احصائيات المدونة

cenima world

السبت، 15 ديسمبر 2012

Holy Motors 2012 - تحية لشيــــاطيــــــــن الــــسيــنمــا ..


المخرج المثير للجدل لويس كاركس يعود الى تقديم احد الإعمال الطويلة بعد أخر أعماله طوكيو في عام 2008 ,, كاركس جال وصال في عقل المشاهد وتلاعب فيه وداعب من خلال عمله العشق السرمدي لسينما من خلال تلك المجموعة من المشاهد المبعثرة ذات القالب السريالي العبثي التي تصب في النهاية لمنحنين الأول هو تكريم صناع السينما وكوادرها والثاني الولوج إلى جعل المشاهد يختنق في تأمل معاني لوحاته وتعتصر مشاعره بين الآم في لحظة وفي أخرى تتراقص على الحان الأكورديون ..



لويس كاركس حاول ان يقدم ما يقارب العشر مشاهد منفصلة من خلال (سوق السيارات المقدس ) أو بالأحرى هيا رحلة يقوم بيه شخص مجهول الهوية باسم الأستاذ اوسكار (دينيس لايفينت) في احد السيارات اليموزين الضخمة ليقوم بمجموعة من الاستعراضات والمواعيد مع مجموعة من الفئات والأمر البارز هو الازدواجية التي عاثت تلك الشخوص فتارة كنا نرى أنفسنا في احد القوالب الأكثر شهوانية ومقتاً ودموية وفي أخرى نسرح في عالم من الميلودرامية الإنسانية القاسية وفور انتهائنا يأخذانا العمل إلى الصراع السرمدي في الدراما الرومانسية .. كاركس تعمد إن يصبغ لوحاته بشتى أصناف السينما فلو لاحظنا انه من خلال لوحاته انه قدم سينما النوار وأفلام العصابات والجريمة الدموية وانتقل إلى الرعب النفسي والدموي وحاول بقدر الإمكان الولوج إلى السينما الاجتماعية وخطف أجمل وأعمق المشاهد الرومانسية وانتهى بتكريم السينما الغنائية وكل تلك المشاهد قدمت بقالب السينما السريالية وهذا لوحده يحسب لكاركس كمخرج متفرد وذو رؤية متميزة للغاية ..
في افتتاحية العمل يظهر مسرح في احد السينما وتظهر فيه الجماهير كأنها في سبات عميق أو أنها توحي لك أنها مفارقة للحياة وينطلق مع الكاميرا إلى ما وراء الكواليس , ليظهر شخص يستيقظ من النوم , ليصل إلى حائط في وسطه ثقب لمفتاح يحمله في يده , ليقوم ذلك الرجل بفتح ذلك الحائط ويدخل من خلاله إلى دار السينما التي ظهرت في المشهد الأول .. شخصياً أرى إن المشهد يعبر عن تلك الحالة التي ترمز لها السينما فهي مفتاح الحياة وكسر جدران الجمود الإنساني ومحاولة للبحث عن ما يسمى بالحلم ولهذا ظهرت الجماهير في المسرح بسبات عميق تلقاء انتقال كل مشاهد من خلال الصورة إلى عالم الأحلام الخاص فيه ومع تلك الشخصيات المعروضة على الشاشة ..


في المشهد الذي يليه تظهر الشخصية الرئيسية السيد اوسكار هذا الرجل مجهول الهوية بنسبه لنا كمشاهدين فلو افترضنا ان اوسكار يعبر عن الممثل او الكوادر التمثيلية وأن تلك المواعيد مجرد مشاهد يقوم بِ أداءها لوصلنا إلى فكره انه نحن غير قادرين على معرفة الشخصية الحقيقية خلف تلك الأقنعة والأدوات التي يقوم أوسكار بوضعها على وجهه لكي يتقمص الشخصية والتي تؤدي بنا لرؤية شخصيته كما نراها إمام الشاشة من خلال الشخصية في العمل السينمائي ومن هنا تأتي محاولة كاركس إطفاء تلك الجدران حول الشخصية الحقيقية لأوسكار وأي منها واقعي وأي منها مزيف ,, هنا تبدأ تلك القصاصات الصورية في الظهور على الشاشة بداية من الشحاذ ومشهد التقني لشخص يدخل في عالم وهمي الكتروني في حالة من ألذه الشهوانية والغريزة السادية والدموية الجانحة ومنها إلى مشهد المتشرد القبيح الهمجي و اختطافه لأحد فتيات الإعلان إلى والولد الذي يقوم بتأنيب أبنته المراهقة والوصول إلى مشهد عزف الأكورديون ومشهد العصابات وقتل احد الأشخاص وأخيرا مشهد العجوز الثري الذي يعيش أخر لحظات حياته ..

تلك المشاهد التي جعلت المشاهد في حيرة كبيره من أمره وأدخلته في عالم من تضارب مشاعره الداخلية , الذي كان بحد ذاته يرسم مدى تأثير السينما في الحالة الحسية للمشاهد ومن خلالها استذكر مشهد الرجل الذي يصعد السيارة مع اوسكار وفي حوار جذاب يقوم بتشبيه الممثل او (اوسكار) باللص الذي يحاول أن يسرق ولو لحظة من الآم أو ابتسامه بسيطة من شفتي المشاهد وهنا سر الجمال الحقيقي لسينما كما قال عنه اوسكار ..
من طرف أخر كاركس خاض في سلسلة من الأفكار الإنسانية في لوحاته وسأحول قدر الإمكان أن أضع جزء من التأويل الشخصية لتلك القصاصات ..

 

- مشهد المتشرد ..

في هذا المشهد حاول كاركس إن يوضح مدى الجمال القابع في الحياة ولو لاحظنا وجود مجموعة من الإزهار في المقابر والتي يقوم ذلك المتشرد القبيح بـِ التهام وعند وصوله إلى احد الحسناوات العارضات (ايفا منديز ) يقوم ذلك المتشرد باختطافه ومحاولة التهامه حتى خصلات شعرها والتهام كل ما تحمله , ثم يقوم بتمزيق أجزاء من ملابسها ليغطي أجزاء جسدها حتى لا تظهر سوى عينيها في النهاية وتلك الحالة جعلتني انظر إلى تلك الغريزة الإنسانية في القمع والأنانية التي تقبع في أنفسنا في امتلاك كل شيء جميل وحبسه بين جدراننا الخاصة كاركس كمن يرى ان الفطرة البشرية هيا كذلك المتشرد قبيح مُقرف ولا يمكن إشباعها ..



- مشهد الدخول الى أحد الشركات الرقمية ..


في هذا المشهد لاحظت مدى الحنق الذي يحمله مخرج العمل على طرق الاتصال والتواصل الحديثة والالكترونية في بناء صراع شهواني بين احد الفتيات واوسكار تلك اللحظات التي كانت تعبر عن المقت الشديد لثورة الرغبة البشرية في القتال والدماء والجنس دون اتصال حقيقي فالشخصيتان كانتا مجرد جسد دون روح والتي في نهاية المشهد حاول إن يصفها كاركس بِ ممسوخ الرغبة القبيحة ..

 


- مشهد رجل العصابة ..

في هذا المشهد وجدت إن كاركس حاول بقدر الإمكان أن يثير جدلية الرغبة الإنسانية في القتل ففي احد الحوارات يطلق اوسكار قوله .. ارغب في القتل .. في لحظة كان حالة القتل لشخص أخر ولكن مع تبدل الوجوه ظهر أن القتيل هو صوره طبق الأصل لـِ اوسكار القاتل وبتالي أن شخصية العمل الرئيسية تقتل نفسها بنفسها والذي يعبر عن موت الروح أكثر من موت الجسد في تلك اللحظة ..

في عدد من المشاهد حاول أن يلوح في افقها مدى قدرة السينما على خلق سلسلة من ازدواجية المشاعر الإنسانية ففي لحظة شاهدت واحد من أكثر المشاهد قسوة من خلال أب يقوم بتأنيب ابنته المراهقة بشكل مزري للناظر وملاحقتنا لنظرات والدموع المنهمرة من عيني تلك الشابة ليقفز كاركس إلى احد المشاهد الموسيقية الكوميدية لمجموعة من عازفي الأكورديون ليثير البهجة من جديد في نفس المشاهد .. تلك اللحظة تلك القفزة كانت بمثابة الطيران من الكابوس الإنساني إلى مصافي الحلم الجنوني في معتقل البشرية من خلال القالب السينمائي الفني العظيم ..


كاركس في عمله يصور السينما كمراه للواقع الإنساني وهنا يفرض علينا أن نلتقط شيء من العالم المجهول لـِ اوسكار والتقاءه بعشيقته السابقة, والتي تعمل في ذات مجاله إيفا غريس (كيلي مينوغوي) , في احد ألذ واكثر مشاهد العمل جمالاً وثورة عاطفية , والحنين إلى الأخر , والتي تخللها أغنية جد رائعة والتي قدمتها المغنية والممثلة كيلي بشكل يأسر الناظر ,, لينتهي المشهد بانتحار جين (ايفا) ,, نحن لا نعلم ولن نعلم إن موت (ايفا) هو حقيقة أم مجرد مشهد تمثيلي أخر ,, لكننا نلتفت إلى موقف اوسكار المثير للجدل بصراخ والفرار إلى سيارته والذي عبر من خلاله عن حالة الفقدان لتلك العلاقة والعواطف الحقيقية من ايفا والتي أوضح إن اسمها يعبر عن المرأة والتي تعبر عن العواطف الإنسانية فالموت هنا يعبر عن موت الإنسانية والأحاسيس في المجتمع البشري .

أصل إلى مشهد الختام وفيه تقوم الفتاه التي تقوم كسائقة لـِ أوسكار سيلين (أديث سكوب),, والتي لاحظنا معالم الهدوء والجمود الباردة في ملامحها في معظم مشاهد العمل ’, والتي اختتم فيها كاركس مشاهد عمله بحملها لأحد الأقنعة وارتداءه,, والتي أرى إن المشهد يعبر عن فقدان الهوية الشخصية للفرد في هذا المجتمع بعد فقدانه لكافة معالمه الإنسانية أو هيا محاولة لمحو تلك الهوية التي تعبر عن واقع رثائي مرير رخيص يسمى المجتمع البشري البائس والانغلاق على النفس في النهاية ..
تحية لشياطين السينما ..

كاركس كما افتتحت مقالتي جال وصال في السينما وصناعها وتكريم كوادرها فلو لاحظنا ان العمل مال إلى قالب الفرنسي جان لوك غوادر في التقطيع والمشاهد التصويرية المنفصلة ومحاولة إعادة جزء من السينمات المنسية مثل السينما الغنائية في مشهد كيلي الغنائية وسينما النوار في مشهد انتحار ايفا واستحضار بعض الإعمال الهامة منها رائعة كارول ريد النوارية من خلال خروج ذلك المتشرد القبيح من المجار ير بما يذكرنا في المشهد الشهير لتحفة الرجل الثالث وأيضا محاولة الولوج إلى تكريم السينما الفرنسية من خلال إطلاق مشهد الجميلة والوحش والتي يعبر عن تحفة كوكتو الكلاسيكية الجميلة والوحش وإما القناع الذي ظهر على وجه سيلين فهو ذاته القناع الذي عرض في الرائعة الكلاسيكية الرعبية الفرنسية عيون دون وجه .


لويس كاركس في عمله (سوق السيارات المقدس ) قدم مفهوم السينما على انه رحلة تطوف في المجتمع الإنساني وتسرق الصور الجميلة والبشعة من ازقته ,  تلك الصور التي تعبر في لحظة عن الحلم والكابوس البشري والتي قام بنحت أيقوناتها شياطين السينما أو كما يطلق عليهم صناع السينما , فهم اوجدُ عالم أخر يصل مابين عدسة الكاميرا وعين المشاهد ليشعرُ جماهيرها بتلك الباقة من المشاعر التي ظنٌ أنهم فقدوها في واقعهم ..
من أمتع وأكثر إعمال العام جمالاً ..  

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا