تلك الابداع الحالم التي يرتكز على واقع محض له يجعل من السينما تعبر عن فن يستحق ان يكون ضمن الفنون التي أبدعتها البشرية ..
" أشفق على السينما الفرنسية لانه ليس لديها المال , وأشفق على السينما ألامريكية لانه ليس لديها أفكار " جان لوك غوادر ..
وبنسبه لي أضيف "
" ليس كل صانع سينمائي فنان , وليس كل مشاهد يجد في السينما فن يعيش معها حلمه الخاص "
فنان ... "
(أعتقد ان الناس يكثرون من الكلام , واعتقد ان الناس يستخدمون الكلمات دون طائل او فائدة ؟ ولكن في المستقبل البعيد سوف يقل الكلام بين البشر ويعم الصمت وبتالي يذهب معنى السعادة والعلاقات من حياتنا ,, في افلامي احاول قدر الامكان ان اصف تأثير الحضارة والتقدم والالات على الانسان ! ) (مايكل انجلو انتونونى)
المخرج ألايطالي مايكل أنجلو انتونوني أحد عظماء السينما واباطرتها الذين أستحقو المرتبة والتقدير المديحي له في الاوساط الفنية والتي تستعرض الاهمية التي تطرحها سينماه الخاصة التي أرسخت من خلال أسلوبها العديد من المفاهيم والأساسيات التي جعلت العديد من صناع السينما الحالية يسيرون على خطاه ومنهم الصانع الالماني ( مايكل هانكة ) والمخرج الايراني ( أشقر فراهيدي ) وغيرهم من الصناع الذين يعتبرون في يوماً هذا أحد علامات الابداع السينمائي مما أسهب على علو كعبهم بين كافة الاوساط الفنية السينمائية ,, سينما مايكل انجلو انتونونى اعتبرها سابقة لزمانها فقد جعلت السينما من مجرد لغة صورية وحوارية لنقل الفكرة المراده من العمل الى استخدام التسارع الحدثي البطيء والحوارات القليلة والمشاهد المطولة والتي ترتكز على مايحيط الشخصيات لأضفاء الفكرة المراد تحويرها من خلال مايقدم فُجُل اعمال انتونونى ثقيله على المشاهد بقدر ماتحمله من برود شديد وتجرد ظاهر في التقنيات التأثيرية وأستخدام الغموض وفن المؤامرة فقط لجذب المشاهد لأنهاء العمل وعندها اسقاطه في فخ اللوحة الدرامية القاتمه التي تسرد الانسلاخ الجاري في روح الانسانية وفقدانها الهوية والامصداقية في العلاقات البشرية وتجريدها من اي حسية كانت ,, والولوج الى تكثيف تلك المشاهد التي تجهض معالمنا السامية وتسقط تلك الاقنعة التي نغطي وجوهنا فيه وتجسد ابشع اللغات التي يتحاور فيه المجتمع الأدمي في أنقاض المادة والمصالح الشخصية والتقنيات الفارهه التي تحورت من غاية في اراحة البشرية الى وسيلة للقطيعة وانعدام التفهم والتفاهم بين كافة الفئات والاوساط والغوص في انفاق القذارة الانسانية ...
تجربتي مع الايطالي مايكل انجلو انتونونى في عدد من اللوحات ألابداعية ذات الاسلوب الواحد الذي جعل المشاهد فية يلاحق سراب الاثارة لمؤامره غامضة ما لتشكل في النهاية خاتمه ترسم الصمت الانساني في مشهد مطول تبدأ فيه الكاميرا بالولوج الى الابتعاد رويداً رويداً عن منطقة الحدث لترسم ذالك الفراغ والعجز في المجتمع .. من خلال متابعتي لسينما أنتنونونى ومن أهمها ( المغامره , الكسوف , الليل , الصحراء الحمراء , المراسل , صورة مكبرة ) وجدت ان انتونونى دوماً ماينتقد العجز في التواصل بين الافراد وفقدان الهوية وجر المشاهد الى مرثيات تعتاشها شخوصة في حالة من الاغتصاب لأبرز معالم الانسانية , ولكونية انتونونى سينمائي ينظر لسينما كفن فعال في تقديم أفكار وعوالم ذات اهمية تجده في كل عمل يخوض في تجربة ساخرة من الاجهاض الفني وتجارية اللغة المستخدمة في تقديم تلك الفنون وجعلها مجرد تجاره وجنوح دون طائل او معنى يضفي جمالية كاذبه .. انتونونى جعل من كل عمل من اعماله لوحة تكمن انفراديتها في نقل عملية للبحث عن معاني الانسانية والذات والهوية ورفدها بمعنى الفن الحقيقي ..
معاني ألانسانية والذات والهوية .. :
ماهي الهوية الانسانية وأين تقبع في رمزية الشخصية الانسانية ومااستوحى تلك الفكره التي جعلت من الفقدان والضياع والبحث للولوج الى تسليط الضوء على تلك الفلسفية , في بحثي الجاد عن معالم تلك الفكرة التي رصدها معظم أباطرة السينما لم اجد علامه تبرز المعنى التام وبشكل بسيط كما أوجزها الفنان اليوناني ثيوانجيلوبوليس في رائعته ( نظرة في السديم ) ثيو خلق تلك الحالة بينه وبين المشاهد ليوقعنا في عالم ملىء بالجحود والرثاء والغضب وبحث عن معالم الهوية الذاتية من خلال جعل طفلان ينتقلنا من بلد الى اخر في بحث جاد عن الاب والحاجة التي تقبع في نفس تلك الشخصيتين الذان طال بحثهما دون جدوى ليخترق عالمنا بمشهدين كانا علامة بارزة في جعل العمل يخلد في ذاكرة المشاهد كان الاول من خلال اغتصاب تلك الفتاه بصمت مريع يقشعر له الابدان ليوصف به الصمت الانساني العارم لأغتصاب كل ماتحمله البشرية من برءاه وعذرية واحاسيس تم فقدانها مع الايام , لأصل الى مااود طرحه وهو فكرة الهوية وجذور الفرد في هذه الحياه من خلال مشهد ختامي أسطوري في وصول الطفلان الى جزيره يحدها الضباب الكثيف وشجره ضخمه تقف امامها في صورة تتلون في الابداع البصري والفلسفي لأيقاع المشاهد في حيرة هل مايراه الطفلان والذي نشهده من خلالهم وهم ام حقيقة وماتمثله تلك الشجره الوحيدة التي تغرس جذورها في الارض جاعل من مشهد واحد أيقونة لمئات علامات التأمل والتساؤل والاستفسار ..!
مشهد واحد .. "
البساطة لغه لايتقنها سوى العظماء وجعل منحنياتها العديد والعديد من الرقصات الانسانية لتنحني أمام أهازيج فكرة الحلم البشري , شارلي شابلن جعل من البساطة هدف لأيصال سينماه الصامته الى عموم الجماهير والتي رفض ان يطفي عليها اي أصوات رغم ان اهم اعماله ظهرت في زمن بروز السينما الناطقة , شابلن في مشهد واحد خلد في ذاكرت الملايين من المشاهدين أجمل معاني العنصر الانساني جاعلاً منا شاهدين والدموع تكاد تنزف من عيوننا منبهرين بتلك الخاتمه لتحفته الخالدة ( أضواء المدينة ) ذالك المشهد الذي تمكن من صدم كافة الجماهير فيه من خلال جملة ابسط من ان تكو احد ابرز حوارات السينما العالمية كافة (Can you see now .. ) نعم هيا السينما هيا المشاعر هيا الانسانية هيا البساطة هيا الحب الذي جعلنا شابلن نراها بأبسط المشاهد واكثرها حنين ودفاً وعاطفة فشكراً لانك اعدت لنا بصرنا ,,
الحنين .. "
السينما الايطالية التي صبغت السينما العالمية بتلك الحالة من الدفء والحنين والعاطفة الجياشة التي ترهق أحاسيس في ابداعية منحياتها , السينما الايطالية ومن خلال العديد من رموزها بداية من فريدريكو فيلليني وروسيلليني وفسكونيتي ودي سيكا واخيراً تارنتوري حالياً تلك الصبغة التي حينما أشهد احد أعمالها أشعر اني أستمع الى أغاني سيدة الطرب العربي أم كلثوم التي تيقض في نفسي المشاعر والاحاسيس التي باتت في سبات طويل , الطليان وعبر السنون جعلو سينماهم رمز عظيم تكمن عظمته في أجبار المشاهد في نهاية مشاهدته روائعها على الذهاب الى البعيد في رحلة تكون ابرز معالمها سيمات الشاعرية البشرية والسامية الانسانية والولوج الى أسرك بتلك الشغفية الملقاه في اروقة سينماهم وزواياها التي تجعل من الواقع حلم انساني جميل ,,
الشغف ... "
الشغف هو محرك الحقيقي لحلم الفرد في الحياه فلولا وجوديته في عالمنا لما برزت تلك العبقرية التي نصف بها ذاتنا , الشغف شعور لايمكن وصفه فهو ألادمان بحد ذاته واعلى حدود العشق وعنوان رئيسي لنجاحات التي لطالما أرستها الانسانية , الشغف هو المحرك الحقيقي لكل مشاهد سينمائي يجد في السينما هواه الحقيقي والتي تمثل له غزليه خاصة يلمس من خلالها أسس تلك العلاقة الكامنه بينه وبين السينما وصناعها الذين لطالما اوجزو تلك الحالة الغير مفهومه من الشغف الانساني والامحدودية لذالك الجزء في أنفسنا , الشغف ليس درجة من درجات الحب بشكل او اخر بل هو حالة تجعل وجوديتك كفرد وهويتك الشخصية من خلال وجودية الشغف الذي تحمل بين أروقة روحك لتجد انك ترى في تلك الصفة مراه تعكس مايحيط بنفسك وتملس حينها حدود السماء العالية من خلال ألابحار في عالمك الخاص وصندوقك السحري الذي يمثل شغفك في أي جزء من جزيئات الحياة ..
تحية وتقدير ..
التكريمات النقدية والجوائز التقديره في عالم السينما خلقت لكي تُشرف تلك السينمات والسينمائيين الذي قدمو كوكبة روائعهم لمشاهديها , شخصياً اجد ان تقديري لسينما كفن قادر على مداعبة حلمي الخاص وكسر معالم غربتي الشخصية وضياعي في اروقة فلسفيات حياتي فسينما عالم من الازواجية ومفصليات الحياه وجنوح البشرية وأيقونات الذات , السينما تجعل من العالم أجمل بنرجسيتها الخلابه وغزليتها ألاخاذه وعوالمها الجذابة فكيف لن نتطرق لتكريم صناعها وكافة كوادرها والولوج الى ترشيف اهم ماخاضت به فشكراً لكل فنان جعل من السينما عامل بارز في أبراز معنى الانسان ...!
عبدالرحمن الخوالدة