احصائيات المدونة

cenima world

الجمعة، 14 ديسمبر 2012



جيوب مثقلة بالحجارة ..

إلى أي مدى يستطيع الماضي الغابر أن يدحر كافة الآمال في الحاضر والتي تختنق أنفاسك كلما انتشيه من ذكرياتها والتقطه مخيلتك من معالمها وأرتعش قلبك في استذكار شخوصها .. ذلك الماضي الذي أصبح بمثابة الحجارة التي تملئ جيوب الروح وتغرقها في بحيرة من ظلمات النفس والفقدان والعذاب ألأليم والذي يهلكك في نهاية الأمر ..
أندرس والذي يقدم شخصيته الممثل الشاب أندرس دانيلسين والذي يقدمه المخرج النرويجي جوشام تيري كشخصيه فقدت هويتها بين الضياع مابين الإدمان والجنس والذي على ما يبدو قد زلزل أركان حياة اندرس وجعل كافة الأشخاص الذين يحيطون بيه ينفصلون عن عالمه ويتمنون بشكل أو أخر زواله .. اندرس وبعد مضي 9شهور في احد المصحات للإقلاع عن الإدمان يعود لـِ أوسلو في مقابلة للعمل في أحد المجلات النرويجية الهامة وهناك يقضي يوم واحد يجعل منه يوم من الصمت في ذكرى ذلك الشاب .. ترير حاول بِقدر الإمكان أن يشبع شخصيته الرئيسية بالعمق والتركيبة المعقدة التي تتقمص تلك الكاريزما من ملامح وجه ذلك الشاب الذي يحاول أن يبدأ من جديد في حياته ولكن باءت العودة إلى عوالم كل من يحيطون بيه أمر شبه مستحيل نظراً لتلك الذكريات الأليمة التي تعث أنفسهم من خلال ما صنعة يدي اندرس في الماضي ..


جوشام ترير يراهن في عمله على الصمت والصورة الضبابية ورسم لنا أوسلو كأنها عالم جديد على اندرس رغم أن غيابه لـِ تسع شهور لا يعتبر بتلك ألمده الزمنية الطويلة , أندرس يجوب الشوارع والأزقة في أوسلو ونظراته المليئة بالحنين والتعب والشفقة على نفسه والتي تلحظ انه غاص في سواد أعماله السابقة والتي جعلته ينتظر ولو بصيص من النور يعيد الروح الى جسده من خلال ترابطه مع عشيقته السابقة أو صديقة أو أخته لكن على ما يبدو أن تلك الشخصيات لم تستطيع أن تغفر لأندرس تلك الآم التي باتت كجدار يصده عن الآخرين والتي جعلت منه شخص وحيد منعزل غير مرغوب فيه ..
الأمر المثير في العمل أن مخرج العمل جوشام حاول أن يرسم لنا تلك العوالم من خلال يوم واحد يمضيه اندرس في أوسلو بشكل واقعي وحاول بقدر الإمكان استخدام الزوايا والتقاطعات من خلف تلك الصورة الضبابية لوجه اندرس تعبر عن الخذلان والإذلال والضياع وبنهاية محاولة الفرار ومحو تلك الشخصية والإنسان .. \


في أحد المشاهد البارزة يدخل اندرس إلى احد المقاهي ويقوم بإلقاء نظره إلى من يحيطون بيه في المقهى وخارجة من خلال الزجاج , تلك النظرات عبرت عن دواخل ومخارج نفس اندرس وتلك الأصوات والحوارات التي كان يستمع إليها عبرت عن مَفقده هو كانسان جراء الإدمان فكانت تشعر بارتعاش الكاميرا وصمت ينخر اذنيه تلقاء سماعه احد الجالسات في المقهى تتحدث عن طموحاتها في الحياة وجزء من الأحلام التي تتضارب في مخيلتها وفي طرف أخر ينظر اندرس من خلال زجاج المقهى ليشاهد رجل عجوز وطفله صغيره واللذان يبرزان الشرخ الهائل يعبر عن ماضي فقده اندرس إنسانيته فيه ومستقبل مشوهه الهوية , المخرج جوشام حاول أن يبرز مدى الاختناق والغوغائية التي ترتسم في روح اندرس وتلك الأصوات التي تطرح في عقله والتي توصله إلى حافة الهاوية في مسرب حياته الشخصية .


انتقل المخرج من المشاهد النهارية إلى المشاهد الليلية مع الأخذ في الحسبان انسدال شعاع الشمس الذي كان يعبر في لحظة على بصيص الأمل في نفس اندرس بالعودة إلى حياته ولكن مع انسدال الأنوار ومع انعدام إي اتصال حقيقي بين اندرس واقرب الناس إليه عادت تلك الأفكار لشخصية العمل بالعودة إلى جنونه وضياعه في عالمه القذر السابق ,, جوشام قدم هنا مشهد رائع من خلال الجنون وضحكات اندرس المصطنعة في احد الملاهي الليلة ومحاولة عبثاً انتشاء الحياة من خلال الجنس والمخدرات ولكن كنت تشعر أن تلك المشاهد واستخدام الضجيج وموسيقى الروك أند رول كأنه بمثابة ناقوس الخطر في حياه اندرس .. أعجبني استخدام الأغاني في العمل والانتقاء فيه بشكل يعبر عن تضارب مشاعر الشخصية والتي لاحت في منتصف الجزء الثاني ةمن العمل احد الأغاني المثيرة (Dying Hipste) والتي تلتها مجموعة للمشاهد الجميلة لاندرس مع احد الفتيات والتي خلقت انطباع بعودة اندرس الى الحياة من جديد والتي عبر عنها جوشام باحتضان اندرس بتلك الفتاه من الخلف والتمسك فيها إثناء صعودهم إلى احد الدرجات الهوائية والطيران في عالم من الحلم الجميل وعلى ما يبدو أن في هذه اللحظة وصل الى اندرس تلك الفكرة التي توصله بأنه يسيء إلى كل من يقترب منه والتي أدت إلى رحيله عن تلك ألمجموعه وعن تلك الفتاه منسحب وحيداً والعودة إلى منزل والديه في النهاية لإنهاء حياته ..!

أوسلو 31 أغسطس عبرت عن مرثية إنسان أضاع ماضيه في غوغائية شهواته والتي أثرت في حياته ومن يحيطون فيه والتي جعلته ضحية لاختياراته السابقة وماضية السيئ والتي جعلت ذكرياته حجارة تسكن في جيوبه تجره إلى قاع الظلمات والفرار من كل الإفراد الذين أساء لهم يوماً واختيار الموت كنوع من إراحة روحه في النهاية ..


العمل يعتبر من الإعمال التي يتوقع ترشيحها لجوائز الأوسكار لهذا العام وشخصياً أرى أن العمل قُدم بشكل بسيط وواقعي جميل ناهيك عن الأداء الممتاز من قبل الممثل اندرس دانيلسين والصورة الجميلة للغاية والمونتاج الممتاز ودمج لغة الموسيقى والأغاني بشكل احترافي والتي عبرت عن تلك التضاربات في روح الشخصية .. 


تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا