احصائيات المدونة

cenima world

الأحد، 26 أغسطس 2012

interiors 1978 - انا محتاجة جداً لميناء سلام ..!

  

 

interiors 1978
Woody Allen - about love, life and death
 
انا محتاجة جداً لميناء سلام ,, وانا متعبتاً  .. أنا متعبتاً ,, فتكلم , تكلم  - ماجدة الرومي (كن صديقي)

.. أن تسير في المجهول وأن تحاول ان تجد السبيل لتلك الكأبة واليأس التي تهنش روحك وتعاث نفسك ,, ليغريك الموت وتنبذك الحياة وتنصهر بين الجدليات التي تجهضك من الداخل ,,
 ,,, في لحظة تصبح العزلة وينسك والغربة موطنك والصمت دليلك .. .. !!!

 من الداخل كانت أحد تلك اللمسات السينمائية التي تمرجحت في مخيلتي طويلاً قبل ان اسهب في الكتابة عنها والحديث المطول في نجاعة سينما الامريكي وودي الن ليس من خلال النص فقط بل من خلال الصورة والصوت والاخراج الفني المتقن والتمكن من أستحضار لغة ادائية عالية المستوى , وودي الن في سينماه يضيق الخناق على اي متبع سينمائي خبير في الولوج الى مسار واحد نحو التطرق الى مايقدمة فتكمن عظمة سينماه في تلك المفارقات التي تضج فيها نوعية اعمالة فيغلب على بعضها الانسياق الى الكوميديا السوداء او كوميديا الرومانس والميلودرامية السوداوية في اخرى ناهيك عن حرصة على غدق اعمالة بكم من التدوينات الادبية لذا في بعض الاحيان لتتمكن من الاستمتاع حقاً في سينماه يجب ان تكون ذو مرجعية ولو بشكل بسيط حول الثقافة الفكرية والادبية العالمية ..


أعود الى الحديث عن اول مراجعاتي عن احد اعمال وودي الن وهو فلمة من الداخل الذي يظهر فيه تأثر هذا الصانع بسينما السويدي العظيم انغمار بيرجمان والبحث في جدليات الموت والحياة وفقدان الهوية والغوص في مفارقات النفس الانسانية وسوداوية الافكار وفقدان المشاعر والخواء العاطفي ناهيك عن لمسة من الرثاء لحال المجتمع الانساني وماتوصلت اليه في وقتنا الحالي ,, وودي الن في من الداخل اعاد لي تلك الحالة التي غلفتها اعمال السويدي بيرغمان في نفسي واستذكر منها الختم السابع وهمسات وصرهات وسأبتعد في تأويلاتي لفرض حبل اتصال والحديث عن ثلاثية الايمان البرغمانية وصياغة تلك الجدليات التي استحضرها بيرجمان في الصمت من تصعيد معنى الفراغ العاطفي بشذوذ الجنسي والخوض في ذات الفكرة في عملة من خلال زجاج معتم من خلال غرفة فارغة في احد الجزء النائية , من هنا سوف انطلق في تحليلي الشخصي عن ماقدمة الن في عمله هذا حقيقة , فوودي ارتكز على عدة ركائز لأيجاز المعنى الفكري لمسمى الفراغ المشاعري للبشرية فلو ركزنا على اسم العمل من الداخل وخضنا تجربة مع الصور الداخلية لمشاهد العمل لظهرت امامك غرف ذات تناسق مهيب والاثاث الذي يكتنف في زواياه بترتيب ملحوظ للغايه فكنت ترى خارجياً سيطرة تلك الكوكبة من البشر على المظاهر وبعكسها تشعر كمشاهد ببرود وجلافة التي اغدقها الن من خلال استعمال الظلال والاضاءه على الزوايا الفارغة في غرف المنزل واستخدام الالوان الباهته باستمرار وايضاً انعدام استخدام الموسيقى في معظم مشاهد العمل لنثر تلك الكأبة والياس في سراديب عمله والتركيز على الصوت الذي تصدرة الريح وتنفس الشخصيات وحفيف الاشجار لي أستحضار الفراغ الذي تقبع فيه تلك الاجساد ليكون خاوي لضريات الرياح في عرينه .
 وودي الن وضعنا ضمن عائلة تتألف من ثلاث اخوات يصارعنا حال والدتهن التي أصابها أنهيار نفسي مما ادى الى ادخالها في احد المصحات لفتره من الزمن وهنا تحدث عدة انكسرات في برجوازية تلك العائلة التي كانت في يوم ما مثال يحتذى فيه في المجتمع وهنا سيأخذنا الن الى تجربة ليس في قصاصات تلك العائلة بل الى نفوسهم والبحث في تلك الانكسارات التي تنهش ارواحههم ... لو تسمحو لي ان اخوض تجربة التحليل لتلك النثريات النصية الرائعة التي اغدق وودي الن عملة فيها وجعل من كل شخصية من شخصياته تعيش حالة من ازواجية المشاعر ومفارقات الاختيارات وطمثها بسخرية رثاية مؤلمة ..


الاخوات الثلاث الكبرى ريناتا (Diane Keaton) الوسطى فالين (Kristin Griffith) والصغرى جوى (Mary Beth Hurt) تعيش كل منهن حياتها الخاصة فريناتا كاتبة ناجحة ولكنك ترى في ذات الوقت ان ماتعتاشه مع زوجها هيا حالة من المسؤولية اكثر من الحب فترى ان علاقاتها مع اخواتها ووالدها ووالدتها تكاد ان تكون مرسومة ضمن حدود من النفاق او عدم المصارحة بما تعاث نفسها فيه , اما الاخت الوسطى فالين فهيا ممثلة كثيرة الترحال تعيش وفق ماتبيحه لها افكارها السطحية وطبيعتها المرحة الجريئة والبسيطة واخيراً جوي التي كانت المركز لعمليات الن في سرده عمله هذا والتي كنت ترى الثورة التي تنهش نفسها والصراع القائم بفقدانها هويتها الحقيقة ومحاولتها المستمر البحث عنها والتي تشهد انها الصورة الاكثر اشراقاً في العمل رغم الفشل الذي يرتسم على حياتها فجوي فتاه ترى الامور من منطلق منطقي صريح بحت تكاد لمسة الكأبة تزج من خلال مفرادتها والتي استحضرها الن من خلالها والتي ترى انها تحاول يقدر الامكان ان تكون حلقة اتصال بين افراد عائلتها والامر المثير للجدل يقبع في تلك الغوغائية والتلاشي التي تعيش تلك النفوس لملىء الحاجة من الحب أو الحب الذي يؤدي للحاجة لشخص ما في عالمك فكنت ترى ان ازواجية مشاعر تلك العائلة امر يظهر عشوائية ألانا الانساني فتصدم بتلك المفارقات في لوحة تلك العائلة لتظهر تلك المساحة من الانكسارات في نفس كل شخصية وعلاقتها بألاخرى فالاخت الكبرى ريناتا تظهر مدى تعلقها بوالدها والتي تحاول جادة ان تكون مراه لوالدتها سابقاً امراه مستقلة ناجحة تحافظ على منزلها متزنه وصاحبة نجاحات تظهر للجميع والمفارقة ان الوالد تظهر عليه مدى استئثارة لطفلته الصغرى جوي وانه يرى فيها الطفلة المقربة اليه من بناته الاربع لنرى في نفس المسرب تعلق جوي بوالدتها واللمسة التي تستفيض من الحنان ونكران الذات لتوفير العيش الرغيد لها , فتصمت للحظات وتضج بك الافكار التي تستويحها من سخرية تلك المشاعر الانسانية فتلك الحاجة في وجودية كل شخص في حياة الاخر والعشوائية التي تمكن في رمزية كل البشر فرغم تلك السيطرة والعنجهية البرجوازية ومحاولتنا السيطرة على مايحيطنا خارجياً من ديكورات واثاث وصور الا اننا في عملية المشاعر والاحاسيس لن نستطيع ان نسطير علىها ,, وودي راهن على لغة النفس والسواد الاعظم لعشوائية المشاعر الانسانية فنحن مهما قدمنا للاخرين حتى يروننا بشكل المثالي لن نستطيع ان نتحكم بمشاعر الاخر وتلك احد اكبر المجاهيل التي تعاثها النفس البشرية .

المشهد من فيلم المغامرة لمايكل انجلو انتونونى ..

أسمحو لي ان استذكر ماقدمه احد اهم الرموز السينمائية الايطالي مايكل انجلو انتونى في رائعة الخالدة المغامرة والمشهد الختامي العظيم عندما تقف الشخصيتان الرئيسيتان والصمت يطغى على اجواء المشهد وترى ذالك الفراغ المميت في الأجواء, وودي الن نقلنا لتلك الحالة من الاجواء الخارجية الى داخل غرف منزل العائلة في فكرة تؤدي الى ان يقول لتلقو النظر الى دواخلنا نحن نعيش حالة من الفراغ والكأبة والغربة التي تنهش انفسنا حتى لو كنا واقعياً نعيش تحت سقف واحد ..!
ايضاً اسم الوالدة (أيفا) والتي تعني باللغة العربية حواء والتي مثلت الانهيار او الصدمة في المنهج الانساني فلو افترضنا ان الانثى في المجتمع الانساني تمثل اسمى معاني العاطفة والاحاسيس فستظهر تلك السمة لرمزية النساء في العمل واللواتي ظهرنا بشكل أكثر سطوة وسيطرة من الرجال لاننا وودي كمن يرى في الانثى مساحة العواطف وتم تهميش الرجل لانه بمثل الجزء الفطري والغريزي في الانسان ولذا استحضر المشهد لمحاولة اغتصاب زوج ريناتا لأختها فالين التي لم يرى فيها الا جسد لأغواء واشباع غرائزة الشخصية ولا اعلم ان كنت قد أبتعدت في الافكار المطروحة في العمل من هذه الناحية لكن الامر يلاحظ ان الوالد قد ارتبط بأمراه تشبع رغباته الشهوانية وتيقض المشاعر في نفسه لذا قلت من البداية ان المراه في العمل كانت تمثل العاطفة والرجل يمثل صورة من المجون والشوق لتلك العواطف التي ترتمز في كونية المراه ..
أخيراً اعود الى اقتباصي لأحد اغاني المطربة ماجدة الرومي (انا محتاجة جداً لميناء سلام ,, ) فوودي كماً استحضر الموت ليس بمعناه المعروف بل كمعنى لفقدان الانسانية لمشاعرها واحاسيسها والغرق في محيط من غوغائية النفس وسواد الروح وانعدام الاتصال ففي مشهد انتحار الام في المحيط والتي تعني العواطف والتي سئمت من السيطرة التي كانت تكتنف حياتها وغرقها في مشهد رثائي لتظهر فيها مياه المحيط بلون اسود معتم ليعبر عن سوداوية الذات الانسانية وغرق سامية المشاعر فيها والتي بتالي تحضر الى فكرة محاولة الن ليقول انه علينا ان نكسر حدود الصمت وان نتكلم مع الاخر لمحاولة في اعادة حبل الاتصال ,, واما مشهد انقاذ جوي من الموت عندما لحقت والدتها الى مياه المحيط في مساحة تبيح لبصيص من الامل في العمل ..


 لأنهي مقالتي هذه في مساحه مقتبصة من الخاتمة الحوارية للعمل في علامه استفهام من وودي الن عن المَخرج من تلك الرثائة والكأبة واليأس والغربة والفقدان والضياع الذي يلوح في أجواء الذات الانسانية .. فألن كمن يقول ان ماعلينا الا ان نطلق العنان لأفكارنا ومشاعرنا الداخلية صوب الاخرين لفتح ابواب الاتصال ...


كيف أُخرج هذه المشاعر؟
أشعر بغضب عارم تجاهك
اوه يا أُمّى
لم يكن بوسعى إلّا الشعور بالحنين إلى بعض الذكريات
تلك المُتعلّقة بأُمّى بالطبع
وباللحظات الدافئة القليلة التى عرفناها معها
أتذكّر كم كانت جميلة وهى ترتدى ملابسها
للخروج فى المساء مع أبى ..
وكيف كانت (ريناتا) مُعجبة بها وبارائها فى الفن
وكم كانت (فلين) منبهرة وهى طفلة صغيرة
عندما زيّنت أُمى شجرة عيد الميلاد
أشعر بأنى مدفوعة لكتابة هذه الخواطر
بدت لى مُثيرة للشجن
البحر ساكن جدا
نعم
كلُّ شىء هادىء تماما

,,,,
عبدالرحمن الخوالدة ...


تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا

تابعني على تويتر