السينما الفرنسية احد السينمات التي تحافظ
على مستواها في مختلف الحقب الزمنية والتي دوماً تؤمن بتجديد وصبغة صنعتهم بشتى
أساليب الطرح وتغدقها بالقالب العاطفي الانساني المثير للمشاهد , في سلسلة بحثي
مررت في تجربة ألاولى من نوعها مع المخرج أيرك زونكا في عمله المرشح لسعفة كان
الذهبية (حلم الحياة من الملائكة ) والذي أصدقكم القول كان بمثابة التجربة المثيرة
والمميزة والتي تستحق الحديث في جزيئات منها ..
حلم الحياة من الملائكة والذي عجزت عن تفهم
معنى الفيلم حقيقة حتى توغلت في الاطروحة التي قدمها أيرك زونكا وسردة لقصة علاقة
بين فتاتان تلتقيان مصادفة في احد المصانع لتقرران العيش معاً في منزل احداهما
والتي تقطنة بشكل غير شرعي لعائلة تتكون من ام وابنتها أصيبا في حادث مروري ادى الى
وفاة الام ودخول الابنه في غيبوبة , واسمحو لي اني طرحت مسألة المنزل والعائلة التي
كانت تقطنة لانها تدخل بشكل او اخر في تحليلي لمجريات العمل ..
أيزابيل (Élodie Bouchez) وماريا (Natacha
Régnier) والتي تشعر انهما فتاتان يعيشان في واقع مرير من عدم قدرتهما تلبية اي من
احتياجاتهما الاساسية والتي تجعلهما يخوضان تجارب فاشلة في العثور على عمل يلبي تلك
الاحتياجات وهنا تظهر شخصية ماكس شاب غني يستغل ماريا في علاقة تشعر انها تحمل
الكثير من الذلال لها وذالك يبدو واضح للمشاهد من خلال مشاهد الجماع بينهما فكنت
تلحظ ان العلاقة الجنسية بينهما تكاد ان تكون ماسوشية بشكل يطبع في مخيلتك ان لذة
تلك العلاقة تكمن في اذلال ماريا لنفسها لوصولها ولو لجزء صغير من احلامها والخروج
من واقعها التعيس ,, والتي تظهر بعكسها ايزابيل والتي تستمر في زيارة صاحبة المنزل
في المشفى وتقوم علاقة ملئة بالاحاسيس والروابط الانسانية والنقاء نظراً لأصرار
ايزابيل على الاعتناء بتلك الفتاه الغائبة عن الحياة , لو لاحظتم ان شخصية ايزابيل
وماريا شحصيتان متناقضتان بشكل جوهري فماريا فتاه مستفزة وغارقة في احلامها وتحاول
ان تصبو الى شهواتها ورغباتها الشخصية بكافة السبل بعكسها ايزابيل التي تشهد
النقاوة والسعادة والصفاء على ملامحها وهنا ارى اننا لو كونا صورة عن تلك الشخصيتان
ستكون تلك المفارقة التي تغوص في النفس الانسانية بين المشاعر والاحاسيس السلبية
والايجابية الغريزية لأتوقف لحال تلك الفتاه المصابة بالغيبوبة والتي ارى شخصياً
انها تُمثل الجسد لتلك الاحلام التي تمثلاها هاتان الفتاتان فلو جزمنا ان جسد
الانسان يقبع في غيبوبة في صراع نفسي بين غريزته ومشاعره البريئة وان انتصرت غرائزة
فقد ماتت تلك الجزيئة الانسانية لدية ولذا اجد ان مخرج العمل ربط بين انتحار ماريا
وأستيقاظ تلك الفتاه من الغيبوبة لجعلنا نصل الى ان النزعة الحسية والمشاعر
الانسانية هيا من انتصرت من خلال ايزابيل التي مالبثت الا ان تصارع وتستكمل حياتها
لتكون تلك الفتاه التي عبرت عن الملائكة بطابع الانسان وأستيقاظها من الموت من خلال
أستمرار حلم البراءة الانسانية وطمث النزعة الفطرية ,, العمل استطيع ان اقول انه
قدم بشكل بسيط ويحمل جزء كبير من الواقعية والرثائية على صعوبة الاستمرار في العيش
والتي استطاعتا كل من يلودي وناتاشا ان يقدم دورين رائعيين حصدا من خلالها جائزة
افضل ممثلة .. ,,
أخيراً (حلم الحياة من الملائكة ) هيا مساحة
تلقى فيها الضوء على الفرد وقدرته على الاستمرار مع صعوبات الحياة ومفارقة الحلم
الانساني او الانحراف الى الغريزية الفطرية السادية للعيش والبقاء . ..
4/5