احصائيات المدونة

cenima world

السبت، 28 أبريل 2012

Eureka 2000 - رحلة للبحث عن ألخلاص ... !

Eureka 2000

رحلة للبحث عن ألخلاص ,,, !

في صدد الحديث عن العمل الياباني ( يوريكا ) في مراجعتي ,,  هذه اشعر بجزء من عوالمي الشخصية قد ذهب الى البعيد في تلك الرحلة التي خلق مفترقاتهَ المخرج الياباني ( شينجي أوياما ) بل اني شعرت انني انظر من خلال عيون الطفلة الصغيرة( كوزي) الى المحيط واختنق بتمتمه تزن في أذني , أين الخلاص ...!!


الخلاص ... ! او النهاية الحتمية لملحمة ضياع الانسانية بمعناها الفلسفي تلك الحالة التي تخطف منك مشاعرك واحاسيسك وتجردك من أسمى أخلاقياتك وتثقل على روحك لتغوص فيك الى نفق مظلم تعيش فيه معزولاً ضائع وحيد الى أن توافيك المنيه ؟؟
لحظة توقفت دقات ساعة المخرج الياباني (شينجي أوياما ) تلك الساعة التي كانت تضرب بعقرابها طيلة فترات العمل وكأنها تنذر البشرية بنهايتها الحتمية ,, تلك الساعة التي كانت تنبىء البشرية وتضرب على ناقوس خطر ينذر بزلزلت اركانها وضياع أحلامها والوصول الى حافة الجحيم ,,, !!

هل تعلم معنى ان تجرد السينما من حواراتها ؟ ...  أو ان تصبغ معالمها بفلسفية تجهضها أهزوجة من البساطة الصورية ؟؟..  أو حتى ان تمزج المحيط المجاور لشخوص العمل ليُجبر المشاهد ان يصل الى حالة من التلاشي بين جوانب تلك الصورة .. !


صدقاً من العبثية الحديث عن السرد النصي للعمل فهو بطريقة ما تجريدي بلمعنى الحرفي لصنعه السينمائية المعتادة  فًجهضت الحوارات في معظم احداث العمل وسخرت الموسيقى التصويرية في مشاهد قصيره وتعد على اصابع اليد الواحدة وكانت التركيز على عدة عوامل لخلق الصنعة الحرفية لمخرج العمل الذي صبغ الصورة بلون البني الداكن وجردها من اي لونية تذكر وذالك لخلق ذالك الانطباع الجاف والبارد والضياع الذي تعيشة شخصياته عمله هذا وطبق الجلافة التي ترتسم على سينما الهنغاري بيلا تارا التي تجعلك تشعر بضيق يخنق انفاسك اثناء المشاهده وتراقصت في خلفية المَشاهد اصوات تنفس الشخصيات وصرير الليل وحفيف الاشجار ليخلق في نفسك ذالك الفراغ الذي تعتاشه شخصيات عمله فجعل الرياح تداعب كل مايحيط بعمله ليوعز في نفسنا تلك الحالة التي تعتاشها شخوصة التي تلقت من الاّلام والحرمان والفقدان الكثير حتى أصبح الجسد فارغ بلا روح فتسكنته رياح الماضي والذكريات ألاّليمه والرثاء على النفس ,, شينجي لم يقدم عمل سينمائي بل هو قام برسم لوحة صامته بلون واحد وبتالي لاوجود لصوت او الفكرة السردية الواحده بل هيا شذرات تأملية يخلقها المشاهد بنفسة اثناء المتابعة ... ؟
لنعد الى البداية وتقنية قص المشاهد التي تعمد التوغل بها مخرج العمل لِدخالنا في عالم شخوصة الرئيسية الثلاث سائق حافلة بأسم (ماكوتو ساواي ) واخوان لم يشتازا المرحلة الاعدادية بعد, الاخ الاكبر (ناووكي) والاخت الصغرى (كوزي) والتي جمعتهم الاقدار لكي يواكبو حادثة اختطاف وقتل في حافلة نجو منها الثلاث .. تلك هيا الصدمة التي حاول ان يسردها امامنا الياباني شينجي بصورة سريعة للغاية وكأنك تشهد مقطع اخباري تلفزيوني موجز عن حادثة مأسوية قابلة للطي والنسيان ليرسم مخرج العمل او فلسفياته والتي يطرحها بقوله ان المأساه لاتؤثر الا بلذي يعتاشها فعلاً فلم تتفهم عائلة السائق ماكوتو ماحدث له بحق وذالك الشرخ الذي جعله يهرب من واقع مرير الى عالم اخر لكي يطوي صفحته مأساته ,  وبنسبه لطفلان ناووكي وكوزي كانت مأساتهم بمثابة سلسلة من الضربات التي تملىء الوعاء بنهاية والتي تؤدي اما الى الانفجار والثورة على الواقع او الصمت والمؤدي الى الموت .. الصمت كانت الصفة الابرز في العمل بل ان مخرج العمل طبق عوالمه بشكل فعلي بعدة رمزيات ان كانت بطريقة الطرح التقنية للعمل التي كانت دون حوارات او موسيقى مرافقة للمشاهد أو بفرض المعنى الحرفي لِصمت من خلال الطفلان اللذان مارسا الصمت في جُل مشاهد العمل ,,
التوغل في العمل بمثابة التوغل في الذاتية البشرية والمجهول الذي يمكن بعوالمها فرحلة التي قرر ماكوتو سائق الحافلة ان يقوم بها برفقة الطفلان واحد اقاربهم كانت رحلة للبحث عن الهوية الانسانية والمشاعر والاحاسيس البشرية وكسر جواجز الانغلاق على الذات والعزلة التي احاطة بِطفلان وبماكوتو نفسه ,, لكنِ اعتقد ان الامر المثير في العمل ليس الفكرة بقدر نرجسية القالب المقدم فيها فالعمل يتحدث عن الضياع في عوالم اللاوعي وتلك الفلسفية التي تجعل الروح الانسانية تغيب في ضبابية ظلمت الواقع المأسوي ,  ولو سمحتم لي اود ان اشير الى احترافية صنعة المخرج في رصد تلك الفكرة من خلال علاقة الطفلان وماكوتو , فلو لاحظتم انه معظم المشاهد النهارية في العمل لتلك الشخصيات الثلاث تظهر بشكل منفرد او دون اتصال فعلي بشكل عاطفي انساني وبعكسها المشاهد الليلة التي خلقت حاله من الهدوء والرتابه والتي رصد طريقة الاتصال فيها مخرج العمل من خلال ضرب يد الشخصيات الثلاث على هيكل الحافلة التي تنقلهم في رحلتهم لأيجاد طريقة للأتصال بين الشخصيات الثلاث وبعكس هذا المشهد أستذكر مشهد السجن الذي كان يقبع فيه ماكوتو فيقوم بضرب على الجدار الذي يجاور زنزانته دون اي فائدة او رد وذالك المشهد يبين ان ماكوتو في حينها كان يفصل نفسه عن الاتصال بالافراد الاخرين وبمجتمعه ..
ايضاً لفت انتباهي المشاهد التي كانت فيها الطفله او ابن عمتها يحملان كاميرا ويقومان بتصوير مايحيط بهما والصور تدل على الذكريات التي يختنق بها شخوص العمل والتي تحدث مفارقة في مسار حياتهما في المستقبل اما ايجابياً او سلبياً , شينجي أوياما ايضا استرسل في البناء التسلسي لأحداث العمل وحاول ان يخطف اسلوب المخرج الايطالي مايكل انجلو انتونيونى بمجموعة من المشاهد البعيدة المطولة لشخوص العمل ومايحيطهم وتجسيد معنى الفراغ الحادث في ذاتهم ..


أسمحو لي ايضا ان اعود الى مفارقة استخدام دقات الساعة معظم مشاهد العمل والتي اجدها من اهم العوامل التي ارست الفكرة المقدمة حول العزله والوحدة التي تجبل فيها نفوس شخوص العمل بانتظار النهاية الحتمية بالموت ولو ركزنا على شخصيات العمل الثلاث لوجدنا ان الضياع كانت الصفة الابرز لعوالمهم والتي جعلت من ماكوتو في احد المشاهد الحوارية الرائعة يرفض ان يعود لزوجته بقوله لها ( هل يوجد بشر يعيشون فقط من اجل الأخرين ) فالهدف هنا من وجودية هذا الشخص هو ازاحة الغمامة والضبابية التي يعتاشها الطفلان , اما الطفل ناووكي فقاده صمته الى انكار انسانيته وبتالي محاولته الى عيش معالم الموت من خلال قتل الاخرين , واما كوزي التي كانت الاكثر ضياعاً فهي تجسد الروح البشرية البريئه في العمل وفقدانها لأبرز الاسس التي تجعل تلك الروح تتجذر في نفسها من خلال وفاه الوالد ورحيل الام وفقدان الاخ الاكبر لمعالم الاتصال الفعلي معها , ليجبرنا مخرج العمل بصورة خيالية للولوج الى اسمى اّيات الحلم من خلال تلك الرحلة لمواجهة الكابوس الذي اطبق على نفوس تلك الشخصيات ,,,,  المواجهة امر صعب على الكائن البشري فمهما تحلى بنلك الصفات الغريزية والفطرية والفكرية الا ان المشاعر والاحاسيس والجانب الحسي له الحيز الاكبر من ترويض تلك النفوس وجعلها تحجز نفسها في النقطة التي توقفت فيها حياتهم واقصد الحادث المأسوي الذي وقع لهم ,
المخرج الياباني (شينحي أوياما ) ابدع في طرح سلسلة من الافكار الفلسفية البارزة في نص بسيط وممتع للغاية ناهيك عن اتخاذه لصورة كمحرك اول في طرح تلك الاسئلة والاستفسارات عن الهوية البشرية والبحث عنها وفقدان الاتصال بين الافراد وتغيير مسار الفرد في غياهم انعدام اتزانه بسبب مروره بفاجعة تجعلة يغرق في هوه مظلمة في الجحيم ,,,  وأستكمل لوحته الابداعية بفرض عدد من المشاهد التي تراقص خيال المشاهد وتضرب بعدد من المصطلحات امامة مثل الموت , الحياة ,. الذكريات , الزمن , الحاجة للأخرين , العزلة والوحدة , الفراق , الضياع واخيراً تتويجها بمعنى ثري لمفهوم البشرية بمصطلح يتغزل بتلك الانسانية التي تداعب كيانه ..


أخيراً خاتمه العمل واحده من الخواتم التي تذهب بالمشاهد بعيداً الى المحيط عندما تنطق كوزي اخيراً |( والدي , والدتي , أكهيكو , ماكوتو )| في صورة تدل على قذف تلك القذروات التي تبطن في نفسها لتعود الالوان من جديد الى صورية الفيلم لتوضح ان استخدام اللون البني الغامض كان كما ذكرت سابقاً يدل على موت الحياه في نظر تلك الشخصيات وعودة الالوان من جديد تدل على البداية من جديد الى الحياه ...|

بأختصار تحفة فلسفية بصرية تعيش معها لأكثر من 3 ساعات فتجد ان الوقت يسرح بعوالمك الى البعيد في محيط من الافكار السامية ..

5/5

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا

تابعني على تويتر