احصائيات المدونة

cenima world

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

Cloud Atlas -2012



حياتنا لا تنتمي لنا ,.من الرحم إلى القبر نحن متصلين بالآخرين , في الماضي والحاضر ., وكل جريمة أو كرم تُشكل مستقبلنا ..

تلك الخفية التي تسري فيها دقائق العمل والتي تطفو كسحابة تتلاعب فيها النسمات العاتية , لتسحبك بين صريرها إلى عوالم عديدة ومِلل لم تسمع بيه قبلاً , وأجناس تكاد أن تجزم أنها مخلوقات غير بشرية ,, تلك السحب التي كانت تسحبك تارة إلى الثقب الأسود الكائن في المجتمع الإنساني وفي أخرى تصعد بك إلى أن ترتقي إلى عنان السماء لتشهد مدى تَحمل تلك ألإنسانية  من سامية .

عند اجتماع المخرج الألماني توم تويكر _صاحب الرائعة اركضي لولا _ والمخرجين الأمريكيان اندي ولانا واشوسكي_صناع ظاهرة الخيال العلمي ماتريكس_ في تحرير احد النصوص التي تجمع مابين الخيال العلمي والدراما الإنسانية وجعل عملهم بمثابة الأحجية التي يتم تشكيل جُزيئاتها المترامية الأطراف في محاولة للوصول إلى هدف وحيد أوحد وهو , الترابط بين تلك العوالم  , بين تلك الشخصيات , بين تلك ألأجناس , واختراق ما هو ملموس في ظاهرة لاندثار الأجساد , واندماج الأرواح في نهاية ألأمر ,, ..
سحابة ألأطلس هو شبيه بفقاعة الهواء التي تجمع ذرات المياه بين جزيئاتها والتي في نهاية ألعمل تنفجر ناشره تلك القطرات على مخيلة المشاهد باعثه فيها النشوة والحرية وأجمل العبر والمعاني التي تسحره بلغة النقاء , لا أود الخوض في تلك القصاصات أو العوالم المنتشرة من مختلف الحقب والإرجاء , وادخل القارئ في سلسلة من السطور التي لا نهاية لحروفها , وبتأكيد تلك السمة تحسب لمحرري النص المتماسك والمصاغ بشكل متميز والذي يجعلك تمسك بطرف الذروة السردية منذ البداية و حتى يزفر العمل أخر أنفاسه في النهاية ..


 ما يجعل سحابة ألأطلس عمل يستحق الحديث عنه والمشاهدة هي تلك السيطرة المهيبة على النص الملقى لنا ومع تعدد الشخصيات والأطاريح وحتى اختلاف طرق السرد , فأحداث العمل تنتقل من الدراما الإنسانية السوداوية إلى بركانية الإثارة ومنها إلى لمسة طفيفة من الكوميديا التي تبحث عن ملامسة شفتي المتلقي بكل رقَء ..

في بداية مراجعتي وضعت أحد الحوارات المقتبسة من العمل , والتي شخصياً أجد أنها حاولت إن تصف تلك الأفكار التي حاول صناع العمل إن يقدموها , العمل يسرد قصة مجموعة من البشر الذين يختارون مساراتهم الخاصة وفي نقطة ما يكون عليهم الاختيار مابين اختيار سلبي لمصالحهم الخاصة أو اختيار ايجابي أنساني قد يؤدي بحياته ,, نلاحظ أن حياة شخوص العمل على المحك , بل هيا عاجزة عن الاتصال الحقيقي بما يحيطونه أيضاً, ومن هنا حاول صناع العمل إضفاء تلك المشاهد المقربة على وجوه شخصيات العمل وخصوصاُ (العيون) في رمزية تبيح في الاتصال الحسي والإنساني والذي يتفوق على لغة الجسد والكلمات ..
في العمل تكاد تجزم إن كل شخصية هيا محور للأحداث , ثم تنكمش تلك الشخصية لتصبح ذرة في مدار أضخم وأكثر اتساعاً , باعثة إننا مجرد قطرات صغيرة ينشأ من خلالها المحيط الإنساني , ومع تلك الأيقونة ستوقن إن المحيطات الهائلة الاتساع تتكون بـِ الأصل من قطرات واقصد الإفراد .. فكل قطره _فرد_ يمكن إن يؤثر في مسيرة شخص أخر سلباً أو إيجابا فكل خطيئة أو حسنة نقدمه لشخص أخر ستأتي لحظة في الحياة لترد لك  بشكل أو أخر , والتي يقدمها العمل بسلسلة من المشاهد المميزة والتي تخطف الأنفاس وتحرك المشاعر والأحاسيس ..


للحظة لم أصل أو أتوصل إلى الإيقونة الرئيسية والتي تشكلها مفرداتها الاسم الذي اختير للعمل , _فسحابة الأطلس _عمل يخوض بأكثر الجدليات البشرية وهي مصطلح _الحرية _ فيرتقي العمل بهذا المفهوم لكي يشبهَ بسحابة التي تتطاير في الأجواء والتي لا منزل ولا وطن تسكن بين أسواره , تلك السحابة التي لم تمل شخصيات العمل من الارتقاء بنظرة إلى السماء ومشاهدة تلك السحب لأنه الجزئية الحقيقية والملموسة في تلك العوالم الخيالية ,, السحب كونت معنى الحرية والأطلس كان يعبر عن تلك الشبكة من الخطوط التي تترابط فيها الإنسانية وتلك العلاقات التي في لحظة يمكنها إن تؤدي بحياة إلى القبر أو تنجب حياه من أعماق رحم القهر ..
_لسحابة ألأطلس _ خفية جذابة ومتعه مترامية الإطراف تتسع فيها كافة المشاعر الإنسانية ففي لحظة تنطلق إلى رؤية البشرية في كل الأزمنة كحيوانات مفترسة تنهش لحم الضعيف منها وتقوم بـِ التهامه , وفي لحظة أخرى تشهد تلك الشفافية والبراءة وسمو الأحاسيس البشرية ومدى عظمة خلقتها ..


_سحابة الأطلس _,, هو عمل يتحدث عن الحرية بِكل حرية وشفافية ومتعه لا مثيل لهَ ,, والبحث في تلك العلاقات التي تربط الفرد بالفرد , والولوج إلى إن كل لحظة نعيشها يمكنها إن تغير في مسارب حياتنا وحياة من يتصلون بنا ,
في خاتمة المراجعة ,, أرى انه العمل قدم بشكل ممتاز ويستحق المديح بداية من مخرجيه ومحرريه والطاقم التمثيلي بقيادة الإيقونة السينمائية (توم هانكس ) والجميلة السمراء ( هالي بيري ) والتي قدموا مجموعة من الشخصيات التي كانت جد جميلة وتحمل بين طياتها العديد من الرسائل ألإنسانية ..

4.5/5

السبت، 15 ديسمبر 2012

Holy Motors 2012 - تحية لشيــــاطيــــــــن الــــسيــنمــا ..


المخرج المثير للجدل لويس كاركس يعود الى تقديم احد الإعمال الطويلة بعد أخر أعماله طوكيو في عام 2008 ,, كاركس جال وصال في عقل المشاهد وتلاعب فيه وداعب من خلال عمله العشق السرمدي لسينما من خلال تلك المجموعة من المشاهد المبعثرة ذات القالب السريالي العبثي التي تصب في النهاية لمنحنين الأول هو تكريم صناع السينما وكوادرها والثاني الولوج إلى جعل المشاهد يختنق في تأمل معاني لوحاته وتعتصر مشاعره بين الآم في لحظة وفي أخرى تتراقص على الحان الأكورديون ..



لويس كاركس حاول ان يقدم ما يقارب العشر مشاهد منفصلة من خلال (سوق السيارات المقدس ) أو بالأحرى هيا رحلة يقوم بيه شخص مجهول الهوية باسم الأستاذ اوسكار (دينيس لايفينت) في احد السيارات اليموزين الضخمة ليقوم بمجموعة من الاستعراضات والمواعيد مع مجموعة من الفئات والأمر البارز هو الازدواجية التي عاثت تلك الشخوص فتارة كنا نرى أنفسنا في احد القوالب الأكثر شهوانية ومقتاً ودموية وفي أخرى نسرح في عالم من الميلودرامية الإنسانية القاسية وفور انتهائنا يأخذانا العمل إلى الصراع السرمدي في الدراما الرومانسية .. كاركس تعمد إن يصبغ لوحاته بشتى أصناف السينما فلو لاحظنا انه من خلال لوحاته انه قدم سينما النوار وأفلام العصابات والجريمة الدموية وانتقل إلى الرعب النفسي والدموي وحاول بقدر الإمكان الولوج إلى السينما الاجتماعية وخطف أجمل وأعمق المشاهد الرومانسية وانتهى بتكريم السينما الغنائية وكل تلك المشاهد قدمت بقالب السينما السريالية وهذا لوحده يحسب لكاركس كمخرج متفرد وذو رؤية متميزة للغاية ..
في افتتاحية العمل يظهر مسرح في احد السينما وتظهر فيه الجماهير كأنها في سبات عميق أو أنها توحي لك أنها مفارقة للحياة وينطلق مع الكاميرا إلى ما وراء الكواليس , ليظهر شخص يستيقظ من النوم , ليصل إلى حائط في وسطه ثقب لمفتاح يحمله في يده , ليقوم ذلك الرجل بفتح ذلك الحائط ويدخل من خلاله إلى دار السينما التي ظهرت في المشهد الأول .. شخصياً أرى إن المشهد يعبر عن تلك الحالة التي ترمز لها السينما فهي مفتاح الحياة وكسر جدران الجمود الإنساني ومحاولة للبحث عن ما يسمى بالحلم ولهذا ظهرت الجماهير في المسرح بسبات عميق تلقاء انتقال كل مشاهد من خلال الصورة إلى عالم الأحلام الخاص فيه ومع تلك الشخصيات المعروضة على الشاشة ..


في المشهد الذي يليه تظهر الشخصية الرئيسية السيد اوسكار هذا الرجل مجهول الهوية بنسبه لنا كمشاهدين فلو افترضنا ان اوسكار يعبر عن الممثل او الكوادر التمثيلية وأن تلك المواعيد مجرد مشاهد يقوم بِ أداءها لوصلنا إلى فكره انه نحن غير قادرين على معرفة الشخصية الحقيقية خلف تلك الأقنعة والأدوات التي يقوم أوسكار بوضعها على وجهه لكي يتقمص الشخصية والتي تؤدي بنا لرؤية شخصيته كما نراها إمام الشاشة من خلال الشخصية في العمل السينمائي ومن هنا تأتي محاولة كاركس إطفاء تلك الجدران حول الشخصية الحقيقية لأوسكار وأي منها واقعي وأي منها مزيف ,, هنا تبدأ تلك القصاصات الصورية في الظهور على الشاشة بداية من الشحاذ ومشهد التقني لشخص يدخل في عالم وهمي الكتروني في حالة من ألذه الشهوانية والغريزة السادية والدموية الجانحة ومنها إلى مشهد المتشرد القبيح الهمجي و اختطافه لأحد فتيات الإعلان إلى والولد الذي يقوم بتأنيب أبنته المراهقة والوصول إلى مشهد عزف الأكورديون ومشهد العصابات وقتل احد الأشخاص وأخيرا مشهد العجوز الثري الذي يعيش أخر لحظات حياته ..

تلك المشاهد التي جعلت المشاهد في حيرة كبيره من أمره وأدخلته في عالم من تضارب مشاعره الداخلية , الذي كان بحد ذاته يرسم مدى تأثير السينما في الحالة الحسية للمشاهد ومن خلالها استذكر مشهد الرجل الذي يصعد السيارة مع اوسكار وفي حوار جذاب يقوم بتشبيه الممثل او (اوسكار) باللص الذي يحاول أن يسرق ولو لحظة من الآم أو ابتسامه بسيطة من شفتي المشاهد وهنا سر الجمال الحقيقي لسينما كما قال عنه اوسكار ..
من طرف أخر كاركس خاض في سلسلة من الأفكار الإنسانية في لوحاته وسأحول قدر الإمكان أن أضع جزء من التأويل الشخصية لتلك القصاصات ..

 

- مشهد المتشرد ..

في هذا المشهد حاول كاركس إن يوضح مدى الجمال القابع في الحياة ولو لاحظنا وجود مجموعة من الإزهار في المقابر والتي يقوم ذلك المتشرد القبيح بـِ التهام وعند وصوله إلى احد الحسناوات العارضات (ايفا منديز ) يقوم ذلك المتشرد باختطافه ومحاولة التهامه حتى خصلات شعرها والتهام كل ما تحمله , ثم يقوم بتمزيق أجزاء من ملابسها ليغطي أجزاء جسدها حتى لا تظهر سوى عينيها في النهاية وتلك الحالة جعلتني انظر إلى تلك الغريزة الإنسانية في القمع والأنانية التي تقبع في أنفسنا في امتلاك كل شيء جميل وحبسه بين جدراننا الخاصة كاركس كمن يرى ان الفطرة البشرية هيا كذلك المتشرد قبيح مُقرف ولا يمكن إشباعها ..



- مشهد الدخول الى أحد الشركات الرقمية ..


في هذا المشهد لاحظت مدى الحنق الذي يحمله مخرج العمل على طرق الاتصال والتواصل الحديثة والالكترونية في بناء صراع شهواني بين احد الفتيات واوسكار تلك اللحظات التي كانت تعبر عن المقت الشديد لثورة الرغبة البشرية في القتال والدماء والجنس دون اتصال حقيقي فالشخصيتان كانتا مجرد جسد دون روح والتي في نهاية المشهد حاول إن يصفها كاركس بِ ممسوخ الرغبة القبيحة ..

 


- مشهد رجل العصابة ..

في هذا المشهد وجدت إن كاركس حاول بقدر الإمكان أن يثير جدلية الرغبة الإنسانية في القتل ففي احد الحوارات يطلق اوسكار قوله .. ارغب في القتل .. في لحظة كان حالة القتل لشخص أخر ولكن مع تبدل الوجوه ظهر أن القتيل هو صوره طبق الأصل لـِ اوسكار القاتل وبتالي أن شخصية العمل الرئيسية تقتل نفسها بنفسها والذي يعبر عن موت الروح أكثر من موت الجسد في تلك اللحظة ..

في عدد من المشاهد حاول أن يلوح في افقها مدى قدرة السينما على خلق سلسلة من ازدواجية المشاعر الإنسانية ففي لحظة شاهدت واحد من أكثر المشاهد قسوة من خلال أب يقوم بتأنيب ابنته المراهقة بشكل مزري للناظر وملاحقتنا لنظرات والدموع المنهمرة من عيني تلك الشابة ليقفز كاركس إلى احد المشاهد الموسيقية الكوميدية لمجموعة من عازفي الأكورديون ليثير البهجة من جديد في نفس المشاهد .. تلك اللحظة تلك القفزة كانت بمثابة الطيران من الكابوس الإنساني إلى مصافي الحلم الجنوني في معتقل البشرية من خلال القالب السينمائي الفني العظيم ..


كاركس في عمله يصور السينما كمراه للواقع الإنساني وهنا يفرض علينا أن نلتقط شيء من العالم المجهول لـِ اوسكار والتقاءه بعشيقته السابقة, والتي تعمل في ذات مجاله إيفا غريس (كيلي مينوغوي) , في احد ألذ واكثر مشاهد العمل جمالاً وثورة عاطفية , والحنين إلى الأخر , والتي تخللها أغنية جد رائعة والتي قدمتها المغنية والممثلة كيلي بشكل يأسر الناظر ,, لينتهي المشهد بانتحار جين (ايفا) ,, نحن لا نعلم ولن نعلم إن موت (ايفا) هو حقيقة أم مجرد مشهد تمثيلي أخر ,, لكننا نلتفت إلى موقف اوسكار المثير للجدل بصراخ والفرار إلى سيارته والذي عبر من خلاله عن حالة الفقدان لتلك العلاقة والعواطف الحقيقية من ايفا والتي أوضح إن اسمها يعبر عن المرأة والتي تعبر عن العواطف الإنسانية فالموت هنا يعبر عن موت الإنسانية والأحاسيس في المجتمع البشري .

أصل إلى مشهد الختام وفيه تقوم الفتاه التي تقوم كسائقة لـِ أوسكار سيلين (أديث سكوب),, والتي لاحظنا معالم الهدوء والجمود الباردة في ملامحها في معظم مشاهد العمل ’, والتي اختتم فيها كاركس مشاهد عمله بحملها لأحد الأقنعة وارتداءه,, والتي أرى إن المشهد يعبر عن فقدان الهوية الشخصية للفرد في هذا المجتمع بعد فقدانه لكافة معالمه الإنسانية أو هيا محاولة لمحو تلك الهوية التي تعبر عن واقع رثائي مرير رخيص يسمى المجتمع البشري البائس والانغلاق على النفس في النهاية ..
تحية لشياطين السينما ..

كاركس كما افتتحت مقالتي جال وصال في السينما وصناعها وتكريم كوادرها فلو لاحظنا ان العمل مال إلى قالب الفرنسي جان لوك غوادر في التقطيع والمشاهد التصويرية المنفصلة ومحاولة إعادة جزء من السينمات المنسية مثل السينما الغنائية في مشهد كيلي الغنائية وسينما النوار في مشهد انتحار ايفا واستحضار بعض الإعمال الهامة منها رائعة كارول ريد النوارية من خلال خروج ذلك المتشرد القبيح من المجار ير بما يذكرنا في المشهد الشهير لتحفة الرجل الثالث وأيضا محاولة الولوج إلى تكريم السينما الفرنسية من خلال إطلاق مشهد الجميلة والوحش والتي يعبر عن تحفة كوكتو الكلاسيكية الجميلة والوحش وإما القناع الذي ظهر على وجه سيلين فهو ذاته القناع الذي عرض في الرائعة الكلاسيكية الرعبية الفرنسية عيون دون وجه .


لويس كاركس في عمله (سوق السيارات المقدس ) قدم مفهوم السينما على انه رحلة تطوف في المجتمع الإنساني وتسرق الصور الجميلة والبشعة من ازقته ,  تلك الصور التي تعبر في لحظة عن الحلم والكابوس البشري والتي قام بنحت أيقوناتها شياطين السينما أو كما يطلق عليهم صناع السينما , فهم اوجدُ عالم أخر يصل مابين عدسة الكاميرا وعين المشاهد ليشعرُ جماهيرها بتلك الباقة من المشاعر التي ظنٌ أنهم فقدوها في واقعهم ..
من أمتع وأكثر إعمال العام جمالاً ..  

الجمعة، 14 ديسمبر 2012



جيوب مثقلة بالحجارة ..

إلى أي مدى يستطيع الماضي الغابر أن يدحر كافة الآمال في الحاضر والتي تختنق أنفاسك كلما انتشيه من ذكرياتها والتقطه مخيلتك من معالمها وأرتعش قلبك في استذكار شخوصها .. ذلك الماضي الذي أصبح بمثابة الحجارة التي تملئ جيوب الروح وتغرقها في بحيرة من ظلمات النفس والفقدان والعذاب ألأليم والذي يهلكك في نهاية الأمر ..
أندرس والذي يقدم شخصيته الممثل الشاب أندرس دانيلسين والذي يقدمه المخرج النرويجي جوشام تيري كشخصيه فقدت هويتها بين الضياع مابين الإدمان والجنس والذي على ما يبدو قد زلزل أركان حياة اندرس وجعل كافة الأشخاص الذين يحيطون بيه ينفصلون عن عالمه ويتمنون بشكل أو أخر زواله .. اندرس وبعد مضي 9شهور في احد المصحات للإقلاع عن الإدمان يعود لـِ أوسلو في مقابلة للعمل في أحد المجلات النرويجية الهامة وهناك يقضي يوم واحد يجعل منه يوم من الصمت في ذكرى ذلك الشاب .. ترير حاول بِقدر الإمكان أن يشبع شخصيته الرئيسية بالعمق والتركيبة المعقدة التي تتقمص تلك الكاريزما من ملامح وجه ذلك الشاب الذي يحاول أن يبدأ من جديد في حياته ولكن باءت العودة إلى عوالم كل من يحيطون بيه أمر شبه مستحيل نظراً لتلك الذكريات الأليمة التي تعث أنفسهم من خلال ما صنعة يدي اندرس في الماضي ..


جوشام ترير يراهن في عمله على الصمت والصورة الضبابية ورسم لنا أوسلو كأنها عالم جديد على اندرس رغم أن غيابه لـِ تسع شهور لا يعتبر بتلك ألمده الزمنية الطويلة , أندرس يجوب الشوارع والأزقة في أوسلو ونظراته المليئة بالحنين والتعب والشفقة على نفسه والتي تلحظ انه غاص في سواد أعماله السابقة والتي جعلته ينتظر ولو بصيص من النور يعيد الروح الى جسده من خلال ترابطه مع عشيقته السابقة أو صديقة أو أخته لكن على ما يبدو أن تلك الشخصيات لم تستطيع أن تغفر لأندرس تلك الآم التي باتت كجدار يصده عن الآخرين والتي جعلت منه شخص وحيد منعزل غير مرغوب فيه ..
الأمر المثير في العمل أن مخرج العمل جوشام حاول أن يرسم لنا تلك العوالم من خلال يوم واحد يمضيه اندرس في أوسلو بشكل واقعي وحاول بقدر الإمكان استخدام الزوايا والتقاطعات من خلف تلك الصورة الضبابية لوجه اندرس تعبر عن الخذلان والإذلال والضياع وبنهاية محاولة الفرار ومحو تلك الشخصية والإنسان .. \


في أحد المشاهد البارزة يدخل اندرس إلى احد المقاهي ويقوم بإلقاء نظره إلى من يحيطون بيه في المقهى وخارجة من خلال الزجاج , تلك النظرات عبرت عن دواخل ومخارج نفس اندرس وتلك الأصوات والحوارات التي كان يستمع إليها عبرت عن مَفقده هو كانسان جراء الإدمان فكانت تشعر بارتعاش الكاميرا وصمت ينخر اذنيه تلقاء سماعه احد الجالسات في المقهى تتحدث عن طموحاتها في الحياة وجزء من الأحلام التي تتضارب في مخيلتها وفي طرف أخر ينظر اندرس من خلال زجاج المقهى ليشاهد رجل عجوز وطفله صغيره واللذان يبرزان الشرخ الهائل يعبر عن ماضي فقده اندرس إنسانيته فيه ومستقبل مشوهه الهوية , المخرج جوشام حاول أن يبرز مدى الاختناق والغوغائية التي ترتسم في روح اندرس وتلك الأصوات التي تطرح في عقله والتي توصله إلى حافة الهاوية في مسرب حياته الشخصية .


انتقل المخرج من المشاهد النهارية إلى المشاهد الليلية مع الأخذ في الحسبان انسدال شعاع الشمس الذي كان يعبر في لحظة على بصيص الأمل في نفس اندرس بالعودة إلى حياته ولكن مع انسدال الأنوار ومع انعدام إي اتصال حقيقي بين اندرس واقرب الناس إليه عادت تلك الأفكار لشخصية العمل بالعودة إلى جنونه وضياعه في عالمه القذر السابق ,, جوشام قدم هنا مشهد رائع من خلال الجنون وضحكات اندرس المصطنعة في احد الملاهي الليلة ومحاولة عبثاً انتشاء الحياة من خلال الجنس والمخدرات ولكن كنت تشعر أن تلك المشاهد واستخدام الضجيج وموسيقى الروك أند رول كأنه بمثابة ناقوس الخطر في حياه اندرس .. أعجبني استخدام الأغاني في العمل والانتقاء فيه بشكل يعبر عن تضارب مشاعر الشخصية والتي لاحت في منتصف الجزء الثاني ةمن العمل احد الأغاني المثيرة (Dying Hipste) والتي تلتها مجموعة للمشاهد الجميلة لاندرس مع احد الفتيات والتي خلقت انطباع بعودة اندرس الى الحياة من جديد والتي عبر عنها جوشام باحتضان اندرس بتلك الفتاه من الخلف والتمسك فيها إثناء صعودهم إلى احد الدرجات الهوائية والطيران في عالم من الحلم الجميل وعلى ما يبدو أن في هذه اللحظة وصل الى اندرس تلك الفكرة التي توصله بأنه يسيء إلى كل من يقترب منه والتي أدت إلى رحيله عن تلك ألمجموعه وعن تلك الفتاه منسحب وحيداً والعودة إلى منزل والديه في النهاية لإنهاء حياته ..!

أوسلو 31 أغسطس عبرت عن مرثية إنسان أضاع ماضيه في غوغائية شهواته والتي أثرت في حياته ومن يحيطون فيه والتي جعلته ضحية لاختياراته السابقة وماضية السيئ والتي جعلت ذكرياته حجارة تسكن في جيوبه تجره إلى قاع الظلمات والفرار من كل الإفراد الذين أساء لهم يوماً واختيار الموت كنوع من إراحة روحه في النهاية ..


العمل يعتبر من الإعمال التي يتوقع ترشيحها لجوائز الأوسكار لهذا العام وشخصياً أرى أن العمل قُدم بشكل بسيط وواقعي جميل ناهيك عن الأداء الممتاز من قبل الممثل اندرس دانيلسين والصورة الجميلة للغاية والمونتاج الممتاز ودمج لغة الموسيقى والأغاني بشكل احترافي والتي عبرت عن تلك التضاربات في روح الشخصية .. 


الجمعة، 9 نوفمبر 2012

Vivre Sa Vie - 1962


في مذكراتي الشخصية الدفينة ,, العديد من الصور الضبابية ,, والتي تطرح بعشوائية أمام ناظري , تلك الذكريات حول ما أعتاشته نفسي من العالم المحيط بِها .. في لحظات كثيرة أغيب عن الوعي وأعيش واقع أخر مع تلك الأفكار التي تجعلني أجد أن في داخلي مدينة راعيها النفس وتتعايش فيها الأفكار كالمواطنين وتحدها أسوار من الطموحات والأحلام التي كُفنت مع الأيام ..


البشرية بين الروح والجسد ..!

المخرج الفرنسي جان لوك غوادر احد رواد الموجة الفرنسية الجديدة يُقدم تجربه سينمائية مبهره بالقالب ألمشهدي العظيم ضمن أثنا عشر مشهد يرسم في كل منها فلسفية تبتعد عن الواقع المحض إلى الخيال البحت من الوعي إلى اللاوعي ,, لتلك المشاهد حالة خاصة تتجلى قوتها في البحث عن الحلقة التي تتصل فيها كل مشهد مع الأخر ... غوادر جعل من الحياة الإنسانية مجرد أرقام من واحد إلى اثنا عشر , في لوحة ساخرة تطلع فيها على ازدواجية المفاهيم البشرية والحياة ’’ تلك الفلسفية التي تقبع بين الخلافات ألأيدلوجية .. ما وجه الاختلاف بين الرجل والمرأة ,, وما معنى المساواة بينهما .. هل من وجود للغة المشاعر أم الاتصال مجرد جسدي شهواني لأغير ؟؟ .. ماهية الروح والذات الإنسانية وهل موت الجسد يُعبر عن حرية الروح ؟؟ .. هل نحن نمتلك أرواحنا وأجسادنا وهل من الممكن إعارة أي منهما ؟؟.. هل الكلام اللغة الحقيقة للأنصال وان خانتنا هل من لغة أخرى لنفر لها .. ماذا تعني الرأسمالية , الراديكالية ,’ الموضوعية , النفس , الحب , الروح , الجنس , الهوية ..

* الروح .. 

(لاحظ اتجاه الجسد واتجاه الظل على الحائط) .

(أعر نفسك للآخرين ولكن أعطي نفسك لنفسك ) - مونتين ..

(العصفور حيوان به أشياء داخلية" وأشياء خارجية , إذا أخذت الأشياء الخارجية , فسيتبقى الأشياء الداخلية , إذا أخذت الأشياء الداخلية " فسترى روحه) .. مقتبس من الفيلم ..

في المشهد الافتتاحي يركز غوادر الصورة على شخصيته الرئيسية نانا (أنا كارينا) في مشهد كلوز اب لإظهار وجه تلك الفتاه العشرينية من مختلف الاتجاهات مع انقطاع الموسيقى مع تغير اتجاه الوجه ,, عندها تظهر نانا من الخلف وتبدأ بحوار مع زوجها السابق وعن سبب تركها له ولطفلها ,, لو أطلقنا العنان لتأمل الصورة وفسرنا مشاهد الكلوز اب تلك على أنها تجعل من نانا شخصية بعدة وجهات او اتجاهات ووجوه , فتلك الشخصية هربت من عالم المسؤوليات ومن زواجها وأقرت بخيانتها والتي عبرت عن ثورة النفس في روح نانا التي كانت تحلم بتمثيل واعتلاء خشبة المسرح ..  يطلق غوادر تلك القصة القصيرة التي وضعتها في مقدمة الجزء الأول من مراجعتي عن تلك الطفلة التي وجدت أن العصفور حيوان يمتلك جزأين احدها من الخارج (الجسد) والاخر من الداخل (الروح) وعند فقدان ذالك العصفور لجسده يمكننا وقتها إن نرى روحه ؟ ,, غوادر في فلسفية يرسم أول العبارات من مشهده الأول وهو الحديث عن الروح فلبشر خارجيا أو جسدياً هم مجرد حيوانات شهوانية تعث الرغبة أفكارهم ودون وجود سمة الروح فهم مجردين من إي قيمه حقيقة وهنا أبرر تلك المشاهد داخل مبنى الدعارة وتلك الغرف التي عبرت عن مداخل النفس ولو لاحظنا ان غوادر حاول إن يستخدم الاضاءه المعتمة والضبابية على وجه نانا لإطلاق العنان على صفة الروح وان نانا من أنها أعارت جسدها من اجل المال لكنها مازالت تمتلك روحها والتي قد فسرتها مجموعة من المشاهد لظهور ظل نانا على الحائط باتجاه مختلف عن اتجاه جسدها , ومن هنا نربط الاقتباس لمونتين _أعر نفسك للأخرين ولكن أعطي نفسك لنفسك _ المقصود بنفس التي تعار للآخرين وهيا الجسد ولك حرية التصرف فيها وأما النفس الأخرى وهيا الروح والذات وهيا مالا يمكن إن يمتلكه غيرك ..
*ألاختيارية / القدرية ..


يقتبس جان لوك غوادر المشهد الشهير من الفيلم الصامت العظيم (آلام جان دارك ) والذي يصاحب ذالك المشهد انهمار بدموع نانا بشكل تعبيري رهيب من انأ كارينا في فكرة حاول غوادر أن يعبر فيه بداية الانهيار الحقيقي في شخصية نانا وفقدانها الجسد لتكون سلعة لمتعة الرجال , غوادر هنا يضعنا في مفترق طرق هل وصول نانا إلى تلك الحالة كان ضمن اختياراتها السابقة نظير ترك طفلها وزوجها أم إن الحاجة والظروف الحياة القاسية والقدرية هيا من أوصلتها لذالك المستوى ,, نانا في المشهد تنعكس أضاءه الفيلم على وجهها وفي لحظة تنهمر الدموع دون سابق إنذار إمام المشاهدين في علامة تظهر إن تلك الشابة ترى في اغتصاب وقتل واستشهاد تلك الفتاه التي تدعي أنها ابنة الرب (جان دارك ) صورة لها في معالجة درامية تظهر إن البشرية تعاني من انتهاك صريح لأجسادهم وان الحل لذلك هو الموت والاندثار في النهاية ..
* الهوية ..


مشهد الاستجواب ..
نانا في هذا المشهد تتعرض للاستجواب من قبل الشرطة لإيجادها مبلغ نقدي لأحد السيدات والتي تقوم بإبلاغ عنها لذالك ,, غوادر يجعل من مشهد الاستجواب يشبه محكمة النفس لدى نانا فذالك الشرطي عبر عن السلطة والتي كانت أسئلته ترتسم في استفسارات نانا عن وجوديتها وهويتها الحقيقة في هذه الحياة والتي في النهاية تجد أنها كائن غير موجود وانه لا احد يلقي البال لها في صراعات نفسية قاسية .

* البشرية سلعة للبيع (الرأسمالية ) ..


دوماً ما تكون التعبئة النقدية لأمريكا والنظام الرأسمالي المادي حاضر في سينما الفرنسي جان لوك غوادر , فيقدم الفرنسي العديد من المشاهد القصيرة لعلاقات نانا مع زبائنها مجرد مشاهد تظهر معظمها الجسد دون الوجه وذالك لأنه غوادر يعبر عن الوجه بطابع انه رمزية لروح مع إظهار عدد من مشاهد تلقي نانا لدفعات من النقود والأمر المثير هو محاولته إلى انتقاد الانفتاحية والليبرالية في ذات الاتجاه من خلال وجود شروط قانونية لمزاولة تجارة الدعارة في فرنسا وطلب مبالغ مالية من ألدوله ضريبة لتواجد تلك الفتيات في الشوارع والأزقة , غوادر قدم في تلك اللحظات مشاهد كئيبة وجلفة لنانا وهيا تقف في احد الشوارع وتظهر من خلفها احد الإعلانات الورقية الملصقة على الحائط ليظهر إن نانا مجرد سلعة يتم شراءها من قبل المارة ..
لعل الإيحاءات التي قدمها غوادر تنتقد السلطة والسياسية والأيدلوجيات المستحدثة واستذكر نظرة نانا في احد المقاهي على شاب يرتدي الزى العسكري يقوم بطلب يد فتاه في مشهد عاطفي في محاولة من غوادر إن يظهر مدى ما فعلته الحروب في نفس المجتمع وان الحضارة أو الحداثة مجرد لغة لإجهاض القيمة الحقيقة وانتشار اللا أخلاقية والمادة فيه ..
* الحب ..


تلك العبارة التي قام غوادر في تسمية عمله فيها وجدتها تعبر عن هذه المشهد عندما تقوم نانا بمغازلة احد الشباب وتبدأ برقص له في محاوله لأغراء ,, نانا تلك الفتاه الساذجة التي لأتعلم سوى فن الشهوة تجد إن مشاعرها بدأت بالنبض من جديد وتلك العلاقة مع هذا الشاب المثقف الذي أعاد لها جزء من وجوديتها في هذه الحياة لطريقة العيش .. غوادر وكعادته استطاع في مشهد الرقص إن يكسر ذالك ارتم في عمله خصيصا إن العمل ذو طابع كئيب وصامت في العيد من اللحظات , في محاباة لفرض ذلك الثورة في نفس نانا وذالك الضجيج في نفسها من خلال دخول المشاعر والأحاسيس فيها ..
* حرية التعبير ... الكلمات , الاتصال ..


ولكن عندما تأتي لحظة الكلام , لا أستطيع قولها ..

غوادر من المخرجين الذين يعشقون الاقتباسات الأدبية ومحاولة إيجاد حوارات ذات علامات فلسفية ضخمة ,, تلتقي نانا احد الأشخاص الغريبين في احد المقاهي وهنا تبدأ حلقة من النقاشات ,, غوادر هنا كأنما يضع علامة فارقة بين الإنسان والحيوان من خلال التفكير وحرية الاختيارات ومحاولة إيجاد علاقة للاتصال بين الآخرين تتعدى لغة الجسد والكلمات , هنا عبرت شخصية نانا عن النضوج ولو بشكل أو أخر وحاولتها لإيجاد مَفقدته من عيشها في عالمها.. وإخراج ما في روحها من مشاعر وأحاسيس وأفكار ليس بمجرد النظرات والإيماءات الصامتة بل عن طريق الكلام والأفعال والأمر الذي سيظهر في محاولة نانا تركها لأسلوب عيشها وعملها ..
* الموت ..
اشعر إن غوادر من المخرجين المخلصين لأساليبهم السينمائية وذلك يتضح من مقولته الشهيره (كل فيلم ناجح يحتاج إلى فتاه وبندقية ) واتضح ذالك الأسلوب في معظم إعماله المهمة مثل المهرج المجنون وعصابة من الغرباء والاسم الأول كأرمن وغيرها ,, وغادر يفضل تلك النهايات الميلودرامية التي تنتهي بموت شخصيته الرئيسية في معظم ما يقدم وارى إن ذالك ممكن لقناعته إن الموت هو الحرية الحقيقة من قسوة الحياة من جهة أو رؤيته لشخصياته الرئيسية كشهداء لحرية أفكارهم الخاصة وذالك ما يعلل استخدامه لمشهد إعدام جان دارك من الفيلم الصامت الشهير ..
 
 - حياتي لأعيشها ..

أحببت قبل إن أطلق حديثي عن العمل إن أقوم باستعراض قصير عن بعض المشاهد التي عبرت عن العديد من الأفكار التي قدمه من خلاله , شخصياً أرى إن مقدمه جان لوك غوادر عمل يجعلك تشعر انه ينتمي بشكل أو أخر إلى السينما الصامتة تلك الإيماءات والنظرات التي قدمها آنا كارينا كانت بمثابة محاكاة حقيقة للمشاهد وكانت تستنجي منه تلك الحالة القاسية من عيشها الحياة , غوادر أيضا مخرج يهتم بالقالب المشهد الصوري أكثر من النص والحوارات لذا تجد أن أهم مفترقات العمل والافكار فيه كانت من خلال ألصوره واستخدامه لظلال لتعبير عن الأنا الداخلية للبشر ومشاهد الكلوز اب الضبابية للوجه ومداخل ومخارج الغرف لوصف حاله البشر من الخارج والداخل ,, أما من منطلق أخر العمل لم يخلو من الإيحاءات عن اللاهوت الشهواني ألذكوري ومحاولة السيطرة على المرأة واستذكر في رائعة غوادر "منقطع الأنفاس" حاول فيها إن يعبر عن تأثير المرأة في الرجل وهنا يظهر العكس , أرى أيضا أن شخصية نانا كانت تعبر عن البشر وان مزاولة عملها كفتاه بائعة هوى لم تكن ذات إيحاءات أخلاقية بشكل التام بل هيا ذات رؤية اجتماعيه لعيش الحياة فلو جزمنا إن شخصيه نانا تعبر عن الفرد وان بيع الجسد هو تعبير عن العمل المرهق والمسؤوليات التي تختنق فيها الطموحات والأفكار البشرية لوجدنا أن اغتصاب نانا يعبر عن ضياع الفرد في قسوة واقعه , وبين مسؤولياته وموت كافة الأفكار التي كانت تمتلئ فيها ذاته ..

"حياتي لأعيشها"  هيا لوحة قدمها المخرج الفرنسي جان لوك غوادر بأسلوب مشهدي احترافي وبأداء مثالي من النجمة آنا كارينا ليطرح فيها تلك الفلسفية التي تحملها الحياة للفرد من قسوة العيش وانهيار الأحلام وفقدان الهوية وعدم ألقدره على الاتصال وسيطرة المادة والرغبة عليها وان انه لا مهرب من تلك الغوغائية والسوداوية ألا بالموت وحرية الروح في النهاية .. 

الخميس، 11 أكتوبر 2012

The End of the Affair - 1999



 تصعد ساره السلالم وضربات قلبها تشتعل من الحزن والخوف ,, تدخل الى الغرفة ,, ترمي بنفسها على الارض وتركع وتنطق ( ربي العزيز ,, أرجوك أرجوك أجعله يعيش واعدك انني لن اراه مره أخرى ) .. في لحظة تختفي الضوضاء الدعاء يُجاب وتحصل المعجزة ..! ,, ’’
حينما تكون الحياه مجرد مجموعة من الاسرار التي تغطيها المنازل والغرف وتصبح السلالم تعبر عن الروح الانسانية فصعود ساره لتلك الدرجات كان روحاني اكثر من جسماني ,  فطريقة التواصل مع الاله والتضرع له واعطاءه الوعد كان بمثابة النافذه التي اخترقت عوالمها الحسية ,  كانت بمثابة الانفجار المدوي في الذات والذي رسم على شفتها وهيا تقول (لقــد بدأت اُؤمــن بـك يا رب , و ربــما هكــذا أنت تعــمل , افرغــني من الحــب ,, وبعـدها املء هذا الفــراغ ) ذالك الفراغ عبر عنه بالغرفة التي تضرعت فيها ساره في الزوايا والشوارع الممطرة فراغ الوازع الايماني الذي بعد التواصل معه , ينقل صاحبه الى السلام الذاتي ,, جميع السبل والطرق والمسارات البشرية تنتهي بقدرية أخاذة  , للأيقان بالوجودية تلك الفكره ,. التي حاول كاتب الرواية المقتبصة غراهام غرين ان يطفيهَ على روايته , تلك الغوغائية الصراعات والصدف ذالك السلام والسعادة في زمن الحروب والدموية والحزن ’  تلك العنجهية البشرية التي دوماً ماتبحث عن ماهو ملموس ومحسوس , حتى وان كانت مشاعرنا تتقاطع مع تلك الغريزية فلحب لايقاس بالنشوه والشبق الجنسي والغيرة كما كان يراه موريس , والذي طالب ساره بالعديد من المرات ان تبرهن عن حبها له فلم يصدق الكلمات ولم تشفع لها لغة الجسد , فموريس لن يشفع له حتى موت ساره في سريره .. لانه هنا مايتم استيحاءه من علاقات الشخصيات يكاد يصب في لغة الايمان ,,  والايمان مفهوم واسع الأبعاد فهو لايُمثل علاقة المخلوق مع الخالق فقط , بل حتى علاقة المخلوق مع المخلوق والايمان بوجودية المشاعر كنعصر سامي عذري لترابط البشر .. !  ..


لو لاحظنا انه في جميع المشاهد التي ترابطة فيها الشخصوص الرئيسية كانت السمة الابرز الصدفة (القدرية ) , الأقدار تتلاعب بموريس وهنري وتجعلهما يلتقيان في احد الحدائق وتبدأ من خلالها بداية جديدة للعلاقة المنتهيه من سنوات , والاقدار نفسها جعلت الانفجار يزلزل شقة موريس ويصعد بساره الى النظر الى الامور من باب اكثر سماوية وشمولاً , الاقدار تغتصب اللحظات من كافة مسارب العمل وتلج بعفويتها وبساطتها فساره قالت انه الله يتواجد في التفاصيل البسيطة من الحياه وهنا تكمن لعبة معنى القدر في صناعة عوالم الذات لشخصيات العمل ,, سأبتعد مكرهاً عن الحديث عن مفصليات العمل واغلف مقالتي بشذرات تأملتها أثناء المشاهدة ,, العاشق موريس في بداية العمل كان يضرب على مفاتيح ألته الكاتبة حروفه الممزوجة بالكره والحقد ثم انتقل الى عجرفة لغة الرغبة والامتلاك وفي النهاية ختم روايته بلغة الايمان ,, تلك الرواية التي بدأت في النهاية وانتهت في البداية ,  فنهاية العلاقة الرغبانية كانت بداية لعلاقة حسية شاعرية تتلمس جمالها من خلال الايمان بالاخر والايمان بالقدرية وتحكمها بأبسط جزيئات حياتنا , لو لاحظتم في عدة مشاهد حاول المخرج نيل جوردان ان يرسم لنا الاحداث من مخيلة موريس ومن ثم نصتدم بالحقيقة من خلال مشاهد الفلاش باك على لسان باقي شخصيات العمل ,, موريس جعل من الطفل الصغير صاحب الوجه المشوه بوحمه خلقية (شيطان ) وبعكسه ساره التي وجدت انهُ طفل يحمل ملامح ملائكية , موريس تخيل قبلة ساره على الجزء السليم من وجه الطفل وبعكسها الحقيقة كانت القبلة على الجانب المشوه , تلك الجزئيات اعتبرها الاهم في العمل , نيل جوران جعل عمله (نهاية علاقة غرامية ) يرتسم من خلال وجه ذات الطفل فلانسان يحمل وجهان احدهما جميل وصافي ويمتلك البراءه والثاني قبيح مخيف وهنا نشعر قبح وجهة نظر موريس وبراءة وجهة ساره , فنحن في استمرارية العمل ندرك اننا كبشر ضعيفين بشكل لايصدق ودوماً مانرى الامور من زاويه ضيقة تؤدي الى نظرة سخيفة للأمور ,, والتي كانت تظهر مع امتداد الاحداث فليس كل شيء ملموس نراه امام عيوننا هو حقيقي ,  وأالاحادث المتضاربه في العمل كانت تؤكد تلك الأتجاهية ..
وأستذكر أن العمل قدم مجموعة من الرمزيات الجميلة منها , مجموعة من المشاهد تحت الامطار والتي ظهر فيها موريس وهنري وساره , تلك المشاهد لو أمعنت النظر اليها ستجد انه موريس هو الشخصية الوحيدة التي كانت تحمل مظله بعكسها هنري وساره الذان كانا يسيران حتى يثقلان من شدة المياه على اجسادهما , شخصياً أرى ان المطر يعبر عن أعجاز الخالق في المغفره , فهنري وساره كمن يخرج تحت المطر ليغسل ذنوبه السابقة فهنري وجد في علاقته مع ساره ظلم لهَ , وساره وجدت في الخيانه وضياعها بين الحب والمسؤولية ذنب يجب التخلص منه ,  بعكس موريس الذي قال لساره انني اغار حتى من المطر يلامس جسدك , وحمله المظلة ,  لانه في تلك المشاهد كان مايزال متمسك بعناده وعنجهيته وافكاره العشوائية ..
أيضا أحد اهم مشاهد العمل هو المشهد الذي يظهر فيه اختفاء تلك العلامه عن وجه الطفل واراها شخصياً رمزية فكما ذكرت ان موريس عبر عن الوجه المشوهه لطفل واختفاء تلك العلامه يعبر عن وصول موريس ولو جزئياً لأدراك مدى ماصنعته يداه من أثام والتي ترددت على شفتيه في الختام بقيامه بألاعتذار في لمحة عن وصول بعض من النور الى ذاته وبحث عن السلام بقوله (ربي العزيز , انسى أمري , واعتني بها وبهنري ) تلك الحروف كانت بمثابة الانقلاب في موازين الانسان والفرد عندما تهدم كافة الأسوار والجدران التي حبست النفس في داخلها ,,


.. نهاية علاقة غرامية .. عمل لن اقول انه قدم بشكل الممتاز كما هيا الرواية المقتبصه عنها ولكنه مع تلك الثغرات خرج بالعديد من الافكار المثيره منها البحث عن الايمانية بكافة مفترقاتها والحد الفاصل مابين الشهوه الرغبانية والعلاقة الحسية العاطفية السامية واستذكر مقوله ساره ( الحــب لا ينــتهي..  ليــس فقــط لأننا لا نرى بعــضنا ,,  النــاس يســتمرون في حــب الرب ,, ألــيس كــذلك؟ كــل حيــاتهم , بــدون رؤيتــه ..! ) تلك السطور تمكنت من أيجاز العبره من مكنونات العمل , فالبشرية ماهي سوى حضارة ضعيفة تضيع بين عواطفها وغرائزها وتسير بسخرية اقدارها والتي تجعل الافراد يترابطون تاره واخرى ينفصلون في حكمة الخالق , فمحكمة موريس كما اثيرت في العديد من حوارات العمل وادلته وبراهينه ضاعت في أعجاز قطرات الأمطار التي اغتسلت فيها ساره ووجدت الحب من خلالها , .. 

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

Moonrise Kingdom - 2012



الحدود ,, اللافتات ,, منظار ,, البحر ,, قارب ,, انثى , ذكر ,, معسكر , حصن ,, قلعة ,, زواج , شرطي , محامي ,, الخدمات الاجتماعية ,, مضطرب عقلياً ,, عاطفي ,, البحث ,, رحله , مغامرة ,, غراب أسود ,, مذياع , روايات , موسيقى ولحن يجمع كافة الالات الموسيقية ..!

في مملكة القمر اجبرني وس على التقاط تلك الكلمات من بين جنابته جزيرته المعزوله ,, الكلمات ولاشيء سواها نستطيع التقاطه في ثورة الخروج عن المألوف , ثورة التوقف عند السير في ركاب القطعان والبحث عن مسارك الخاص ,, وعالم الذي يخلو من الحدود الذي تبعدك عن طموحاتك واحلامك الشخصية تلك اللافتات ( ممنوع السباحة ) (حصن لينون ) (معكسر أيفانهو ) (موقع الحافلة المدرسية ) التي انتشرت في مواقع الجزيرة وكانها تدعو المشاهد الى السير في طريق واحده ولاسواه فلكل محاصر بين تلك اللافتات والحدود والخروج منها يعني الغرق والضياع الابدي ..
يضعنا وس اندرسون في درس فلسفي في الخروج عن المألوف ,, ولم اقصد في ذالك طريقة الطرح الفنتازية وذات القالب السخر الذي يمزج الكوميديا مع الدراما العاطفية بل هيا وقفه بين طفلان تمردى لينزعا تلك الحدود التي تعاث حياتهما تلك اللحظة التي تطرح فيها سوزي السؤال على الطفل شاكوسكي ( مامدى براعتك في السباحه..؟؟ ) فيجيبها : (لست سباح ماهر لذا احتاج الى ستره نجاه ) ,, مع البساطه التي تتجلى في هذا الحوار الا اني وجدته الأكثر دقة وجمال في فتح باب التأمل في مملكة طلوع القمر تلك المملكة التي فتح فيها ذالك الطفلان باب من المغامرة وليست المغامره تعني هرب الطفلين في رحلة الى اقاصي تلك الجزيرة بل هيا حالة من التحرر من المجتمع من الروتين والمسؤوليات من القوانين التي مثلها مصطلح المحامي والشرطي هيا حالة مابين الاضطراب العقلي وفقدان موازين المنطق امام ثورة العاطفة والحاجة للاخر للبحث عن وجودية لك في عالمك الشخصي والذي ابى وس اندرسون الا انه يرسم بشتى الالوان واجمل الصور والديكورات التي تتسم بالبراءه والعنفوان ..

وس اندرسون جعل عمله بأيقونات ذات سامية واظهار ان شخصيات العمل البالغة تعيش في ضياع ودون هدف بل هيا التي تعبر عن الطفوله وبعكسها شخصيتي الطفلان سوزي وشاكوسكي اللذان ابيى الا ان يحاولى السباحه وعدم الاستسلام ونقل العلاقة الى شكل يظهر بطابع شخصيتان بالغتان والذي تشهده من خلال مجموعة من المشاهد العاطفية الواقعية والتي تصب في قلب الموازين فمن هم في عمل مملكة القمر يظهرون بالغين واقصد كافة الشخصيات مجرد اطفال جبناء لايستطيعون تحطيم حدود التي اعتاشو عليها واختياراتهم الخاطئة السابقة وبعكسهم الطفلان الذان وجدا ان الجزيره ورغم ضخامه حجمها الا انها لاتتسع لطموحاتهما واحلامها ومثلت تلك الصورة في منظار سوزي التي كانت ترى القريب بعيد والبعيد قريب في فلسفية تتعدى الصورة ..
مملكة وس اندرسون تستحق الوقوف التوقف عندها فهي حالة من اليقضة بعد سبات طويل والثورة بعد الخضوع والجنون السرمدي نحو قدرتنا على السباحة بعكس التيار لحتى نشعر بوجودنا في هذه الحياة ..

4.5/5 ..

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

ثلاثة حكايا لن تسمعها إلا من كيسلوفسكي ...


ثلاثة حكايا لن تسمعها إلا من كيسلوفسكي ... 


( من كتاب كيسلوفسكي عن كيسلوفسكي) ترجمة / رضا حريري ..


"هناك قصة جميلة أخبرتني بها صحفية أمريكية...

عند قراءتها لرواية للأديب الأرجنتيني خوليو كورتازار كانت الشخصية الرئيسية في الرواية تحمل نفس الاسم والعائلة وحتى نفس تفاصيل حياتها.الصحافية لم تكن تعرف ان كان ذلك متعمدًا من قبل الروائي أم لا.فقامت بكتابة رسالة لكورتازار تقول فيها أنها كانت تقرأ الكتاب, قبل أن تكتشف فجأة أنها تقرأ كتابًا عن نفسها.كتبت له أنها حقيقية وبالمقابل أرسل الروائي الأرجنتيني لها رسالة جميلة.الصحفية أخبرتني عن رد كورتازار الذي قال لها: "كم هو جميلٌ أن يحصل أمر مثل هذا".
كورتازار لم يلتفي الصحفية يومًا, لم يشاهدها ولم يسمع بها حتى, وقد كان سعيدًا باختراعه لشخصية اكتشف لاحقًا أنها موجودةٍ حقًا.
أخبرني أمريكي أن لهذا علاقةً بفيرونيكا."


"خلال تجارب الممثلين للحياة المزدوجة لفيرونيكا غالبًا ما كانت الأحاديث تصل لأماكن غير متوقعة ومثيرة للإهتمام. هناك ممثلة فرنسية في الثلاثين من عمرها أخبرتني أنها عندما تكون حزينة تقوم بالخروج إلى الشارع لتكون مع الناس.وكنت قد سمعت حكايات كهذه مرّات متعددة في فرنسا وكانت تبدو لي أنها من نسج الخيال. فطلبت منها مزيدًا من التفاصيل: لماذا خرجت إلى الشارع؟ ماذا يمكن أن يحصل لفتاة حزينةٍ في الشارع؟
أخبرتني أنها منذ ستة سنوات مرّت ببعض الانهيارات واستطاعت مع الوقت الخروج منها. وبينما كانت تسير في أحد الأيام في الشارع رأت الممثل الايمائي الشهير مارسيل مارسو.فتتبعته لتنظر اليه مرّة أخرى وتتأكد منه لكنه يفاجئها بالالتفات إلى الخلف والنظر إليها مبتسمًا, قبل أن يعود ليتابع سيره. "لقد أنقذني حينذاك" قالت الممثلة وهنا تحول نسج الخيال هذا لحقيقةٍ بالنسبة لي وصدقتها.لقد فكرت لبعض الوقت ما اذا كان مارسيل مارسو عاش فقط لينقذ حياة هذه الممثلة الشابة. ربما كل شيءٍ قام به, كل عروضه و حركاته التي أثر بالناس من خلالها, كانوا لا شيء مقابل هذه الحقيقة.
"هل عرف كم كان هذا الأمر مهمًا بالنسبة لكِ؟" سألتها , فأجابت بـ"لا, لم أره بعدها أبدًا"


"التقيت امرأةً في برلين استطاعت التعرف عليّ لأن فيلمي فيلم قصير عن الحب, كان يحظى باهتمام اعلامي في تلك الفترة.هذه المرأة كانت في الخمسين من العمر عرفتني وبدأت بالبكاء, وأخذت تشكرني بشدة لأن خلافًا كان قد وقع بينها وبين ابنتها واستمر لسنين طويلة. حتى أنهما لم تكونا تتبادلان الحديث رغم عيشهما في شقةٍ واحدة.
الفتاة كانت في التاسعة عشر من عمرها وقتها.وقد أخبرتني المرأة أنها لم تتحدثان معًا لأكثر من 5 أو 6 سنوات إلا عن مكان وجود المفاتيح أو عن عدم وجود زبدة في البيت أو لتحديد موعد العودة إلى المنزل.
في اليوم السابق لرؤيتها لي شاهدت هي وابنتها فيلمي القصير عن الحب وقامت الفتاة بتقبيل أمها للمرة الأولى منذ 5 أو 6 سنوات. من ما لا شك فيه أنهم سيتشاجران غدًا من جديد وأنه خلال يومين كل هذا لن يعني لهما شيئًا.لكن ان كانا قد شعرتا بشعورٍ أفضل لدقائق خمسٍ فقط -أو الأم على الأقل- فان ذلك كافٍ.
لا بد أن الفتاة كانت في صراعٍ مع أمها لسببٍ معين, السبب الذي كمن في مكانٍ ما في الفيلم, والذي خلال مشاهدتهما له فهمت الشابة أو الأم سبب الصراع بينهما, لتقوم الفتاة وتقبّل أمها.
من الكاف أن يكون الفيلم قد صنع من أجل هذه القبلة وحدها, من أجل هذه المرأة وحدها."

مقدمة كتاب كيسلوفسكي عن كيسلوفسكي ,,



مقدمة كتاب كيسلوفسكي عن كيسلوفسكي ,,

ترجمة : رضا حريري ..

صناعة الأفلام لا تعني الجمهور, المهرجانات, المراجعات النقدية أو المقابلات.
انها تعني أن تستفيق كل يوم في السادسة.انها تعني البرد, المطر, الوحل ووجوب أن تنقل معدات اضاءة ثقيلة.
إنه عمل مرهق للأعصاب وفي مراحل معينة كل الأشياء باستثناءه تصبح في المقام الثاني, بما فيها عائلتك ومشاعرك وحياتك الخاصة.
بالتأكيد أن سائقي المحركات, رجال الأعمال والبنوك سيقولون الشيء نفسه عن أعمالهم.من دون شك هم سيكونوا محقين في كلامهم, لكن أنا أقوم بعملي, وأنا أتحدث عنه.
ربما لا يجب عليّ القيام بهذا العمل بعد الآن.أنا في طريقي إلى نهاية شيءٍ جوهري بالنسبة لصانع أفلام وهو الصبر.
لم يعد لدّي صبر على الممثلين,على معدي الاضاءة,على الطقس, على الانتظار جانبًا لتكون المحصلة أن لا شيء يحدث مثلما أحببت له أن يكون.في الوقت عينه , أنا لا يمكن أن أدع هذا العرض. انه يأخذ الكثير مني, يخفي فقدان صبري على فريق العمل.أعتقد أن الأشخاص الأكثر حساسيةً يعرفون أنني لست سعيدًا بهذا الجانب من شخصيتي.
صناعة الفيلم هي نفسها في كل أنحاء العالم: أنا أعطى زاوية في ستوديو, هناك كنبة مريحة,طاولة وكرسي.في هذا نوع من التظاهر, صوتي الصارم وهو يعطي التعليمات: صمت! كاميرا! أكشن!
مرة أخرى تعذبني فكرة أنني أقوم بعمل متواضع. منذ عدة سنوات سألت الجريدة الفرنسية ليبراسيون عددًا من المخرجين عن السبب الذين يقومون من أجله بصناعة الأفلام.أجبت يومها:"لأنني لا أعرف فعل أي شيءٍ أخر". كان هذا الرد الأقصر وربما بسبب ذلك تحصل على الانتباه, أو ربما لأننا - نحن صانعو الأفلام- بالأقنعة التي نضعها والمال الذي ننفقه على الأفلام والأرباح التي نحصلها وادعاءتنا كثيرًا ما نشعر بكم أن عملنا هذا عبثيّ.لا يمكنني أن أفهم فيلليني والكثير من الاخرين اللذين يقومون ببناء الطرقات, البيوت وحتى بحور اصطناعية في الستوديو, بهذه الطريقة لن يرى عددٌ كبير من الناس كم هو مخجل وتافه عمل المخرج.
مثلما يحصل كثيرًا عند صناعة فيلم,يحدث شيءٌ ما يسبب -ولو لبعض الوقت- هذا الاحساس بالبلاهة.
هذه المرة أربعة ممثلات فرنسيات شابات, يقومون بتجربة في ثيابٍ غير ملائمة, يتظاهرن بأن معهن شركاء.لقد مثلن بطريقة جميلة جدًا بشكلٍ أصبح كل شيءٍ معه حقيقيًا. قالوا بعض أجزاء الحوار,يضحكن أو يقلقن, وفي هذه اللحظة استطعت أن أفهم كل ما يعنيه هذا الأمر.


خلفية .....

العودة إلى المنزل ,,
ساعة ونصف منتظرًا أمتعتي في مطار وارسو,كالعادة.
الحمالون يواصلون حركتهم هنا وهناك. عقب سيجارة, مظلة, ملصق لفندق الماريوت, مشبك لحزام حقيبة السفر ومنديل نظيف أبيض.على الرغم من وجود لوحة "ممنوع التدخين", أشعل سيجارة. أربع رجال من خدمة نقل الأمتعة يجلسون بقربي على الكراسي الأربعة الوحيدة المتوفرة.
"التدخين ليس مسموحًا هنا سيدي" قال أحدهم
"لكن الجلوس دون فعل شيءٍ مسموح؟" سألت
"عدم فعل شيءٍ مسموح دائمًا في بولندا" أجاب رجل أخر.
ومن ثم ضجّوا بالضحك: أحدهم فاقدٌ لسنيه العلويتين , أخرٌ فاقد لنابة وسن آخر في الجانب الأيمن.الثالث لم يكن لديه أسنانٌ اطلاقًا ولكنه أكبر في العمر, في حوالي الخمسين.الرابع على مشارف الثلاثين, أسنانه كاملة.
انتظرت 20 دقيقة آخرى من أجل الأمتعة.
منذ أن شعرنا أننا نعرف بعضنا البعض, لم يقل الحمالون شيئًا عندما أشعلت سيجارة أخرى.
هناك الكثير من التجار في قلب وارسو.يبيعون اللحم,المناشف,الأحذية, الخبز أو السكر من سيارتهم المركونة على طول الطريق. هذا جيد, انه من السهل أن تشتري أشياءً رغم صعوبة القيادة فيها.على الأرصقة تنتشر السلع القادمة من أرخص "سوبر ماركت " برلين الغربية "بيلكا" و "كويل" ومن كروزبرغ: الشوكولاتة,التلفزيونات,الفواكه,كل شيء.اقتربت من رجل مسن يحمل تنكة بيرة فارغة.
"فارغة؟" سألته,أومئ برأسه.
قلت له "كم تريد"
"500 زلوتي"
ظننت أن هذا انتهى.انه بلا شك قد اعتقد أنني أريد شراء التنكة.وقام بتشجيعي:"سوف أعطيها لك بـ400"
سألته:"ما حاجتي لتنكة بيرة فارغة؟"
"هذا شأنك. اذا اشتريتها بامكانك أن تفعل ما تريده بها."
حبي لبولندا يشبه قليلًا الحب في زواج طويل حيث يكون الشريكين على علمٍ بكل شيءٍ عن بعضهم البعض وحيث يشعرون بقليل من الملل من بعضهم البعض كذلك, لكن عندما يموت واحدٌ منهم, الآخر يتبعه مباشرةً.لا يمكنني تخيل الحياة من دون بولندا.انني أجده أمرًا في غاية الصعوبة أن أجد مكانًا لي في الغرب, حيث أنا الآن, على الرغم من الظروف الرائعة: السائقون يسيرون بتروٍ والناس يقولون "صباح الخير" في المحال.رغم ذلك لا أزال حتى الآن حين أفكر بنفسي في المستقبل,لا أستطيع تخيل نفسي إلا في بولندا.
لا أشعر أن بإمكاني أن أكون مواطنًا عالميًا.لا زلت أشعر أنني بولندي.
في الواقع كل شيءٍ أثر في بولندا أثّر فيّ.أنا لا أشعر بالبعد عن بلدي.
أنا لم أعد مهتمًا أبدًا باللعبة السياسية ولكنني مهتمٌ ببولندا نفسها.انها عالمي,إنها العالم الذي أتيت منه ومن دون شك العالم الذي سأموت فيه.
عندما كنت بعيدًا عن بولندا,كان شعوري كأنني بعيدٌ لبعض الوقت,بأن هذا كله مؤقت.بمعنى آخر ان هذا يعني أن الذهاب إلى بولندا يحمل شعورًا بالعودة,شعورًا بالرجوع.
لدي مكان, انه في بولندا سواء في وارسو أو كوشيك في البحيرات المازورية.الأشياء لا تتغير لدرجة تتغير معها مشاعري الأساسية.
عندما عدت لباريس, لم يكن لدي هذا الاحساس بالرجوع.أتيت لباريس.لكنني عائد إلى بولندا.

الاثنين، 1 أكتوبر 2012

little children - 2006




“No, no, no. It’s not the cheating. It’s the hunger - the hunger for an alternative and the refusal to accept a life of unhappiness.”

في مسيرة الحياه تتضارب الانسانية مابين نشوز رغباتها وحدود مسؤوليتها , ففي تلك اللحظة تفقد السيطرة على المحافظة على قيادة حياتها كما سبق وعندها هيا أمام خياران اما ألاصتدام مع كل ماسبق ماأعتاش عليه او محاولة العودة والمسير كما كان ....
المخرج تود فايلد يقدم واحدة من الاعمال المثيرة للجدل بقيادة مدللة هوليود كيت وينسلت في لوحة ذات أفق تقود الى صومعة ذالك المخلوق البشري ورسمها بشتى الالوان ماعدا الابيض والاسود فمكنوناتنا ومايقبع بأنفسنا لايحتمل ان يرى بتلك السطحية فليس في عالمنا سواد أعظم او بياض ناصع فهي تلوح مابين هذا وذالك , تلك العمليةالتي قام بخلقها تود ورسم ايقوناتها في حالة من الضياع والارتجاف ,, اثناء مشهد امساك مقود السيارة للاري هودغيز كانت بمثابة اللحظة التي يُقبل عليها الشخص في الضياع بين غوغائية الشهوات او التمسك برباطة الجأش وتحمل المسؤوليات والقرارات , لعل ابرز مايعتلي نفوس البشرية هو الغياب او الهروب والبحث عن لحظة يعيش فيها بحرية في سعادة لم يعتشها يوماً ولكن تلك اللحظة لاتزيد عن شبق علاقة جنسية تذهب بعد الانتهاء منها .. 

كيسلوفسكي يتحدث عن فيلمه - فيلم قصير في الحب ..



فيلم قصير عن الحب/1989/

من المحتمل أني غيرت( فيلم قصير عن الحب) في غرفة المونتاج أكثر من أي فيلم آخر أخرجته. حذفنا قسم ضخم من المادة المصورة أنا و ويتيك آدامك، المصور - كل المشاهد التي تصور ما يسمى بالحياة العادية وهذا العالم الخارجي الذي شق طريقه بالقوة إلى الشاشة كان خطأ جدياً حقيقةً. ثم، عندما شذبت الفيلم من كل الواقعية المحيطة به أحببته أكثر.
الفيلم قصير جداً، أظن أنه متماسك. ما أجده ملفتاً فيه هو المنظور. نحن دائماً ننظر إلى العالم بعين المحب وليس بعين المحبوب. بادئ ذي بدء، ننظر له من وجهة نظر الفتى، توميك، الذي يحب المرأة، ماجدا، لكننا لا نعلم شيئاً عنها. فقط نراها عندما هو يراها. وفي لحظة ما نراهما معا، عندها المنظور يتغير كلية عندما تبدأ بعض المشاعر في داخل ماجدا تجاهه- في البداية إنها الشفقة، لاحقاً ربما، تأنيب الضمير وبعدها ربما نوع ما من العاطفة أيضا- بدأنا نرى العالم بعينيها. ولم نعد نراه أبداً. لقد اختفى لأنه قطع شريانه وأخذوه إلى المستشفى. لم نكن معه في المستشفى أبداً. نرى كل شيء فقط من وجهة نظرها هي.
هذا التغيير في المنظور يأتي في الثلث الثالث من الفيلم- لأنه يأخذ دوره تقريبا في نقطة التحول الثانية -إنه تدخل بنيوي مثير للاهتمام. نحن نرى من وجهة نظر المحب وليس من وجهة نظر المحبوب. المحبوب مجرد أشلاء، شيء. هذا الحب صعب لكلا الطرفين للفتى ومن ثم، لاحقاً للمرأة لهذا فإننا دائماً ننظر إلى هذا الحب من وجهة نظر الشخص الذي يتعذب بسبب حبه. وهذا الحب مرتبط دائماً بالعذاب والاستحالة بشكل أو بآخر. توميك يتلصص على ماجدا. ومن ثم ماجدا تحاول العثور على توميك. بسبب الشعور الذنب ولكن أيضاً، بلا شك، لقد استعادت حقيقة أنها كانت مثله في بعض المراحل، أيضا. عندما كانت في مثل عمره، أو ربما أصغر، كانت مثله. لقد كانت نقية ومؤمنة بأن الحب موجود. بعد ذلك من المحتمل أنها احترقت. لمست شيئا حارا أحرقها وآلمها. فقررت ألا تحب ثانية لأنها أدركت أن الثمن كان غالياً جداً. وهذا ما ظهر. سواء نجح هذا التفسير أم لا فهي مسألة مختلفة جملة.
المشكلة الرئيسية كانت مع الممثلة، في دور البطولة، لقد قررت في اللحظة الأخيرة فقط بأنها يجب أن تكون شابولوفسكا وليس سواها، في الحقيقة عرضنا عليها الدور قبل ثلاثة أيام فقط من التصوير. أنا وهي لم نكن في ظروف رائعة بعد فيلم
no end) )
لذا لم أكن متأكداً من رغبتي بالعمل معها. لكن بعد أن رأيت كل الاختبارات التي صورناها مع كل ما توفر من فنانات في بولونيا في ذلك الوقت أدركت بأنها ستكون الأفضل. لقد كانت على البحر في ذلك الوقت لذا أرسلت لها النص مع أحد المساعدين الذي سلمها إياه على الشاطئ، قرأته وقبلت.
عندما علمنا بأنها ستلعب الدور الرئيسي أصبح من الجلي بأن لوباشينكو يجب أن يكون في دور الفتى، إنه ابن ادوارد لوباشينكو، ممثل قدير من كراكو. لقد بدا مثيراً جدا بالنسبة لي. صوته كان بلا شك منخفضا جدا بالنسبة إلى عمره، كان عمره 19 سنة وصوته يتراوح بين الباص أو الباريتون لكن هذا التحول لم يكن مشكلة، هما بالتأكيد كانا زوجا جيدا.
وعندما بدأنا بالتصوير أخبرتني شابولوفسكا بأن لديها بعض التحفظات حول النص. لقد فكرت بأن الناس في هذه الأيام يذهبون إلى السينما ليشاهدوا قصة، كان لديها حدس بأن الناس قريبا أو أنهم حاليا يحتاجون إلى قصة ليس بالضرورة أن تكون نهايتها سعيدة لكن المهم قصة، لقد فكرت بأنه يجب علينا أن نقدم بعض المصطلحات التي توضح بأن هذا ليس مجرد وثائقي قاسي حقيقي عن الحياة لكنه أيضا كما يحدث في القصص حقيقة أو فكرة ترد في حكاية. قصة مرتبطة دائما ببعض الحكايات المعروفة جيدا دائما تبدأ بـ كان يا ما كان في سالف العصر والأوان كان هناك ملك وهكذا و هكذا.
عدة أشياء، حلول في العديد من الأفلام، ليست بالضرورة مقدمة من قبل ممثل أو مصور لكن تنطلق من حقيقة أن الممثل أو المصور يشك في شيء ما أو تتطور من فكرة ما تستعمل لاحقا بحرفيتها وهذا يحدث كثيرا أو يعاد تشكيله بطريقة ما. فكرت بأن شابولوفسكا تملك حدساً جيداً، إنها امرأة ولديها حدس أفضل بكثير مما لدينا لذا آمنت بذلك ولهذا كريستوف بيسويتش وأنا فكرنا بأن هذه القصة تشبه نهاية النسخة السينمائية للحلقة 6 من الوصايا العشر التي بدت لي أن لها سحر لا ريب فيه وأيضا أحببتها لأنها ذكرتني قليلاً بنهاية Camera Buffحيث أدار جيرك ستور الكاميرا عليه وبدأ بتصوير كامل الفيلم من البداية حيث كانت. الامكانيات مفتوحة في النسخ السينمائية. النهايات كما لو كان كل شيء ما يزال ممكنا بالرغم من أننا نعلم بأنه ليس من شيء ممكن. بإمكانك أن تقول بأنها نهاية أكثر تفاؤلا.
النهايات التلفزيونية جافة جداً، موجزة وبسيطة جدا. ماجدا ذهبت إلى مكتب البريد وتوميك أخبرها: أنا لن أتجسس عليك مجددا. ونحن نعلم بأنه حقا لن يتجسس عليها أبدا مجددا وربما لن يتجسس على أي شخص آخر. وعندما يتجسس عليه شخص ما سوف يؤذيها بنفس الطريقة التي آذته هي بها. نهايات التلفزيون إلى حد بعيد أقرب إلى ما تبدو عليه الأشياء في الحياة.
بينما كنت أقوم بإخراج هذا الفيلم كان لدي إحساس شديد بالسخف من مهنتي، أساسا الفيلم يدور عن فتى يعيش في شقة في بناية وامرأة تعيش في المبنى المقابل. بقراءة النص أو النظر إليه من وجهة نظر الجمهور، كيف كنا سننتج هذا الفيلم؟ كنا استأجرنا شقتين واحدة له والأخرى لها وقليل من السلالم. لجميع المقاصد والأغراض، فيلم رخيص جدا. بينما في واقع الحال حتى يتم تصوير هذا الفيلم استعملنا سبعة عشر ديكورا وهذه السبعة عشر ديكور أعطت الانطباع بأنهما شقتين تقابل إحداهما الأخرى. مرة أو مرتين توميك أو ماجدا خرجا إلى الشارع أو إلى مكتب البريد وهذا كل شيء لم يكن هناك عمليا مشاهد اخرى.
حسنا، واحد من تلك الديكورات السبعة عشر و أعني به شقة ماجدا كانت في واحد من البيوت القبيحة المسبقة الصنع التي يمكن أن تراها بعيدا عن وارسو بعشرين أو ثلاثين كيلومتر . أسوأ ما يمكن أن تتخيله أنها كما لو كانت عدد كبير من القطع الضخمة أخذت ووضعت في حقل. هذه هي الفيلا التي وجدناها قريبة الشبه من نوافذ تطل على النوافذ في المقاطعة حيث صورنا كل المشاهد. وهناك حيث أسسنا شقة ماجدا. لذا لم تكن شقة ماجدا في بناية ولكنها كانت على بعد نحو ثلاثين كيلومتر من وارسو في فيلا صغيرة من طابق وحيد.
وفي معرض تصوير هذه الشقة من منظور توميك راقبناها من منظورين اثنين الأول رؤيته هو والثاني رؤيتها هي. كان علينا بناء برج لأن الفكرة كانت أن الفتى يسكن أعلى بطابق أو اثنين من شقة ماجدا، ولأن شقة ماجدا كانت في الطابق الأرضي، كان علينا بناء برج وبسبب ذلك الفرق في الإرتفاع الذي نراه في الموقع يظهر ليكون من منظور توميك -عندما ينظر إلى الأسفل قليلا عبر التليسكوب نحن أيضا ننظر للأسفل قليلا عندما نرى شقة ماجدا. وهذا البرج المكون من طابقين كان لزاما عليه أن يكون بعيدا كفاية عن المنزل الصغير ليعطي هذا الانطباع، التصوير بعدسات بعيدة المدى، استعملنا عدسات 300مم وبعض الأحيان استعملنا حتى 500 مم عندما كنا ننظر عبر التلسكوب.
وصلنا إلى هناك حوالي الساعة العاشرة مساءا لأننا كنا نحتاج إلى الصمت وهذا ما كان في النهاية، اللقطات الليلية، وتسلقنا البرج. كامل طاقم العمل ذهبوا إلى البيوت المجاورة حيث كان الإنتاج قد استأجرها عدا أنه نام فيها أو شاهد أفلام البورنو بينما كنا أنا وويتك ادامك عالقين هناك على ذلك البرج كزوج من البلداء لست أو ثمان ساعات حتى الفجر. ولم يكن يطلع الصبح إلا في الساعة السابعة. كان البرد دموي، تحت درجة التجمد. ولأن المسافة بين البرج والمنزل كانت حوالي 60 أو70 متر لم يكن هناك وسيلة للتواصل مع شابولوفسكا إلا عبر الميكروفون. الميكروفون معي بينما هي لديها السماعات المثبتة في المنزل.
وهكذا كنا عالقين هناك في الليل لمدة أسبوع في البرد المر، وحيدا- كان هناك مساعد المصور، بالطبع، وواحد من مساعدي، أيضا- في هذا الوضع السخيف، في ظلمة هذه المقاطعة في الضواحي حيث كانت نافذة مضاءة واحدة وأحمقين في برج من طابقين واحدهما كان يكرر في الميكروفون: ارفعي هذه الساق أعلى! أنزلي ساقك! الآن اذهب إلى الطاولة! هيا، ارفع هذه البطاقات أعلى! واصلت إعطاء الأوامر عبر الميكروفون لكن فقط خلال التدريبات، وليس بعد أن بدأت الكاميرا عملها لأننا صورنا بالتزامن.
عندما غادرت ذلك المكان لمدة لإحضار شيء ما أو لتناول الطعام أو أي شيء آخر، كل سخافة الوضع نزلت علي. الفيلا الصغيرة المفترض أن تكون ناطحة سحاب ضخمة، مشتعلة بالضوء -لأننا كنا نستعمل عدسات طويلة لديها فتحات منخفضة وتحتاج إلى الكثير من الضوء -البقعة الوحيدة المضاءة بينما كل شيء آخر غارق في الظلمة، ليس من أحد هناك، ليل، وبرج سخيف من طابقين. أستطيع أن أتخيل نفسي هناك أصرخ عبر الميكروفون: ارفعي تلك الساق أعلى! بالطبع، الميكروفون محتمل أنه لم يعمل وكان علي أن أصرخ لكي يكون صوتي مسموعاً في السماعات التي في المنزل.
طوال أيام الأسبوع كان لدي إحساس حاد بالبلاهة من السخف الكامل لمهنتي.

فصل من كتاب:

Kieslowski on Kieslowski

الترجمة قامت فيها الاخت اماني لازار لصالح مدونتي السينمائية .. 

الخميس، 6 سبتمبر 2012

| ثنائية في مزاج الحب - 2046| وحيدة .. مثلي أنا ,, آه .. أنا ... وحيدة ..




وحيدة .. مثلي أنا ,, آه .. أنا ... وحيدة .. دون أن يراني ... .. .. ويعرف الشوق الذي أعتراني . .. .. ..
ودونما اهتمامِ ...
... تناول السكر من أمامي ...
.. ذوب في الفنجان قطعتين وفي دمي ذوب وردتين ..
.. لملمني ..
.. بعثرني ....
ذوبني ... آآه ... ذوبني .. ذوبني ..

( .. ألزمان , المكان ,, الذكريات ,, وسطوة العلاقات .. )
من المرثي لحال الحروف عجزها عن أستحضار ولو جزء من تلك الحالة الرائقة التي تعقبها مشاهدة لأحد ألاعمال السينمائية وقدرة الكاتب على وضع تلك الحالة أمام القارىء وأخضاعة الى ممارسة فعلية من الحنين والشوق وشبق العاطفة الذي أستحضره في نفسك العمل , وانغ كارا واي أثبت أن العمل السينمائي ليس مجرد تعبئة نصية للحروف والكلمات فأجهض رأس مال عمله وجعل من الحوارات مجرد عبارات عبثية أمام جبروت الصورة والقالب المرئي والذي خطف ألاذهان وأدخلنا في عالم من ألاحلام ...
في مزاج رائق للوله (الحب) لم يتوانى المخرج الصيني وانغ كارا واي من تقديم قصة بسيطة عن علاقة بين جارين متزوجيين يكتشفان ان أزواجهم يقومون بخيانتهم مع بعضهم البعض , تلك المأساة التي احدثتها الخيانة لسيد شان (توني لونغ شو ) والسيدة تشو (ماغي لونغ ) وأجتمع الشخصيتين على طاولة واحدة لنثر علامات التساؤل عن سبب الخيانة وطرح أفكارهم وجدليات مشاعرهم عن تلك الرثاء لحالهم جراء تلك الخيانة ,, ومن خلال تلك العلاقة التي بنيت في الاساس على سخرية القدر لأجتماع تلك الارواح التي تعاني من الحرمان والفقدان والغدر تحدث شرخ في روحهما وتبدأ ضربات المشاعر لتبني جسر تواصل بين الشخصيتان والتي تلوح بأفق ذو معالم رائعة الشاعرية , كارا وانغ راهن على بناء عملة من خلال المجون والحنين الذي تسردة الصورة فكنت تشهد في عدة مشاهد تركيز الكاميرا على تمايل جسد السيدة تشو في محاكاه لنقل الرغبة التي تعاث في نفسة السيد تشان ومزجها مع الموسيقى الرائعة لـِ شيغيرو أومباياشي وكانك تسمع دقات قلب السيد تشاو وهيا تتراقص مع ارداف خصر السيدة تشو في حالة تشبه ضربات أصابع العازف على مفاتيح البيانو فهي حالة تجمع مابين الشغف في أشد حالة والرغبة التي تنتهك حرمات النفس والتي تبيح بعزف الالحان لمزاج الفنان ..
في لوحة أخرى يقوم برسمها الصيني وانغ كارا ترك مساحة من المشاهد البطيئة لزوايا الأمكان التي تحيط بسيدة شان والسيد تشو وتركيزة الشديد على الساعات المعلقة على الجدران والمصابيح المضاءة بشكل خافت بصورة تعبر عن الازمان التي تضج بها عالم الشخصيتان فكانت تظهر الساعات في المشاهد التي تظهر في احد الشخصيتين الرئيسيتان دون وجود الاخر لدلالة على الاشتياق وثقل الزمن على نفس كل منهما عندما يتواجد بعيداً عن الاخر ومن جهه أخرى تشهد ان المشاهد التي تجمعهما معاً هيا لحظات تم سرقة من واقعهما الرثائي لذا تختفي الساعات من الأمكان التي يلتقيان فيها في صورة تبيح في توقف الزمن في لحظة لقاء المعشوقة , أما أستحضار المصابيح بتلك ألاناره الخافته في ظلمة تضُج بالمكان وخصيصاً في الشوارع والازقة الخالية تعبر عن ذالك النور الذي تفيض به تلك العلاقة على نفس وروح الشخصيتان فتلك العلاقة كانت بمثابة بصيص من النور في ظلمة نفسهما نظراً للمعاناة من تأمر زوجيهما عليهما , ولعل وانغ حاول بقدر ألامكان ان يخطف مجموعة من المشاهد بين الازقة والشوارع والغرف الضيقة في مساحة من الظلمة التي تكتنف تلك الأماكن ومساحة بسيطة من الاضاءة وارى ان تلك المشاهد كانت تعبر عن مداخل نفس كل من السيدة تشو والسيد شان وفكانت تلك المشاهد تبرز مدى الخوف والرهاب الذي يعتري تلك ألانفس من تلك القائات السرية بينهما ,,
في أحد المشاهد يقوم السيد شان بمراقبة السيدة تشو وأختلاس النظر على ماتفعلة في يومها , فتقوم السيدة تشو بدخول أحد المطاعم وتقوم بطلب أحد أنواع الماكولات الشعبية فيقوم السيد شان مسرعاً بعد خروجها لدخول المطعم وطلب ذات الطبق وتناوله بصورة بالغة الغزلية فكانت تتقافز في نفسي مئات الكلمات حول تلك الحالة التي طغت على معالم السيد شان ولم أجد مفهوم تطرح نفسي سوى (الوله) تلك المفارقة في جعل ابسط الجزيئات في التعلق وتقليد أبسط الامور المتعلقة بالمعشوق والتي تصبح فيما بعد جزء منك ومن هويتك الشخصية وافكارك الداخلية , وانغ كارا واي في مزاج رائق للوله حاول بقدر الامكان ان يغوص في اللذه والاّم التي يستحضره العشق في نفس الانسان فليس بيت القصيد العلاقة المعقدة بين السيد شان والسيدة تشو وأستحضار فكرة المؤامره على زوجيهما فكنت تلحظ مدى الضابيبه التي تعاث وجه زوج تشو وزوجة شان في عمليه تجعل من وجودهم أمر خارج اطار القصة مع ان العلاقة أسست على وازع غير اخلاقي وهو الخيانة فكنت تستشف الاخلاقية في لقائات الشخصيتين الرئيسيتان وكأن وانغ يلقي بثقلة على معنى العشق ويؤكد ان الحب مفهوم صافي نقي لاتندسه أي شوائب .. \
“المرايا المكسُوره تخيفني حين أُحّدق فيها؛ربما لأنها ترسم وجوهنا الحقيقيه من الداخل إنه زمن الأشياء المكسـورة.. (غادة السمان)
ولأن في مزاج رائق للحب هو عباره عن عمل مغلف برمزيات التي أطلق عنانها وانغ كارا من خلال الصورة فلابد الحديث عن الأبهار الذي طفى على العمل من خلال تلك الالوان التي فاض فيه العمل من خلال الملابس والديكورات والاثاث والتي ترسم تلك المفارقات والازدواجية التي تعاث  كل من نفس الشخصيتان الرئيسيتان فهم يعيشان في حالة من الشغف والشوق والعشق السرمدي وبذات الوقت يغلفهم الخوف والبرود والضياع والتي جعلت من غرف والممرات ذات طابع مخملي مزركش بتطريزات والالوان بعكس بداية العمل التي طفى عليها اللون الاسود والملابس باهته اللون لأستعراض الانقلاب الواقع في نفسي كل من السيد شان والسيدة تشو قبل وبعد العلاقة ..
ذكرت ان اهم مايميز رثائية العلاقة بين الشخصيتان هو الواعز الاخلاقي الذي صوره الصيني وانغ كارا لي بالجدران التي كانت تحجز تلك النفوس وانتشار المرايا على تلك الجدران ومحاولة كلا الشخصيتان ان لاينظرا اليها في محاولة لأخفاء تلك الحقيقة من العلاقة وتدنيسها لعذرية انفسهم وعذوبة افكارهم والتي تدل على تأنيب ضمائرهم , والتي في النهاية تجعل استمرار العلاقة شيء مستحيل والامر الذي جعل السيدة تشو تختار الرحيل مع زوجها ورحيل السيد شان في خاتمة تحاكي القلوب العاشقة عندما يقوم السيد شان بزياره احد المناطق الأثرية وأختيار احد الشقوق في احد الاعمدة ليقوم بطرح تلك الاشواق والذكريات والشبق الذي يسكن جسده في لوحة تعبر عن المشاعر والاحاسيس التي اختنقت فيها روح السيد شان ولأن ماتمتلكه روحة من أفكار سر لايمكن ان يبيحها لأحد فيقوم بأفراغها في تلك الفجوة ليجعل من تلك العلاقة تسكن في ظلمة نفسة والتي مثلتها الفجوة .. (وطموحي ان أمشي ساعاتً معك ,, تحت المطر ,, عندما يسكنني الحزن ويبكيني الوتر ,..  )أيضاً جمعت الشخصيتان الرئيسيتان عدة مشاهد تحت الامطار والتي عبرت بشكل او اخر عن المشاعر والعواطف المكبوته في جسديهما والملاحظ ان وانغ جعل من القدرية لعبه تداعب معظم القائات بين الاثنان وكأنه المسار الذي تلعبه الاقدار فينا هو لامحال اما من صنعنا او صنع المصائر لربط الارواح معاً ..
في مزاج رائق للوله هيا ثورية بحق تكمن في لغة التصوير والأبهار التقني واللوني واختراق المعاني التي تتراقص فيها نفوس العشاق فرسم وانغ كارا واي اقصى درجات العشق والوله بين مفصليات ورك السيدة تشو وخلد معنى الشغف والذكرى في فجوة الحائط ورمز لنقاء وصفوة العشق بالبصيص من النور الذي ينيره أحد المصابيح القديمة ..
تحفة جمعت مابين عبير الكلاسيكات الهوليودية والولع الاوروبي ومزجت بأحترافية فنان (وانغ كارا واي ) ..

 
2046 - الجزء الثاني لمزاج رائق في الحب ..
قبل البدء في الحديث عن العمل أود ان أوضح ان الجزء الثاني مرتبط بشكل وثيق مع الجزء الاول في عدة منحينات منها الشخصية الرئيسية (السيد شان) في العمل وترابطها مع ماضيه الأليم والمساحة لرمزيات التي رسمها المخرج في العمل ولذا سأرتكز في مقالتي هنا على فك جزء من الغموض الذي يجول في أزقة نفس شخصية السيد شان والذي عبرت في هذا الجزء عن الالام التي تعانيها النفس الانسانية بعد فقدان الحب والتعايش مع احلام اليقضة والذكريات .. ! 
سميناه الماضي..ومع ذلك ما زال يأكل معنا ويشرب معنا..وينام معنا ويستقيظ..ويقفز امام اعيننا كل لحظه .. (محمود درويش )
في 2046 والدال أسم الفيلم على الغرفة التي يستأجرها السيد شان بعد عودته لهونغ كونغ والذي يسرد هذا العمل المخرج الصيني وانغ كارا واي بجزء من الفنتازيا بعكس الجزء الاول والتي من خلالها يحاول ان يستعرض تلك الحالة من الحلم والاوهام التي تعاث بروح السيد شان وفرض علينا 3 علاقات تعتاشها تلك الشخصية والذي تبرز مدى الغوغائية والعشوائية التي تفرضها مشاعرنا وأحاسيسنا علينا ومدى ارتباط الماضي بشكل وثيق بحاضر الانسان , فلو لاحظنا العلاقات الثلاث كانت عباره عن م مراه لتاريخ ذكريات عشق السيد شان لسيدة تشو في الجزء الاول وكانت محاولة فاشلة للطي والنسيان من قبل شان والذي حاول ان يغلف ذاته بالعلاقات الشهوانية والعبث في مشاعر الاخرين وتلك الثقة والسخرية التي تظهر على معالمه ماهي سوى قناع يخفي تحته الضعف والألم الناتج عن الخواء العاطفي والفقدان الذي ينهش روحة ..
يلتقي الكاتب شان في 3 نساء من خلال سكنه في احد الغرف الصغيرة في احد الفنادق بهونغ كونغ الاولى تربطه بعاهره تسكن بجواره باي لينغ (الحسناء زانغ زيى) وكانت تحد تلك العلاقة الكثير من الجدليات والمشاهد الجنسية الحادة التي تبرز مدى اللهفة والشغف والوصول الى اقصى درجات الشبق  , واما العلاقة الثانية فكانت مع أبنت صاحب الفندق وينغ جينغ (فاي ونغ)  والتي كانت على علاقة بشاب ياباني ولكن رفض الاب لتلك العلاقة فرض عدم استمراريتها وبداية العلاقة بين وينغ وشان واما العلاقة الثالثه كانت في سنغافورة بين تشان ولاعبة قمار محترفة بأسم سو لي زين (لي غونغ ) .. ولو لاحظنا ان المخرج الصيني وانغ كارا لي لون تلك العلاقات الثلاث بسيد شان بالعلاقة التي خلدت في ذاكرته مع السيدة تشو في الجزء الاول ولتظهر من خلال كل سيدة من تلك السيدات معاني وعلامات تستحضر مدى العشوائية التي تنتهك حرمة الذات ألانسانية وعدم قدرتنا بشكل التام التحكم بعواطفنا تجاه الاخرين مهما ابدو لنا من مشاعر تجاهنا ..
أسمحو لي ان اقوم بأستحضار الافكار التي اغدق وانغ كارا واي عمله من خلال طرح مجموعة من المقولات والأبيات الشعرية ومن خلالها رسم اهم الايدلوجيات التي رست في العمل والعلاقات ..

عندما ينطفئ العشق, نفقد دائمًا شيئاَ منّا. ونرفض أن يكون هذا قد حصل. ولذا فإنّ القطيعة في العشق فنّ .. (أحلام مستغانمى )

 في علاقة السيد شان مع جارته العاهرة كنت تلحظ تلك ان العلاقة بنسبه لشان كانت عبارة عن ملىء للفراغ العاطفي في نفسه ومحاولة للستعاضة عنه بالرغبة الشهوانية والتي تشهد انها في بعض المشاهد تصل الى البحث عن أقصى حالات النشوة لعلها تطفىء الشوق الذي في نفسه وايضاً مجرد اي محاولات من جارته باي لونغ ان تجعل العلاقة تخرج من حدود الجسد الى افق العاطفة يبدأ الكاتب شان ببناء الجدران والتي في بعض الاوقات تجدها شديدة القطيعة والبرود ,, والذي يصور فقدان العشق والرفض لأي علاقات سامية شاعرية مع الاخرين والتي تجعل من الشخص صورة من الرغبات والشهوات الحيوانية دون معالم انسانية ..
لا نستطيع ان نُلاحظ الجمال إلا في الماضي، لأنه لايوجد من يلاحظ المشاعر في وقتها المناسب لذالك ليس لدنيا مشاعر كاملة حول الحاضر الا عن الماضي .. (فرجينيا وولف)
يقال ان أسمى المشاعر الانسانية هيا المشاعر التي نستحضرها من ذاكرتنا والتي طغت على معالم العمل وذالك من خلال بداية مشاهد الفلاش باك لصورة السيد شان مع السيدة تشو في احد سيارات الاجرة وتعمد وانغ اظهار ذات المشهد مع جاراته باي وكانه شان يود ان يعيد الزمان ويعيش اللحظات مع فتاه اخرى ولكن بذات الطابع والصورة المرسوخة في خيالة ولو استذكرنا ان السيدة المقامرة كانت بذات اسم خليلته سي لو زين والتي انسحبت فور علمها بأن شان ارتبط فيها من خلال مشاعر لسيدة اخرى بذات الاسم , واما العلاقة مع ابنة صاحب الفندق فكانت الابرز لانها حملت منحنين من جمع الذاكرة وجزيئة من العواطف فرتباط شان بتلك الفتاه العاشقة كان يجعله يشعر بتلك الحالة التي عشقها من الحب المحرم مع السيدة تشو من جهه ومن اخرى لو لاحظنا ان الفتاه ونغ جينغ كانت تحمل صفات البراءة والنقاء والتي في احد المشاهد رسمها وانغ بصنبور الماء الذي يسرب قطرات من الماء الصافي والتي رأى فيها شان صورة للصفاء والنقاء لمعشوقته السيدة تشو ولكن هنا نشعر بتلك اللحظة التي كادت ان تغيير مسرب العواطف وان ينشأ علاقة يحنو الحب جدليتها لولا رفض وانغ جانغ لأرتباط مشاعرها مع ذالك الشاب الياباني ولسخرية القدر تظهر ذات الشخصيتان العاهرة وابنة صاحب الفندق في الجزء الفنتازي والذي هو رواية خيالية لشاب يسافر في الزمن ليصل الى الحقبة 2046 وذالك ليجد السلام وهنا تظهر علاقة خفية في القطار بين ذالك الشاب المتخيل من قبل شان في روايته وبين فتاتان من الالات واللواتي يحاول ذالك الشاب بي ألاحاح الارتباط بأحداهن والتي ترفضه كونها تعشق غيرة والتي تعبر عن الشابه ابنت صاحب الفندق واما الثانية فرغم عدم أهتمام ذالك الشاب فيها الا انها تردد كلماته وتراه تذرف الدموع في خلوتها عليها والتي هيا مراه عن العاهرة (زانغ زيي ) , اما اقتباصي لتلكم المقولة لفرجينا وولف هو تلك الفكرة التي استحضرها وانغ في ان المشاعر الكامله لاتظهر في الحاضر بل بعد فتره من الزمن فأشتياق وعشق شان وتشو لبعضهما لم يظهر الا بعد سنون في زيارة كل منهما للفندق اللذان كان يسكناه وايضاً قيام شان بسفر لسنغافورة للبحث عن باي لانغ والتي كان لمشاعرها الغزيرة اثر في نفسه ولكن بعد حين من الوقت , واستذكر أيضاً الفكرة الخلاقة في جعل المال يعبر عن ماتتركه تلك المشاعر والاحاسيس في نفس الشخصيات فلو تذكرو قام شان باعطاء باي لانغ 10 يان عن كل ليلة تقضيها معه لتقوم بتخبئتها في صندوق تحت السرير في صورة عن الاحتفاظ بجزء من ارواح الاخرين في صندوقنا السحري او ذاكرتنا كبشر وبذات الفكرة عندما اعادة المقامرة المال لشان وقالت له لقد اعدت اليك مالك واخذ نصيبي من الصفقة في اعادة لذات الفكرة التي استحضرتها فيما سبق ..
 
أتذكر أيامي معك ، كمن يرى الأشياء عبر نافذة قطار مسرع ! نائية وجميلة .. والقبض عليها مستحيل ! (غادة السمان)
الناس لاتبوح بأسرارها للأصدقاء , وإنما للغرباء في القطارات أو المقاهي العابرة .( بهاء طاهر )
اود التركيز هنا على الرواية التي كان يود كتابتها شان في اسم 2046 والتي تعبر عن حقيبة والتي ايضاً تعبر عن الغرفة التي يسكنها شان في الفندق وعبرت تلك الغرفة عن الجدران التي يغلقها شان على نفسها والتي تؤول الى عدم السماح لنفسه بتناسي ماضيه وذكرياته مع السيدة تشو , لذا تشان جعل شخصيته تسافر وتغير المكان في احد القطارات للوصول الى المستحيل وهو السلام والاتصال من جديد بعلاقة من الحب مع شخص اخر ولكن في بداية قصته كنت تشعر انه كان يطغى على افكارة الرغبه الشهوانية والتي مثلت باي لانغ في الواقع وفي منتصف الرواية اصبحت العلاقة عاطفية بين الشاب المسافر في القطار واحد الفتيات الاليه وهنا يظهر تأثير ابنه صاحب الفندق والدفء الذي اضفتها على معالم روح شان والتي جعلتها ينظر للعلاقة في روايته بشكل عاطفي لاشهواني , وأصل في تحليلي الى النقطة التي تظهر الجزء المتعلق بالبوح بالاسرار فـ الرواية هيا انعكاس لخيال شان وذكرياته فترى الفتاه الالية تقترب من مجسم ضخم لتقوم بالاقتراب من الفجوه في منتصف سارده بصوت خافت المها واشتياقها من غياب المعشوق كما فعل شان في احد الفجوات في الجدار في الجزء الاول ,,
 

لا أحنُّ إلى أي شيء فلا أمس يمضي ولا الغد يأتي ولا حاضري يتقدَّم لا شيء يحدث لي ..! ... ليتني حجر .. محمود درويش
 في نهاية مراجعتي ارى ان ثنائية وانغ كارا واي كانت عبارة عن حالة من البحث في المعنى الحقيقي للمشاعر الانسانية والاتصال مع الاخر والعذاب الاليم من الفقدان والذكريات التي تعقبها تلك العلاقات في نفس الفرد ومحاولاتنا لملىء تلك الفراغات العاطفية بعدة اشكال من خلال الاخرين والعبثية التي تتلون فيها اختيارتنا والتي تؤدي بنهاية الى الجدران التي نحيط بها انفسنا خوفاً من تجارب اخرى تلتصق بتاريخ ذكرياتنا لنصبغ عواطف بالبرود والجمود فنصبح صورة عن حجر ..


أفضل مشاهد في مزاج رائق للحب :
هنا
Quizas: In the Mood for Love
هنا
الصاوند تراك .. في مزاج الحب ..
هنا
الصاوند تراك ..  2046 ..
هنا

الأحد، 26 أغسطس 2012

interiors 1978 - انا محتاجة جداً لميناء سلام ..!

  

 

interiors 1978
Woody Allen - about love, life and death
 
انا محتاجة جداً لميناء سلام ,, وانا متعبتاً  .. أنا متعبتاً ,, فتكلم , تكلم  - ماجدة الرومي (كن صديقي)

.. أن تسير في المجهول وأن تحاول ان تجد السبيل لتلك الكأبة واليأس التي تهنش روحك وتعاث نفسك ,, ليغريك الموت وتنبذك الحياة وتنصهر بين الجدليات التي تجهضك من الداخل ,,
 ,,, في لحظة تصبح العزلة وينسك والغربة موطنك والصمت دليلك .. .. !!!

 من الداخل كانت أحد تلك اللمسات السينمائية التي تمرجحت في مخيلتي طويلاً قبل ان اسهب في الكتابة عنها والحديث المطول في نجاعة سينما الامريكي وودي الن ليس من خلال النص فقط بل من خلال الصورة والصوت والاخراج الفني المتقن والتمكن من أستحضار لغة ادائية عالية المستوى , وودي الن في سينماه يضيق الخناق على اي متبع سينمائي خبير في الولوج الى مسار واحد نحو التطرق الى مايقدمة فتكمن عظمة سينماه في تلك المفارقات التي تضج فيها نوعية اعمالة فيغلب على بعضها الانسياق الى الكوميديا السوداء او كوميديا الرومانس والميلودرامية السوداوية في اخرى ناهيك عن حرصة على غدق اعمالة بكم من التدوينات الادبية لذا في بعض الاحيان لتتمكن من الاستمتاع حقاً في سينماه يجب ان تكون ذو مرجعية ولو بشكل بسيط حول الثقافة الفكرية والادبية العالمية ..


أعود الى الحديث عن اول مراجعاتي عن احد اعمال وودي الن وهو فلمة من الداخل الذي يظهر فيه تأثر هذا الصانع بسينما السويدي العظيم انغمار بيرجمان والبحث في جدليات الموت والحياة وفقدان الهوية والغوص في مفارقات النفس الانسانية وسوداوية الافكار وفقدان المشاعر والخواء العاطفي ناهيك عن لمسة من الرثاء لحال المجتمع الانساني وماتوصلت اليه في وقتنا الحالي ,, وودي الن في من الداخل اعاد لي تلك الحالة التي غلفتها اعمال السويدي بيرغمان في نفسي واستذكر منها الختم السابع وهمسات وصرهات وسأبتعد في تأويلاتي لفرض حبل اتصال والحديث عن ثلاثية الايمان البرغمانية وصياغة تلك الجدليات التي استحضرها بيرجمان في الصمت من تصعيد معنى الفراغ العاطفي بشذوذ الجنسي والخوض في ذات الفكرة في عملة من خلال زجاج معتم من خلال غرفة فارغة في احد الجزء النائية , من هنا سوف انطلق في تحليلي الشخصي عن ماقدمة الن في عمله هذا حقيقة , فوودي ارتكز على عدة ركائز لأيجاز المعنى الفكري لمسمى الفراغ المشاعري للبشرية فلو ركزنا على اسم العمل من الداخل وخضنا تجربة مع الصور الداخلية لمشاهد العمل لظهرت امامك غرف ذات تناسق مهيب والاثاث الذي يكتنف في زواياه بترتيب ملحوظ للغايه فكنت ترى خارجياً سيطرة تلك الكوكبة من البشر على المظاهر وبعكسها تشعر كمشاهد ببرود وجلافة التي اغدقها الن من خلال استعمال الظلال والاضاءه على الزوايا الفارغة في غرف المنزل واستخدام الالوان الباهته باستمرار وايضاً انعدام استخدام الموسيقى في معظم مشاهد العمل لنثر تلك الكأبة والياس في سراديب عمله والتركيز على الصوت الذي تصدرة الريح وتنفس الشخصيات وحفيف الاشجار لي أستحضار الفراغ الذي تقبع فيه تلك الاجساد ليكون خاوي لضريات الرياح في عرينه .
 وودي الن وضعنا ضمن عائلة تتألف من ثلاث اخوات يصارعنا حال والدتهن التي أصابها أنهيار نفسي مما ادى الى ادخالها في احد المصحات لفتره من الزمن وهنا تحدث عدة انكسرات في برجوازية تلك العائلة التي كانت في يوم ما مثال يحتذى فيه في المجتمع وهنا سيأخذنا الن الى تجربة ليس في قصاصات تلك العائلة بل الى نفوسهم والبحث في تلك الانكسارات التي تنهش ارواحههم ... لو تسمحو لي ان اخوض تجربة التحليل لتلك النثريات النصية الرائعة التي اغدق وودي الن عملة فيها وجعل من كل شخصية من شخصياته تعيش حالة من ازواجية المشاعر ومفارقات الاختيارات وطمثها بسخرية رثاية مؤلمة ..


الاخوات الثلاث الكبرى ريناتا (Diane Keaton) الوسطى فالين (Kristin Griffith) والصغرى جوى (Mary Beth Hurt) تعيش كل منهن حياتها الخاصة فريناتا كاتبة ناجحة ولكنك ترى في ذات الوقت ان ماتعتاشه مع زوجها هيا حالة من المسؤولية اكثر من الحب فترى ان علاقاتها مع اخواتها ووالدها ووالدتها تكاد ان تكون مرسومة ضمن حدود من النفاق او عدم المصارحة بما تعاث نفسها فيه , اما الاخت الوسطى فالين فهيا ممثلة كثيرة الترحال تعيش وفق ماتبيحه لها افكارها السطحية وطبيعتها المرحة الجريئة والبسيطة واخيراً جوي التي كانت المركز لعمليات الن في سرده عمله هذا والتي كنت ترى الثورة التي تنهش نفسها والصراع القائم بفقدانها هويتها الحقيقة ومحاولتها المستمر البحث عنها والتي تشهد انها الصورة الاكثر اشراقاً في العمل رغم الفشل الذي يرتسم على حياتها فجوي فتاه ترى الامور من منطلق منطقي صريح بحت تكاد لمسة الكأبة تزج من خلال مفرادتها والتي استحضرها الن من خلالها والتي ترى انها تحاول يقدر الامكان ان تكون حلقة اتصال بين افراد عائلتها والامر المثير للجدل يقبع في تلك الغوغائية والتلاشي التي تعيش تلك النفوس لملىء الحاجة من الحب أو الحب الذي يؤدي للحاجة لشخص ما في عالمك فكنت ترى ان ازواجية مشاعر تلك العائلة امر يظهر عشوائية ألانا الانساني فتصدم بتلك المفارقات في لوحة تلك العائلة لتظهر تلك المساحة من الانكسارات في نفس كل شخصية وعلاقتها بألاخرى فالاخت الكبرى ريناتا تظهر مدى تعلقها بوالدها والتي تحاول جادة ان تكون مراه لوالدتها سابقاً امراه مستقلة ناجحة تحافظ على منزلها متزنه وصاحبة نجاحات تظهر للجميع والمفارقة ان الوالد تظهر عليه مدى استئثارة لطفلته الصغرى جوي وانه يرى فيها الطفلة المقربة اليه من بناته الاربع لنرى في نفس المسرب تعلق جوي بوالدتها واللمسة التي تستفيض من الحنان ونكران الذات لتوفير العيش الرغيد لها , فتصمت للحظات وتضج بك الافكار التي تستويحها من سخرية تلك المشاعر الانسانية فتلك الحاجة في وجودية كل شخص في حياة الاخر والعشوائية التي تمكن في رمزية كل البشر فرغم تلك السيطرة والعنجهية البرجوازية ومحاولتنا السيطرة على مايحيطنا خارجياً من ديكورات واثاث وصور الا اننا في عملية المشاعر والاحاسيس لن نستطيع ان نسطير علىها ,, وودي راهن على لغة النفس والسواد الاعظم لعشوائية المشاعر الانسانية فنحن مهما قدمنا للاخرين حتى يروننا بشكل المثالي لن نستطيع ان نتحكم بمشاعر الاخر وتلك احد اكبر المجاهيل التي تعاثها النفس البشرية .

المشهد من فيلم المغامرة لمايكل انجلو انتونونى ..

أسمحو لي ان استذكر ماقدمه احد اهم الرموز السينمائية الايطالي مايكل انجلو انتونى في رائعة الخالدة المغامرة والمشهد الختامي العظيم عندما تقف الشخصيتان الرئيسيتان والصمت يطغى على اجواء المشهد وترى ذالك الفراغ المميت في الأجواء, وودي الن نقلنا لتلك الحالة من الاجواء الخارجية الى داخل غرف منزل العائلة في فكرة تؤدي الى ان يقول لتلقو النظر الى دواخلنا نحن نعيش حالة من الفراغ والكأبة والغربة التي تنهش انفسنا حتى لو كنا واقعياً نعيش تحت سقف واحد ..!
ايضاً اسم الوالدة (أيفا) والتي تعني باللغة العربية حواء والتي مثلت الانهيار او الصدمة في المنهج الانساني فلو افترضنا ان الانثى في المجتمع الانساني تمثل اسمى معاني العاطفة والاحاسيس فستظهر تلك السمة لرمزية النساء في العمل واللواتي ظهرنا بشكل أكثر سطوة وسيطرة من الرجال لاننا وودي كمن يرى في الانثى مساحة العواطف وتم تهميش الرجل لانه بمثل الجزء الفطري والغريزي في الانسان ولذا استحضر المشهد لمحاولة اغتصاب زوج ريناتا لأختها فالين التي لم يرى فيها الا جسد لأغواء واشباع غرائزة الشخصية ولا اعلم ان كنت قد أبتعدت في الافكار المطروحة في العمل من هذه الناحية لكن الامر يلاحظ ان الوالد قد ارتبط بأمراه تشبع رغباته الشهوانية وتيقض المشاعر في نفسه لذا قلت من البداية ان المراه في العمل كانت تمثل العاطفة والرجل يمثل صورة من المجون والشوق لتلك العواطف التي ترتمز في كونية المراه ..
أخيراً اعود الى اقتباصي لأحد اغاني المطربة ماجدة الرومي (انا محتاجة جداً لميناء سلام ,, ) فوودي كماً استحضر الموت ليس بمعناه المعروف بل كمعنى لفقدان الانسانية لمشاعرها واحاسيسها والغرق في محيط من غوغائية النفس وسواد الروح وانعدام الاتصال ففي مشهد انتحار الام في المحيط والتي تعني العواطف والتي سئمت من السيطرة التي كانت تكتنف حياتها وغرقها في مشهد رثائي لتظهر فيها مياه المحيط بلون اسود معتم ليعبر عن سوداوية الذات الانسانية وغرق سامية المشاعر فيها والتي بتالي تحضر الى فكرة محاولة الن ليقول انه علينا ان نكسر حدود الصمت وان نتكلم مع الاخر لمحاولة في اعادة حبل الاتصال ,, واما مشهد انقاذ جوي من الموت عندما لحقت والدتها الى مياه المحيط في مساحة تبيح لبصيص من الامل في العمل ..


 لأنهي مقالتي هذه في مساحه مقتبصة من الخاتمة الحوارية للعمل في علامه استفهام من وودي الن عن المَخرج من تلك الرثائة والكأبة واليأس والغربة والفقدان والضياع الذي يلوح في أجواء الذات الانسانية .. فألن كمن يقول ان ماعلينا الا ان نطلق العنان لأفكارنا ومشاعرنا الداخلية صوب الاخرين لفتح ابواب الاتصال ...


كيف أُخرج هذه المشاعر؟
أشعر بغضب عارم تجاهك
اوه يا أُمّى
لم يكن بوسعى إلّا الشعور بالحنين إلى بعض الذكريات
تلك المُتعلّقة بأُمّى بالطبع
وباللحظات الدافئة القليلة التى عرفناها معها
أتذكّر كم كانت جميلة وهى ترتدى ملابسها
للخروج فى المساء مع أبى ..
وكيف كانت (ريناتا) مُعجبة بها وبارائها فى الفن
وكم كانت (فلين) منبهرة وهى طفلة صغيرة
عندما زيّنت أُمى شجرة عيد الميلاد
أشعر بأنى مدفوعة لكتابة هذه الخواطر
بدت لى مُثيرة للشجن
البحر ساكن جدا
نعم
كلُّ شىء هادىء تماما

,,,,
عبدالرحمن الخوالدة ...


تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا

تابعني على تويتر