احصائيات المدونة

cenima world

الخميس، 14 يونيو 2012

Wings of Desire 1987


Longing. Longing for a wave of love that would stir in me. That's what makes me clumsy
.... The absence of pleasure. Desire for love. Desire to love
(الاشتياق... الاشتياق
أحتاج فقط أن أصبح جاهزة .. .شوقٌ لموجة حب , هذا الشعور سيحرك ما بداخلي ..
ذلك ما سيجعلني غير رشيقة ,, انعدام الرغبة ... الرغبة بالحب ,,, الرغبة بالحب.. )
الشوق , الحب , الرغبة , الإنسانية , الحياة , الموت , الخلود , والجنوح ..!
لطالما استنزفت تلك الكلمات الحبر من مخيلتي وجعلتني خاوياً مثل خرقة تتطاير دون هُدى لاتعلم إلى أين تسيرها الرياح العاتية بتلك الافكار التي تتهاطل زخاتها على أفق عقلي جاعلة تلك المفاهيم تدق باب مجهولية اللامنطق في عالم البشر ..!


ماريون تتأرجح على أرجوحتها ذهاباً وإياباً ولاتستطيع أن تكسر الدائرة الكئيبة التي تجعلها ترى نفسها من طير حر أو ملاك إلى دجاجة خائفة من المستقبل الذي ينتظرها بعد إغلاق السيرك لأبوابه وعودتها إلى الحياة التي تمقتها وتوقف الشعور الوحيد الذي ترغب به وهو الطيران في الهواء كاسِرة حدود واقعها ووحدتها الذاتية والغربة التي تجعلها تغوص في ظلمة نفسها والعيش من جديد ضمن أسوار واقعها ..
في هذا المشهد الذي ارتسم في التحفة الالمانية ( أجنحة الرغبة ) للمخرج فيم فيندرز وجدت نفسي أستلقي في غياهب تفكيري , أضيع في عوالم ماريون وعبثية أفكارها الداخلية ومخاوفها من مستقبلها الكئيب فمثلت الأرجوحة والطيران في الهواء الرغبة الكامنة في ماريون لعيش حلمها وكسر واقعها والأطر التي تحدد نفسها وشخصيتها , وحين تقوم بالنزول إلى الأرض تجد أن تُطَطىء رأسها لواقعها الذي أرجعها إلى الأرض، فترى تلك الفتاة التي أخفقت في الاتصال مع ذاتها إلا عند الانطلاق على أرجوحتها مخترقة لعوالمها وضاربة بتعاستها , ولكن تلك اللحظات القصيرة في عالم ماريون ذهبت الى الأبد مع إعلان أن السيرك سيغلق أبوابه وأن ماريون ستعود إلى رتم حياتها. تلك الحياة التي تجعل منها مُجردة الشعور في الشوق إلى الرغبة التي تملأ روحها ..


المخرج الالماني فيم فيندرز جعلنا شاهدين على سيل من الانجراف الإنساني نحو عواطفه وسامية انسانيته وبحثه المستمر عن الشعور بوجوديته من خلال الاخر، فجسدت تلك الوجودية شخصية الملاك داميل (برونو غانز) الذي وجد في ماريون مرآة لوجوديته في الحياة وقدرتها على الاتصال معه دون أن تراه. ففي أحد المشاهد التي اختطفها فيندرز من مشاهديه ذلك المشهد في الكبينة التي تسكن ماريون فيها عندما تبدأ في مخاطبة نفسها وكأنها تخاطب الملاك داميل دون أن تشاهده فتشهد تلك الحرارة من السقوط والصعود في عالم نفس ماريون فكأنك تشهد أن الرغبة لدى ماريون بالاتصال مع الاخرين كأرجوحتها في الهواء وعالمها الخاص وأن انعدام تلك القدرة على الاتصال تكمن فور نزولها إلى واقعها كفتاة وحيدة إلى الأرض..
السينما شكل من أشكال الاستعراض للفكرة التي صيغ من خلالها العمل فلو واكبت على التغلغل في شخصية ماريون ستجدها تمثل من جهة الرغبة الانسانية بالعيش والشوق لمبادلة الآخرين العواطف والحب والاشتياق لتلك الصفات أما من منطلق آخر تجد أن شخصية الملاك داميان والذي كما شاهدنا من التسلسل الحدثي أنه عاش لمئات السنين وهو يحاط بالبشر ليقرأ أفكارهم، والغاية التي تكمن في أنفسهم والرغبة التي تحركهم.. داميان عندما التقى في أحد المشاهد بأحد الملائكة الاخرين كان جم رغباته أن يدخن سيجارة وأن يشرب فنجاناً من القهوة، وتلك الصفة التي وضعنا من خلالها فيم فيندرز تؤدي إلى الثورة الإنسانية والرغبة في تذوق ولو جزء بسيط من معالم الحياة, وإذا عدنا إلى مشهد الكبينة فنشهد ماريون تجلس أمام مرآتها يحدها الخوف والقلق والجمود والحزن على ضياع أرجوحتها التي تشكل حبل صلة مع عالمها الخيالي والطيران وجموح نفسها ..


لعل الكثيرين وصفوا أجنحة الرغبة (سماء برلين ) بالفيلم الذي وحد الشعب الألماني لما قد أثاره هذه العمل في فتره نزوله من ضجة عارمة في نفوس الشعب الالماني في فترة هدم سور برلين. وكنت تشعر أن فيندرز كان قد شبه الشعب الالماني من شرقه وغربه وانعدام اتصاله باتصال ملاك خالد ببشرية فانية. ويؤدي الحب والمشاعر والحاجة للآخر ولوجوديته إلى تخلي ذلك الملاك عن خلوده وكسر الحاجز الذي يحجزه عن ماريون من أجل الاتصال والتوصل معها في النهاية ,, وهذا يصدح بفكرة سامية حول الاتصال بين الشعب الألماني بجزئيه الشرقي والغربي من خلال هدم الحائط العازل بينهما ..
لعلي لن أركز على تلك الثيمة الهامة القابعة في العمل وقد أحببت أن أشير لها حتى أستطيع أن اشرح للقراء مدى الأهمية التي استطاع أن يصبغها العمل للشعب الالماني خاصة , ولكني أجد أن فيندرز بذكاء شديد حاول أن يرغم كافة المشاهدين على التأرجح مع الأفكار السامية التي تذوب في أسرودة العمل والتي تجعله عملاً يقوض الاتصال بين كافة البشر وهدم تلك الأسوار التي تجعلنا في غربة نعيشها بشكل منفرد مع شخوصنا ,, فيندرز استطاع أن يستخدم كماً هائلاً من الحوارات ذات الصبغة ألاخاذة والتي تأخذك إلى عالم مليء بالافكار الهامة. واستطاع أن يستخدم اللغة التصويرية بشكل عظيم، فكنت تشهد تلك المشاهد المصبوغة باللونين الأبيض والأسود والتي قدمت بشكل مبهر للغاية لوصف تلك الحالة التي يشهد من خلالها الملاك داميان الحياة دون الألوان والتي تستنتج من خلالها ما أراد ان يصفه فيندرز والذي يوحي بأن الإنسانية إن كانت صفة دون مشاعر وعواطف تربطها وتصل بينها فستكون دون لون أو طعم أو رغبة للعيش والاستمرار على هذه الارض ..


(سيعمل الزمان على حل كل شيء , ولكن ماذا لوكان الزمان هو العلة ) ..
فيم فيندرز والذي قدم قبل فلمه هذا رائعته الاخرى باريس تكساس والتي وصفت البرود الذي يعصف بالاتصال البشري بِصحرائه القاحلة والصمت الإنساني يعود هنا ليضرب على نفس الوتر محاولاً أن يُشعر المشاهد بتلك الأزمة التي يعتاشها الأفراد في مجتمعهم. فحاول بقدر الإمكان أن ينقل لنا مجموعة من المشاهد العلوية لبرلين لترمز للدمار الذي خلفته الحرب النازية والغوص في روح وتفكير سلسلة من الأفراد والضياع والانكسار الذي يطغى عليهم، ومحاولته الولوج الى استنطاق العقل والمشاعر البشرية نحو أولئك الأفراد والبحث عن السلام الفعلي لهم بعد الحرب التي نهشت كل مايمتلكون ,, فيندرز عندما جعل من شخصية ماريون تمثل العديد من الاتجاهات فهي تمثل الرغبة البشرية في العيش، وتبادلها المشاعر مع الآخرين، ومثل فيها شخصية الملاك عودة الروح والسلام بعد سنون من الحرب والدمار والعجز في الاتصال وإني لأجد أن المشهد الحواري (سيعمل الزمان على حل كل شيء , ولكن ماذا لوكان الزمان هو العلة ) .. يقصد به أن البشر قادرون برغبتهم بالعيش والاتصال بالآخرين على أن يجدوا تلك الروح والسلام والبراءة التي افتقدوها يوماً ..
أخيراً لعلي لم أدخل بشكل تسلسلي في أحداث العمل لأني شخصياً أجد أن الحالة التي يسردها "أجنحة الرغبة" تمثل الحلم البشري السامي بالقدرة على تبادل العواطف والاتصال مع الاخرين من خلال الحب وصهر اللون الأبيض والأسود أمام الألوان. والتي تظهر في النهاية بشكل مشرق ويدل على التفائل بالإنسانية وقدرتها على الاتصال من جديد ...
تم عمل ريميك هوليودي للعمل بعام 1997 باسم (ملاك المدينة ) وللأسف تحول العمل من واحدة من اللوحات الإنسانية العاطفية إلى فيلم بصبغة للتأثير على المشاهدين عاطفياً ...

تورنت

ترجمة

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا

تابعني على تويتر