روح خلية النحل .
لطالما كان السبب الرئيسي لتعطشي لسينما , هو تلك الحالة التي تطغى على روحي فتفقدني قدرة التواصل بالواقع المحض , المتغطرس والجلف ,, والذهاب إلى الانغلاق , في عالم الصورة والصوت المائل لشاعرية السرمدية ,, تلك العلاقة من الاتصال التي أتحدث عنها لا ترافقني ألا بعدد بسيط من الأعمال التي أشعر أنها تراقص اللاوعي لدي . فهيا تُثير فيا الحياة من جديد .. تداعب ذاتي , تشق طريقها إلى إلا مكان وفي انعدام حقيقي لزمان .. خلوه ما بعدها خلوه .. غربه حقيقة تطفو على روحي وأنا أمتزج مع الصورة ,, عندها أصل لمرحلة من إلا أتزان ,, من فقدان حقيقي للواقع والتي في لحظة ,, أعلن مراسم الدفن الخاص بيه ,, وأشير إلى ولادتي بين صكوك الغفران الإنسانية التي تتجلى بجنب الحلم الداخلي لروحي ..
ذلك الاختطاف الذي يشق أنفاسي , والتي من خلاله تتوالى الصور اندفاعها تلوى أخرى مكونة ما يسمى بالمشهد السينمائي ,, تلك العذوبة والعنفوان التي تخلطها المشاهد مكونة عالم السينما " كما تختلط ذرات المياه مندفعة من احد الينابيع " لتسر الناظر وتبهر الأفئدة وتروي العطشى لمتأملي الفكرة ..
لا اعلم ,, لما تلك الحروف التي تلوتها في بداية مقالِ هذا عن احد
أعمال المخرج الاسباني ( فيكتور ايريثه ) ,, ولكني على ما يبدو أن تلك الرحلة التي
لم تزيد عن تسعون دقيقة , قد توغلت في روحي وأجهضت كل ما يعتري مخيلتي ,, موقدة في
ذاتي تلك الكلمات التي أداعب فيها سينماتي أو السينما التي أفضلها بشكل الخاص ..
فيكتور أيرثيه والذي لم يقدم سوى 3 أعمال في مسيرته السينمائية وكانت البداية من عمله " روح خلية النحل " الذي سوف يكون محور المراجعة ,, فيكتور ايرثيه والمعروف بأنه بأحد الصناع السينمائيين الذي يجهضون الحوارات الملقاة في العمل وإطلاق العنان لصورة لتكون الشاهد الرئيسي والفعلي في طرح تلك الأفكار المطروحة في العمل ..
" روح خلية النحل " هو احد الأعمال التي تجمع الواقع والفنتازيات وجعلهما سيان .. هيا لغة عنيفة تُقدم من خلالها العاطفة والشجون الحسي بين الأطر التصويرية وترك فسحة للمشاهد في النهاية لكي يلون تلك المنعطفات الفكرية بين مجمل الصور المدسوسة في القالب السردي الواقعي ..
فيكتور أيرثيه والذي لم يقدم سوى 3 أعمال في مسيرته السينمائية وكانت البداية من عمله " روح خلية النحل " الذي سوف يكون محور المراجعة ,, فيكتور ايرثيه والمعروف بأنه بأحد الصناع السينمائيين الذي يجهضون الحوارات الملقاة في العمل وإطلاق العنان لصورة لتكون الشاهد الرئيسي والفعلي في طرح تلك الأفكار المطروحة في العمل ..
" روح خلية النحل " هو احد الأعمال التي تجمع الواقع والفنتازيات وجعلهما سيان .. هيا لغة عنيفة تُقدم من خلالها العاطفة والشجون الحسي بين الأطر التصويرية وترك فسحة للمشاهد في النهاية لكي يلون تلك المنعطفات الفكرية بين مجمل الصور المدسوسة في القالب السردي الواقعي ..
العمل يطرح قصة عائلة أسبانية تعيش في احد القرى النائية وعلى ما يبدو أن الفترة الزمنية التي تواكب إحداث العمل هي أبان الحرب الأهلية في أسبانيا .. فكنت تشهد أن شخصيات العمل ومع تلك التخمة من السعادة ولأؤلفه التي تلف حياتهم , إلا انك تكاد تشهد صمت غريب يقبع خلف تلك المشاهد , وكأنهَ حالة من الإغماء الجماعي لتلك ألأسر عن الواقع الخارجي في اسبانيا .. ولو لاحظتم أنني ذكرت في مقدمة موضوعي عن قدرة السينما بعث تلك الحالة من الانشقاق عن الواقع والهروب منه ,, وتلك الفكرة حاول أن يقدمها فيكتور ايرثية في التجمع لكافة الشخصيات في تلك القرية , لمشاهدة احد الأفلام التي كانت معروضة آن ذاك , وتلك الحميمة التي باتت داخل الصالة وبعكسها تلك الغربة والموت والصمت الذي كان خارجها ,, في دلاله على نظرت فيكتور ايرثيه لسينما كفن قادر انتزاع رثائية الواقع من نفوس المشاهدين ولو لفترة قصيرة تستمر أثناء عرض الفيلم , من جهة أخرى حاول ايرثيه أن يجعل ذلك اللحن الحالم الذي يقبع في شخصية الطفلة " آنا " (Ana Torrent) التي ظهرت أول التساؤلات في خاطرها حول سبب قتل فرانكشتاين لتلك الفتاه وحول سببية قتله من قبل أهل القرية في العمل السينمائي الذي شاهدته مع أختها الكبرى , تلك الحالة من الإخفاق في التفهم من قبل طفله لعوالم شعور القتل ,, وأسبابه ,, ومعناه الحقيقي ,, كانت البوابة الرئيسة لما بدء الاسباني فيكتور ايرثيه في نقله أمامنا ,, فبعد تلك الحادثة التي أثرت في ذات تلك الطفلة (آنا) تبدأ الإحداث أو لنقل الصورة في الخفقان أمام الشاشة من كل اتجاه خالقة حالة من الشعور الفج والعاطفة المثقلة بعلامات التساؤل والحيرة لتلك الطفلة , ففي احد المشاهد الخاطفة التي قام ايرثيه بوضعها هو النظرة البريئة السارحة لتلك الطفلة في مجسم لجسد رجل في احد الحصص المدرسية والتي قامت آنا بإضافة إليه احد حواسه الجسدية وهيا "عيناه ",, هذا المشهد ,, والتوقف الحري للكاميرا ,, لِتُجسد الاتصال بين عيني تلك الفتاه وعيني المجسم , كانت صفة تجسد الجزء الغامض في الأحاسيس البشرية , والاتصال , فكلنا يعلم انه أن أردنا الاتصال بما يحيطنا أو التفاعل معه, لابد لنا من تفعيل حواسنا لإنشاء هذا ألاتصال ,, فلابد لنا أن نتلمس الأجساد , ونرى الأشياء , ونسمع الأصوات , وهنا حاول المخرج فيكتور أن يجسد الحواس الثلاث الأولى من خلال العديد من المشاهد , منها مشهد محاولة آنا وضع إذنها على احد السكك الحديدية لمحاولة الشعور بالاهتزازات التي تصدرها السكة نظراً لمسير القطار عليها ,, ومشهد أخر لمحاولة آنا وضع أذنها على صدر آختها الكبرى محاولة الاستماع إلى ضربات قلبها , وذلك بعد قيام الأخيرة بمداعبتها والتمثيل أنها قد سقطت وتوفيت ..
تلك اللحظات والمشاهد كانت مجرد محاولة من فيكتور ايرثيه لرسم إيقونة الاتصال بين الأفراد , أو الانعدام في القدرة على الاتصال الحقيقي بينهم فلو تتّبعنا تلك المشاهد التي استعرضتها من قبل , لوجدنا إخفاق الطفلة آنا في الإحساس بالاهتزاز الناشئ عن اقتراب القطار وحتى أنها وقفت شاردة على سكة الحديد مع انعدام الحس البصري لديها في شرود مثير للجدل ,, وأخفقت في سماع ضربات قلبها آختها التي نجحت في خداعها في نهاية ألأمر ..
مع اكتمال الصورة والبحث الجدي من قبل فيكتور ايرثيه عن الاتصال الحسي بين البشر ومع افتقاد للحواس الثلاث قدرتها لدى الطفلة آنا , يظهر لنا تلك الإخفاق المادي في الاتصال من خلال حواس موجودة وملموسة في الواقع ويبدأ السؤال الفسلفي الأفلاطوني الشهير حول " الروح " وان كنا قادرين على إضافتها إلى حواسنا الخمس الرئيسية كحاسة سادسة , فيكتور ايرثيه يجعل تلك الحواس تعبر عن الواقع الكئيب لأسبانيا في زمن القتل وإلا إنسانية فنحن في حلقة مفرغة من قتل الأخ لأخيه في جلبة عامه من الكذب والرياء والإخفاق الحقيقي لتبادل المشاعر وهنا ارى التعليل الحقيقي لتلك العلاقة المجهولة بين آنا وأختها الكبرى التي كانت تحاول أن تستفزها بشتى السبل واستمرارية الكذب عليها وإظهارها بشكل سوداوي مفزع في احد المشاهد عندما تقوم بخنق القط الخاصة به ,, ومع الإخفاق الحقيقي لتلك الحواس أو الإخفاق للاتصال الواقعي مع من يحيطونه تبحث آنا عن الروح كحاسة أصبحت السبيل الوحيد في الإحساس بالحياة ,, نحن هنا في محاولة للبحث عن الا واقعي في عالم واقعي في مزج رائع وملفت لنظر من قبل فيكتور ايرثيه للفنتازيا الحالمة لطفله بالواقع الخانق والمريض ..
فيكتور ايرثيه يجعلنا شهداء على التغيير الذي يطرى على تلك الفتاه بداية من مشهد سينمائي من احد الإعمال السينمائية إلى عثورها على احد الثوار الذي جسد لها حسية الروح وعندما تم قتله في المشاهد النهائية .. ثارت آنا على من يحيطونها ولكن ثورتها لم تكن سوى بداية بالهروب والتهرب من ممن يحيطون به ومن ثم الصمت الذي اجهض كافة الحروف في فمها , والأمر الذي سوف يغرقها في فقدان مستمر لحواسها ومن ثم مشاعرها الإنسانية والذي وصفه فيكتور ايرثيه بمصطلح النسيان والذي عٌبر عنه في مشهد سؤال الأم لطبيب عن طفلتها والذي أجابها أن آنا سوف تنسى تلك الإحداث مع الأيام والمهم في الأمر انها مازالت على قيد الحياة . في جدلية ساخرة من فيكتور ايرثيه ليطرح أيقونه أن المجتمع عالق في الحياة كمسألة جسدية لا روحية وحسية والأمر الذي يعيدنا إلى المشاهد التي ذكرتها في منتصف المراجعة .
لعلي ارى ان شخصية الطفلة آنا كانت أيضا تمثل اسبانيا الصامتة والراثية لحال أبناءها ونزعاتهم الشخصية والمادية والحروب الدامية التي أبعدتهم عن بعضهم وأفقدتهم لأي أسس للاتصال الحقيقي بينهم . أو لنقل أن شخصية آنا مثلت الروح في تلك الأجساد التي باتت مجرد جثث هامدة تتصل بغرائزها ولاشيء أخر ..
" روح خلية النحل " أحد الإعمال
الجدلية التي عبرت عن ألهوه ألكائنه بين الإفراد في انعدام الاتصال الحقيقي بينهم
وفقدانهم لحواسهم ولمشاعرهم التي تترابط بينهم والتي كونتها شخصية طفلة تفقد الروح
فتأبى , صامته , مستنكرة الحال الرثائي لمن يحيطوها ..